الحديث رواه أبو يعلى ( 6 / 147 ) وغيره
وهو حديث حسن وله شواهد لمعناه صحيحة .
قال ابن حجر :
وقد جمع البيهقي كتابا لطيفا في " حياة
الأنبياء في قبورهم " أورد فيه حديث أنس " الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون "
أخرجه من طريق يحيى بن أبي كثير وهو من رجال الصحيح عن المستلم بن سعيد وقد
وثقه أحمد وابن حبان عن الحجاج الأسود وهو ابن أبي زياد البصري وقد وثقه أحمد
وابن معين عن ثابت عنه ، وأخرجه أيضا أبو يعلى في مسنده من هذا الوجه ، وأخرجه
البزار لكن وقع عنده عن حجاج الصواف وهو وهم والصواب الحجاج الأسود كما وقع
التصريح به في رواية البيهقي ، وصححه البيهقي ، وأخرجه أيضا من طريق الحسن بن
قتيبة عن المستلم ، وكذلك أخرجه البزار وابن عدي .
والحسن بن قتيبة ضعيف ، وأخرجه البيهقي أيضا من رواية محمد بن عبد الرحمن بن
أبي ليلى أحد فقهاء الكوفة عن ثابت بلفظ آخر قال " أن الأنبياء لا يتركون في
قبورهم بعد أربعين ليلة ولكنهم يصلون بين يدي الله حتى ينفخ في الصور " ومحمد
سيئ الحفظ ، وذكر الغزالي ثم الرافعي حديثا مرفوعا " أنا أكرم على ربي من أن
يتركني في قبري بعد ثلاث ولا أصلي له " إلا إن أخذ من رواية بن أبي ليلى هذه
وليس الأخذ بجيد لأن رواية بن أبي ليلى قابلة للتأويل ، قال البيهقي : إن صح
فالمراد أنهم لا يتركون يصلون إلا هذا المقدار ثم يكونون مصلين بين يدي الله .
قال البيهقي :
وشاهد الحديث الأول : ما ثبت في صحيح مسلم من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن
أنس رفعه " مررت بموسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره "
وأخرجه أيضا من وجه آخر عن أنس .
فإن قيل :
هذا خاص بموسى ، قلنا : قد وجدنا له شاهدا من
حديث أبي هريرة أخرجه مسلم أيضا من طريق عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي
هريرة رفعه " لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي .. الحديث ، وفيه :
وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي فإذا رجل ضرب جعد كأنه
وفيه وإذا عيسى بن مريم قائم يصلي أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود وإذا
إبراهيم قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم فحانت الصلاة فأممتهم " .
قال البيهقي :
وفي حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة " أنه لقيهم ببيت المقدس فحضرت الصلاة
فأمهم نبينا صلى الله عليه وسلم ، ثم اجتمعوا في بيت المقدس " وفي حديث أبي ذر
ومالك بن صعصعة في قصة الإسراء " أنه لقيهم بالسماوات " ، وطرق ذلك صحيحة فيحمل
على أنه رأى موسى قائما يصلي في قبره ثم عرج به هو ومن ذكر من الأنبياء إلى
السماوات فلقيهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم اجتمعوا في بيت المقدس فحضرت
الصلاة فأمهم نبينا صلى الله عليه وسلم ، قال : وصلاتهم في أوقات مختلفة وفي
أماكن مختلفة لا يرده العقل ، وقد ثبت به النقل فدل ذلك على حياتهم ... ( 6 /
487 ، 488 )
والحديث كان شيخنا الألباني رحمه الله يرى ضعفه برهة من الدهر – كما قال – ثم
تبين له قوة إسناده فوضعه في سلسلته الصحيحة ( 621 ) ، وقال في معناه :
ثم اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما
هي حياة برزخية ، ليست من حياة الدنيا في شيء ، ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب
الأمثال لها ، ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا .
هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد : الإيمان بما جاء في هذا
الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء ، كما يفعل أهل البدع الذين وصل
الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية ! قال
: يأكل ويشرب ويجامع نساءه ! – في الهامش : راجع " مراقي الفلاح " - ، وإنما هي
حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى .
ويشهد للحديث رؤيته صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء لموسى قائما في قبره يصلي
، وسيأتي إن شاء الله برقم ( 2627 ) .
انتهى
فائدة :
جاء في حديث سؤال الملكين قول المؤمن
لهما في قبره : دعوني حتى أصلي ، فيقولان : إنك ستفعل . وهو صريح – كما قال
شيخنا الألباني – في أن المؤمن أيضا يصلي في قبره … الخ " أحكام الجنائز " ( ص
272 ) .
والله أعلم