اطبع هذه الصفحة


(23) فكرة لإسعاد الأحفاد للأجداد

بقلم أ.د/فيصل بن سعود الحليبي ـ الأحساء
@Dr_fisal_holibi


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فلقد كانت لي أطروحة في برنامج: (اللهم بك أصبحنا) عبر أثير إذاعة القرآن الكريم بعنوان: (الجد والجدة نور البيت)، وذلك قبل عدة سنوات، وكان لها صدى طيّبًا ولله الحمد، ثم نشرتها في مقالة بالعنوان نفسه، ثم شاء الله تعالى أن أشارك بها في مبادرة حملت نفس العنوان، في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة جدة، وذلك في تاريخ 19/ شعبان /1442هـ، ضمن عدة مشاركات عالمية مميزة، باللغتين: العربية والإنجليزية، كانت محفلاً متوجًا بالبر والإحسان للجدات والأجداد، فجزى الله خيرًا كل من سعى في هذه القيمة الفاضلة، والمعروف النبيل.

ولما تركته المبادرة من نجاح مبهر في جزئها الأول، استكمل الفريق التطوعي في القسم مسيرته في تعزيز تكريم أجدادنا وجداتنا، فقدموا جزءًا آخرًا من المبادرة في الأسبوع الذي يليه 28/8/1442هـ، وكرروا الطلب مني للمشاركة؛ وأشكرهم على حسن ظنهم، فجعلتها بعنوان: (23) فكرة لإسعاد الأحفاد للأجداد.

وأرجو من كل من يقرأها أن يمدني بالمزيد من الأفكار المبتكرة لإدخال السعادة على قلوب من لهم فضل كبير علينا وعلى آبائنا وأمهاتنا.

فهذه أطروحة تكمل سابقتها، وفيها عدة أفكار، ليس شرطًا أن تناسب كل أجدادنا وجداتنا، بل ربما يناسبهم بعضها دون بعضها الآخر، حسب ظروف كل واحد منهم، لكنها باقة ملونة، يأخذ منها الأحفاد ما يروق أو يناسب الأجداد، ولم أرتبها ترتيبًا معينًا، بل جاءت عفوية، عسى الله أن ينفع بها:


1-
اختيار الوقت المناسب لزيارتهم؛ بحيث لا نزورهم في وقت يتضايقون فيه؛ لكونه وقت راحتهم، مهما كان هذا الوقت أنسبَ لنا ولأعمالنا، فهم أولى منا بالمراعاة.

2-
أن يكونوا أول من نبشرهم بالأخبار السارة، مثل: النجاح، أو الحصول على شهادة أو ترقية أو مولود، أو خطبةِ زواج، أو تحقيق هدف مميز؛ ليكونوا هم من يسعد بإخبار أفراد الأسرة، وليشعروا بتوقيرهم والاحتفاء بهم بتخصيصهم بهذه المسرَّات.

3-
أن نطرح عليهم بعضَ الأخبار المجتمعية الجميلة؛ ونستدعي آراءهم وتعليقهم عليها، ونظهر في ذلك الحرصَ والاستفسار منهم حول ما يطرحونه من آراء وتعليقات.

4-
أن نختار كتابًا ماتعًا سهلاً، نقرأ عليهم منه جزءًا يسيرًا في زيارة دورية، مثل كتاب: رياض الصالحين، أو في معاني أسماء الله الحسنى، أو سيرة النبي e، أو ديوان شعر كديوان الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ أو نحو ذلك، من دون إثقال عليهم، ونتوقف عند شعورنا بمللهم أو تعبهم أو انشغالهم.

5-
اصطحابهم في سفر مناسب لهم، كعمرة أو سياحة، أو نحو ذلك، ونتفرغ لخدمتهم، وتهيئة ِكل شيء لهم.

6-
تحضير بعض الوجبات الرئيسة اليومية بين الفينة والأخرى، ومشاركتهم فيها.

7-
استلهام سيَرهم الذاتية بشكل عفوي عبر حديث ماتع معهم، وكتابتها بشكل تدريجي، تبدأ منذ الولادة حتى آخر لحظة، ثم قراءتها عليهم بين الحين والآخر.

8-
مشاركتهم في مشاهدة مواد علمية أو فكاهية إعلامية، ومؤانستهم بها.

9-
صحبتهم في الذهاب إلى المسجد للجمعة والجماعات والأعياد ومواعيد المستشفيات، أو اللقاءات العامة، والمناسبات الاجتماعية المختلفة، فلا أرى من المناسب أن يدخل الجد أو الجدة بمفردهم، وقد رزقهم الله الأحفاد؛ إذ أنهما في أمس الحاجة من يرعاهما في ذهابهما وإيابهما، فهما في حاجة إلى المساندة والملاحظة؛ تحسبًا لأي ظرف.

سلامٌ على الدنيا فما هي راحةٌ --- *إذا لم يكن شملي وشملُكمُ معا


10-
صحبتهم ـ أيضًا ـ لزيارة بعض أصدقائهم، ففي هذا إمتاع لقلوبهم؛ ففيها يستذكرون الذكريات الجميلة، والمواقفَ الطريفة، وتعود على خواطرهم بالأنس والسعادة.

11-
مرافقتهم لزيارة بعض الأماكن السياحية الحديثة أو الأثرية، أو زيارة الحارة القديمة التي كانوا يسكنونها، وترك المجال لهم بالتحدث عنها وعن تفاصيلها، وعن أهلها، وجيرانهم فيها، وما جرى فيها من أحداث وقصص.

12- إذا كانا ممن يتعامل مع التقنية ولو بجزء منها، فحسن أن نفاجئهم برسائل التقدير والحب والعرفان، وصور معبرة عن ذلك؛ وذلك عبر برامج التواصل الحديثة؛ فإن لهذا أثر بالغ قد لا نستطيع قياسه.

13-
وإذا كانا ممن يتعامل مع التقنية، فحسن أيضًا أن نعلمهم بعض الخدمات التقنية التي يتسلون بها، أو يقضون بها بعض حوائجهم بيسر وسهولة، مثل: المتاجر الإلكترونية، أو تسديد الفواتير، أو الاستمتاع بالمرئيات والمسموعات المفيدة والمسلية.

14-
إذاقتهم بعض الأطعمة الحديثة ـ بشرط أن تناسبهم صحيَّا ـ من باب التجديد عليهم مما تعودوه من الطعام.

15-
أخذ مشورتهم بكل اهتمام في بعض القضايا التربوية والاجتماعية التي تعرض في تعاملنا مع أولادنا وأسرنا، مع الأخذ في الاعتبار فارق الزمن واختلاف الأحوال.

16-
مفاجأتهم بالهدايا، لمناسبة أو بدونها، فيكفي أن نهديهم لأنهم أجدادنا وجداتنا.

وكلُّ سعيٍ سيجزي اللهُ ساعيَه --- هيهاتَ يذهبُ سعيُ المحسنينَ هَبَا

 
17-
إهداء الأعمال الإبداعية لهم، مثل: كتابة إهداء في صدر كتاب، أو اختراع، أو منتج عملي.

18-
دعوتهم لافتتاح مشروع أو مؤسسة أو محل تجاري، بحيث يكون على شرفهم.

19-
الدعاء لهم أمامهم في دخولنا عليهم، وخروجنا منهم، وفي ظهر الغيب، بقلب حاضر، ويقين في الله تعالى أن يستجيب، وخصوصًا في حالة معاناتهم.

20-
مراجعة محفوظاتهم من القرآن الكريم، أو السنة النبوية، أو الأشعار، أو مراجعة قواميسهم اللغوية إذا كانوا ممن يتحدث اللغة الإنجليزية ـ مثلاً ـ بالتحدث معهم بها؛ تجديدًا للثقة في استذكارهم لها.

21-
شراء (المفرِّحات) من المشروبات والمأكولات المفيدة التي يحبها الأطفال، بحيث تكون لديهم؛ لأنهم يحبون أن يفرحوا الأطفال بها، فنكفيهم مؤونة شرائها، وهذا محل إسعاد لهم يعرفه من جربه.

22-
إذا كان بعض الأحفاد أو الحفيدات في سفر بعيد أو طويل كابتعاث أو نحوه، فما أجمل أن يتواصلوا مع أجدادهم بالتواصل الحديث؛ ولا يكتفون بالتواصل مع آبائهم وأمهاتهم الأقربين فقطـ، فهذا فيه غاية التقدير والطمأنينة لهم.
وتذكروا أن أجدادكم وجداتكم ينادونكم قائلين:

‏ياغائبينَ عنِ الأنظارِ ترقُبكم --- ‏نفسٌ تحِنُ وعينٌ تشتهي نَظَرآ
‏جودوا عليَ بلقياكُم أو اتصلُوا --- ‏كَيْ أسمعَ الصوتَ يحكي عنكمُ الخَبَرآ
‏أو أضعفُ الوُدِ شيءٌ من رسائِلكمْ --- ‏فإنّ أرضي جفافٌ ترتجي مَطرآ([1])


23-
أن نقف معهم وقفة البر والعرفان في أحلك الظروف والأزمات، سواء أكانت صحية أو مالية أو نحوها، ولا يحق للأحفاد التواكل في هذا الشأن، بل على الأحفاد البررة أن يتسابقوا إلى ذلك، فالميدان ميدان مسارعة، قال سبحانه: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين}[آل عمران:133].
وكم من المؤسف أن نسمع شكوى الأجداد من جفاء الأحفاد، يحنون إليهم، وهم في تشاغل عنهم، ولا يزيد الأجدادَ هذا الجفاءُ إلا شوقًا إليهم، وحبًا لهم، وكأنَّ أحدهم يناجيهم فيقول:

ويحن قلبي في لقاء أحبتي --- ‏إن المحبةَ نعمةٌ ووفاءُ
‏أشتاقُ من يحنو عليَّ بعطفهِ --- ‏‏يا فرحتي فمتى يحينُ لقاءُ
‏أين الذين أحبهم وأودّهم --- غابوا وغابتْ عنهمُ الأنباءُ
‏فلهم سيبقى الحبُ فيّ مخلدًا --- من حبِهم يحوي الفؤادَ هناءُ
‏سلِّم عليهم إنْ رأيتَ ركابَهم --- ‏فهمُ إذا حلّ الظلامُ سناءُ([2])

 
هذه جملة من الأفكار، قابلة للزيادة والإبداع، فهنيئًا لمن منح آباءه وأمهاته إبداعه ووقته.
 

دعاء:

اللهم بارك لأجدادنا وجداتنا في أعمارهم، وصحتهم، وأقوالهم وأعمالهم، وأطل أعمارهم في طاعتك، وارزقنا برهم والإحسان إليهم ما أحييتنا، واجعل ذلك في رضاك، وارزقنا بر أولادنا بنا، واجعلهم قرة عين لنا، واحفظ علينا أمننا ورخاءنا وخيراتك علينا، إنك أنت الجواد الكريم.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
 

-----------------------------------------
([1]) أبيات للشاعر أنس نوفل.
([2]) أبيات للشاعرة أ.سميرة العتيبي، نقلتها من حاسب (مجالس أدبية) في تويتر.


 

د.فيصل الحليبي

  • مقالات
  • حوار مع القلوب
  • استشارات أسرية
  • كتب دعوية
  • الخطب المنبرية
  • مختارات صوتية
  • الصفحة الرئيسية