اطبع هذه الصفحة


قوانين التعلم عند السلف
قانون العلمُ دِينٌ

السعيد صبحي العيسوي
@esawi_said

 
بسم الله الرحمن الرحيم


تضافرَت الأدلَّة حاثَّةً على طلب العلم والأمر به، والثَّناء على طالبه؛ فصار عِبادة.

وإذا تقرَّر كونُه عبادةً، انبنى على هذا أمور:


الأول: طلب العلم للتعبُّد لا التثقف والجدال:
فإنَّ غاية أمر العِلم أن يكون دالًّا وهاديًا إلى عبادة ربِّ العالمين سبحانه، وليس كلامًا ونقولًا تصخ المسامعَ في كظيظ المجامع، بلا غايةٍ عمليَّة تهدي الطالب والسَّامع، بل المؤمَّل منه أن يأخذ بناصية الطالب إلى التعبُّد والتألُّه، وإلَّا فهو رسمٌ وعاريةٌ، وما أكثر ذلك في زماننا!

علامة طلب العلم للتعبُّد:

1- أن يفوق قَسْمُ الطالب من العمل قَسْمَه من الدعاوى والتَّحديث، وإلَّا فما أكثرَ من يتحدَّث به ويدَّعي تحصيله، وأقلَّ من يَعمل به!

2- التغاضي عن زهرة التَّنظير وحلاوة التَّسميع، إلى الدلالة على العلم والعملِ، وتحصيل النافع لأمَّته.

ومن مقاصد طلب العلوم كونه وسيلة إلى التعبُّد به لله تعالى، يقول الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى: كلُّ علمٍ شرعي فطلب الشارع له إنَّما يكون من حيث هو وسيلة إلى التعبُّد به لله تعالى.

الثاني: تَعظيم العلم وإكرام أهله وطلبته:

ذلك أنَّ إدراك العلم مَنوط بتعظيمه، وتعظيمُه لكمال هَيبته ومكانته؛ فإنَّه من أشرف المعارف، وهو أولى ما شمَّر لإدراكه مُشمِّر، أو تفرَّغ لنيله طالِب.

وتعظيمه لعزَّة جنابه؛ إذ يستمدُّ عظمتَه وعزَّته من عزَّة القرآن والسنَّة، وعلى قَدر تعظيمه يرسخ في القلب، ويجلُّ قدر حامله، ويكون أرجى لثباته وإتقانِه.

وأقبِحْ بطالب عري عن تعظيم العلم وإكرامه؛ فلا يرى له حرمةً وفضلًا، ولا فرق عنده بين كتاب علم وأدوات دبَّاغ!

وإذا تأمَّلتَ واقعَ كثير من طلاب العلم رأيتَ العجب؛ فترى مادًّا رجليه في وجه معلمه، وآخر شغله جوَّالُه، وثالثًا يقضم الأظفارَ كأنَّما ملَّ الحديث، وسئم الأسفار! فأين هؤلاء من تَعظيم العلم وإكباره؟!

ورأيتُ في بعض المجالس من يتصفح (الإنترنت) في المجلس!

وآخر دخَل المجلسَ فرمى الكتابَ وهو واقف ليتنفَّل، فأحدث ضجَّةً عظيمة! فأين هؤلاء من تعظيم العلم وتكريم أوعيتِه (الكتب)؟!

ومن عدم التعظيم للعلم الغَفلة عن التدبُّر في ألفاظه ومعانيه، واستنشاق جميل أثره في القلب.

وانظر إلى لطيفةٍ نبَّه عليها القرافيُّ رحمه الله تعالى حيث قال:

ولا يَنبغي أن يضع هذه اللَّفظة ونحوها (يقصد عبارة: الله أعلم) إلَّا ناويًا بها ذِكرَ الله تعالى؛ فإنَّ استعمال ألفاظ الأذكار لا على وجه التعظيم والذِّكر لله تعالى قلَّةُ أدَب مع الله تعالى؛ فينهى عنه، بل ينوي به معناه الذي وُضع له لغة وشرعًا.

هذا، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه.

 

السعيد العيسوي
  • قولٌ في العلم وطلابه
  • الأبحاث العلمية
  • التعريف بالكتب المطبوعة
  • منتقى التغريدات
  • الصفحة الرئيسية