اطبع هذه الصفحة


شرح رسالة فضل علم السلف على الخلف 11

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

خالد بن سعود البليهد

 
بسم الله الرحمن الرحيم


(وخرج البيهقي من حديث ابن مسعود مرفوعاً (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكر النجوم فأمسكوا) وقد روي من وجوه متعددة في أسانيدها مقال وروي عن ابن عباس أنه قال لميمون بن مهران إياك والنظر في النجوم فإنها تدعو إلى الكهانة والقدر فإنه يدعو إلى الزندقة وإياك وشتم أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فَيُكِبَّكَ اللَه في النار على وجهك وخرجه أبو نعيم مرفوعاً ولا يصح رفعه).

من العلوم الباطلة التي لا خير فيها بوجه من الوجوه الطعن والمفاضلة بين الصحابة حال الفتنة والقتال بينهم وقد دل حديث ابن مسعود عن النهي عن ذلك وهذا الحديث وإن كان روي بأسانيد ضعيفة إلا أن متنه موافق للأحاديث الصحاح الدالة على تعظيم الصحابة والثناء عليهم وعظيم فضلهم لما قاموا به من نصرة النبي صلى الله عليه وسلم والدعوة لدينه والتضحية بأموالهم وأنفسهم وديارهم في سبيل هذا الدين وكذلك حديث ابن عباس يروى بالرفع ولا يصح إلا موقوفا على ابن عباس وفيه النهي عن ثلاث خصال الأولى: التنجيم وقد سبق بيانه. والثانية: الجدال في القدر لأنه يفضي إلى الوقوع في إنكار أفعال الله وهذا زندقة صريحة توجب الردة. والثالثة: الطعن في الصحابة وهذا يوجب الكفر ودخول النار لأنه تكذيب لله في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في حديثه.

وأهل السنة مجمعون على الثناء على الصحابة والحكم بعدالتهم والترضي عنهم والترحم عليهم قال الطحاوي: (
ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا نفرط في حب أحد منهم و لا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الحق يذكرهم و لا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان). وقال ابن قدامة: (ومن السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبتهم وذكر محاسنهم والترحم عليهم والاستغفار لهم والكف عن ذكر مساوئهم وما شجر بينهم واعتقاد فضلهم ومعرفة سابقتهم).

والإمساك والإعراض عما وقع بينهم من الفتنة للوجوه الآتية:

1-تصديقا بكلام لله عز وجل في الترضي عنهم وتزكيتهم: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

2-مراعاة لسابقة الصحابة رضي الله عنهم في الإيمان والنصرة والجهاد وطاعة للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه). متفق عليه.

3-خوفا وورعا من الوقوع في سخط الله كما صح الخبر: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر). رواه مسلم.

4-عملا بسلامة الصدر وحب الخير للمسلمين. قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).

5-لكثرة فضائلهم ومناقبهم الحسنة فهم أفضل الخلق بعد الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال: (
خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم). متفق عليه. وما ثبت من خطأهم وسيئاتهم فهو قليل ومغمور في بحر فضائلهم وحسناتهم.

ولهذا تواتر عن السلف النهي عن سب الصحابة واستقر العمل على ذلك عند الأئمة كما قال الإمام
 مالك: (الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم نصيب في الإسلام). وقال أبو زرعة الرازي: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة). قلت وهذا يبين لنا غرض ومقصود المبتدعة من الطعن في الصحابة إبطال السنة والشريعة والعقائد التي نقلوها لنا. وسئل الإمام أحمد عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين فقال: (ما أراه على الإسلام). ومع وضوح هذه الأصل عند أهل السنة إلا أننا ابتلينا والعياذ بالله في هذا الزمان بشرذمة من المفكرين المحسوبين على أهل الدعوة وجهوا ألسنتهم وأقلامهم في الطعن على بعض الصحابة وانتقاص سلوكهم وولايتهم لدعم نظريتهم ومنهجهم المحدث. والثناء على الصحابة شعار السني والقدح في الصحابة بأي وجه شعار البدعي فالسني يتبع النصوص في باب الصحابة والبدعي يقدم العقل والرأي على النصوص في هذا الباب وغيره وإذا طعن المتأخر بأول الأمة فقد هويته وتاريخه وحضارته وأمجاد أمته التي لا توازيها أمة من الأمم.



 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية