اطبع هذه الصفحة


زيارة القدس مآلها العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع إسرائيل

سلطان بن عثمان البصيري


تختلف طبيعة العلاقات الدبلوماسية عن طبيعة العلاقات القنصلية إذ ترعى الأولى أموراً سياسية تُعنى بعلاقة الدول أما الثانية فترعى الاقتصاد والمصالح التجارية ورعاية المواطنين على أراضي الدولة المستضيفة.

وقد تنتظم العلاقات الدبلوماسية والعلاقات القنصلية في سلك واحد من جهة كون مجالهما خارج الدولة ، ولهذا عمدت كثير من الدول إلى توحيدهما ضمن سلك واحد ، فتجد من يقوم بمهام القنصلية موظفاً في السفارة.

لذا فزيارة القدس وهو لازال تحت احتلال العدو الإسرائيلي مآله فتح القنصليات في إسرائيل من قبل دول الزائرين من أجل رعاية مواطنيها ، ومن الطبيعي ألا يتأتى هذا إلا بوجود العلاقات الدبلوماسية ، بالإضافة إلى أنه من البديهي أن تستضيف الدولُ بعد وجود العلاقات الدبلوماسية السفاراتِ والقنصلياتِ الإسرائيلية ، لأن العادة جرت بين الدول على المعاملة بالمثل ( فبقدر ما أعطيك تُعطيني ).

ويبدو أن من يرى أن لزيارة الأقصى فضلاً مطلقاً قد اقتصر نظره على النظر من زاوية واحدة ، وهي أجر الصلاة فيه ، لكنه أخطأ إذ لم ينظر من الزوايا كلها لتكون منه النظرة الشمولية ، وأول ما ينبغي النظرُ إليه في كل أمرٍ هو مآلُه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُراعي في كثير من أموره المآلات ، فمثلاً كان يقول لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عند إرادته قتل بعض المنافقين : ( دعه ، لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه ) ، وغير ذلك كثيرٌ لمن يتأمله ، والقصد أن مآلَ فتح باب الزيارة التطبيع مع العدو الإسرائيلي.

ومن زاوية أخرى : هل سيُمكّن العدو الإسرائيلي المحتلُّ الزائرَ من أداء عبادته التي شدّ الرحل من أجلها على وجه أمثل ؟ الجواب : لا ، والدليل على ذلك أن العدو الإسرائيلي لا تقف مباغتاته لإخواننا في المسجد من عرب 48 ، بل إن العدو نفسه لا يُريد أن يظهر المسلم بمظهر فيه قدر من العزّة ولو كان يسيراً ، ومن الشاهد عليه منع العدو لزوجة الرئيس الفلسطيني من دخول الحدود المقدسة للمسجد بمرافقة زوجة الرئيس الشيشاني في الأيام الماضية ، وأوضح منه تعاملهم مع الشيخ رائد صلاح ومن معه من إخواننا.

كتبت هذه الأسطر على عجل بعد اطلاعي على دعوة وزير الأوقاف الفلسطيني في حكومة السلطة محمود الهباش الناسَ للزيارة ، وذلك في خطبته للجمعة بمسجد التشريفات برام الله ، كما نقلت ذلك بعض مواقع الانترنت ، وليس بذي بالٍ قول من انتصر لذلك بأن الزيارة أقلّ ما يُقدّم لنصرة القضيّة الفلسطينية بل هذا مع ما فيه من التطبيع مع العدو فيه ذلّ وخنوع لهم بالإضافة إلى أنه لا يُقدّم نفعاً للقضيّة الفلسطينية ، وأزيد من ذلك أن ثمةَ ملحظ شرعي فيه إذ لا تشدّ الرحال إلا لثلاثة مساجد كما في الحديث الصحيح ومنها المسجد الأقصى ، لكن هل مقصود الزائر على رأيهم المسجد أو غير ذلك ؟

هذا وليُعلم أن الدعوة لزيارة القدس فيه خدمة جليلة للعدو الإسرائيلي فقد طال أمد التطبيع عليه ، ألا فليتق الله امرؤ أن يؤتى الدين من ِقبَله.

والله ولي التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
 

سلطان بن عثمان البصيري
www.sbusairi.blogspot.com


 

سلطان البصيري
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية