قراءة في كتاب جديد
يعدُّ كتاب "تربية الأولاد في الإسلام" لـ "عبد الله علوان" من أوسع الكتب
انتشاراً بين المسلمين ، وقلَّما تخلو منه مكتبة بيت مسلم ، أو تخلو منه مكتبة
جامعة أو معهد. ويقع الكتاب في مجلديْن ضخمين ، وقد تبنَّى بعض التجار طباعته
وتوزيعه ، ودعمَه بعضهم وبيع بأرخص الأسعار.
ولمَّا رأى الباحث الأردني "إحسان محمد عايش العتيبي" ذلك شدَّ من عزمه لتتبع
الكتاب وبيان ما فيه مِن أخطاء خدمة للكتاب ونصيحة لمؤلفه ولعموم الناس.
ووفقه الله لذلك فأصدر كتابه النافع – إن شاء الله – "كتاب تربية الأولاد في
الإسلام لعبد الله علوان في ميزان النقد العلمي" ، وجاء كتابه في (330) صفحة
حواها مجلد لطيف وأُخرج بطباعة أنيقة وورق رائع وتجليد متين ، وقد طبعه على
حسابه الخاص.
وقد راجع الكتاب وقدَّم له: عليّ بن حسن الحلبي.
ووقعت مباحث الكتاب في عشرة أبواب:
الباب الأول:
الأخطاء والأوهام في التوحيد والعقيدة. وقد نبَّه فيه على مواضيع شتى منها: عدم
جواز التبرك بالأشخاص، الرد على الخوارج في تكفيرهم لصاحب الكبيرة، الرد على
البوصيري في قصيدة "البردة" وغيرها.
الباب الثاني:
الأخطاء والأوهام في الألفاظ والكلمات. وقد نبَّه فيه على ألفاظ شائعة بين
المسلمين -وخاصة المؤلفين والمدرسين- وهي مخالفة للدين ومنها: خطأ الحكم
بالشهادة –أي:قول شهيد- لغير مَن جاء النص به، وعبارة "الإنسان خليفة الله في
الأرض"، ولفظ "الإنسانية"، وعبارة "كرم الله وجهه" في حق علي بن أبي طالب خاصة،
وعبارة "فكر إسلامي"، ولفظ "المساواة"، و"الأديان السماوية".
الباب الثالث:
الأخطاء والأوهام في الدعوة والمنهج والتربية. وقد نبَّه فيه على مواضيع منها:
خلط كثير مِن الدعاة بين الغايات والوسائل، والتعليق على مواقف وأقوال للترابي
والغنوشي وأربكان، والرد على بعض الجماعات الإسلامية ونقد منهجها وطريقتها في
الدعوة إلى الله، ونقد نظرتها للمخالفين بعين الاحتقار، وقد نبَّه كذلك على
مواضيع أخرى منها: الإنكار في المسائل الاختلافية، ونقد عبارة الأستاذ حسن
البنا المشهورة "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه"
وفي آخره نقد بعض الجماعات التي تتخذ من التمثيل والأناشيد طريقا في الدعوة إلى
الله وفيه بيان حكم التمثيل.
الباب الرابع:
الأخطاء والأوهام في التصوف والبدع. وقد نبَّه الباحث فيه على مواضيع منها:
بطلان قصةٍ استدل بها المصنف ناقلا لها من "إحياء علوم الدين" والرد على توسل
بعض الأزهريين بصحيح البخاري في المصائب، والتعليق على الصوفية حين خرجوا
لاستقبال السادات في مطار القاهرة لمَّا رجع مِن "كامب ديفيد" وفيه نبذة عن بعض
الطرق وبيان ضلالها كـ "التيجانية"، والرد على ادعاء بعض الباحثين في مشاركة
المتصوفة في الجهاد ضد الكفار، والرد على بدعة وضع الزهور على القبور.
الباب الخامس:
الأخطاء والأوهام في الكتب والشخصيات. وهو مِن أهم الأبواب في الكتاب وقد تناول
الباحث فيه التعليق على كثير من الكتب مثل: "إحياء علوم الدين" للغزَّالي،
و"رسائل إخوان الصفا"، وكتاب "العقائد" للأستاذ حسن البنا، و"الجواهر الكلامية"
لطاهر الجزائري، و "شبهات وردود" لعبد الله علوان، و"كبرى اليقينيات الكونية"
لمحمد سعيد البوطي، وكتاب "الله جل جلاله"!! لسعيد حوى، و"قصة الإيمان" لنديم
الجسر، و"المأثورات" لحسن البنا، و"في ظلال القرآن" لسيد قطب.
كما حوى هذا الباب التعليق على عقائد ومناهج كثير من الشخصيات مثل: الغزالي
الطوسي، حسن البنا، سيد قطب، البوطي، الكوثري، ابن سينا، أبي يزيد البسطامي،
عبد الوهاب الشعراني، ابن عربي، الحارث المحاسبي، نصير الشرك الطوسي، وغيرهم.
كما حوى هذا الباب التوسع في نقد رسالة العقائد للأستاذ حسن البنا والرد على
مَن اشتغل في إخراجها وطباعتها.
الباب السادس:
الأخطاء والأوهام في أصول الفقه. وقد نبَّه فيه على مواضيع منها: الجهل والعذر
فيه، والرد على الخوارج الذين لا يعذرون الجاهل في مسائل الاعتقاد.
الباب السابع:
الأخطاء والأوهام في المسائل الفقهية. وهو مِن أوسع الأبواب في الكتاب وقد علق
الباحث فيه على كثير من المسائل الفقهية راداً على "علوان" في ترجيحاته مبينا
الصواب في هذه المسائل ومنها: عدم جواز الأذان في أذن المولود وإقامة الصلاة،
جواز كسر عظم العقيقة، العقيقة لا يشترط فيها شروط الأضحية، جواز الرهان مِن
الطرفين في الأمور الشرعية، عدم ورود دليل في تحديد الجار، عدم جواز تعزية
الكافر، لا تحد تعزية الميت بثلاثة أيام، ما يباح للرجل من النظر إلى محارمه،
جواز نظر الزوج إلى فرج امرأته والعكس، صفة التيمم، لا يحرم على الحائض دخول
المسجد، جواز قراءة ومس المصحف للحائض والجنب والنفساء، لا أصل لصلاة الأوابين
التي يصليها بعض الناس بين المغرب والعشاء، الرد على مَن توسل بالنبي r ، عدم
جواز أكل الذبيحة أو الصيد الذي نُسيت فيه التسمية، حل استعمال آنية االذهب
والفضة في غير الأكل والشرب، عدم تحريم الكلام أثناء قضاء الحاجة إلا ما فيه
ذكرٌ لله تعالى، وغيرها من المباحث النافعة.
الباب الثامن:
الأخطاء والأوهام في مصطلح الحديث. وقد علق الباحث فيه على طريقة "عبد الله
علوان" في كتابه وأنه قصَّر كثيراً في كثيرٍ من المسائل المتعلقة بمصطلح الحديث
ومنها: حكمه على الأحاديث دون ذكر سلف له، الجرأة على نسبة الأحاديث إلى النبي
r، عدم مراعاة تقدم الرتبة أو الزمن في التخريج، التقصير في تخريج أحاديث
كتابه، الخطأ في تخريج أحاديث كتابه، الإيهام في التخريج، وغيرها.
الباب التاسع:
الأخطاء والأوهام في الحديث. وقد نبَّه الباحث فيه إلى عدم جواز الأخذ بالحديث
الضعيف ولو في فضائل الأعمال، وقد تتبع الباحث في كتابه الأحاديث الضعيفة
والموضوعة في كتاب "علوان" وقد بلغت حوالي (231) حديثا ، وقد صنع لها جداول
بيَّن فيها الحديث والحكم عليه وبيان مَن ضعَّفه والمرجع في ذلك الحكم. وهو مِن
أنفع أبواب الكتاب.
الباب العاشر:
الأخطاء والأوهام في الاستدلال بالقرآن. وقد نبَّه فيه على خطأ الاستدلال ببعض
الآيات في غير موضعها مثل قوله تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله
والمؤمنون"، وقوله تعالى: "تلك حدود االله فلا تعتدوها".
وبهذا يتم الكلام على هذا الكتاب النافع
الماتع، وقد أخرجه مؤلفه إلى الناس وحصل ردود فعل منها:
1.
أعلنت جريدة "السبيل" عن الكتاب بإعلان مدفوع الأجر (العدد 250، 15-21/9/1998م)
، وقد حصل خطأ في "عدد صفحات الكتاب"، وقد رفضوا إعادة الإعلان عنه أو حتى
التنويه لكثرة ما جاءهم من نقد وعتاب على نشر الإعلان عن الكتاب،. ولعلَّ مِن
باب التذكير أن ننبِّه إلى أنه جاء في العدد نفسه بل وقبله وبعده الإعلان عن
فرق تدَّعي أنها إسلامية للدبكة والغناء "بالدرامز" والدف، ولا منكر عليهم. بل
وجاء في العدد نفسه الإعلان عن قبور الأولياء والصحابة والتي يعلم الناشرون ما
يحصل عندها مِن الدعاء البدعي والذبح لغير الله والصلاة.
2.
رفضت بعض دور النشر والمكتبات الحزبية توزيع الكتاب أو بيعه. مع العلم أن بعضهم
يبيع كتبا أشبه ما تكون بالكتب الجنسية كصور المصارعين وأصحاب كمال الأجسام بل
وفي مكتباتهم كتبٌ لكثيرٍ من الزنادقة والمبتدعة والضالين.
3.
قاطع الإخوان المسلمون دروس المؤلف في إربد وحذروا أفرادهم من حضورها.
4.
اتصل بعضهم يهدد ويتوعد بالمؤلف، هذا عدا عن
السباب والشتم.
عامل الله الجميع بما يستحقون، وهداهم إلى طريق الحق.
ويعرض الكتاب في بعض المكتبات الصوتية مثل تسجيلات بيت المقدس في عمان ،
وتسجيلات شيخ الإسلام ابن تيمية في الزرقاء.