اطبع هذه الصفحة


مدة فترة الخطبة

م. عبد اللطيف البريجاوي

 
الخطبة فترة مهمة من فترات الحياة الزوجية شرعها الإسلام وأقر بها لما فيها من جوانب تضيء الفترة القادمة من الحياة الزوجية وهي فترة تحضيرية للزواج ويمكن تعريفها بأنها:
" الفترة الزمنية التي يتحقق التعارف من خلالها بين الخطيبين تحققا يجعل الزوجان يتخذان قراراً بتطوير التعارف إلى علاقة زوجية أو قرارا باستحالة ذلك ، وهي الفترة التي تهيؤ خلالها الفتاة نفسها للانتقال إلى بيت الزوجية " فهي فترة مهمة جدا في الحياة الزوجية.
ولم ترد نصوص شرعية تتحدث عن مدة هذه الفترة من حيث الطول والقصر ولعل الشارع ترك هذا الأمر للعرف المأمور به شرعاً {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعرِضْ عنِ الجَاهِلِينَ }(الأعراف199)
أما في السنّة فإنها لم تتحدث عن طول الخطبة أو قصرها إلاَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خطب السيدة عائشة وعقد عليها وهي بنت ست سنين وتزوجها وهي بنت تسع أي أنّ المدة التي بقيت فيها السيدة عائشة عند أهلها منذ العقد وحتى الدخول استمرت ثلاث سنوات.
عَن عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزَوَّجَهَا وهِيَ بِنتُ سِتِّ سِنينَ وبَنَى بِهَا وهِيَ بِنتُ تِسعِ سنِينَ (متفق عليه)
ولا يؤخذ من هذا الحديث تحديد الحد الأعلى لفترة الخطبة إنما يستأنس به لمراعاة الظروف المختلفة التي تحيط بحالة الخطبة، فقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها صغيرة في أول خطبتها, وانشغل النبي صلى الله عليه وسلم بموضوع الهجرة وتأمين المهاجرين إلى المدينة عن الدخول بالسيدة عائشة رضي الله عنها، كما أنَّه انشغل بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وببناء المسجد مما أخَّر الزواج من عائشة رضي الله عنها.
فمراعاة الظروف والإمكانيات من الأمور المهمة في تحديد فترة الخطبة، على أنَّ هذه الفترة يجب أن لا تتدرَّن إلى درجة كبيرة ولا تتقزم كذلك إلى فترة صغيرة , ولا بد من ملاحظة الضوابط الشرعية لهذه الفترة.

إنَّ هناك مشكلتين في مدة فترة الخطبة أولاهما قصرها الشديد , وثانيهما إطالة مدتها بشكل كبير, فإطالة فترة الخطبة إلى درجة كبيرة يسمح للضعف البشري أن يتسرب إلى الخطيبين فيحاول الخطيب أن يأخذ من خطيبته ما يأخذه من زوجه، ويهيؤُ الجو المناسب لنمو المتطفلين من العائلتين على جسد هذه الخطبة فيبدأ الكلام والتدخلات المختلفة التي تقود بالخطيبين إلى ما لا يحمد عقباه.
وإنّ قصر فترة الخطبة إلى حد كبير يجعل الأمور في عجلة وعدم إتاحة الفرصة الكافية لإيضاح الرؤية من الجانبين
حل هذه المشكلة: أن يضع الخطيبين خطة زمنية محددة وواضحة وبينة للانتقال بشكل منطقي وعقلاني إلى الخطوة التالية وهي الزواج، آخذين بعين الاعتبار الظروف المحيطة بالزوجين ولا بد أن يكون الحوار هادئاً ولطيفاً وعقلانياً.

إضاءة:

إنَّ الفتاة التي تبيح لنفسها الاستسلام المطلق لخطيبها في فترة الخطبة إنمّا تغامر بسمعتها وشرفها وبالتالي فهي تغامر بمستقبلها إذ ربما لا يتم الزواج كما أرادت فتقعد متحسرة على الماضي خائفة مما قد يُذكر عنها في المستقبل.

 

م. البريجاوي
  • عبير الإسلام
  • إليك أخي ...
  • فقه الأسرة المسلمة
  • تدبرات قرآنية
  • في رحاب النبوة
  • كتب
  • أطياف الهداية