اطبع هذه الصفحة


وحيُ الألم ( 3 ) ...

د.عبد المعطي الدالاتي


الإيمانُ يهَب الإنسانَ إرادة ..
فإذا ما ابتُلي المؤمن بما يَمحق الصبر ، ويُحيّر الفكر ، تولّت إرادته زمام نفسه .
وهل تحمل الهمومَ غير الهِمم ؟!..
وما يخذل الإنسانَ إلا سخطه و جحودُه .
والسخطُ من المصيبة يضيفُ إليها الهمّ والوهم ..
و يوقع المبتلى في أسر اللحظة الحاضرة ، فيشعر أن الزمنَ ثابتٌ بالبليّة ، وأنه قد تجمّد حولها ، وأنها لا تقبل العزاء ..
وإن تأثير المصيبة يتعلق بالطريقة التي نتلقّاها بها .
فالعبرةُ بشعور القلب ، فنحن لا يمكننا التحكّم بالعالم ، لكن يمكننا التحكم بمشاعرنا ..
وهل الشقاء إلا انحباسُ الفكر في معاني الخوفِ واليأس والضياع ؟!
يقول الرافعي :
( يا عجباً ! كم ينفر الإنسانُ من ألفاظ الهمّ والبؤس والشقاء ،
وهو لا يبحث في الحياة إلا عن معانيها ! ..
فالإنسان يجلب الهمَّ لنفسه حين يطلب ما ليس له ، أو حين يحترق بأشعة أوهامه !
عجباً لهذه الدنيا !
مَن أحبّها خاف عليها ..
ومَن خاف عليها خافَ منها !
فهو يشقى بها .. ويشقى لها ..
ومثل هذا المسكين لا يكاد يُصاب بمصيبة ، إلا خُيّل إليه أنّ الشقاء ترك الناس وأقبلَ عليه وحده ) ..
وإنّ الأقدار لتتكلّم بلغةٍ غيرِ لغة الناس ..
وما أفصحَ لغة الأقدار ، وما أعظم أسرارَها !
يقول الإمام ابن القيم :
( لا بد مِن نفوذ القدَر ، فاجنح للسّلم ..
ولقد سبقَ العلم بنبوّة موسى وإيمان آسية ، فسبقَ تابوتُه إلى بيتها ..
فجاء طفلٌ بلا أمّ ، إلى أمٍّ بلا ولد !
وكمْ ذبح فرعونُ في طلب موسى مِن ولد !
ولسان القدر يقول له :
( لا نربّيه إلا في حِجرك ! ) ..

وحيُ الألم ( 4 ) ..

 


 

د.الدالاتي

  • مقالات
  • ربحت محمدا
  • مرايا ملونة
  • نجاوى
  • هذه أمتي
  • أنا مسلمة
  • لحن البراءة
  • دراسات في أدب الدالاتي
  • مصباح الفكر