اطبع هذه الصفحة


أريد الزواج.. وقيود المجتمع تحاصرني

د. فيصل بن سعود الحليبي


السؤال:

لم أقتنع أبدا بطريقة اختيار الزوجين لبعضهما في مجتمعنا، والتي تتم عن طريق الأهل أو مجالس النساء، فهي لا تتيح للطرفين المعنيين بالأمر أن يتعرفا على بعضهما، وأن يدركا أنهما يتوافقان مع بعضهما أو لا؛ وأرى أن هذه الطريقة أحد الأسباب في ارتفاع نسبة الطلاق من جهة، وتأخير سن الزواج من جهة أخرى، وأنا لا أعرف كيف أتجنب هذه الطريقة في مجتمعنا المغلق؟ وكم هو جميل أن يتيسر لي الزواج من مسلمة في مقر إقامتي المؤقتة، ولكن الأنظمة الوطنية تمنع ذلك. فما العمل؟ فالطريقة الوطنية للاختيار لن أخطوها، والزواج بغربية ممنوع اجتماعيًّا ونظاميًّا وليس شرعيًّا؟ ولا أخفيك أني وجدت فتاة غربية مسلمة ملتزمة أيما التزام، لدرجة أن الكثير من طالبات الجامعة أسلمن على يديها وأيدي زميلاتها المسلمات الأخريات.

الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أخي الكريم وفقك الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله تعالى أن يدلك على الخير والصواب في اختيار زوجتك.

وما ذكرته من طريقة الزواج عن طريق الأهل ومجالس النساء ليست طريقة (وطنية) كما وصفتها، وإنما هي موجودة في عدد من بلاد المسلمين، وخصوصًا في المدن المحافظة، وهذه الطريقة تضمن في الغالب صيانة الفتاة من اللعب أو الابتذال، فتخيل معي -يا رعاك الله- أن كل شاب فكَّر أن يتزوج بهذه الفتاة أخذ يحادثها ويتعرف على كل ما يتصل بحياتها وربما حياة أهلها، ثم لم يعجبه منها شيء ولو يسير، ثم مضى وتركها، هل تخيلت هذا لأختك مثلاً!!! عفوًا.. ماذا سيترك ذلك في نفسها، وماذا سيؤثر على أسرتها، وهل سيكون كل شاب مثلك يحمل أمانة السر، ويحفظ لسانه عن العيوب؟؟!! إن الشاب لن يعتريه شيء ولن يؤثر عليه شيء، ولكن ستبقى الفتاة أسيرة لكل شاب اطلع على أحوالها وتفاصيل حياتها، مرة شاب يستر.. ومرة شاب يفضح.. وهذا لا نملكه ولا تملكه، فالنفوس تختلف، والأطباع أشكال وألوان..
أخي الفاضل، إن الشارع الحكيم لم يمنع الرجل أن يسأل عن أخلاق الفتاة، ويستخبر عن أحوالها بما يظهر للناس من قريباتها وزميلاتها بما يكفي لحياة زوجية كريمة، وأما المظهر والشكل فقد شرع لمثل هذا الرؤية الشرعية، التي من خلالها ينظر الرجل فيها لما يظهر من المرأة في العادة من وجهها ونحرها ويديها ونحو ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (انظر إليها؛ فهو أحرى أن يؤدم بينكما)، فماذا يريد الرجل أكثر من هذا ليبحث عن الزوجة الصالحة!!
صدقني إن ما نشاهده ونقف عليه هو أن جملة ليست بالقليلة من الزواجات التي يكون فيها لقاء بين الرجل والمرأة (للتعرف) كما يزعمون هي في النهاية فاشلة، لما يقع من كثرة اختلاف وجهة النظر، والبحث عن الخبايا التي تثير المشكلات. وهل الشباب على درجة واحدة من الإيمان والثقة حتى يتركوا يتنقل أحدهم بين هذه الفتاة وتلك، بل إنني لن أكون مبالغًا حينما أقول لك بأن عددًا من الشباب من هذا الباب [باب التعرف]، أو كما يطور الأمر بعضهم إلى ما يسمى بـ [ الحب قبل الزواج] يغري الفتاة بالزواج ويمنيها بالأمنيات الطويلة العريضة حتى تُصَدِّق فتمكنه من نفسها بالحرام، ثم يتركها كالفريسة المذبوحة!! فكر مليًا فيما ذكرت، وطبقه ليس على نفسك، بل على قريباتك حفظهن الله تعالى من كل سوء..
أما الزواج من خارج بلدك، فهذا يحتاج منك إلى دراسة متأنية، تنظر في أبعاد اختلاف الأطباع، وطريقة الحياة وإمكانية استمرارها مع ذلك كله، والصلاح قبل ذلك كله، ويمكنك أن تقدم طلبًا بذلك للجهات المسؤولة، فلربما أجيب طلبك كما نسمع بذلك عند الآخرين، فالدولة تحد من ذلك، وتجيزه كما أظن لأحوال خاصة.

 أعانك الله، وسدد على الخير خطاك، ووفقك إلى ما يحبه ويرضاه.


 

د.فيصل الحليبي

  • مقالات
  • حوار مع القلوب
  • استشارات أسرية
  • كتب دعوية
  • الخطب المنبرية
  • مختارات صوتية
  • الصفحة الرئيسية