اطبع هذه الصفحة


الإعلام في شهر الصيام
9/9/1428هـ

أحمد بن حسين الفقيهي

 
الخطبة الأولى :
عباد الله : هنيئاً لكم بشهر الصيام ، شهر البر والقيام ، وشهر الخيرات والفضائل العظام ، شهر الكف عن الحرام ، وترك فضول الطعام والكلام ، شهر رمضان المساجد فيه مليئة معمورة ، والسيئات فيه بعيدة مهجورة ، والناس فيه بين صائم وقائم ، وتال لكتاب ربه وذاكر ، ومتصدق وباذل ، وأقلهم من كف نفسه عن الأذى والحرام .
أيها المسلمون : وفي ظل هذه الصور المشرقة والمضيئة نجد رمضان قد صار وللأسف عند فئات من الناس : شهر للأكل والكسل ، والتسوق والسهر ، وامتد الأمر عند بعضهم إلى أن صار شهر رمضان عندهم : شهر للغو واللهو الحرام .
عباد الله : إن وسائل الإعلام المرئية تنشط في رمضان كما هو مشاهد بشكل عجيب ، تكثف جهودها، وتحشد جنودها ، وترص صفوها ، من اجل شغل الأوقات في هذا الشهر الكريم ، عبر استعدادات كبيرة وإمكانات ضخمة ، وفي أي شيء يا ترى شغلت تلك القنوات الأوقات ؟
لقد بثوا برامج صنعت واعدت خصيصاً لشهر الصيام ، فيها الأغاني الماجنة ، والأفلام الهابطة ، والرقصات الفاجرة ، والأفكار الضالة الماكرة ، حتى أضحى فئام من الناس يفطرون على نعمة الله تعالى ، ويشاهدون ما فيه معصية لله ، من برامج هزلية ، ومسلسلات فكاهية ، تتهكم بالشريعة ، وتسخر من أهل الفضيلة بحجة حرية الرأي والفكر .
أيها الصائمون : لقد تبلد الإحساس عند بعض الناس بسبب السيل الجارف من القنوات وما تحمله من العفن والقاذورات ، وماتت الكثير من الفضائل فصار بعض الناس يتقبل أن ينظر في الشاشة رجلاً يحتضن شابة لأنه يمثل دور أبيها ، وصرنا لا ننكر أن تظهر المرأة حاسرة للرأس ، كاشفة عن الشعر والرقبة ، مظهرة للذراعين والساقين ، بل ألف البعض منا مناظر احتساء الخمور وصور الاغتصاب والسرقات والقتل والسباب بأقذع الألفاظ بدعوى التمثيل والفكاهة .
أيها الصائمون : قولوا لي بربكم : هل يتناسب ما يطرح في تلك الفضائيات مع شهر الصيام والخيرات ؟ وهل حقق التقوى من أمضى وقته في التسمر أمام الشاشات والقنوات ؟ أيعقل يا أولي الألباب أن يصير هذا الشهر عند المحرومين شهراً يتضاعف فيه الإثم والعصيان ، أيليق أن يقابل شهر الخيرات ، بالإقبال على الموبقات والإدبار عن الصالحات .
يا معاشر الصائمين : توبوا إلى ربكم ، وأنيبوا إلى مولاكم واعلموا أن من صامت حواسه عما حرم الله فهو المقبول إن شاء الله ، ومن صام عن الطعام والشراب ، وأفطر بصره على الحرام ، وسمعه على الحرام ، وقلبه على الإنس بالحرام ، فيخشى عليه من رد الصيام والقيام أو من فقدان أجرهما ، قال صلى الله عليه وسلم : من لم يدع قول الزور والعمل به ، والجهل ، فليس لله حاجة في أي يدع طعامه وشرابه .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ..

الخطبة الثانية :
معاشر الصائمين : لقد استطعنا كبح شهواتنا المباح منها والمحرم في نهار رمضان ، فلماذا لا نكبح نفوسنا عن الحرام في ليالي رمضان ؟ وإذا جاهدنا أنفسنا في نهار الصيام ، فقضينا أوقاتنا فيما يرضي الملك العلام ، فلماذا لا يستمر ذلك الخير في ليالي الصيام؟
أيها الصائمون : إنني أخاطب الإيمان الذي في قلوبكم بأن تحفظوا وتحافظوا على نعمة البصر ، ولا تطلقوا النظر فيما حرم الله ، وليخشى الذين يصرون على الشهوات والنظر إلى الحرمات أن يسلب الله منهم نعمة البصر ، ويبتليهم بطمس البصر والبصيرة والعياذ بالله ، فإن النعم إنما تدوم بشكرها لا بكفرها ، يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .
ثم صلوا وسلموا على الهادي البشير ..


 

أحمد الفقيهي
  • الأسرة والمجتمع
  • شهور العام
  • قضايا المسلمين
  • الصلاة والطهارة
  • الحج
  • رمضان
  • عبادات وآداب
  • تراجم
  • مناسبات
  • الصفحة الرئيسية