الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فقد تكلم كثيرون عن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وقوله في كروية الأرض ،
فهذا قوله في فتاواه ، ودع عنك قول الكذابين .
قال الشيخ عاصم القريوتي حفظه الله :
يثبت الشيخ – أي : ابن باز – رحمه الله ويقرر كروية الأرض ، كغيره من
علماء الإسلام ، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع على ذلك في عدة كتب
منها " العرشية " و " درء تعارض النقل والعقل " ( 6 / 339 ) ، وانظر " رسالة في
الهلال " من " مجموع الفتاوى " ( 25 / 195 ) ، ونقل الإجماع ابن كثير في "
البداية والنهاية " كما في " آفاق الهداية " ( 1 / 173 ) .
ومن العجب أنه افتُري على الشيخ ابن باز – رحمه الله – في حياته بأنه ينكر
كروية الأرض.
والشيخ موافق لعلماء الإسلام في هذه المسألة .
ولقد سألته عام 1395 هـ تقريباً أو 1394 هـ عن هذه المسألة وأن له كتاباً زعموا
أنه له باسم " الباز المنقض على من قال بكروية الأرض " : فعجب من ذلك ، وسخر من
هذا الافتراء . أ. هـ
" كوكبة من أئمة الهدى ومصابيح الدجى " ( ص 167 )
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
… أما ما نشرته عني مجلة " السياسة " نقلاً عن البيان الذي كتبه كتَّاب
وأدباء التجمع التقدمي في مصر من : إنكاري هبوط الإنسان على سطح القمر وتكفير
من قال بذلك ! أو قال إن الأرض كروية ، أو تدور : فهو كذب بحت !! لا أساس له من
الصحة ، وقد يكون الناقل لم يتعمد الكذب ولكن لم يتثبت في النقل .
ومقالي مطبوع ومنشور وقد أوضحت فيه الرد على من هبوط الإنسان على سطح القمر ،
أو كفَّر مَن صدَّق بذلك ، وبيَّنتُ أن الواجب على من لا علم لديه التوقف وعدم
التصديق بذلك ، وبيَّنتُ أن الواجب على من علم لديه التوقف وعدم التصديق
والتكذيب حتى يحصل له من المعلومات ما يقتضي ذلك .
كما أني قد أثبتُّ في المقال فيما نقلتُه عن العلاَّمة ابن القيم رحمه الله ما
يدل على إثبات كروية الأرض .
أما دورانها فقد أنكرته وبيَّنتُ الأدلة على بطلانه ، ولكني لم أكفِّر من قال
به ، وإنما كفَّرتُ من قال إن الشمس ثابتة غير جارية ؛ لأن هذا القول مصادم
لصريح القرآن الكريم والسنَّة المطهرة الدالَّين على أن الشمس والقمر يجريان
…أ.هـ
" مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز " ( 9 / 228 ) .
وهذا موضع آخر في مجموع فتاوى الشيخ يكذب فيه صحفيا ادعى
أن الشيخ رحمه الله ينكر كروية الأرض ويهدر دم من قال به !!
[[تكذيب ونقد لبعض ما نشرته مجلة ( المصور )
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه .
أما بعد ، فقد نشرت مجلة ( المصور ) في عددها رقم 2166 الصادر في 24 /
الجمعة1385 هـ الموافق 15 أبريل 1966 م في الصفحة 15 من العدد المذكور ما نصه :
المبادئ المستوردة بقلم : أحمد بهاء الدين
( يقول نبأ من السعودية أن نائب رئيس الجامعة الإسلامية هناك نشر مقالا منذ
شهرين في جميع الصحف أهدر فيه دم كل من يقول إن الأرض كروية وإن الأرض تدور حول
الشمس وليس العكس ، وإذا كان يبدو غريبا أن يذاع هذا الرأي في 1966 م وفي عصر
الفضاء ، فصاحب هذا الرأي له فضيلة واضحة وهي أنه منطقي مع ما تردده المملكة
العربية السعودية هذه الأيام من أفكار وآراء ، فحكام المملكة العربية السعودية
لا يتحدثون الآن إلا عن الأفكار والنظريات المستوردة ، ولا يدعون إلى الحلف
الإسلامي إلا بدعوى درء خطر الأفكار المستوردة عن المسلمين ، وهم يقصدون
الاشتراكية بالطبع ولكنهم لا يناقشون الاشتراكية ولا فكرة العدالة الاجتماعية ،
وإنما يكتفون برفضها بناء على أنها مستوردة . . . إلخ ) انتهى المقصود .
وجوابي عن ذلك أن أقول : ( سبحانك هذا بهتان عظيم ) لقد نشر المقال الذي أشار
إليه الكاتب في جميع الصحف المحلية في رمضان 1385 هـ ، واطلع عليه القراء في
الداخل والخارج وليس فيه ذكر كروية الأرض بنفي ولا إثبات فضلا عن إهدار دم من
قال بها ، وقد وقع فيما نقلته في المقال من كلام العلامة ابن القيم رحمه الله
ما يدل على إثبات كروية الأرض فكيف جاز لأحمد بهاء الدين ، أو من نقل إليه هذا
النبأ أن يقدم على هذا البهتان الصريح وينسبه إلى مقال قد نشر في العالم وقرأه
الناس ، سبحان الله ما أعظم جرأة هذا المفتري ، ولكن ليس بغريب أن يصدر مثل هذا
الافتراء عن أنصار الإلحاد والمذاهب الهدامة فقد قال الله عز وجل { إِنَّمَا
يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ
هُمُ الْكَاذِبُونَ }
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { آية المنافق ثلاث إذا حدث
كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان } وإنما أهدرت في المقال دم من قال إن الشمس
ثابتة لا جارية بعد استتابته ، وما ذلك إلا لأن إنكار جري الشمس تكذيب لله
سبحانه ، وتكذيب لكتابه العظيم ، وتكذيب لرسوله الكريم ، وقد علم بالضرورة من
دين الإسلام وبالأدلة القطعية وبإجماع أهل العلم أن من كذب الله أو رسوله أو
كتابه فهو كافر حلال الدم والمال ، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل وليس في هذا بحمد
الله نزاع بين أهل العلم .
وأما قول الكاتب : ( إذا كان يبدو غريبا أن يذاع هذا الرأي في سنة 1966 م وفي
عصر الفضاء . . . إلخ )
فالجواب عنه أن يقال : لا ريب أن إظهار الحق ونشره في هذا العصر ودعوة الناس
إليه يعتبر من الأمور الغريبة وذلك لاستحكام غربة الإسلام وقلة دعاة الحق وكثرة
دعاة الباطل ، وهذا مصداق ما أخبر به نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم
حيث قال في الحديث الصحيح : ( بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى
للغرباء وفي رواية قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال الذين يصلحون إذا فسد
الناس وفي لفظ آخر قال هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي )
فيتضح من هذا الحديث الشريف لذوي الألباب أن الدعوة إلى الحق وإنكار ما أحدثه
الناس من الباطل عند غربة الإسلام يعتبر من الإصلاح الذي حث عليه النبي صلى
الله عليه وسلم وأثنى على أهله ، ويتضح للقراء أيضا من هذا الحديث العظيم أنه
ينبغي لأهل الحق عند غربة الإسلام أن يزدادوا نشاطا في بيان أحكام الإسلام ،
والدعوة إليه ، ونشر الفضائل ومحاربة الرذائل ، وأن يستقيموا في أنفسهم على ذلك
حتى يكونوا من الصالحين عند فساد الناس ، ومن المصلحين لما أفسد الناس والله
الموفق سبحانه .
وأما ما أشار إليه الكاتب في آخر كلامه من انتقاد من يحارب الأفكار والنظريات
المستوردة وحمله على حكام المملكة العربية السعودية وتهمته إياهم بمحاربة
الأفكار والنظريات المستوردة كالاشتراكية ، وأنهم لا يدعون إلى الحلف الإسلامي
إلا بدعوى درء خطر الأفكار عن المسلمين إلخ . .
فجوابه أن يقال : إن الأفكار والنظريات المستوردة فيها الحق والباطل فلا يجوز
للمسلمين أن يقبلوها مطلقا ولا أن يردوها مطلقا بل الواجب هو التفصيل في ذلك
فما كان منها حقا أو نافعا للمسلمين مع عدم مخالفته لشرع الله سبحانه فلا مانع
من قبوله والانتفاع به ، لأن الإسلام هو دين الله الكامل الذي دعا إلى كل خير
وإلى كل إصلاح ونهى عن كل ما يضر المسلمين ويفسد مجتمعهم ، وأمر أهله أن يحرصوا
على ما ينفعهم ويستعينوا بالله على ذلك وأن يعدوا كلما استطاعوا من قوة لعدوهم
، وأن يأخذوا حذرهم منه وأن يتكاتفوا ويتعاونوا على البر والتقوى وأن يعتصموا
بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا ، وحذرهم سبحانه من اتباع أهواء أعدائهم وأخبر عز
وجل أن أعداءهم لن يغنوا عنهم من الله شيئا .
فالأفكار النافعة والنظريات الصحيحة قد جاء بها الإسلام ودعا إليها فليست
مستوردة عليهم بل هو السابق إليها وإن خفيت على بعض أتباعه وظنوا أنها مستوردة
من أعدائه وإنما قصارى ما يأتي به الأعداء من الأفكار الصحيحة والنظريات
الموافقة للشرع أن يذيعوها بين الناس ويلبسوها لباسا يوهم أنها من عندهم وأنهم
مبتكروها والدعاة إليها وليس الأمر كذلك ، وإنما الفضل في ذلك للإسلام عليهم
حيث نبههم عليها وأرشدهم إلى أصولها وثمراتها ، فنسبوا ذلك إلى أنفسهم وجحدوا
نسبة الحق إلى أهله إما جهلا وإما حسدا ، والحكومة العربية السعودية حين تحارب
الاشتراكية وغيرها من المذاهب الهدامة لم تحاربها لكونها مستوردة وإنما حاربتها
لأنها نظام إلحادي مخالف للشريعة ينكر الأديان والشرائع ويحارب الله سبحانه
وينكر وجوده ويحل ما حرم ويحرم ما أحل وإن استخفى معتنقوه في بعض الأمكنة وفي
بعض الأزمنة بشيء من هذا ولم يظهروه لأسباب قد تدعوهم إلى ذلك فالأمر واضح
وكتبهم تنادي بذلك وتدعوا إليه وإمامهم ( ماركس ) اليهودي الملحد قد صرح بذلك
ودعا إليه ولكن الواقع هو كما قال الله عز وجل { فَإِنَّهَا لا تَعْمَى
الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }
والحكومة السعودية قد استوردت أشياء كثيرة نافعة ولم تحاربها لما ظهر لها
نفعها ... ]]
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 3 / 156 – 159 ) .