اطبع هذه الصفحة


كشمير .. القضية المنسية
6/7/1428هـ

أحمد بن حسين الفقيهي

 
الخطبة الأولى :
عباد الله :جرح قديم وغائر في جسد الأمة الإسلامية، قل من يتحدث عنه فضلاً عن معرفة تفاصيله وأبعاده ، فهو جرح قديم يضاف إلى الجراحات الساخنة التي أصابت جسد الأمة الإسلامية.
أيها المسلمون : إن حديثي إليكم اليوم سيكون عن كشمير الجريحة تلك القضية الإسلامية المنسية التي بدأت قبل القضية الفلسطينية، فاليهود احتلوا فلسطين عام 1948م، والهندوس احتلوا كشمير عام 1947م.
عباد الله : إن قضية كشمير من أكثر القضايا شبهاً بالقضية الفلسطينية، فهناك قوة احتلال ذات طابع استيطاني ترفض الاعتراف بحق أهل البلاد الأصليين في الحرية والاستقلال، وهناك قوة تحرير وطني يقودها المجاهدون لانتزاع حقهم في تقرير مصيرهم وإعادة بلدانهم المغتصبة، وهناك إعلان للجهاد من منطلق إسلامي لاستعادة الحقوق المشروعة للشعبين من القوى الاستعمارية وهناك ما يمكن أن نطلق عليه : انتظام صفوف قوى الاستكبار المجرمة في مواجهة جهاد المسلمين لاستعادة أوطانهم المحتلة.
عباد الله : في عام 1947م قررت بريطانيا انسحابها من القارة الهندية بعد تقسيمها إلى دولتين هما الهند وباكستان، وتركت بعض الولايات منها كشمير لكي تنضم إلى أي دولة وفقاً لرغبة جماهيرها وشعوبها، وكانت كشمير ذات أغلبية إسلامية غير أن حاكمها هندوسي فنشأت القضية منذ ذلك الوقت حيث دخلت القوات الهندية واحتلت ثلث الأراضي الكشميرية ثم قامت بممارسة العنف والاضطهاد لمنع الشعب المسلم من المطالبة بتقرير مصيره ، وقد نشبت بين الهند وباكستان لأجل هذه القضية ثلاثة حروب كانت نتيجتها انفصال بنجلادش عن باكستان، وإصدار مجلس الأمن الدولي قراراً يعطي الشعب الكشميري الحق في تقرير مصيره ذلكم القرار الذي كانت وراءه الحكومة الهندية نفسها.
أيها المسلمون : قامت الهند بعد احتلالها ثلث كشمير بممارسة العنف والاضطهاد لمنع الشعب المسلم من المطالبة بتقرير مصيره وفقاً لقرار الأمم المتحدة الصادر في عام 1949م وقد بلغت الوحشية الهندوسية ذروتها منذ بدء الانتفاضة والمقاومة عام 1990م حين أصدر البرلمان الهندوسي قراراً يسمح لقوات الاحتلال في الولاية باستئصال المسلمين وقتلهم عشوائياً، والزج بهم في غياهب السجون ومراكز التفتيش والتعذيب، إضافة إلى ذبح أطفالهم وحرق شبابهم أحياء، وهتك أعراض نسائهم ، ونهب أموالهم، وإحراق بيوتهم ومنازلهم ومزارعهم حتى أصبح الشعب هناك يعيش تحت الإرهاب والحكم العسكري، بحجة أنهم إرهابيون، والحقيقة أنهم لا ذنب لهم إلا أنهم يطالبون بتقرير مصيرهم الذي وعدوا به من المنظمة الدولية " وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد* الذي له ملك السموات والأرض والله على كل شيء شهيد ".
عباد الله : لقد أوجدت الحكومة الهندوسية في تلك البلاد المكلومة أكبر نسبة وجود عسكري في أي منطقة في العالم حيث يزيد عدد أفراد قوات الاحتلال هناك عن سبعمائة ألف جندي بما يعادل جندي واحد لكل سبعة أشخاص ، ولقد استعان الهندوس في سبيل مكافحة الانتفاضة الكشميرية بتجارب غيرهم من الدول فاستعانوا بإستراتيجية اليهود والروس ومحاكم التفتيش في التعامل مع المسلمين وأرسلت القيادة الهندوسية خبراء كبار لأسبانيا لدراسة السياسة التي اتبعها حكامها السابقون ضد المسلمين أيام محاكم التفتيش، ثم توجه أحد كبار ساستهم إلى الاتحاد السوفيتي ودرس أيضاً الأساليب الروسية في مقاومة المسلمين، وبعد هذا خرجت الحكومة الهندوسية بضرورة محاربة التعليم الإسلامي، وطمس هوية كشمير المسلمة، ونشر التعليم العلماني، وتشجيع الحركات العلمانية على حساب الحركات الإسلامية خاصة بعد بدء الانتفاضة في كشمير.
أيها المسلمون : إن انتهاك الحكومة الهندوسية لحقوق الإنسان الكشميري شهد بها القاصي قبل الداني والعدو قبل الصديق فقد وصف التقرير السنوي لحقوق الإنسان الصادر في عام 1998م وصف الهند بأنها رائدة وبامتياز في مجال انتهاك حقوق الإنسان في العالم ، حيث تتفوق على الكثير من الدول بانتهاكاتها الواسعة والمتعددة الوجوه والأشكال لحقوق الإنسان ، وهاهو صحفي أمريكي يصف ما يحدث في كشمير بقوله : إن ما يحدث في كشمير المحتلة ليس له مثيل في أي مكان آخر ، وهو أسوأ مما يحدث في البوسنة ، ففي البوسنة يوجد على الأقل مناطق آمنة للمسلمين ، غير أنه لا يوجد للمسلمين ملاذ ألبتة في كشمير .
عباد الله : استأذنكم في جعل لغة الأرقام تتحدث عن بعض مالاقه ويلاقيه أخواننا في كشمير :
- بلغ عدد الشهداء أكثر من سبعين ألف شهيد ، وقد فاق عدد الجرحى أكثر من ثمانين ألف جريح ، أما المعتقلون فقد وصل عددهم إلى أكثر من سبعين ألف معتقل ، وهناك أكثر من نصف مليون عائلة نكبت في فقد عائلها ، ولقد نفذ الاحتلال الهندوسي منذ الاستقلال وإلى الآن أكثر من أربعين ألف مجزرة تم خلالها هدم عشرات الآلاف من المساجد والمدارس والمتاجر ، ويزداد الوضع سوءاً يوماً بعض يوم و تحمل لنا الأخبار أنباء الاعتقالات والاغتيالات والمداهمات ، ويتساقط الشهداء الواحد تلو الآخر ، وكل ذلك يحدث تحت سمع الحكومة الهندية وبصرها ، بل برعايتها بصورة مباشرة وما هدم المسجد البابري التاريخي إلا دليل حي على تلك المآسي ، بالرغم من ان هذا المسجد لا تقام فيه الصلاة إرضاء لمشاعر الهندوس منذ عام 1948م عند انفصال الهند عن باكستان .
أيها المسلمون :هل حركت هذه الأرقام التي تبعث على الحزن والأسى شيئاً ولو قليلاً من مشاعر الغرب ومزاعمه في مناصرة حقوق الإنسان ، فلا يكاد يمر يوم واحد دون أن ينتهك الهندوس بكل شراسة حقوق الإنسان في ذلك البلد الصامد ، دون أن تتعرض حكومتهم لضغط دولي ، ولو بوضعها على قائمة الإرهاب ، فالنظام العالمي الجديد يقف في صف كل من يقف ضد الإسلام ويشوه صورته ، وهذا واضح من القرارات التي أصدرها مجلس الأمن في قضية فلسطين وكشمير والبوسنة وغيرها من القضايا الإسلامية .
وإننا عباد الله : نبالغ في حسن الظن بمجلس الأمن عندما نلجأ إليه ونتوقع منه أن ينظر إلى قضايانا بعين العطف أو على الأقل بعين العدل والإنصاف ، ويغيب عن أذهاننا حقيقة مهمة، وهي أن أعضاء المجلس الدائمين يهمهم أول ما يهمهم مصالح بلدانهم الخاصة ، وقد كتبت مجلة أمريكية تقول : أن انتهاكات الهند لحقوق الإنسان مروعة وبشعة لكنها تثير سخطاً أقل لدى الرأي العام الأمريكي وأعضاء الكونجرس وذلك بسبب واضح من وجهة نظرنا نحن وهو أن الضحايا في الهند هم من المسلمين في جميع الأحوال ، والمصالح الأمريكية مع الهند هي من الضخامة بحيث لا يمكن التضحية بها من اجل الأخلاقيات والمثل .
يا مسلمون :
نحن في عالم يحركه البغي * فيمضي ، شعاره التدمير
نحن في غابة يموت بها الحق * ويسطو على الصغير الكبير
عالم اليوم قبضة تلطم الحق * وساق إلى الدمار تسير
كم دماء تراق ظلماً فأين * العدل منها ، وأين منها الضمير
أين حرية العقيدة والفكر * وأين الرضى ، وأين الحبور ؟
ليس منها في عالم اليوم إلا * كذب المرجفين والتزوير
يا زماني متى ينجلي الظلام عن الكون * ومتى يسعد الفؤاد البشير

الخطبة الثانية :

عباد الله : كنا نخاف الجيش الهندي في الماضي ، ولكننا اليوم لا نخافه ، لأن الجندي الهندي عنده ( الكلاشن ) وعندنا اليوم مثلها ، فإما الاستقلال وأما الشهادة ، بهذه الكلمات نطق أحد رجال المقاومة هناك وهي لسان حال كل غيور ومقاوم يدرك أنه لابد في كل عمل من دفع الضريبة والثمن ، ودفع ضريبة العز والحرية ، لا تقارن بدفع ضريبة الذل والمهانة ، ولقد لقنتنا كشمير وفلسطين درساً لا ينبغي أن ننساه ألا وهو : أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة .
أيها المسلمون : مع بداية القرن الـ 21 دخلت المقاومة الكشميرية عامها الحادي عشر حيث انطلقت شرارتها عام 1990م وخلال هذه الفترة واصلت المقاومة مسيرتها ، وحققت الانجازات تلو الانجازات رغم العراقيل والعقبات ، ورغم ما تقوم به الحكومة الهندية من أساليب القهر والعدوان للقضاء عليها، ولقد تم بحمد الله قتل أكثر من 26 ألفاً من الجنود الهندوس ، إضافة إلى تدمير العديد من المعدات العسكرية الهامة كالدبابات والسيارات العسكرية وذخائر الأسلحة وقد ذكرت الاحصاءات أن مواجهة المقاومة الكشميرية تبتلع ما يقارب 20% من الميزانية العسكرية للهندوس .
عباد الله : قد أدى أخوانكم في كشمير ما يستطيعون فعله وبقي الذي عليكم فماذا أنتم فاعلون ؟
إن كل مسلم يجب عليه أن ينصر أخوانه في كشمير وغيرها بكل ما يستطيع ، فمن استطاع أن ينصرهم بماله فليفعل ، ومن استطاع أن ينصرهم قولاً أو كتابة عبر وسائل الإعلام المختلفة فليفعل ، ومن استطاع أن يدافع عنهم بنشر قضيتهم بين الأمم والشعوب ، وتعريف العالم بما يقع عليهم من قبل الهندوس المعتدين فليفعل ولا أقل من أن يشترك الجميع في الدعاء لهم .
أيها المسلمون: إن على الشعوب الإسلامية أن تقوم بالضغط على حكوماتها لتقطع كل العلاقات مع تلك الحكومة الهندوسية إذا لم توقف حملتها ضد الشعب الكشميري ، وعلى الدول الإسلامية أن تعلن تأييد شعب كشمير في المطالبة بحقه وأن تتبنى قضيته وتعرضها في المحافل الدولية بما يتفق مع الواقع والحقيقة لا كما تردده أبواق الدعايتين الهندوسية واليهودية .
عباد الله : لا أقل من أن نستعين على نصرة أخواننا بالمقاطعة الاقتصادية لتلك الحكومة لأن أكثر من 70% من اقتصادها يقوم على العائد من البلدان الإسلامية . ولنستغن عن عمالتهم من الهندوس والسيخ وغيرهم نصرة لإخواننا هناك وإذلالاً للكفر وأهله ، ثم صلوا على الرحمة المهداة ، وعلى النعمة المسداة كما أمركم الله بذلك في كتابه ...


 

أحمد الفقيهي
  • الأسرة والمجتمع
  • شهور العام
  • قضايا المسلمين
  • الصلاة والطهارة
  • الحج
  • رمضان
  • عبادات وآداب
  • تراجم
  • مناسبات
  • الصفحة الرئيسية