حول فتوى اللحيدان :الآية عامة في المفسدين

سلطان بن عثمان البصيري

اطلعت كما اطلع غيري على تعقيب لأحد من ينسبون للعلم وقد وضّح أن استشهاد الشيخ صالح اللحيدان في فتواه بقول الله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً .. ) ليس صـحيحاً ، وقد وضّح هذا أن الآية خاصة بقطّاع الطريق دون غيرهم ولم يسبق – في زعمه – أن القضاء حاكم أحداً بموجب هذه الآية غير قطّاع الطريق !! مستنداً في ذلك أن سبب نزول الآية كان في العرُنَين ، إشارةً منه إلى ما أخرجه البخاري ومسلم ( واللفظ له ) من حديث أبي قلابة عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن نفراً من عكل ثمانية قدموا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فبايعوه على الإسلام ، فاستوخموا المدينة ، وسقمت أجسامهم وشكوا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذلك ، فقال : ( ألا تخرجون مع راعينا في إبله ، فتصيبوا من أبوالها وألبانها ؟ ) فقالوا : بلى ، فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا ، فقتلوا الراعي وطردوا الإبل ، فبلغ ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فبعث في آثارهم ، فأُدركوا فجيء بهم ، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وسمّرت أعينهم ، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا.

ولي مع هذا التعقيب وقفة بشأن الاستشهاد بالآية فأقول :
يمكن أن نستنبط حكمين من الآية حسب القواعد المرعيّة لذلك عند أهل العلم ، فالأول : أن الآية وإن نزلت في العُرَنين كما يقوله بعض أهل التفسير إلا أن العمل بموجبها يشمل غيرهم ممن فعل فعلهم ، إعمالاً لقاعدة : ( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ) ، والثاني : أن كلمة ( فساد ) في الآية جاءت بصيغة النكرة ، واللفظ النكرة من صيغ العموم ويفيد الإطلاق إذا كان في سياق الإثبات كما هو مقرر عند أهل اللغة والأصول ، وعلى هذا فكل من سعى في الأرض بأي نوع من أنواع الفساد فيشمله حكم الآية.

ولازال أهل العلم قديماً وحديثاً يرون العمل بموجب الآية في كل من سعى بأي نوع من أنواع الفساد ومن آخر ما رأيته قرارٌ لهيئة كبار العلماء صدر بشأن جرائم الخطف والسطو وترويج المخدرات وكان القرار في عهد الملك خالد – رحمه الله – وفي الدورة الثامنة عشرة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بالطائف من تاريخ 29 / 10 / 1401هـ وحتى تاريخ 11/11 / 1401هـ وقد تضمّن هذا القرار جملة من كلام أهل العلم السابقين حول من يسعى بالفساد في الأرض.

وفي الختام يتبيّن أن استشهاد الشيخ صالح اللحيدان بالآية لا غبار عليه.
 

سلطان بن عثمان البصيري