اطبع هذه الصفحة


لائحة "نشاط النشر الالكتروني" مخالفة لأنظمة صادرة من مجلس الوزراء

سلطان بن عثمان البصيري


نشرت  وزارة الثقافة والإعلام  يوم السبت الماضي عبر بوابتها الالكترونية مواد "اللائحة التنفيذية لنشاط النشر الالكتروني " ، وقد صرح مصدر مسئول في وزارة الإعلام ـ في خبر سابق ـ نشرته "لجينيات" بأن الوزارة ستضع بهذه اللائحة حدًا صارمًا لكل ما ينشر في الصحف الإلكترونية وستكون هناك عقوبات رادعة تتمثل في الغرامات المالية والشطب وعمل تحقيقات موسعة وذلك من خلال لجنة ستشكل قريبًا تسمى "لجنة الحقوق". ( اقرأ هنا نص اللائحة التنفيذية "لنشاط النشر الالكتروني" )

وحول تلك اللائحة وموادها قال الشيخ سلطان بن عثمان البصيري القاضي بالمحكمة الإدارية بالمدينة المنورة : ( بعد اطلاع سريع على نص اللائحة التنفيذية لنشاط النشر الالكتروني الصادرة بقرار وزاري من وزير الثقافة والإعلام والمنشورة في صحيفتكم "لجينيات" أسجل ما يلي:


أولاً :
من جهةٍ نظامية أو قانونية نجد أن اللائحة تصدر من الوزير أي بقرار وزاري من الجهة التنفيذية بينما نجد أن النظام يصدر من مجلس الوزراء أي الجهة التنظيمية ، وبناءً عليه فأي مادة في هذه اللائحة تكون مخالفة لنظام آخر  فإنها لا تُطبّق ، بل يُطبّق النظام لأنه أعلى منها ، ومن المثال عليه مخالفة المادة الخامسة عشرة في هذه اللائحة بجعل التحقيق في شكاوى النشر الالكتروني من اختصاص لجنة النظر في مخالفات نظام المطبوعات ، بينما نجد أن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الصادر من مجلس الوزراء جعل في المادة الخامسة عشرة منه التحقيق من اختصاص هيئة التحقيق والادعاء العام ، وكذلك من المثال مخالفة اللائحة لنظام التعاملات الالكترونية الصادر من مجلس الوزراء إذ خالفت اللائحة النظام في عدد من الأحكام كالتسجيل.

ثانياً :
جاء في المادة السابعة عشرة من هذه اللائحة حكم اللجنة في الحق الخاص  ، والذي عليه النظام وجرى عليه العمل الفصْلُ في الحق العام أولاً ثم النظر في الحق الخاص ثانياً ، وإذا كان الحقّ العام يُنظر أمام القضاء كما تقدّمت الإشارة إليه في الفقرة السابقة  فالحق الخاص كذلك.

ثالثاً :
اللائحة فيها تعارض ، ومن الدليل على ذلك أن المادة  الخامسة جاءت بعنوان أشكال النشر الالكتروني التي يُرخّص لها ، ثم جاءت المادة السادسة بعنوان أشكال النشر الالكتروني التي يُمكن تسجيلها !! ، وذُكِر تحت المادتين أشكال مغايرة لبعضها !! ، فما الفرق بين الترخيص والتسجيل ؟ ،  لأن كلاهما فيه إلزام بما ورد في اللائحة من أحكام كما نصّت الفقرة السابعة من المادة التاسعة عشرة من هذه اللائحة على مسؤولية المرخّص له والمُسجّل ، لاسيّما وأن المادة الأولى لم تعرّف الترخيص والتسجيل ضمن المصطلحات.

رابعاً :
جاءت الفقرة السادسة في المادة الثامنة من هذه اللائحة ، وهي تخصّ التسجيل ، بصياغة غامضة ومطّاطة لا يُمكن تحديد المراد منها وليس هذا من طبيعة الصياغة النظامية فقد جاء بالنصّ التالي : ( للوزير الاستثناء من هذه الشروط لمسوغات يراها).

خامساً :
جاء في المادة التاسعة عشرة وفي الفقرة الأولى ما نصّه : ( تسجيل الأسماء للمواقع الإلكترونية تكون لأصحابها المزاولين لنشاطهم الإلكتروني بأسمائهم الشخصية ، وفي حال رغبتهم في استخدام اسم كسمة تجارية للموقع فعليهم إحضار ما يثبت امتلاكهم لهذا الاسم من الجهة المختصة )، أقول لعل من الخطأ المطبعي قولهم ( كسمة تجارية ) ولعل الصواب ( كاسم تجاري ) ، ومع هذا أقول ما هو الحل مع من ليس له نشاط تجاري حتى يُسجّل اسماً تجارياً ولا يُريد التسجيل باسمه الشخصيّ ، فكثيرة هي المنتديات والمدونات التي كذلك بأسماء جمادات من أطلال وكواكب ، بل وقبائل ونحو ذلك.

سادساً :
جاء في اللائحة بعض الأخطاء الإملائية والتي كان من المفترض تصحيحها قبل نشر اللائحة ، ومنها ما لفظ ( المسائلة ) بكسر الهمزة وكتابتها على نبِرَة ، وذلك في المادة الخامسة عشرة ، والتي نصّها : (  الوزارة هي الجهة المنوط بها التحقيق والمسائلة في مخالفات وشكاوى النشر الإلكتروني وبما لا يتعارض مع الأنظمة التي تشرف على تطبيقها جهات حكومية أخرى ) والصواب ( المساءلة ) بهمزة على السطر لأنها مفتوحة.

سابعاً :
لم تُحدّد اللائحة حقوق وواجبات العاملين في الإعلام الالكتروني رُغم أنها ذكرت أن ذلك من أهدافها كما جاء في المادة الرابعة منها ، وهذا ما يهم كثير من الناس.

ثامناً :
أقترح إلغاء فكرة العقوبات من هذه اللائحة والاكتفاء بتنظيم النشر الالكتروني لأن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية كافٍ في العقوبات والتحقيق في الجرائم ، وذلك ما يقتضيه الفقه النظامي لأن النظام أعلى من اللائحة ، ويمكن حصر بعض الجرائم التي ترى الوزارة إضافتها والرفع بها للجهة التنظيمية – أي مجلس الوزراء – لإضافتها لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية كما هو الإجراء في أنظمة الدولة كافّةً.

تاسعاً :
ما ذكرته أعلاه كان على وجه الاطلاع السريع فربما تكون هناك ملاحظات أخرى ، لكن مما أختم به القول بأن من يتأمل في اللائحة يجد أن من أعدّها استعجل في إخراجها لسبب ما.

 

سلطان بن عثمان البصيري
www.sbusairi.blogspot.com

 

سلطان البصيري
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية