قال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين – رحمه
الله - :
السلفيَّة هي اتباع منهج النبي صلى
الله عليه وسلم وأصحابه ؛ لأنهم سلفنا تقدموا علينا ، فاتِّباعهم هو
السلفيَّة ، وأما اتِّخاذ السلفيَّة كمنهج خاص ينفرد به الإنسان ويضلل من
خالفه من المسلمين ولو كانوا على حقٍّ : فلا شكَّ أن هذا خلاف السلفيَّة ،
فالسلف كلهم يدْعون إلى الإسلام والالتئام حول سنَّة الرسول صلى الله عليه
وسلم ، ولا يضلِّلون مَن خالفهم عن تأويل ، اللهم إلا في العقائد ، فإنهم
يرون من خالفهم فيها فهو ضال .
لكن بعض من انتهج السلفيَّة في عصرنا هذا صار يضلِّل كل من خالفه ولو كان
الحق معه ، واتَّخذها بعضهم منهجاً حزبيّاً كمنهج الأحزاب الأخرى التي تنتسب
إلى الإسلام ، وهذا هو الذي يُنكَر ولا يُمكن إقراره ، ويقال : انظروا إلى
مذهب السلف الصالح ماذا كانوا يفعلون في طريقتهم وفي سعة صدورهم في الخلاف
الذي يسوغ فيه الاجتهاد ، حتى إنهم كانوا يختلفون في مسائل كبيرة ، في مسائل
عقديَّة ، وفي مسائل علميَّة ، فتجد بعضَهم – مثلاً – يُنكر أن الرسول صلى
الله عليه وسلم رأى ربَّه ، وبعضهم يقول بذلك ، وبعضهم يقول : إن الذي يُوزن
يوم القيامة هي الأعمال ، وبعضهم يرى أن صحائف الأعمال هي التي تُوزن ،
وتراهم – أيضاً – في مسائل الفقه يختلفون ، في النكاح ، في الفرائض ، في
العِدَد ، في البيوع ، في غيرها ، ومع ذلك لا يُضلِّل بعضهم بعضاً .
فالسلفيَّة بمعنى أن تكون حزباً خاصّاً له مميزاته ويُضلِّل أفراده سواهم :
فهؤلاء ليسوا من السلفيَّة في شيء .
وأما السلفيَّة التي هي اتباع منهج السلف عقيدةً ، وقولاً ، وعملاً ،
واختلافاً ، واتفاقاً ، وتراحماً ، وتوادّاً ، كما قال النَّبي صلى الله عليه
وسلم " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثَل الجسد الواحد ، إذا
اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسهر " ، فهذه هي السلفيَّة
الحقَّة . " لقاءات
الباب المفتوح " السؤال رقم 1322 .