الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فقد يسَّر الله لي " زيارة " بعض مجالس " آكلي لحوم البشر " ! والجرَّاحين "
الأطفال " الذين فهموا الشرع بالتقليد لبعض جهلة المتصدرين ، وأصبحوا
كالببغاوات يرددون ما يسمعون منهم ضاربين عرض الحائط قوله تعالى { يا أيها
الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما
فعلتم نادمين } ، وضاربين عرض الحائط كل حديث وأثر يأمرهم بالعدل والإنصاف
والتثبت .
وفي هذا المجلس الذي لم يرق لبعضهم حضوري لما كان يسمعه عني زوراً وبهتاناً مما
لا أصل له ، دار كلام ونقاش أحببت ذكر خلاصته وفائدته للقراء من إخواني لعل فيه
عبرة وعظة .
قال بعضهم : قال بعض شيوخنا ! لا بدَّ
من إحياء علم الجرح والتعديل من جديد !!
قلت : نعم ! ولكن فلننتبه لأمور :
1. نريد إحياء علم الجرح والتعديل ، لا
ابتداع علم " الجرح والتجريح " !! فنحن لا نرى ممن يدعو هذه الدعوة أي تعديل !
بل تجريح في تجريح فحريٌّ بعلمهم هذا أن يسمى علم " الجرح والتجريح " !!
2.
وعلم " الجرح والتعديل " لا يقوم به " الصغار " و " الجهلة " بل لا بد له من
أئمة كسفيان ومالك وشعبة ويحي بن سعيد القطان وغيرهم ، والواقع اليوم أنه تجرأ
على هذا العلم " صغار " القوم وأطفالهم ، فهل هذا كذاك ؟
3.
ولا بدَّ لمن يقوم بهذا العلم من " علم " يطلع فيه على أحوال المتكلَّم عليه ،
ولا بدَّ من الإحاطة بحياته وأقواله وأفعاله حتى يتسنى له العدل في الحكم ، أما
الحكم على نقل مبتور ، أو خبر ضعيف ، أو الاعتماد على " وكالة يقولون " ! فليس
هذا من دأب علماء " الجرح والتعديل " !
4.
ولا بدَّ لمن يقوم بهذا العلم أن يكون ثقة عدلاً في دينه ، لا أن يكون ضعيفاً
ساقط العدالة ! والواقع أن كثيراً ممن يقوم على هذا " العلم " ! اليوم – إلا من
رحم الله – من النوع الثاني ، فنحن قد عرفنا بعض هؤلاء " الجرَّاحين " لا يصلي
صلاة الجماعة في المسجد ! وبعضهم كان يتكلم في الشرع قدحاً وذمّاً في بعض
الدعاة وصوت " التلفاز " يخرق آذاننا ! وبعضهم سارق لجهود غيره متشبع بما لم
يعط ! ورابع وخامس وسادس .. الخ ! فهل على مثل هؤلاء يعتمد في الجرح والتعديل
وهم أحق بالجرح وأولى به ؟!
5.
وعلم الجرح والتعديل لا يقوم على " التقليد " بل على البينة والدليل ، فهل إذا
" جرح " فلان – المجروح أصلاً – فلاناً يؤخذ بقوله على أنه قرآن منـزل ؟؟!! بل
لا بدَّ من ذكر دليله وبيَّنته على هذا الجرح وإلا كان محض افتراء يردُّ في
وجهه ! فكم لابن معين ! من تعديل مرفوض ! وكم لابن أبي حاتم ! من تجريح مرفوض !
أفيكون تجريح " فلان " ! وتعديله مقبولين هكذا على الإطلاق ؟؟!!
6.
ولا بدَّ من تطبيق كافة قواعد الجرح والتعديل ، ومن أهمها تقديم التعديل المفسر
على الجرح المجمل ، فكم من " مجروح " عُرفت عدالته ببينات كثيرة وبشهادات
مختلفة ، ثم يأتي " جرَّاح " ويدَّعي " جرحاً " مجملاً ، أفيقبل مثل " التجريح
" ؟؟!!
فبهت " الجرَّاحون " الذين في المجلس
ولم يستطيعوا جواباً ، وكانوا قد ظنوا أن الأمر " شوربة " ! وفوضى !
والله المستعان