الحمد لله
فيه خلاف :
والأرجح - والله أعلم - أنه يكتفي .
عن المغيرة بن مقسم عن عبد الرحمن بن تميم بن حذلم ، قال : كان أبي إذا أدرك من
صلاة المقيم ركعة - وهو مسافر - صلى إليها أخرى ، وإذا أدرك ركعتين اجتزأ بهما
.
قال ابن حزم : تميم بن حذلم من كبار أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه .
وعن الشعبي قال : إذا كان مسافرا فأدرك من صلاة المقيم ركعتين اعتد بهما .
وعن سليمان التيمي قال : سمعت طاوسا وسألته عن مسافر أدرك من صلاة المقيمين
ركعتين ؟ قال : تجزيانه .
انظر : " المحلى " لابن حزم 3 / 231 .
وفي المسألة زيادات بعد تعليقات الإخوة الأفاضل
كلام الشيخ شنخوب
كلام أخي الشيخ إحسان هو الصواب إن شاء الله
تعالى :
وهو أن المسافر إذا أدرك ركعتين فأقل فإنها تصح، والأدلة على ذلك :
جميع الأحاديث التي تدل على أن الأصل في صلاة المسافر قصر الصلاة.
والرسول صلى الله عليه وسلم سافر بعد فرض الصلاة كثيرا ولم يحفظ عنه أنه أتم
صلاته مرة واحدة وكذلك أبو بكر وعمر.
وأما الاختلاف بين المأموم والإمام فإنه اختلاف نيات لا أفعال ، والرسول صلى
الله عليه وسلم فسر الاختلاف في قوله (فلا تختلفوا عليه ) بقوله (فإذا كبر
فكبروا...وإذا ركع فاركعوا...وإذا سجد فاسجدوا..) ، وهنا لم يحصل اختلاف أفعال،
وأما اختلاف النيات فإنه يجوز ، لذا يجيز كثير ممن لا يجيز قصر المسافر خلف
المقيم صلاة المفترض بالمتنفل والعكس وصلاة من يصلي فرضا بمن يصلي آخر وهكذا،
وهنا فيه اختلاف ولكنه اختلاف نيات لا أفعال، وهذا الفعل تماما كما لو جاء من
فاتته صلاة الفجر فأدرك ركعتين من الظهر مع الجماعة .
وأما أدلة من لم يجز ذلك فلهم - حسب علمي- هذه
الأدلة :
الدليل الأول :
فعل ابن عمر رضي الله عنهما وفتواه كما في مسلم مغيره (فكان بن عمر إذا صلى مع
الإمام صلى أربعا وإذا صلاها وحده صلى ركعتين) وما رواه أبو مجلز قال ( قلت
لابن عمر المسافر يدرك ركعتين من صلاة القوم يعني المقيمين أتجزيه الركعتان أو
يصلي بصلاتهم قال فضحك وقال يصلي بصلاتهم).
الدليل الثاني :
حديث موسى بن سلمة قال كنا مع بن عباس بمكة فقلنا إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا
فإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين فقال تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه
وسلم وإن رغمتم.
الدليل الثالث :
أن فيه اختلاف على الإمام .
أما الدليل الأول :
فهو قول لصحابي رضي الله عنهم أجمعين، والثابت
عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر -كما رواه ابن عمر نفسه- القصر
دائما.
أما الدليل الثاني :
فهو منكر بهذه الرواية ، تفرد بها (الطفاوي) عن
أيوب عن قتادة عن موسى، والصحيح من روايات الثقات هو بلفظ :
(سألت ابن عباس قلت أكون بمكة كيف أصلي قال ركعتين سنة أبي القاسم صلى الله
عليه وسلم)
وهذه رواية شعبة وغيره عن قتادة،وفي رواية أيوب عن قتادة - برواية الثقات- :
قال قلت لابن عباس إنا نصلي معكم في المسجد فإذا صلينا في رحالنا صلينا ركعتين
قال تلك سنة أبى القاسم صلى الله عليه وسلم
وعلى كلا اللفظين الدليل هو على سنية القصر لا الإتمام .
وأما الثالث :
فسبق الجواب عنه.
وهذا المذهب هو مذهب بعض التابعين.
والله تعالى أعلم.
تعليق الشيخ إحسان
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أشكر الإخوة الذين علقوا وشاركوا في هذا الموضوع .
وقد ذكرت في بداية الأمر أن المسألة خلافية ، إنما قصدت النظر في ترجيح كل من
القولين لمن يتبنى أحدهما أن يكون على علم وبينة .
وعليه : فلا داعي لنقل فتاوى العلماء المعاصرين أو المتقدمين في المسألة ،
لأنني أردت من طرحها النظر في الأدلة .
الأخ سوف :
1.
قولك حفظك الله :
[وعندي سؤالان : الأول: ما رأيكم بعموم قول الرسول صلى الله عليه و سلم: "فما
أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" قوله: "ما فاتكم فأتموا" ألا يتضمن إتمام
الصلاة أربعاً؟ ] .
أقول :
يتضمن ولا يتضمن !!
يتضمن إذا كان الفائت أربعاً . ولا يتضمن إذا كان الفائت دون الأربع .
وهذا الحديث مسوق أصالة للمقيم المتأخر عن الصلاة في مسجده ، وأما ما عداه
فينظر في حاله دون هذا التعميم في الحكم .
فمثلاً :
مسافر – أو مقيم – تأخر عن صلاة المغرب مع إمام مقيم يصلي أربعاً ، وأدرك هذا
المسافر الصلاة في الركعة الثانية ، فإذا سلَّم إمامه ، فهل يقوم ليأتي برابعة
– وهي صلاة الإمام – أم يسلِّم على اعتبار انتهاء صلاته ؟؟؟؟
أظن جوابك : أنه يسلم ، أليس كذلك ؟
فإن قال لك قائل : [ ما رأيكم بعموم قول الرسول صلى الله عليه و سلم: " فما
أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " .
قوله: " ما فاتكم فأتموا " ألا يتضمن إتمام الصلاة أربعاً ؟ ] !!
فجوابك عليه هو جوابنا عليك ، ولا فرق .
وقل مثل ذلك فيمن أدرك ركعتين من صلاة الفجر – مقيماً أو مسافراً – مع من يصلي
الظهر من المقيمين ، فهل يتم الفجر أربعاً على اعتبار صلاة الإمام ؟؟؟؟
2. قولك
:
[ الثاني: ما رأيكم في المسافر الذي أدرك مع الإمام ثلاث ركعات من أربع أيعتد
بها أم يضيف ركعة بعد تسليم الإمام ؟ ] .
أقول :
إذا وجدت في قول أحد من السلف أنه يسلم فلا أعتد بغيره ، وذلك لأن المسافر يصلي
مع المقيم إذا أدرك أول صلاته أربعاً متابعة له لا أن صلاة المسافر تصير أربعاً
، فقد حكم الله تعالى على صلاة الحضر بالزيادة ، والأصل أن الصلاة ركعتان فأقرت
في السفر وزيدت في الحضر كما جاء عن أمنا عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم .
وما يصليه المسافر من الزيادة خلف المقيم إنما هو للمتابعة لا أكثر ، ففي الوضع
الشائع يتابع في آخر اثنتين ، وفي مسألتك يتابع في الثالثة .
ومقتضى قول من ذكرنا قولهم من اعتداد من أدرك ركعتين مع إمامه المقيم : أنه
يسلم مع الإمام إن أدرك معه آخر ثلاث ركعات ؛ لأن من ذكرنا قولهم يقولون بوجوب
المتابعة مع الإمام ، وإتمام الصلاة إن أدرك الإمام من أول صلاته ، وقولهم "
تجزيانه " في إدراك آخر ركعتين : لا ينبغي أن يختلف عن إدراكه آخر ثلاث ؛ لعدم
وجود اختلاف بين الإمام والمأموم ، ولإتمام كل واحد منهما صلاته .
وعليه :
فوفق هذا الأصل لا مانع من التسليم في الصورة التي ذكرت بعد الثالثة لكن لا
أجرؤ على القول حتى أجد لي سلفاً ، وأمات عمليّاً : فهو ما أفعله ، غير متردد
فيه .
وأما ماذا يصنع من لم يقنع بهذا : فليكمل أربعاً ، وهذا ليس هو بحثنا ؛ لأن
البحث هل يكتفي المسافر الذي يدرك ركعتين خلف المقيم بهما ؟ ولم أقل بالوجوب
ولا ببطلان من أتم أربعاً ، وانظر في عبارات التابعين أول المقال تجدها في "
الإجزاء " .
3.
وجزاك الله خيراً
= الأخ شفقان :
1.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
2. شكر
الله لك وجزاك الله خيراً .
3. ذكر
الشيخ شنخوب معنى متابعة الإمام فلا مزيد على قوله ، إلا أن تسأل شيخنا ابن
عثيمين حفظه الله عن المسألة التي ذكرتها للأخ سوف وهي إدراك من يصلي المغرب
ثلاث ركعات من صلاة الإمام الرباعية .
فالجواب هو الجواب ، والمتابعة هنا لا علاقة لها بالحديث .
= الأخ مسدد
ما ذكرته من حديث " من أدرك ركعة من الصلاة فقد
أدرك " لا علاقة له بمسألتنا ، وهذا الحديث مسوق لبيان حكم من جاء بالركعة
الأولى في الوقت وما بعدها خارج الوقت ، فالمتبادر ابتداء بطلان صلاته لأنها لم
تكن كلها في الوقت ، فجاء الحديث وبيَّن أنه من جاء بركعة واحدة في الوقت
فكأنها كلها في الوقت ، وهذا من فضل الله على هذه الأمة ولولا هذا الحديث ما
ترددنا في بطلان من جاء ببعض صلاته في الوقت وبعضها الآخر خارجه .
ولا علاقة لهذا الحديث بإدراك الجماعة إنما علاقته بإدراك الوقت وعليه تبويب
عامة من أخرجه إن لم يكن كلهم .
والصحيح : أنه من أدرك جزءً من صلاة الجماعة فقد أدرك الجماعة ولعل هذه المسألة
أن نبحثها بعد الانتهاء من هذه .
= الشيخ شنخوب :
جزاك الله خيراً ونفع بكم .
وأزيد :
أن أثر ابن عمر وابن عباس – إن صح – فإنما هو
فيمن أدرك الصلاة مع الإمام من أولها ، وهو يرد فيه على ابن حزم الذي يقول
بوجوب التسليم خلف المقيم بعد الركعتين .
وثانياً :
ليس قول الصحابي " من السنة " أو " هو السنة "
أنه في حكم المرفوع على إطلاقه ، وعندي في ذلك دليلان :
1. قول عمر رضي الله للمغيرة بن شعبة لما مسح سبعة أيام على خفيه " أصبت السنة
" والسنة إنما هي ثلاثة أيام للمسافر .
2. قول ابن عمر في المحصر أنه لا يحل حتى يطوف بالبيت : أنه " السنة " وهذا ما
لم يكن منه صلى الله عليه وسلم .
فقد يجتهد الصحابي ويقول " من السنة " أو " السنة " ويريد أنه مشروع وهو حكم
الله الذي يراه .
والله أعلم