|
|
سبع ثوانٍ فقط ! |
|
عبداللطيف بن هاجس الغامدي |
إنها سبع ثوانٍ فقط ، لكنها بميزان المآسي والأحزان كالدهور !
ذهبت سريعًا ، لكن أثرها سيظل سنين طويلة ، فالدمار الذي أعقبته ، والهلاك الذي
خلَّفته ، والمآسي التي أدخلتها على الكثير من البشر لن تنسى ...
فسبحان القوي المتين !
زلزال خاطف أصاب قطعة من الأرض محدودة ولثوانٍ معدودة ، فأعقب الآلاف من القتلى
والمشردين ومن لا مآوى لهم ، فمن أمره وقدَّره ؟
إنه جندي مخلوق من جنود الله القوي القادر القاهر ، أحدثه ليرينا قوته الباهرة
، وعظمته القاهرة ، ويشعرنا بضعفنا ، وهوان أمرنا ، وأننا مسلوبون من كلِّ قوة
إلا ما أعطانا ، محرومون من كلِّ نصرة إلا ما يسَّر لنا ، فأي ضعف أشدُّ ممن
ينتظر الموت دون أن يستطيع دفعه أو منعه ؟!
وصدق الله القائل :[ ولله جنود السموات والأرض ...] والقائل :[ .. وما يعلم
جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر ] والقائل :[... وأن القوة لله جميعًا ]
!!
لقد أرنا الله في لحظات خاطفة شيئاً من قوته وجبروته ونقمته وسطوته ، فهل نحن
معتبرون ؟!
إن الموت يتخطَّف من حولنا ، بصور شتى ، فتارة بالحروب المهلكة ، وأخرى
بالأمراض المعطبة ، وأخرى بالفيضانات المردية ، وأخرى بالجفاف المميت ، وأخرى
بالحرِّ الشديد ، وأخرى بالبرد القارص ، وأخرى بالأعاصير المدمرة ، وأخرى
بالزلازل الجائحة ، وأخرى بالبراكين المحرقة ، وأخرى بالمجاعات ، وأخرى بالآفات
التي سرت بالمطعومات ، والعبر تتوالى ، والعظات تتلاحق ، والنُّذر تتابع ، فما
لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً أو يُحدثون حسيسًا ؟!
أما آن للوقائع العجيبة أن تُغيِّر من واقعنا المؤلم ؟ أما حان لنا أن نراجع
أنفسنا قبل أن ينزل بنا ما نزل بالقوم الظالمين ؟
أما كان حقيق بنا أن نُصلح ما بيننا وبين ربِّنا ، ليحفظنا بحفظه ، ويرعانا
بعنايته ، ويحوطنا برعايته ، فقد أرانا قوته ، وأبان لنا بأحداث حديثة طرفًا من
شديد عقابه وأليم عذابه ؟!
قال تعالى :[ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ]
وليس بيننا وبين الله نسب أو عهد وميثاق أن لا يصيبنا بما أصاب به غيرنا ، فمن
لم يعتبر بغيره ، كان عبرة لغيره ، فالله من وراء الجميع محيط !
|
|
|
|
|