اطبع هذه الصفحة


يزيد يخترق الوسط الإعلامي

سلطان بن عثمان البصيري


بعد تخرّج يزيد من الجامعة بمعدّل متدنٍ يبدأ يزيدُ عملَه باكراً بالجولان بين الإدارات الحكومية والشركات بحثاً عن الوظيفة ، ولكن دون جدوى ، فكل الأبواب التي طَرَقَها سدّت في وجهه.
وفي ذات يوم تفاجأ يزيد باتصال أحد أقاربه - والذي يعمل في مؤسسة صحفيّة - ليقول له : ( إن رئيس التحرير عندنا يريدك لتعمل معنا ) ! فأجابه يزيد قائلاً : ( درجاتي متدنّية ! ) فقال له : ( أنا ما معي شهادة جامعية .. أنت تعال وبس ) !! فامتزجت تعابير الفرح والدهشة في وجه يزيد.
ثمّ انطلق يزيد لمبنى المؤسسة ليُقابل رئيسها الذي هنّأه بعمله الإعلامي الجديد لديهم ، وفي اليوم التالي باشر يزيدُ عملَه الذي وهبَهُ حلمَهُ بمزاحمة النُّخب في أفكارها وآرائها.
ثمّ ترقّى يزيد في المؤسسة ليصبح ذا شأن فيها بين منسوبيها ، فيزيدُ له مشاركاته في الإعلام بكل صوره وأشكاله .. مقروءاً ومسموعاً ومرئياً.
وذات يومٍ قررت إحدى المؤسسات الإعلامية التي يشارك فيها يزيدُ اللقاءَ بشخصية كبيرة في المجتمع ، للحوار المباشر في موضوعِ رأيٍ عام ، فرأى يزيدُ في نفسه أنه فارسُ الميدان في الحوار ، وأنه لا يُشقّ له فيه غبار.
فابتدر يزيدُ طلبَ إجراء الحوار ، وأن يكون مقدّمَ الحلقة ، فأجيب له طلبه لاسيّما وأنه في نظر المؤسسة من أرباب الثقافة والمعرفة !!
وابتدأ اللقاءُ فكان من مشاهده :
- إيغالُ يزيد في العُجمة ، فهو لا يفرّق بين الفاعل فيرفعه ولا المفعول فينصبه ، بل يأتي كثيراً بكلامٍ ليس بفصيح.
- بُدوّ يزيد في صورة الجاهل المتعالم ، بكلامه في أمور لا يعرفها ، ففي مجال السياسة قاس بلده على بلادٍ أخرى في أمور سيادية !! رغم اختلاف أنظمة الحكم فيها ، وفي مجال الاجتماع طالب بأن تكون الحقوق والمِلكيّة مُشاعة لتنتشر روح المحبة والوطنيّة بين الناس !! رغم بشاعة هذا الرأي في الشرع والقانون بل والعقل ، فهل يقبل عاقل بأن يُشاركه أحد في حقوقه الشخصيّة ؟!! ، وفي مجال الاقتصاد اقترح إلغاء السجون لأنها تُكلّف الدولة وتؤثر على نفسيّات نزلائها !! ، كذا قال !! فماذا يُفعل بالمجرمين ، وفي مجال القانون رأى أن من الأيسر على الناس أن يرفع المدّعي دعواه في بلده ولا يُكلّف رفعها في بلد المدّعى عليه !! رغم مخالفة هذا الرأي للمحاكم في دول العالم قاطبةً ، والمنطق يقرّر أن صاحب الدعوى هو الذي يبحث عن حقّه ، بل من الأغرب إيضاحه أن من واجب النيابة وجهة التحقيق والادعاء العام تحرى الدقّة قبل إصدار أحكامها القضائية !! والكلّ يعرف أنها ليست محاكم لتصدر أحكاماً بل هي جهات تحقيق ، وهكذا عجبٌ لا ينتهي.
- محاولة يزيد مقاطعة ضيفه مراراً بسؤال قبل أن يُكمل الضيف إجابته على السؤال الذي سبقه ، في صورة تدل على مهنيّة يزيد البارعة في الحوار !!
- تكرار يزيد لذكر بعض المناسبات التي شارك فيها إعلاميّاً ليذكر من خلال ذكرها أنه شارك فيها !! في صورة اعرفوني.
- انتهاء اللقاء ولم يتفضّل الضيف بإلقاء ما يخصّ موضوع الحلقة !!

وفي الغد يكتب الضيف مقالاً يقول فيه : ( إعلامنا مخترق ) ، ولكن كثيراً من المؤسسات الإعلامية لا يعنيها إلا تكاثر اليزيدين بإقصاء النُّخب ، والمشاهد تتكرر.
ويكبر يزيد وتكبر همّته ليفكر بتحلية اسمه بالدال ، فينتهز الفرصة عند مقابلته لوفد صحفي من إحدى الدول التي تعطي جامعاتها الشهادات بمبالغ مالية ، ليسهل له الوفد شراء شهادة الدكتوراة ، فاشترى الشهادة وعلا شأنه بين اليزيدين لأنه أصبح دكتوراً.

وبعد فترة من حصوله على شهادة الدكتوراة التي عُرِفت بأم ريالين انهالت عليه العروض .. ما بين من يطلبه للإشراف على موقع اليكتروني ومن يطلبه لإدارة قناة .. وهكذا اخترق يزيد الوسط الإعلامي.

( للعلم : يزيد ليست شخصية حقيقية بل استحسنته اسماً لكل من دخل الوسط الإعلامي وكان أحمق مثل يزيد بن مروان المعروف بهبنّقه المغفّل ).

 

سلطان بن عثمان البصيري
 

سلطان البصيري
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية