اطبع هذه الصفحة


حوار بين ذرتي تراب

م. عبد اللطيف البريجاوي

 
في رحاب لحظات مع الفكر السائح في سيرة أشرف الخلق عليه السلام التي كانت ظلا للقرآن على الأرض ،و سفينة للنجاة في بحار الدنيا ، و ملاذا للهارب من فتن كقطع الليل .
ساحت أفكاري في ذرتي تراب إحداهن لمستها كف رسول الله و الأخرى علت رأسه عليه السلام
و رحت أجول بين هاتين الذرتين ،متذكرا أنني ذرات مجتمعة من تراب ... فسمعت ذراتي الترابية حديثا لتلك الذرات ..
فأما الذرة التي علت رأس رسول الله ...
فصاحت قائلة : الحمد لله ...
الحمد لله أنني لامست ذراتي أعلى و أرقى جبين ، وله الحمد أن رفعني بيد عتل زنيم ، لكنه أنزلني خير منزل ...
و له الحمد أن بث في النور بملامستي أشرف جبين بعد أن كنت مادة حقيرة .
ألا أنني أشرف ذرة تراب على الأرض و لم لا ...؟
فقد سموت و علوت و لم لا و قد حطت رحالي في قبلة النور و مهبط الوحي ..
يحق لي أن أفخر ... و يحق لي أن أتبختر ... ويحق لي أن أجهر وأقول :
يا ذرات التراب أنا ذرة منكم و لست منكم ....أنا منكم بمادتي .....لكن لست منكم بنوري وروحي
أما الذرة الثانية التي نثرها عليه السلام بيده الشريفة على رؤوس المشركين يوم الهجرة فصاحت قائلة :
اللهم لك الحمد إني صابرة على بلائك محتسبة ذلك عندك
كيف لا وقد كنت في يد أشرف الخلق أتلألئ نورا وأكسب عطورا فأنزلني هذا المنزل على رأس الشرك والمشركين.....
لكن الهي ....
يكفيني فخرا أنني من نزلت على رؤوسهم يتمنون أن يكونوا مثلي يوم القيامة....
ويكفيني فخرا ياالهي أنني ساهمت في نصرة الإسلام والذود عنه فجعلت لي في نصرة الإسلام سهما وكم من مسلم يتمنى أن ينصر دينه ولا يستطيع ....
فلما سمعت ذراتي الترابية هذا الحديث بكت وبكت وهي تقول هنيئا لكما أيتها الذرتان ....
فطالما تمنى صاحبي هذا أن يكون قد خلق من ذرة تراب لمستها كف رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

م. البريجاوي
  • عبير الإسلام
  • إليك أخي ...
  • فقه الأسرة المسلمة
  • تدبرات قرآنية
  • في رحاب النبوة
  • كتب
  • أطياف الهداية