بسم الله الرحمن الرحيم

فوائد وقواعد ومسائل من كتب شيخ الإسلام
" حكم الاستمناء "


قال شيخ الإسلام رحمه الله:
و "الاستمناء" لا يباح عند أكثر العلماء سلفاً وخلفاً سواءً خشي العنت أو لم يخش ذلك ، وكلام ابن عباس وما روي عن أحمد فيه إنما هو لمن خشي العنت وهو الزنا واللواط خشيةً شديدةً خاف على نفسه مِن الوقوع في ذلك فأبيح له ذلك لتكسير شدة عنته وشهوته.
وأما مِن فعل ذلك تلذذاً أو تذكراً أو عادةً بأن يتذكر في حال استمنائه صورةً كأنَّه يجامعها فهذا كله محرم لا يقول به أحمد ولا غيره ، وقد أوجب فيه بعضهم الحد ، والصبر عن هذا مِن الواجبات لا مِن المستحبات ، وأما الصبر عن المحرمات فواجب وإن كانت النفس تشتهيها وتهواها قال تعالى { وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله } و "الاستعفاف" هو ترك المنهي عنه كما في الحديث الصحيح عن أبى سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "مَن يستعفف يعفه الله ومَن يستغنِ يغنه الله ومَن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحدٌ عطاء خيراً وأوسع مِن الصبر"
فـ"المستغني" لا يستشرف بقلبه و "المستعف" هو الذي لا يسأل الناس بلسانه و "المتصبر" هو الذي لا يتكلف الصبر فأخبر أنَّه مَن يتصبر يصبره الله وهذا كأنه في سياق الصبر على الفاقة بأن يصبر على مرارة الحاجة لا يجزع مما ابتلي به من الفقر وهو الصبر في البأساء والضراء قال تعالى{والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس}.
و "الضراء" المرض وهو الصبر على ما ابتلي به مِن حاجةٍ ومرضٍ وخوفٍ والصبر على ما ابتلي به باختياره كالجهاد فإنَّ الصبر عليه أفضل من الصبر على المرض الذي يبتلى به بغير اختياره ولذلك إذا ابتلي بالعنت في الجهاد فالصبر على ذلك أفضل مِن الصبر عليه في بلده لأن هذا الصبر من تمام الجهاد وكذلك لو ابتلي في الجهاد بفاقة أو مرض حصل بسببه كان الصبر عليه أفضل كما قد بسط هذا في مواضع.
"مجموع الفتاوى" (11/574-575)

وسئل رحمه الله عن الاستمناء ؟
فأجاب: أما الاستمناء فالأصل فيه التحريم عند جمهور العلماء وعلى فاعله التعزير وليس مثل الزنا. والله أعلم

وسئل رحمه الله تعالى عن الاستمناء هل هو حرام أم لا ؟
فأجاب: أما الاستمناء باليد فهو حرام عند جمهور العلماء وهو أصح القولين في مذهب أحمد وكذلك يعزر مَن فعله وفي القول الآخر هو مكروه غير محرم وأكثرهم لا يبيحونه لخوف العنت ولا غيره ونقل عن طائفة من الصحابة والتابعين أنهم رخَّصوا فيه للضرورة مثل أن يخشى الزنا فلا يعصم منه إلا به ومثل أنْ يخاف إن لم يفعله أن يمرض وهذا قول أحمد وغيره وأما بدون الضرورة فما علمتُ أحداً رخَّص فيه. والله أعلم.
وسئل رحمه الله تعالى عن رجل يهيج عليه بدنه فيستمني بيده وبعض الأوقات يلصق وركيه على ذكره وهو يعلم أن إزالة هذا بالصوم لكن يشق عليه ؟
فأجاب: أما ما نزل مِن الماء بغير اختياره فلا إثم عليه فيه لكن عليه الغسل إذا أنزل الماء الدافق ، وأما إنزاله باختياره بأن يستمني بيده فهذا حرام عند أكثر العلماء وهو أحد الروايتين عن أحمد بل أظهرهما وفى رواية أنه مكروه لكن إن اضطر إليه مثل أن يخاف الزنا إن لم يستمن أو يخاف المرض فهذا فيه قولان مشهوران للعلماء وقد رخص في هذه الحال طوائف من السلف والخلف ونهى عنه آخرون. والله أعلم.

"مجموع الفتاوى" (34/229-231)

كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
أبو طارق