اطبع هذه الصفحة


السينما .. مقارنةً بالشاشات

سلطان بن عثمان البصيري


كثُر الكلام عن السينما في هذه الأيام ، وقد تباينت الآراء حولها ؛ ليس على مستوى الكُتّاب فقط بل حتى على مستوى من يُنسب للعلم.

في مقالي هذا لن أتطرّق للحديث عن حقيقة السينما وما يتعلّق بها من تاريخ وغيره ، لكنني سأتطرّق إلى جزئية أراها مهمّة في الحديث عن السينما ، لاسيّما لطلّاب العلم الذين يصدر الناس عن آرائهم ، وهذه الجزئية هي قياس السينما على شاشات العرض في المنازل.

فقياس عرض السينما على شاشات العرض في المنازل باعتبار أن عرض السينما مثل الشاشات التي تعرض القنوات الفضائية في المنازل قياسٌ يعتريه ما يعتريه من السطحيّة في النظر للأمور من جميع زواياها أو كما يُعبّر عنه علماء الأصول بالخطأ في سبر الأوصاف وتنقيحها لاستنباط الوصف الذي يتعلّق به مناط الحكم.
فمثلاً كون الماء سائلاً وكون الخمر سائلاً لا يعني أن الماء محرمٌ لأنه سائل مثل الخمر بجامع كونهما سائلين ، لوجود أوصاف أخرى لكل منهما تؤثر في الحكم ، وكون الرجل بشراً وكون الأنثى بشراً لا يعني أن قوى الرجل العقليّة والجسديّة مثل قوى المرأة العقليّة والجسديّة بجامع كونهما بشراً ، لوجود أوصاف أخرى لكل منهما تؤثر في الحكم ، والأمثلة كثيرة.

والملاحظ لما يُصاحب السينما من أمور لا تُحمد عُقباها وكذلك مآلات إقرار عرضها على المجتمع يُدرك الفرق الشاسع بينها وبين شاشات العرض التي في المنازل ، كما إن المخالفات الشرعيّة التي تحصل مع السينما حالاً ومآلاً تكفي أن تكون علّة لسدّ بابها واعتبارها غير جائزة.

وفي الختام أنبّه إلى أنني بهذا المقال لا أنفي العمل بقياس الشبه ، بل هو أصل يسير عليه أهل العلم ، فقد قاسوا العبد على سائر الأموال المملوكة في لزوم قيمته على القاتل بجامع أن الجميع يُباع ويُشترى ، لكنهم لا يصيرون إلى قياس الشبه إلا عند عدم إمكان قياس العلّة بالإجماع كما نقله الباقلّاني رحمه الله.

 

سلطان بن عثمان البصيري

 

سلطان البصيري
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية