اطبع هذه الصفحة


وحيُ الألم ( 6 ) ...

د.عبد المعطي الدالاتي


ومنْ حِكَم المحن ما تنطوي عليه من ثوابٍ للصابرين ..
والصبرُ هو اسمٌ آخرُ للأمل بالفرَج ، فإن لم يكن ثمةَ أملٌ فهو ليس صبراً ، وإنما هو خضوعٌ قسريٌّ عدَميٌّ لعذابٍ لا طائلَ منه !
يقول د. محمد إقبال :
( إنْ كنتَ مؤمناً فاعمُرْ صدرَك بالآمال ..
وعلى الدّوام ضعْ أمام نظركَ: ( لا يخلفُ الميعاد ) ..
وحاشا لله أن يخلفَ الميعاد ..
يقول اللهُ عز وجل :
( إنّما يُوَفّى الصّابرون أجرَهم بغير حساب ) ..
ويقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم :
( ما يزال البلاءُ بالمؤمن والمؤمنة ، في نفسه وولدِه وماله ،
حتى يلقى اللهَ تعالى وما عليه خطيئة ) ..
" رواه الترمذي ، حسن صحيح ".
والمَرء في هذه الحياة كالعامل الذي يُصابر ساعاتِ العمل ، فاذا انتهتْ قبض الأجرَ ولبس جميلَ الثياب ..
ومَن ترفّه وقت العمل ، ندِم عند تفريق الأجر !
ومن شأن الصبر على البلاء أن يَجبُرَ تقصيرَ المؤمن ..
ففي الحديث المتّفق على صحته ، يقول الرسولُ ، صلّى الله عليه وسلم :
( ما يُصيبُ المؤمنَ من نصَبٍ ولا وَصَب ، ولا همٍّ ولا حزَن ، حتى الشوكة يُشاكُها ، إلا كفَّرَ اللهُ بها مِن خطاياه ) ..
فالمؤمنُ لا يجدُ في مصائب الحياة ما يموتُ دونَه الصبرُ الجميل ..
فهو ينظر دائماً إلى الخلود ، فتغدو الحياة عنده كساعة ..
وما أيسرَ الصبرَ على ساعة !..
ولا بدَّ لظلام الدنيا أن ينتهي ..
ولا بدّ للخلود مِن ميلاد .. ولا بدّ للميلاد من آلام ..
وليس لمؤمنٍ راحة إلا على ضفاف الكوثر ..
يقول الرافعيّ :
( إذا ما صِرنا إلى التراب ، فليس لعَظْم أنَ يقولَ لعظم : أيها الأمير ! ...
سلوا القبور :
أينَ المالُ والجاه ؟!
وأين الجمالُ والسِّحر ؟!
وأين الدمعُ والألم ؟!
سلوا تراب القبر :
أيّ ذرّة منه كانت جمالاً !
وأيها كانت بؤساً !
وأيها كانتْ نعيماً ؟!
سلوا القبر !
فهو أبلغُ أستاذ ..
يتكلّم بصمت ، ويربّي بحكمة ..
أيّها القبرُ:
لمَ لا تأتي إلا في الآخر ؟! ) ..
..
أيها القبر !
يا بوّابة السّماء !
كم تكشِفُ منْ غطاء عن حقائق الأشياء !
ألأجْلِ هذا نهربُ منكَ نحن الأحياء ؟!
 


 

د.الدالاتي

  • مقالات
  • ربحت محمدا
  • مرايا ملونة
  • نجاوى
  • هذه أمتي
  • أنا مسلمة
  • لحن البراءة
  • دراسات في أدب الدالاتي
  • مصباح الفكر