الرد على مَن أنكر عليَّ
تسمية العز بن عبد السلام بالإمام !
الأخ عبد الرحمن السلفي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
1.
لا أدري ما الداعي لمثل هذا السؤال ، لكن لا نلوم من يسأل وقد خرجت ( نابتة )
في هذا الزمان نقدت من غير علم ، وطعنت من غير رحمة ! وقد سارت تلك ( القطعان )
يميناً وشمالاً يقودها ( زمرة ) من ( الرموز البغيضة ) تحذِّر من المصلحين ،
وتسيء للعلماء العاملين من أهل السنة والجماعة ، وليتنا نرى حماسهم هذا في
التحذير من فرق الضلال كلٌّ في بلده ، لكن رأينا سيوفهم مسلطة على العزَّل من
أهل العلم والدين ممن لا يحمي ظهرهم إمام أو سلطان ! وإلا لما رأيتَ كثيراً من
الفتن كما تراها الآن ، والله المستعان .
2.
ولا زال أهل العلم يذكرون مثل هذه الألقاب لمستحقها بغض النظر عن اعتقاده ، إذ
الإمامة ليست هي إمامة أهل السنة حتى يُنكر مثل هذا اللفظ .
3.
والإمامة في وصف الإمام ! العز بن عبد السلام
لستُ أول من ابتدعها ، ولا أول من قالها حتى يُنكر عليَّ أو ألام فيه ، فقد
سبقني إليه علماء وأئمة ، أكتفي – الآن - بذكر أهل السنة ! منهم :
أ . قال ابن العماد الحنبلي :
وفيها (( أي : سنة 660 هـ )) : عز الدين
شيخ الإسلام أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القسم بن الحسن الإمام
العلامة وحيد عصره سلطان العلماء السلمي الدمشقي ثم المصري الشافعي.
" شذرات الذهب " ( 3 / 301 ) .
ب . قال ابن تغري بردي :
وفيها (( أي : سنة 660 هـ )) : توفى
الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام عز الدين أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام
بن أبى القاسم بن الحسن بن محمد بن المهذب السلمي الدمشقي الشافعي المعروف بابن
عبد السلام مولده سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمسمائة .
" النجوم الزاهرة " ( 7 / 208 ) .
ت . قال الشيخان : الألباني وزهير
الشاويش :
" مساجلة علميَّة بين الإمامين الجليلين
: العز بن عبد السلام وابن الصلاح " ( عنوان الغلاف ) .
وقالا :
فهذه مساجلة علمية مفيدة جرت في القرن السابع الهجري بين الإمامين العالمين
الكبيرين : العز بن عبد السلام وأبي عمرو بن الصلاح رحمهما الله تعالى . ( ص 3
) .
وقالا :
هو أبو محمد ، عز الدين ، ... الإمام ، الفقيه ، المجتهد ، الملقَّب بـ " سلطان
العلماء " . ( ص 17 ) .
وقالا :
وما يزال كثير من آثار هذا الإمام العظيم مخطوطاً مبعثراً في المكتبات .
وإنما أكثرت من النقل عن شيخنا الألباني لعلمي بأن كثيراً يكتفون بهذا الإمام
والنقل عنه ، لكن الزيادة في النقل تزيد الثقة والطمأنينة !
ث . قال الشيخ عبد الرحمن المحمود :
الإمام العلَم المشهور ، وهو أحد تلامذة
الآمدي ... .
" موقف ابن تيمية من الأشاعرة " ( 2 / 681 ) .
ومن حيث معنى الإمامة :
ج . قال ابن كثير :
وانتهت إليه رئاسة الشافية وقصد
بالفتاوى من الآفاق .
" البداية والنهاية " ( 13 / 235 ) .
4.
وقد رأيتُ الشيخ ربيعاً قد ذكر في بعض تراجم الأئمة في تحقيقه لكتاب " النكت
على ابن الصلاح " ما يؤيد هذا ، وهو أنه أطلق لفظ " الإمام " على أئمة الأشاعرة
! بل وذكر في تراجمهم بعض كتبهم التي فيها عقائدهم المنحرفة ! وأطلق هذا اللفظ
على من نصر بدعة وألَّف فيها ونافح عنها !
وهاك أمثلة :
أ. قال الشيخ ربيع :
تعريف بالإمام ابن الصلاح ! ( ص 21 ) "
النكت " .
وقال :
رأينا أن الإمام ابن الصلاح قام برحلات واسعة …. ( ص 23 ) .
والعجيب أن ابن الصلاح هو الذي دافع عن صلاة الرغائب المبتدعة والتي تصدى له
فيها : الإمام العز بن عبد السلام !!
ب. وفي " الحافظ العراقي " يقول :
هو الحافظ الإمام الكبير الشهير أبو
الفضل زين الدين … ( ص 27 ) .
وذكر في ابن الصلاح أنه كان سلفيا ، ولم يذكر اعتقاد العراقي مع أنه يعد من
كبار الأشاعرة ! بل ذكر ثناء ابن فهد المكي أنه كان " صالحاً ديناً ورعاً
عفيفاً ... " ( ص 30 ) .
ج. وفي " الحافظ ابن حجر " يقول :
هو شيخ الإسلام ! الأستاذ إمام الأئمة
!! شهاب الدين أبو الفضل أحمد ... . ( ص 35 ) .
بل نقل في ترجمته :
" وكان متبعاً للسنة شديد التمسك بها في جميع أحواله ويدعو إليها بلسانه وقلمه
... " ( ص 45 ) .
وأخطاء ابن حجر وموافقته للأشاعرة معروفة عند أهل العلم السلفيين ، وقد ألِّف
فيها مؤلفات ، مثل مؤلف الشيخ " الشبل " ومؤلف الشيخ " كندو " .
د. وقال في " البلقيني " :
فمن ذلك الثناء ما كتبه شيخه الإمام !
سراج الدين البلقيني تقريظاً ... ( ص 45 ) .
وهو كذلك من رؤوس الأشعرية !!
هـ . وقال في " الباقلاني " :
هو الإمام محمد بن الطيب بن محمد ...
متكلم على مذهب الأشعري !!! ( ص 373 ) .
قال الشيخ عبد الرحمن المحمود :
يعتبر الباقلاني المؤسس الثاني للمذهب الأشعري !!!
" موقف ابن تيمية من الأشاعرة " ( 2 / 549 ) .
و. وفي " القاضي عياض " يقول :
هو عالم المغرب وإمام أهل الحديث في
وقته : عياض بن موسى ... ( ص 370 ) .
وهذا من أعجب العجب ، وهو أن يكون القاضي عياض – وهو من الأشاعرة – إماماً
للفرقة الناجية أو ! الطائفة المنصورة !! فمثل هذا هو الذي ينبغي أن يُنكر .
ز. وفي " البيهقي " يقول :
الإمام الحافظ العلامة أبو بكر أحمد بن
الحسين ... ( ص 386 ) .
وللبيهقي مخالفات كثيرة لاعتقاد السلف ، وللشيخ الغامدي رسالة علمية في موقف
البيهقي من الإلهيات ، ومما ذكره هناك :
11 - مخالفته للسلف في صفات الفعل الخبرية ، حيث ذهب إلى تأويل بعضها ، وتفويض
بعضها الآخر ، زاعما أن التفويض في ما فوض فيه هو مذهب السلف. وقد بينت فساد
قول من نسب التفويض والتأويل إلى السلف ، مبينا أن مذهب السلف هو الإثبات
الحقيقي لجميع الصفات إثباتا لا تأويل فيه ولا تفويض ولا تشبيه.
12 - أن البيهقي يختلف مع السلف في جميع ما يتعلق بصفة الكلام التي أثبتها ، من
القول بأن الكلام نفسي قديم وأنه بدون حرف ولا صوت وأنه معنى واحد . وقد ناقشته
في جميع هذه المسائل وبينت خطأ ما ذهب إليه وصحة مذهب السلف. وبينت أن رأيه في
كلام الله تعالى هو عين مذهب أصحابه الأشاعرة ، وأن حقيقة مذهبهم في القرآن لا
يختلف عن مذهب المعتزلة إلا بنفيهم أن يكون هذا القرآن الذي نقرأه هو كلام الله
الحقيقي.
" البيهقي وموقفه من الإلهيات " للدكتور أحمد بن عطية الغامدي ص 331 – 333 .
وقال الشيخ عبد الرحمن المحمود :
4-
دافع البيهقي عن علم الكلام ، ولما ذكر أقوال الشافعي المشهورة في ذم الكلام
وأهله : علَّق البيهقي على ذلك مبرراً ما فعله العلماء من الأخذ بالعقل أو علم
الكلام ، وفي مناقب الإمام أحمد أنه قال بتأويل بعض نصوص الصفات ، ولما ذمَّ
الشافعيُّ الصوفيَّةَ دافع البيهقي عنهم ، بل ونقل إباحة أنواعٍ من السماع !!!
" موقف ابن تيمية من الأشاعرة " ( 2 / 589 ) .
5.
وقد استعمل العلماء لفظ " الإمام " ولو كان لمخالفٍ لعقيدة السلف اعترافاً منهم
بتقدمه في العلم أو وصفاً لحاله بين أتباعه ، ومن الأمثلة :
أ . قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن " ابن
حزم " :
السموات مستديرة عند علماء المسلمين وقد
حكى إجماع المسلمين على ذلك غير واحد من العلماء وأئمة الإسلام مثل أبى الحسين
أحمد بن جعفر بن المنادى أحد الأعيان الكبار من الطبقة الثانية من أصحاب الإمام
أحمد وله نحو أربعمائة مصنف ، وحكى الإجماع على ذلك : الإمام أبو محمد بن حزم
وأبو الفرج بن الجوزي .
" مجموع الفتاوى " ( 6 / 586 ) .
ب. قال الذهبي عن " الباقلاني " :
الإمام ، العلاَّمة ، أوحد المتكلمين ، مقدم الأصوليين ... " .
" السير " ( 17 / 190 ) .
6.
وأما توقيت المقال : فلأن بعض ( النابتة ) تظن أنه يجب هدر كل من تلبس ببدعة
وأخطأ في مسألة ، والعلماء من السلف الصالح ما عرفوا هذا ، بل أعطوا كل واحدٍ
حقَّه ومستحقَّه ، ولم يمنعهم ثناؤهم من تبيان خطئهم لكن بأدب وعلم وهو (
المفتقد ) الذي نبحث عنه !
ولأبيِّن تناقض أولئك القوم في ثنائهم على من تلبس ببدعة ( أحياناً ) وهدر من
شاؤوا ( أحايين ) كثيرة !!
ولأبيِّن مدى عنتهم وشدة غبائهم في تقييم الناس والتحذير منهم ، فقد رأيتُ من
يستدل بكبار أهل العلم ممن تلبس ببدعة الأشعرية أو التصوف أو التجهم أو الإرجاء
! وعندما يأتي كلام لبعض المعاصرين ممن يخالفونهم – زعموا ! – في المنهج ! لا
في العقيدة يضع بين قوسين " مع مخالفتنا له " أو " مع تحذيرنا من الكاتب من كذا
" أو ما شابه تلك العبارت الغبية ! التي لم يذكرها فيمن تلبس ببدعة ممن قد تمشي
بدعتهم على العامة بسبب الثناء والمدح لهم .
وإني لأتخيل أن يأتي يوم على هؤلاء المرضى ، فيكتب أحدهم :
[[ قال الحافظ ابن حجر ( مع التنبيه على أن له أخطاء في العقيدة والحديث
والرجال والفقه وقد نبه على أخطاء العقيدة ... ) : قال السيوطي ( مع التنبيه أن
للسيوطي مقالات وفتاوى لا نرضاها ! وله تصوف نبَّه عليه بعَض إخواننا ! ... ) :
روى الترمذي ( مع التنبيه أن الترمذي متساهل في التصحيح كما قال شيخنا ... وفي
كتابه أحاديث ضعيفة ... ) ... وقد فصَّلت الكلام في كتابي " فتح الباري " ( مع
التنبيه أن على كتاب " فتح الباري " ملاحظات وقد بيَّنها الأئمة ... ونحذِّر من
الاغترار بمن ردَّ على الحافظ ! ابن حجر في مسألة الإيمان من خوارج العصر !!
... ]] .
وهذا منهج دخيل على الشرع وعلماء الشرع ، وقد حاول بعض المهووسين به الإنكار
عليَّ في " مجلس الشيخ ربيع " لما علم أني صاحب كتاب " نقد عبد الله علوان "
وأنكر عليَّ الاستدلال بكلام شيخي عمر الأشقر !! فقلت : وما وجه الإنكار ؟ قال
: هو من الإخوان المسلمين ! فقلت : وماذا فيها ؟ وهل رأيتني نقلتُ عنه باطلاً ؟
قال : لا ولكن كان ينبغي أن تنبه على هذا (( من جماعة التنبيه السابقة !!! ))
فقلت : لا يلزمني ، ولم أر أحداً من أهل العلم فعل هذا لا قديماً ولا حديثاً ،
قال : طيب ، نبِّه ! (( عقدة التنبيه )) على هذا في المقدمة ! قلت : ولا حتى
هذا يلزمني ! فقلَّ أدبه فأعطيتُه (( المقسوم )) ! وكل ذلك والشيخ ربيع يستمع ،
ثم استدللتُ بوهاء كلامه على فعل الشيخ ربيع نفسه في كتبه ، ووجهت للشيخ ربيع
السؤال إن كان يعرف هذا المنهج في التأليف عن أحدٍ من أهل العلم !
فتوجه إليَّ الشيخ بالكلام وقال : هذا الأخ أنا أعرفه هو سلفي ، ولكن هذا منهج
الحدَّادية - أو : الحدَّاد - !!! فبهت الرجل ! ورجع خائباً وخرج كذلك .
7.
وأنا لا أدافع عن بدعة ولا ضلالة لكن أدافع عن صاحبها إن ظلمه الظالمون
وتعدَّوا عليه بغير بيان ما هو عليه ، أو حاولوا إهداره ونبذه ، ولو أنهم طبقوا
منهجهم هذا مع الجميع ما بقي لهم أحدٌ !! فلماذا يسكتون عن أئمتهم وعلمائهم ،
ويطيلون ألسنتهم ويسلون سيوفهم على غيرهم ، وقد يكون خطأ أئمتهم في ( العقيدة )
وخطأ غيرهم في ( المنهج أو الدعوة ) ؟؟؟!!!
أرجو أن يكون هذا البيان واضحاً لك ولمن أراد أن يستفيد ، ولولا ثقتي بكم وعلمي
بأنكم أهل لأن أرد عليهم ما فعلت هذا .