اطبع هذه الصفحة


انقلاب طاولة الانتخابات في إسرائيل والضفة
( على خلفية انتصار غزّة )

سلطان بن عثمان البصيري


في تصفح لذاكرة تاريخ اليهود نجد أن الانقسام والاختلاف أصل من أصول حياتهم التي عاشوا عليها حتى وإن ظهروا بمظهر الاجتماع ، وصدق الله تعالى إذ يقول عنهم في كتابه الكريم وفي سورة الحشر تحديداً : ( تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى .. ).
وفي هذه الأيام وعلى خلفيّة ثبات المقاومة في غزّة يبرز معلماً من معالم الانتصار الغزّاوي بطفحان الانقسام والاختلاف في انتخابات دولة اليهود التي اصطلح كثير منهم على تسميتها بإسرائيل ، فالكل يعرف أن اليهود أحزاب عديدة ، وقد مضت السنون وهم ما بين أن يندمج حزب مع حزب آخر وبين أن ينسلخ حزب من آخر ، ومن الشاهد على هذا انسلاخ حزب كاديما عام 2005 م – الذي قاده رئيس الوزراء ارئيل شارون وتتزعم الحزب الآن وزيرة الخارجية تسيبي ليفني وقبلها رئيس الوزراء الحالي ايهود أولمرت – من حزب الليكود – الذي يتزعمه الآن رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو كما انضم إليه ابن رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغين الذي وقّع اتفاقية كامب ديفيد مع أنور السادات –.
فالتخلخل الحاصل الآن داخل الكنيست الإسرائيلي – والكنيست هو المجمع بالعربية ويراد به هنا البرلمان الإسرائيلي الذي يشّرع القوانين ويراقب الحكومة الإسرائيلية في نفس الوقت – هو انتصار بحدّ ذاته للمقاومة الإسلامية في غزّة ، وليس بمستبعد أن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بوقف إطلاق النار في حرب غزّة جاء بسبب الثورة التي ثارت داخل الكنيست الإسرائيلي ومن أحزاب يهودية ارتأت بعضها أن إسرائيل خاسرة في حربها وارتأت أخرى أن الحرب ستؤجل الانتخابات الإسـرائيلية عن وقتها – وهو العاشـر من فبراير 2009 م الموافق للخامس عشر من شهر صفر 1430 هـ - وهذا يُظهر للعالم أن إسرائيل تأثرت بالحرب ، فضلاً عن الثورة التي أطلقها بعض أعضاء الكنيست العرب الذين يمثّلون الفلسطينين العرب داخل الأراضي المحتلّة والذين يعتبر بعض اليهود وجودهم في الكنيست قنبلة موقوتة ستدمّر إسرائيل.
إن المتابع لحال الإسرائيليين اليوم وتباين آرائهم في شؤونهم وتنقّل بعضهم من حزب لآخر ليدرك أنهم في شقاق دائم وإن ظهروا بغير ذلك ، بل يتمنى بعضهم إبادة بعض كما كان أسلافهم ، ولذا قد حذّرنا الله جل وعلا في كتابه من حالهم فقال في سورة آل عمران : ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ).
ولا يخفى على أحد أن بعض الرموز الإسرائيلية التي ستخوض الانتخابات لمنصب رئيس الوزراء كوزير الحرب ايهود باراك ممثل حزب العمل ووزيرة الخارجية قد وظفّا العدوان على غزّة لكسب شعبيّة أكبر في الانتخابات ، وأظن أن الطاولة انقلبت عليهم.
هذا وإن المنافقين من فلسطين وغيرها ليسوا ببعيد عن حال هؤلاء !! كيف وأن القرآن قد نعت المنافقين بأنهم إخوان أهل الكتاب ، فقد قال الله تعالى في سورة الحشر : ( ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخـرجتم لنخرجن معكم .. ) ، وقد تحدثت عن انقلاب الطاولة عليهم في مقال على هذا الرابط :
http://www.saaid.net/mktarat/flasteen/217.htm
والله أسأل أن يبرم لأمة الإسلام من أمرها رشداً.


 

سلطان بن عثمان البصيري
 

سلطان البصيري
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية