اطبع هذه الصفحة


لا

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

عبداللطيف بن هاجس الغامدي

 
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على على من لا نبي بعده ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ، أمَّا بعد :

لا تطرح هذا الكتاب من يدك حتَّى تقرأه كاملاً !
فهو لك وحدك ، دون غيرك ..
كتبته بمداد الوداد ..
وسطرته ممزوجاً بمهجة الفؤاد ..
وأرسلته مع بريد المحبة ، ورسول الشوق ، لتشرفني بحمله بين يديك ..
ولتغرس فيه قلبك قبل مقلتيك ، وعقلك مع ناظريك !


أخي الكريم .. أختي الكريمة ..
الدين قائم على الإيمان الجازم الذي من لوازمه فعل المأمور وترك المحظور ، وعلى هذين القطبين العظيمين تدور رحى الدين .
قال تعالى :{ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ...}
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" .. فإذا نَهيتُكُم عن شيءٍ فاجتَنِبُوهُ ، وإذا أمرتُكُم بأمرٍ فأتوا مِنهُ ما استَطَعتُم "
وكما أنَّ المؤمن يتعبد ربَّه سبحانه بفعل ما أمره به ، وألزمه بفعله ، ورغَّبه في القيام به ، حبَّاً ورجاءً وتقرباً ، فكذلك هو مكلَّفٌ بترك ما نهاه الله عنه ، وحذَّره منه ، خضوعاً وخوفاً وتسليماً .
فهو يدور بين : افعل ! أو لا تفعل !
والخيار إليه ، والطريق بين يديه ، والجزاء يوم الدين ؛ لهُ أو عليه !
قال تعالى : { إنَّا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً }
ونحن عبيده ، والعبد ملك سيِّده ، يأمره وينهاه ، وليس للعبد إلاَّ الرضى والتسليم والخضوع والإذعان .
وحسبنا شرفاً أن نكون عبيداً لله وحده !
وإنّي جامع لي ولك ـ أيها المطلع أو المستمع ـ جمعاً من المنهيّات التي جاء ذكرها في القرآن العظيم أو في الحديث الشريف عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، في مسائل العقيدة والتوحيد ، ليسلم لنا إيماننا من القوادح والنواقض ، فنحذر من الوقوع فيها ، والإلمام بها ، ثمَّ نحذِّر المسلمين منها ، ونقوم بواجب الدعوة إلى تركها لمن وقع بها أو البعد عنها لمن حماه الله من شرِّها .
واللهَ أسأل ، وبأسمائه وصفاته أتوسل ، ولكرمه أرجو وآمل ؛ أن يبارك في هذا العمل ، وأن يجعله خالياً من كلِّ خلل و زلل ، وأن يكون خالصاً لوجهه الكريم ، وأن يجزي خيراً من جمعه وراجعه وطبعه ونشره بين المسلمين ، والحمد لله ربِّ العالمين .
فبسم الله نبدأ ، وعلى الله نتوكل ، وبالله نستعين :


* لا تغفل عن الحكمة التي خُلقتَ من أجلها .
قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلاَّ ليعبدون } أي ؛ يوحدونه ، ويأمرهم وينهاهم فيطيعونه .
* لا تصرف شيئاً من العبادة لغير الله تعالى ، ولا تشرك معه غيره في عبادته ، وأصل العبادة التذلل لله تعالى والخضوع له سبحانه ، وصرف العبادة لغير الله تعالى يكون بالقلب و باللسان وبالجوارح .
قال تعالى :{ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً }
* لا تحب مخلوقاً محبَّة إجلال وتعظيم كحبِّ الله تعالى أو أشدُّ منه سبحانه ، فالحبُّ لا يكون إلاَّ لله تعالى ، ومن أجله ، ولِـمـا يحبّه ، وكل محبَّة في الدنيا إن كانت في الله وبالله فهي من محبَّة الله تعالى (1).
قال تعالى :{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله ..}
* لا تخشَ أحداً إلاَّ الله تعالى خشيةَ تعبُّدٍ وتقرُّبٍ ، أو فيما لا يقدر عليه إلاَّ الله تعالى كالإماتة والأخذ بالذنب والعقوبة عليه .
قال تعالى :{ فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون }
* لا تدعُ غير الله تبارك وتعالى (2) كدعاء الموتى أو الملائكة أو النبيين أو الجن أو الغائبين .
قال تعالى : { ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون . وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين }
* لا تستغيث حال شدَّتك وكربك أو يُسركَ وفرجِك بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلاَّ الله تعالى كطلب رزقٍ أو ولدٍ أو شفاء سقم أو مغفرة ذنب أو إنزال غيث أو خلق هداية أو إزالة همٍّ ، أو نصرٍ على الأعداء ، ولا بأس بالاستغاثة بالإنسان الحيِّ الحاضر فيما يقدر عليه مما طلبت منه ، مع عدم تعلُّقِ قلب المستغيث بالمخلوق ، وإنما بالله عزَّ وجلَّ .
قال تعالى :{ ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين }
* لا تستعيذ بغير الله تعالى في دفع المحذور الذي تخافه عند نزولك في أيِّ بقعة من الأرض ، واعتصم بالله تعالى والجأ إليه ، واستعذ بكلماته التامات من شر ما خلق وذرأ وبرأ ، وأمَّا الخوف الطبيعي من عدو أو سبع أو نحوه فلا حرج فيه .
قال تعالى : { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً }
* لا تطف بغير الكعبة المشرَّفة في بيت الله الحرام بمكَّة طواف عبادة وتقرّب ، فلا تطف حول القبور أو الصخور أو غير ذلك ترجو بذلك ثوابها وتخشى عقابها .(3)
قال تعالى :{ وإذ جعلنا البيت مثابةً للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهِّرا بيتي للطائفين والعاكفين والرُّكع السجود }
* لا تتبرك بحجر أو شجر أو قبر أو غير ذلك ، وإنما يكون التبرُّك بما خصَّه الدليل الشرعي .(4)
عن أبي واقد الليثي قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حُنين ، ونحن حُدَثاءُ عهد بكفر ، وللمشركين سِدرة يَعكفون عليها ويَنوطون بها أسلحتهم ـ أي : يعلقونها عليها طلباً للبركة ـ يقال لها ذات أنواط ، فمررنا بسدرة ، فقلنا : يا رسول الله ! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكبر ! إنَّها السنن . قلتم ، والذي نفسي بيده ، كما قالت بنو إسرائيل لموسى : { اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهةٌ قال إنكم قومٌ تجهلون } لتركبُنَّ سنَنَ من كان قبلكم "
* لا تطلب الشفاعة عند الله من أحدٍ أبداً إلاَّ من الله الأحد سبحانه فإن الشفاعة لله جميعاً ، لا تطلب من ملَكٍ مقرَّب ولا من نبيٍ مرسل ، ولا من وليٍّ هالك .
قال تعالى :{ ويعبدون من دون الله ما لا يضرُّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله . قل أتنبِّئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض . سبحانه وتعالى عما يشركون }
* لا تتوكل إلاَّ على الله تعالى ، ولا تعتمد إلاَّ عليه ، ولا تفوِّض أمرك إلاَّ إليه .(5)
قال تعالى :{ أليس الله بكافٍ عبده } وقال تعالى :{ وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين }
* لا تعتقد أن الأنبياء أو الأولياء لهم القدرة على التحكم في الكون أو دفع الكروب أو جلب المحبوب ، فالخلق والأمر لله تعالى من قبل ومن بعد ، ولا يحدث في كون الله إلاَّ ما شاءَ الله وقدَّرَ وأرادَ ويسَّرَ .
قال تعالى :{ قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرُّعاً وخُفية لئن أنجانا من هذه لنكوننَّ من الشاكرين . قل الله ينجيكم منها ومن كلِّ كرب ثم أنتم تشركون }
* لا تعتقد أن أحداً غير الله تعالى يعلم الغيب ، فهو وحده سبحانه وتعالى عالم الغيب والشهادة ، ولا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء .
قال تعالى { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلاَّ الله وما يشعرون أيان يبعثون }
* لا تلبس أو تعلِّق عليك أو على ولدك أو مركوبك أو منزلك أو غير ذلك حلقةً أو خيطاً أو قلادةً لجلب نفع أو دفع ضر .(6)
عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، فأرسل رسولاً :" أن لا يبقينَّ في رقبة بعير قلادةٌ من وترٍ أو قلادةٌ إلاَّ قُطعت "
* لا تعلِّق تميمةً أو خرزةً أو ودعةً بقصد دفع البلاء أو منع وقوعه .
عن عبد الله بن عكيم رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من تعلَّق شيئاً وكِلَ إليهِ "
وفي رواية :" إنَّ الرُّقى ، والتَّمائم ، والتِّولةَ شِرك "
* لا تُصلِّ في مسجدٍ به قبراً ، سدَّاً لباب الشرك وحسماً لمادته . (7)
قال تعالى :{ وأنَّ المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً }
* لا تصلِّ على القبور أو عندها طلباً للبركة (8) أو تعتقد أن الدعاء بقربها أفضل والصلاة حولها أكمل ، وذلك حذراً من الوقوع في الشِّرك وأسبابه .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لعنةُ الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "
وفي رواية :" ألا وإنَّ من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ، ألا فلاَ تتخذوا القبور مساجد ، فإني أنهاكم عن ذلك "
* لا تترك الصلاة ، فهي الصلة بين العبد وربِّه ، وهي عماد الدين ، ولا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنَّ بين الرَّجل وبين الشِّرك والكفر تركَ الصلاةِ "
* لا تشد رحالك بالسَّفر تعبداً إلاَّ إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام بمكة ، والمسجد النبوي بالمدينة (9) ، والمسجد الأقصى بالقدس ، وأما سواها من المساجد فلا يُسافر إليها قاصداً لها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تُشدُّ الرِّحالُ إلاَّ إلى ثلاثةِ مساجِدَ : المسجد الحرامِ ، ومسجدِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ، ومسجدِ الأقصى "
* لا تزر القبور لدعوة أصحابها من دون الله تعالى أو تتوسل بهم على الله تعالى ، وإنما تكون للاتعاظ بحالهم ومآلهم ، ولا بأس بالسلام عليهم والدعاء لهم .
قال تعالى :{ ذلكم الله ربكم له الملك . والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير . إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير }
* لا تبنِ القباب على القبور ، ولا تجعلها مشرفة ومرتفعة عن الأرض ، ولا تجصصها وتنقش عليها الكتابات أو الصور ، ولا توقد السُّرُج عليها ، لأن ذلك مضيعةٌ للمال من جهة ، والأهم أنه ذريعة إلى الشرك ، ففيه إفراط في تعظيم القبور أشبه بتعظيم الأصنام .
عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أن لا تدع تمثالاً إلاَّ طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إلاَّ سويته "
* لا تصوِّر خلقاً فيه روح (10)، كالإنسان ، أو الحيوان ، أو الطير ، أو السمك إلاَّ لضرورة لابُدَّ منها كإثبات الشخصيَّة في البطاقة وجواز السفر .
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" كلُّ مصوِّر في النار . يُجعل له بكلِّ صورة صوَّرها نفسٌ يُعذَّبُ بها في جهنَّم "
* لا تذبح لغير الله تعالى تقرباً إليه أو خوفاً منه أو رجاءً لعطائه (11) ، كالذبح للجنِّ لدفع ضُرِّهم أو الذبح للموتى لطلب نفعهم .
قال تعالى :{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين }
* لا تذبح لله تعالى بمكان يُذبح فيه لغير الله عزَّ وجلَّ .
عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه ، قال : نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ينحر إبلاً ببوانةَ ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نذرت ، أن أنحر إبلاً ببوانةَ ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبدُ ؟ " قالوا : لا ! قال :" هل كان فيها عيد من أعيادهم " ؟ قالوا : لا ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أوفِ بِنذرِكَ ، فأنه لا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم "
* لا تنذر أيّ طاعة (12) من عمل أو مال أو قربة إلاَّ لله تعالى ، ولا تتقرَّب بها للقبور أو ما يسمَّى بالمشاهد والأضرحة .
عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه "
* لا تساوِ بين الله تعالى وأحدٍ من خلقه .
قال تعالى : { فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون }
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ما شاء الله وشئت ، فقال صلى الله عليه وسلم :" أجعلتني لله نداً ؟ ما شاء الله وحده "
ومثاله قولهم : ما لي إلاَّ الله وأنت ، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض ، وتوكلت واعتمدت على الله وعليك .
* لا تتفكَّر في ذات الله تعالى ، فإنَّ الله تعالى ليس كمثلِه شيء ، ولا يمكن أن تتخيله العقول ولا تدركه الأبصار في الدنيا ، ولا تترك نفسك للوساوس ، واستعذ بالله منها ، وانتهِ عنها ، وقل : آمنت بالله ورسوله .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال :" تفكروا في آلاء الله ، ولا تفكروا في الله عزَّ وجلَّ "
* لا تعتقد أنَّ الله تعالى معنا بذاته سبحانه ، وإنما معيَّته لنا معيَّة علمٍ واطلاع أو معيَّة نصرة وتأييد ، فالرحمن فوقنا على العرش استوى بذاته بائنـاً عن خلقه كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه ، فليس كمثله شيء ، وليس له نظير أو ظهير أو مثيل أو عديل، وهو بكلِّ شيء عليم .
قال تعالى :{ وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير }
* لا تثبت لله تعالى أسماءً وصفاتـاً إلاَّ ما أثبتها لنفسه سبحانه في كتابه العظيم وما أثبتها له رسوله الكريم في صحيح سنَّته ، فأسماء الله تعالى توقيفية لا دخل للاستحسان والعقل فيها .
قال تعالى :{ قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ...}
* لا تلحد في أسماء الله تعالى وصفاته ؛ بنفيها وتعطيلها أو بتأويلها عن معانيها ، أو جعلها أسماء لبعض المخلوقات و تشبيهها بها ، أو أن يدخل فيها ما ليس منها ، أو بتمثيلها .
قال تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون }
* لا تسأل بوجه الله تعالى شيئاً قط ، وإنما يكون سؤال الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ملعونٌ من سألَ بوجهِ الله ، وملعونٌ من يُسأَلُ بوجهِ الله ثُمَّ مَنَعَ سائله ، ما لم يسأَلهُ هُجراً "
* لا تتوسَّل إلى الله تعالى (13) بالتوسُّل البدعي المحرَّم ، كقولهم : اللهم إني أسألك بجاه فلان ، أو بحقِّ فلان ، أو بذات فلان أو بمنزلة فلان عندك ، و لا بأس بدعاء الأحياء لك من عباد الله الصالحين من المؤمنين .
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة و جاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون }
* لا تيأس أو تقنط من رحمة الله تعالى مهما بلغت ذنوبك .
قال تعالى :{ إنَّه لا ييأس من روح الله إلاَّ القوم الكافرون }
* لا تأمن من مكر الله تعالى مهما كانت طاعتك .
قال تعالى :{ أفأمنوا مكر الله ؟! فلا يأمن مكر الله إلاَّ القوم الخاسرون }
* لا تسيء الظنَّ بالله تعالى ، فإنَّ الله تعالى عند حُسن ظنِّ عبده به .
عن جابر رضي الله عنه ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" لا يموتنَّ أحدكم إلاَّ وهو يحسن الظنَّ بالله "
* لا تعبد الله تعالى بالمحبَّة فقط ، ولا تعبده بالرَّجاء وحده ، ولا بالخوف وحده ، واجعلهما كجناحي طائر ، فإن الطائر ذا الجناح الواحد يوشك ألاَّ يرتفع ، وعباد الله المؤمنين الصالحين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه .
قال تعالى : { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم . وأن عذابي هو العذاب الأليم }
* لا تعتمد على رحمة الله تعالى دون عمل صالح ، فإن إحسان العمل دليل إحسان الظنِّ بالله تعالى ، ورحمة الله تعالى لا تنال بالتواني والكسل ، وإنما بالإيمان الصادق والعمل الصالح ، ورحمة الله تعالى قريبٌ من المحسنين .
قال تعالى : { إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم }
* لا تهزأ أو تسخر أو تستهين أو تهين شيئاً فيه ذكر لله تعالى أو القرآن أو الرَّسول أو الدين (14) ، ولو على سبيل المزاح ، كالاستهزاء بالعلم الشرعي وأهله لأجله (15)، وكالاستهزاء بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأهله من أجل أمرهم ونهيهم ، وكالاستهزاء باللحية والسواك وغيره مما هو من شرائع الدين وشعائره ، فكلُّ ذلك كفر بالله تعالى .
قال تعالى :{ ولئن سألتهم ليقولنَّ إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن . لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ..}
* لا تقعد مع من يخوض في آيات الله تعالى ويكفر ويستهزأُ بها إلاَّ لدعوته وبيان باطله والتحذير منه .
قال تعالى : { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنَّكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً }
* لا تحكم بغير ما أنزل الله تعالى (16)، أو ترى أن حكمه فيه ظلماً أو جوراً أو تعدياً أو قسوةً أو أنَّه ناقص ولم يكتمل أو أنَّ غيره خيراً منه أو مساوياً له وأفضل لحياة الناس أو أنَّه لم يعد يصلح لهذا الزمان ، فكلُّ ذلك كفر بالله تعالى وردَّة عن دينه .
قال تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }
* لا تبغض شيئاً ممَّا جاء من الله تعالى عن طريق كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم ،كتعدد النساء أو تحريم الربا ، أو وجوب الزكاة .
قال تعالى :{ والذين كفروا فتعساً لهم وأضلَّ أعمالهم . ذلك بأنَّهم كرهوا ما أنزلَ الله فأحبطَ أعمالهم }
* لا يكن في صدرك حرجٌ من أوامر الله ورسوله ، فإن إيمانك لا يكون كاملاً حتى يكون هواك موافقاً لما جاء به محمداً صلى الله عليه وسلم عن ربِّه سبحانه ، وكن لأمر الله ورسوله سامعاً مطيعاً .
قال تعالى : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما }
* لا تحرِّم ما أحلَّ الله أو تحلِّل ما أحرَّم الله ، ولا تجحد ما هو معلومٌ من الدين بالضرورة ، كحرمة الخمر أو وجوب الصلاة .
قال تعالى : { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب . إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون }
* لا تطع مخلوقاً في تحليل حرام أو تحريم حلال فليس ذلك لأحدٍ سوى الله ، فالحلال ما أحلَّ ، والحرام ما حرَّم ، والدين ما شرع .
قال تعالى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً (17) من دون الله }
جاء عدي بن حاتم رضي الله عنه ـ وكان قد دان بالنصرانية قبل الإسلام ـ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ { اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أرباباً من دون الله } قال : يا رسول الله ! إنَّا لم نتخذهم أرباباً ، قال : " بلى ، أليس يحلُّون لكم ما حرم عليكم فتحلونه ، ويحرمون عليكم ما أحل الله فتحرمونه ؟ " فقلت : بلى ، قال :" فتلك عبادتهم "
* لا تفرح بانخفاض الإسلام وأهله ، وعلوِّ الشرك وأهله ، سواءً في الدين أو الدنيا .
قال تعالى عن المنافقين :{ إن تُصبكَ حسنةٌ تسؤهم وإن تصبك مصيبةٌ يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون }
* لا توالِ الكفار ، وتناصرهم ، وتحبهم ، وتعينهم على دينهم بالمال أو الجاه أو الرأي أو البدن ، حتى لا تكون منهم فتحشر معهم .
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة...}
* لا تتشبه بالكفار في دينهم أو فيما هو من خصائصهم وما يتميزون به عن غيرهم .
عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من تشبَّه بقومٍ فهو منهم "
* لا تعطِ الدنيَّة في دينك ، فلا تداهن ، ولا تهن ، ولا تحزن ، فإنَّ العزَّة لله ولرسوله وللمؤمنين .
قال تعالى :{ و لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين }
* لا تشكَّ في كفر المشركين ، ولا تصحِّحَ مذهبهم ، أو تناصر طريقتهم ، أو تذبّ عنهم ، حتَّى لا تكون منهم .
قال تعالى : { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا . أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً }
* لا تشارك الكفار في أعيادهم و مناسباتهم الدينية أو تهنئهم بها أو تعينهم عليها ، فذلك إقرارٌ منك لهم .
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظةً واعلموا أنَّ الله مع المتقين }
* لا تعرض عن دين الله تعالى بدون أن تتعلمه و تعمل به .
قال تعالى : { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون }
* لا تتعامل بالسحر ، فإنه من الجبت ، وهو كفر ينافي الإيمان .
قال تعالى :{ واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر .. }
* لا تذهب إلى كاهن أو مشعوذ أو ساحرٍ أو عرَّافٍ أو منجِّمٍ أو رمَّالٍ أو قارئ كفٍّ أو ضاربٍ بالودع .
عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهي حفصة رضي الله عنها ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من أتى عرَّافاً فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاةٌ أربعين يوماً " (18)
* لا تصدِّق كاهناً أو مدعياً لعلم الغيب ، فإن إتيانهم وتصديقهم كفرٌ بالوحي المنزل على خير البشر صلى الله عليه وسلم .(19)
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من أتى كاهناً أو عرافاً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد "
* لا تستسقِ بالنجوم ، ولا تتعلَّق بالأبراج والأفلاك والكواكب .(20)
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهنَّ : الفخر بالأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم (21)، والنياحة "
* لا تقل : مطرنا بنوء كذا (22)، فإنَّ ذلك من نسبة السقيا ومجيء المطر إلى الأنواء .
عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف ، أقبل على الناس فقال : " هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب . وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا ، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب "
* لا تتطيَّر أو تتشاءم بشيءٍ كالطيور أو الأشخاص أو الأسماء أو الألفاظ أو البقاع أو الحوادث أو الأعداد ، أو الألوان أو الشهور أو الأيام والسَّاعات ، فإنه لا ضار ولا نافع إلاَّ الله سبحانه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا عدوى ، ولا طيرة ، ولا هامة ، ولا صفر ، ولا نوءَ ، ولا غول "
* لا تكذِّب بالقدر خيره وشره ، فالقدر سرُّ الله خلقه ، ولا يقع في كون الله تعالى إلاَّ ما علمه وشاءه وكتبه وخلقه .
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لو أنَّ الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه ، عذبهم وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم كانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم ، ولو أنفقت مثلَ أُحدٍ ذهباً في سبيل الله ، ما قبله الله منكَ حتى تؤمن بالقدر ، وتعلم : أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، ولو مِتَّ على غير هذا لدخلتَ النَّار "
* لا تتسخط من قدر الله تعالى (23)، واعلم أنَّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك (24)، وأنَّ الله حكيمٌ في تقديره وتدبيره .
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنَّ عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإنَّ الله تعالى إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضى ، ومن سخط فله السخط "
* لا تحتجَّ بالقدر على المعاصي والمعايب والآثام ، فتقول : لو أنَّ الله هداني لكنت من المتقين ، وإنما يكون الاحتجاج بالقدر على المصائب والآلام .
قال تعالى :{ أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرَّطت في جنب الله وإن كنت من الكافرين . أو تقول لو أنَّ الله هداني لكنت من المتقين . أو تقول حين ترى العذاب لو أنَّ لي كرَّة فأكون من المحسنين . بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها وكنت من الكافرين }
* لا تقل : لو أني فعلت كذا لكان كذا .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" احرص على ما ينفعُك ، واستعن بالله ولا تعجزنَ ، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل : لو أني فعلتُ لكان كذا وكذا ، ولكن قل : قدَّر الله وما شاء فعل ؛ فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان "
* لا تقل لشيءٍ : إني فاعل ذلك غداً دون استثناء .
قال تعالى : { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلاَّ أن يشاء الله ..}
* لا تتمنى ما فضَّل الله به غيرك ، وارض بما قسم الله لك .
قال تعالى : { ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله إنَّ الله بكل شيءٍ عليما }
* لا تكفر نعمة الله تعالى بجحودها ونسبتها لغيره سبحانه أو عدم القيام بحقِّها من الشكر والذَّكر .
قال تعالى :{ وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد }
* لا تحلف بغير الله تعالى ، كالحلف بالكعبة ، والنبي ، والشرف ، والكرامة ، و الذمَّة ، والحرام وحياة فلان أو رأسه أو حقَّه .
عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، فمن كان حالفاً فليحلف بالله وإلاَّ فليصمت "
* لا تحلف بالأمانة .
عن بريدة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من حلف بالأمانة فليس منَّا "
* لا تكثر من الحلف بالله تعالى حتى لا يفضي بك ذلك إلى الاستخفاف والتهاون باسماء الله تعالى وصفاته .
قال تعالى : { واحفظوا أيمانكم ...}
* لا تردَّ يمين من حلف لك بالله تعالى ، وارض بقسمه لك ، تعظيماً لله تعالى ، إلاَّ في إثم أو ما لا قدرة لك عليه .
عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يحلف بأبيه ، فقال :" لا تَحلِفُوا بآبائكُم . مَن حَلَفَ بالله فليَصدُق . ومن حُلِفَ لهُ بالله فَليرضَ ، ومَن لم يَرضَ بالله فليسَ مِنَ الله "
* لا تتعاظم على الله شيئاً أعطاه ، فإنَّ الله تعالى لا يثقله أو يعجزه شيءٌ من حوائج خلقه ، ولا يضطرُّه شيءٌ إلى قضائها سبحانه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لا يقل أحدكم اللهمَّ اغفر لي إن شئت ، ارحمني إن شئت ، ارزقني إن شئت ، وليعزم مسألته ، إنَّهُ يفعلُ ما يشاء ، لا مُكره له "
وفي رواية :" وليعظِّم الرغبة ، فإنَّ الله لا يتعاظمه شيءٌ أعطاه "
* لا تُكفِّر أحداً من أهل القبلة بذنبٍ ما لم يستحِلَّه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أيُّما امرئٍ قال لأخيه : يا كافر ، فقد باء بها أحدُهما ؛ إن كان كما قالَ وإلاَّ رجعت عليه "
* لا تتألَّ على الله تعالى ، فتحكم على أحدٍ بجنَّة أو نارٍ إلاَّ من خصَّه الوحي بذلك .
عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" قال رجل : والله لا يغفر الله لفلان ، فقال الله عز وجل : من ذا الذي يتألىَّ عليَّ أن لا أغفر لفلان ؟ إني قد غفرت له ، وأحبطتُ عملك "
* لا تسبَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم جميعاً وحشرنا في زمرتهم يوم القيامة ، ولعن الله من لعنهم ، وغضب الله على من سبَّهم أو انتقص أحداً منهم ، فإنهم خير البشر بعد الأنبياء والرسل ، وقد اختارهم الله بعلمه لمصاحبة رسوله .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال ، قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تسبُّوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أنَّ أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهباً ، ما بلغ مدَّ أحدِهم ولا نصيفهُ "
* لا تبغض الصالح من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنَّ محبتهم دين ، وإكرامهم عقيدة ؛ مِن غير غلوٍّ فيهم ومجاوزة للحدِّ في منزلتهم .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" والذي نفسي بيدهِ ، لا يَبغضُنا أهلَ البيتِ أحدٌ إلاَّ أَدخلهُ الله النَّارَ "
* لا ترمِ أحداً من المسلمين بفسوق حتى يكون عندك من الله برهان قاطع في ذلك .
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق ، ولا يرميه بالكفر ؛ إلاَّ ارتدَّت عليه ؛ إن لم يكن صاحبه كذلك "
* لا تقل لمسلم : يا عدوَّ الله !
عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" من ادَّعى لغير أبيه وهو يعلم فقد كفر ، ومن ادَّعى قوماً ليس هو منهم فليتبوأ مقعده من النَّار ، ومن دعا رجلاً بالكفر ، أو قال : يا عدوَّ الله ، وليس كذلك إلاَّ حار عليه "
* لا تقل : أنا بريءٌ من الإسلام إذا حصل كذا ، ومثله قولهم : أنا يهودي أو نصراني إذا حصل كذا وكذا
عن بريدة رضي الله عنه ، قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من قال إنِّي بريء مِنَ الإسلام ، فإن كان كاذباً فهو كما قال ، وإن كان صادقاً لم يعد إلى الإسلام سالماً "
* لا تقل للكافر أو المنافق أو الفاسق أو المجاهر بمعصيته : يا سيد .
عن بريدة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تقولوا للمنافق سيدُنا ، فإنهُ إن يكن سيَّدكم ، فقد أسخطتم ربكم "
* لا تُحدِث في دين الله تعالى شيئاً ، فالأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يرد الدليل الشرعي من الكتاب أو السنة ، ولا تبتدع ، وإنما اتبع ، فقد كُفيت ، وعليك بهدي محمد صلى الله عليه وسلم فهو خير الهدي ، وكلّ محدثة بدعة ، وكلَّ بدعة ضلالة ، وكلَّ ضلالة في النَّار .
عن عائشة رضي الله عنها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ "
* لا تسُنَّ للناس سنَّة سيئة في دين الله تعالى ، فيكون عليك إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة .
عن جرير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من سنَّ في الإسلام سنَّةً حسنةً ، فله أجرُها وأجرُ من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقصَ من أجورِهم شيء ، ومن سنَّ في الإسلام سنةً سيئةً كان عليه وزرُها ووزرُ من عمل بها من غير أن يَنقصَ من أوزارهم شيء "
* لا تجادل في القرآن الكريم والسنَّة المطهرة برأيك دون علم ، ولا تخض في معانيها دون معرفة بمدلولاتهما وأقوال السلف الصالح فيها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" المِراءُ في القرآن كُفرٌ "
* لا تتكلف فيما ليس لك به علم ، فتقع في القول على الله بما ليس بحق .
قال تعالى : { ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسئولاً }
* لا تفترِ على الله الكذب ، فإنما يفتري الكذب على الله الذين لا يؤمنون .
قال تعالى :{ ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودَّة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين }
* لا تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتنسِب إليه ما لم يقل أو يفعل .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النَّار "
* لا تقدِّم قبل أمر الله ورسوله أمراً أو رأياً أو حكماً أو قولاً أو عقلاً ، فالأمر لله من قبل ومن بعد ، ولا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون .
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تُقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم }
* لا تتخيَّر من دين الله وشرائعه وشعائره ما وافق هواك وساير رغبتك ، ثمَّ تطرح ما سوى ذلك لمخالفته لمرادك ، فإن الدين كُلٌّ لا يتجزأ ، فلا تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض .
قال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السِّلم كافَّة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوٌّ مبين }
* لا تردَّ شيئاً مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم عن ربِّه سبحانه من تعاليم دينه ، لفهمك القاصر له ، أو لنظريَّات ليست على وجه الحقيقة ، فإنَّه لا تعارض بين العقل والنقل ، ولا تضادَّ بين النَّصِّ الصريح والعقل الصحيح ، و عند توهم التعارض بينهما فالمقدَّم هو النقل على العقل .
قال تعالى : { ذلك بأنَّ الله هو الحقُّ وأنَّ ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العليُّ الكبير }
* لا تغلو في دينك ، فتكلِّف نفسك ما لا طاقة لك به ، أو تتعمَّد ما لا قدرة لك عليه ، فإن الدين يسر ، فأوغل فيه برفق .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إيَّاكم والغلوَّ في الدِّين ، فإنما أهلك من كان قبلكُمُ الغُلوّ في الدِّين "
* لا تُنفِّر الناس من الدين بالتشديد عليهم فيه ، والتطبيق السيئ له .
عن أبي موسى رضي الله عنه ، قال : كان إذا بعثَ أحداً من أصحابه في بعض أمره . قال صلى الله عليه وسلم : " بشِّروا ولا تنفِّروا ، ويسِّروا ولا تعسِّروا "
* لا تسبَّ الدهر (25) ( الزمن ) فإن ذلك إيذاء لله تعالى (26) الذي خلقه وسخَّره وقدَّر فيه المقادير وأجرى فيه الأفعال .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لا تسبُّوا الدهر ، فإنَّ الله هو الدَّهرُ " (27)
وفي رواية :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" قال الله عزَّ وجلَّ : يُؤذيني ابنُ آدمَ يسُبُّ الدَّهر ، وأنا الدَّهرُ ، بيدي الأمرُ أقلِّبُ الليلَ والنَّهارَ "
* لا تسبَّ آلهة المشركين حتى لا يسبُّوا الله تعالى .
قال تعالى :{ ولا تسبُّوا الذين يدعون من دون الله فيسُبُّوا الله عدواً بغير علم ..}
* لا تدعُ بدعوى الجاهلية ، كالعصبية القبلية ، والحزبية ، والقوميَّة ، والعنصريَّة ، فالإسلام يحرِّم الانتماء للأحزاب الجاهلية والنعرات العنصرية .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ليس منَّا من دعا إلى عصبيَّة ، وليس منا من قاتل على عصبية ، وليس منا من غضب لعصبية "
* لا تعتقد أن الإسلام سيطوى بساطه وسيقوَّض رواقه ، فلا يزال لله قائم بحجَّة من الطائفة المنصورة التي لا يضرُّها من خذلها ، وليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، والله غالب على أمره ، ولينصرنَّ الله من ينصره من عباده المؤمنين ، والعاقبة للمتقين .
عن ثوبان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنَّ الله زوى لي الأرضَ ، فرأيتُ مشارِقَها ومغارِبها ، وإنَّ أُمتي سيبلغُ مُلكُها ما زُوي لي منها .."
* لا تعتقد أنَّ الإسلام هو سبب تخلّف المسلمين وتأخرهم ، بل الحقُّ أنَّ السبب في ذلك هو بعدهم عن دينهم ، وتخليهم عن منهاج ربهم ، وعدم أخذهم بأسباب القوَّة والريادة والسيادة ، ولن يصلح آخر هذه الأمَّة إلاَّ بما صلح به أولها .
قال تعالى :{ وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون }
* لا تعادِ أولياء الله تعالى ، والدعاة إلى دينه ، والذائدين عنه ، والذابين عن حماه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنَّ الله قال : من عادى لي وليَّاً فقد آذنتُهُ بالحرب .."
* لا تنكر وجود الكرامات لعباد الله الصالحين ، بشرط موافقتها للشرع المبين ، مع وجوب الحذر من تلاعب الشياطين ، والخلط بين الكرامات والاستدراج من ربِّ العالمين للفسقة والمبتدعة والمارقين عن الدين .
قال تعالى : { ألا إنَّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنزن }
* لا تحمل في قلبك بغضاً لمسلم أو حقداً عليه مع وجوب البغض لمعاصيه .
عن أنس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، ولا تقاطعوا ، وكونوا عباد الله إخواناً ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث "
* لا تقاتل المسلمين ، ولا تحمل السِّلاح عليهم إلاَّ في حال بغيهم عند تعين قتالهم إذا لم يكن هناك وسيلة أقل لدفع شرِّهم غير القتال .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سبابُ المسلم فُسوقٌ ، وقتالهُ كفرٌ "
* لا تشذَّ عن جماعة المسلمين وإمامهم ، فإن يد الله مع الجماعة ، والجماعة رحمة والفرقة عذاب .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم :" من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة ، فمات ، مات ميتةً جاهليَّةً "
* لا تخرج على وليّ أمر المسلمين أو تنازعه في الأمر ، حتَّى ترى كُفراً بواحاً من غير تأويل فاسد أو قلب جاحد ، عندك من الله فيه برهان قاطع ، ولديك القدرة على ذلك دون مفاسد .
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، قال : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السَّمعِ والطَّاعةِ في منشطِنا ومكرهِنا وعُسرنا ويُسرنا ، وأثرةٍ علينا ، وأن لا نُنازِعَ الأمرَ أهلَهُ إلاَّ أن تروا كُفراً بواحاً عِندكُم مِنَ الله فيهِ بُرهانٌ ، وأن نقولَ بالحقِّ حيثُما كُنَّا لا نخافُ في الله لومةَ لائِمٍ "
* لا تطع مخلوقاً في معصية الخالق ، إنما الطاعة في المعروف .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" السَّمعُ والطَّاعةُ على المرءِ المسلم فيما أحبَّ وكرهَ ، مالم يُؤمر بمعصيةِ ، فإذا أُمر بمعصيةٍ فلا سمع ولا طاعةَ "
* لا ترائي بأعمالك أو تُسمِّعَ بها الناس فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً ، وذلك محبطٌ للعمل وموجبٌ للوزر ، ومذهبٌّ للأجر ، فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلاَّ ما كان خالصاً لوجهه وصواباً على شرعه .
قال تعالى : { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً }
* لا تجاهر بمعاصيك في الملأ ، واستتر بستر الله تعالى عليك ، وتب إليه سبحانه من كلِّ زلل أو خلل .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كُلُّ أُمَّتي مُعافى إلاَّ المجاهِرونَ ، وإنَّ من المجاهرةِ أن يعملَ الرَّجُلُ بالليلِ عملاً ، ثمَّ يُصبحَ وقد سَتَرَهُ الله ، فيقولُ : يا فلانُ عَمِلتُ البارحةَ كذا وكذا ، وقد باتَ يستُرُهُ ربُّهُ ويُصبحُ يكشِفُ سترَ اللهِ عنهُ "
* لا تجعل الله تعالى أهون الناظرين إليك ، وأحقر المطلعين عليك ، واستح من الله تعالى ، فإن الله بكلِّ شيء عليم .
عن ثوبان رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لأعلمنَّ أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء ، فيجعلها الله هباء منثوراً " . قال ثوبان : يا رسول الله ! صفهم لنا ، جلِّهم لنا ، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم ، قال :" أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ، ويأخذون من الليل ما تأخذون ، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها "
* لا تلتمس رضى الناس بسخط الله تعالى ، وعليك بإيثار أمره على مراد من سواه ، فإن الله تعالى يغنيك عن كلِّ أحد ، ولا يغنيك أحدٌ عن الله تعالى .
عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من التمس رضا الله بسخطِ الناس ، كفاهُ الله مؤنَةَ النَّاسِ ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله ، وكلَهُ الله إلى النَّاسِ "
* لا تنظر إلى صغر الخطيئة ، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت ، وهو الله ربُّ العالمين .
قال تعالى :{ مالكم لا ترجون لله وقاراً }
* لا تجعل الحياة الدنيا نيَّتك وقصدك وإرادتك ، فتصبح أكبر همِّك ومبلغ علمك .
قال تعالى : { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون . أولئك الذين لهم في الآخرة إلاَّ النار وحبط ما صنعوا فيها وباطلٌ ما كانوا يعملون }
* لا تنسى اليوم الآخر ، ولا تغفل عن الاستعداد له ، فأنت راجعٌ إلى الله تعالى ، فمصيرك إليه ، ومآلك الوقوف بين يديه ، ولسوف يسألك عن كلِّ كبيرٍ وصغيرٍ وعظيمٍ وحقيرٍ . قال تعالى : { فوربك لنسألنهم أجمعين . عمّا كانوا يعملون }
فيا إخوتاه ! : { .. اتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثُمَّ توفى كلُّ نفسٍ بما كسبت وهم لا يظلمون }
وأعدّوا العدَّة ، وجهزوا الزاد { وتزودوا فإنَّ خير الزَّاد التقوى }

الخاتمة

... وبعد :
ها نحن نقف على مشارف نهاية هذا الجزء الذي حوى ومضات سريعة و لمحات عاجلة لبعض جوانب العقيدة والتوحيد ، حرصت أن يكون سهل العبارة ، وسلس الأسلوب ، وميسَّر الطّرح ، فنظَّر الله من شرَّفني بالنظر إليه ، والقراءة له ، والدعوة لما فيه ، والمساعدة في نشره..
وما كان فيه من حقٍّ وصواب فمن الله تعالى الكريم الوهاب ، فهو الهادي إليه والمثبت عليه ، وما فيه من خطأ وزلل فمن نفسي والشيطان ، والله تعالى منزَّه عنه ، ورسوله بريءٌ منه ، وأستغفر ربّي من كلِّ ذنبي ، ورحم الله إمرأً أهدى إليَّ عيوبي ..
ومن أراد المزيد المفيد فعليه بكتب أهل العلم في هذا الميدان العظيم الذي نحن في حاجة له أكثر من حاجتنا للطعام والشراب والنَّفس !
كيف لا ؛ وثمرته جـنَّـةٌ عرضها السموات والأرض فيها من النعيم المقيم والخير العميم ما لا يخطر ببال ، ولا يحيط به الخيال ، فضلاً من الله ونعمة .
وبنقيضه شقاء دائم وعذاب ملازم في نار تلظى لا يصلاها إلاَّ الأشقى ، عدلاً من الله وحكمة .
نسأل الله رضاه وجـنَّـته ، ونعوذ به من ناره ونقمته .
والحمد لله أولاً وآخراً و ظاهراً وباطناً ، وصلىَّ الله على النبي ، وعلى آله وصحبه ، وسلَّم تسليماً كثيراً .

وكتبه
عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
لطف الله به ، وغفر له
جدة (21468)
ص . ب (34416)

-------------
[1] أنواع المحبَّة في الله تعالى :
1ـ محبة عطف وحنان للأبناء والأطفال ومن مثلهم .
2 ـ محبة تقدير وبر واحترام للأب والأستاذ ومن مثلهم .
3 ـ محبة ملاطفة وشهوة للزوجة .
4 ـ محبة طاعة وعبادة لله تعالى ، ويلحق بحب الطاعة حب الصالحين من عباد الله المؤمنين .
[2] والدعاء الذي اختص الله به :
1 ـ دعاء عبادة وثناء  : " يا جواد يا كريم "  " سبحان الله العظيم " " سبحانك لا إله إلاَّ أنت " .
2 ـ دعاء عبادة ومسألة : " يا رحيم ارحمني " " اللهم اغفر لي " .
[3] والطواف والذبح عند القبور والأضرحة على  أوجه :
1 ـ إن طاف وذبح لصاحب القبر فهو مشرك شركاً أكبر ينافي التوحيد سواء صاحّبها عقيدةٌ أم لم يصاحِبها .
2 ـ إن كان طوافه لله ، لكن اعتقد فيها المنع والنفع ، فهو مشرك شركاً أكبر مخرجٌ من المِلَّة ينافي التوحيد .
3 ـ إن كان طوافه لله ولم يعتقد تأثيرها ، وإنما يقول : هؤلاء لهم مكانة ومنزلة ، فمنزلتهم سببٌ في دفع البلاء أو جلب النفع ، فهذه بدعة شركيَّة هو ملعونٌ بها كما لعن الله اليهود والنصارى ، وكما لعن من اتخذ القبر مسجداً ، ولكنه ليس مشركاً شركاً أكبر مخرج من الملَّة .
[4] أنواع التبرك :
1 ـ تبرك بأمر شرعي ، ككتاب الله تعالى ، فلا حرج فيه .
2 ـ تبرك بأمر حسِّي  ، كالعلم الشرعي ، والدعاء لنفسك أو غيرك ، والتبرك بعلم الرجل الصالح ومجالسته ودعائه ، وليس تبركٌ بذاته .
3 ـ تبرك شركي بالقبور والصخور وغيرها مما ليس فيه بركة لا شرعاً ولا قدراً .وهذا النوع أقسام :
أ ـ إذا صرف شيئاً من العبادة لها ، فشرك أكبر ينافي التوحيد .
ب ـ إذا اعتقد أنها وسائط بينه وبين الله ، فشرك أكبر ينافي التوحيد .
ج ـ اعتقد أنها ليست واسطة ، وإنما لمجرَّد البركة ، فقد ابتدع بدعة شركيَّة ينافي كمال التوحيد الواجب . 
[5] وتمام التوكل عليه سبحانه يشمل : الاعتماد عليه ، والثقة به ، والأخذ بالأسباب المباحة في جلب المرغوب ودفع المرهوب .
[6] لبس الحلقة أو الخيط أو الودع أو غيرها إن اعتقد فيها النفع والضُّر ، فإنَّ هذا ينافي أصل التوحيد وينقض الإيمان ، وإن اتخذها سبباً فهذا شركٌ أصغر ينافي كمال التوحيد ويخدش في الإيمان ، حيث تعلَّق قلبه بالسبب ، والقاعدة تقول : ( جعل ما ليس سبباً سبباً شرك ) ، ويثبت السبب بالنصِّ الشرعي مثل أخذ غسالة الحاسد ، أو يثبت قدراً بالتجربة كالجبيرة والعلاج الطبي والرقية الشرعية ، مع وجوب  تعلُّق القلب بالمسبب لها وهو الله تعالى ، وأن يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت فهي مرتبطة بقضاء الله وقدره .

[7] والواجب هدم المسجد إذا بني على القبر ، ونبش القبر وتحويله إلى مكان آخر مأمون الفتنة إذا دفن الميت في المسجد .
[8] الصلاة عند القبر على عدَّة أحوال :
1 ـ من يصلي عند القبر من غير اعتقادٍ في القبر ولا في صاحبه ، وقصد وجه الله وظنَّ أن العبادة أفضل في هذا المكان ، فهذا ارتكب بدعةً شركية ، وهو ملعون ، ومن شرار الخلق ـ عياذاً بالله ـ ولكنه ليس مشرك شركاً أكبر مخرج من الملَّة .
2 ـ من يصلي عند القبر وهو معتقد في صاحب القبر أنه يدفع الضرّ أو يجلب الخير ، فالتجأ به وطلبه واستغاث به  فهو مشرك شركاً أكبر مخرج من الملَّة وقد أتي بما ينافي التوحيد .
3 ـ من عبد الله عند القبر جاهلاً ، ولم يعلم بوجود القبر ، فصلاته صحيحة ، وليس بآثم .

[9] ويحرم شدُّ الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا مما نهى عنه و حذَّر منه ، وجعل ذلك من اتخاذه عيداً ، وفاعل ذلك ملعون بنصِّ الحديث .
[10] التصوير فيه تعدٍّ على الله تعالى من جهة الربوبية ، لأن الله تعالى اختصَّ بالخلق والأمر . ( ألا له الخلق والأمر . تبارك الله أحسن الخالقين )
[11] الذبح لغير الله تعالى نوعان :
1 ـ تقرباً وتعظيماً وتعبداً سواءً رجى  خير من يذبح له أو خاف شرَّه ، فهذا شركٌ أكبر مخرج من الملَّة ينافي أصل التوحيد ، مثل الذبيحة عند الانتهاء من بناء المسكن ووضعها في البيت وتركها أو تلطيخ جدرانه بدمها اعتقاداً أنه يستكفي شرَّ الجنِّ بها .
2 ـ فرحاً وإكراما عند مقدم عزيز أو ضيفٍ ، مع إخلاص النيَّة لله تعالى ، فهذا مطلوبٌ شرعاً .
[12] أنواع النَّذر :
1 ـ نذرٌ لله تعالى : أ ـ منه طاعةٌ لله تعالى يجب الوفاء به . ب ـ نذر معصية لا يجب الوفاء به .
2 ـ نذر لغير الله تعالى في طاعةٍ أو معصيةٍ فهذا شركٌ لأن النذر عبادة يجب صرفها لله تعالى .
[13] التوسل الشرعي الذي يُدفع به البلاء ، وتُستجلب به النعماء ثلاثة أمور :
1 ـ أسماء الله الحسنى وصفاته العلى ، كقولك : يا رحيم أرحمني .. يا غافر الذنوب اغفر لي .
2 ـ بالأعمال الصالحة ، كقولك : اللهم أني أسألك بإيماني بك أن ترحمني .. اللهم أني أسألك بمحبتي لنبيك محمد أن تغفر لي .
3 ـ بدعاء المسلم الصالح لك .
[14] وهذا كفر معارضة واستهزاء وتكذيب ، وهو أشدُّ من كفر الإعراض الذي هو مجرد الترك كترك الصلاة أو غيرها ، وهو أشدُّ من السجود لصنم أو وثن ، فهذا مع كفره يعظم الله والآخر أعظم كفراً لزيادة انتقاصه ومسبته لله عزَّ وجلَّ .
[15] والمستهزئ بأهل العلم والحسبة وأهل الدين والاستقامة يتردد بين ضلالتين :
الأولى : إذا كان يقصد ذات الدين والشرع والسنن الثابتة كاللحية وعدم الإسبال وغيرها ، فهذا كفر وبحسبه من الشر أن يحقر أخاه المسلم .
الثانية : إذا كان يقصد ذواتهم وبعض أفعالهم وصفاتهم غير قاصدٍ لما يطبقون من أمور دينهم ، فهذا آثم عاص غير كافر .
[16] والحكم بغير ما أنزل الله كالقوانين الوضعية على أحوال :
1 ـ من حكم بغير ما أنزل الله معتقداً أن حكم الله لم يعد يصلح لهذا الزمن ، أو أن غيره أحسن منه ، أو أنه غير كامل وفيه ظلم وقسوة ، فهذا كفر ردَّة يخرج به من الإسلام ويرتدَّ عن الدين وهو من أعظم المفسدين والمحاربين لربِّ العالمين .
قال تعالى :{ .. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }
2 ـ من حكم بغير ما أنزل الله معتقداً أن حكم الله أفضل وأن شرعه أكمل ، ولكن ليوافق شهوته وليصل إلى رغبته بهذه القوانين ، فهذا فاسق ناقص الإيمان غير مرتدٍّ عن الدين .
قال تعالى :{ .. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون }
3 ـ من حكم بغير ما أنزل الله معتقداً وجوب الحكم بشرع الله ، ولكن لخوف سلطانٍ جائر أو الأعداء المحاربين ، فهذا ظالم لنفسه غير كامل الإيمان .
قال تعالى :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون }
[17] الأحبار والرهبان المقصودون هم الذين علموا الحلال فحرَّموه قصداً بلا شبهة ولا اجتهاد ، وأحلوا الحرام مع علمهم به قصداً بلا شبهة ولا اجتهاد .
[18] المقصود بأنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً ؛ أي لا يؤجر ويثاب عليها  ، مع وجوب فعلها والمحافظة عليها ، فإنَّه إن تركها كفر لتركها .
[19] المصدِّق بالكاهن كافر لأنه يخالف الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة في اختصاص الله تعالى بعلم الغيب دون سواه ، فلا يعلم الغيب إلاَّ الله . ومن شكَّ في صدق الكاهن أو كذبه ، فهو كذلك كافر لأنه شكَّ أنَّ هناك أحداً غير الله تعالى عنده مفاتيح الغيب .

[20] تعلُّم علم النجوم والأفلاك ينقسم إلى قسمين :
1 ـ ليعرف مواسم الزرع ودخول الأوقات والفصول لا معتقداً أنَّ هذا النجم مؤثِّر بنفسه ، وإنما علامةٌ فقط بأمر الله تعالى فهذا لا بأس به .
2 ـ ليستدلَّ على الحوادث الأرضية ، ويربطها بذاتها بالأحوال الفلكيَّة مثل قوله :( زواجكما يفشل في نجم كذا ) . أو : ( تجارتك تربح في نجم كذا )  فهذا كفر لأنَّه تعدٍ على الله عزَّ وجلَّ فيما هو خاصُّ به سبحانه وهو علم الغيب  .

[21] والاستسقاء بالنجوم والأنواء  أحوال :
1 ـ طلب السقيا منها  ، فهذا شركٌ في الربوبية والألوهية لاعتقاد الخلق والإيجاد لغير الله تعالى ينافي أصل التوحيد .
2 ـ إسناد المطر وإنزاله إليها استقلالاً بنفسها دون الله ، فهذا شركٌ أكبر ينقض التوحيد .
3 ـ إسناد السقيا إليها وجعلها سبباً ، فهو من جعل ما ليس سبباً سبباً ، ففيه تعـدٍ على الله تعالى ، فهذا شركٌ أصغر غير مخرجٍ من الملَّة ينافي كمال التوحيد .
[22] نسبة المطر إلى الأنواء ثلاثة أنواع :
1 ـ نسبة إيجاد وخلق ، فهذا شركٌ أكبر .
2 ـ نسبة سببية ، وهذا شركٌ أصغر .
3 ـ نسبة وقت وزمن ، فهذا جائز ، بشرط حذف باء الاستعانة أو باء السببية ، والإتيان بحرف (في ) : مطرنا في نوء كذا ، فهذا قصد الإخبار فقط عن وقت نزول المطر .
[23] التسخط على أقدار الله المؤلمة ينافي كمال التوحيد ، وقد يؤدي إلى مناقضة أصل التوحيد عند فعل كفر أو قول كفر حال وقوع المصيبة .

[24] والواجب المتحتم عند وقوع المصيبة أمور :
1 ـ أن يصبر في نفسه بعدم الجزع .
2 ـ أن يصبر في لسانه بعدم التشكي والتسخط .
3 ـ أن يصبر في جوارحه بردِّها عن أفعال التسخط مثل لطم الخدود وشق الجيوب ونتف الشعر وتعفير الرأس بالتراب وغيرها .

[25] سبُّ الدهر على ثلاثة أحوال :
1 ـ شركٌ أكبر ينافي التوحيد ، كقوله : يا خيبة الدهر ! ، هذه الليلة شديدة الحرارة ، بردها شديد ، مع اعتقاده أنَّ الموجد للبرد والحرِّ هو الدهر والليل والزمن .
2 ـ معصيةٌ لا تجوز ، لعدم الصبر والاحتساب والتسخط من قدر الله وعدم الصبر عليه ، مثل الإخبار  بتذمر وتضجر عن شدَّة الحرِّ أو البرد ، مع العلم والإقرار أن الخالق لذلك هو الله تعالى.
3 ـ جائز لأنه من باب الإخبار فقط، كقوله : هذا اليوم حار أو يوم عصيب أو شديد الحرارة ، ولا يقصد التسخط ولا الاعتراض ، ولا يصاحب ذلك عقيدة في الدهر .
[26] سبُّ الدَّهر والأرض والجمادات والحجارة والمخلوقات كُلُّها وما تشتمل عليه هو  مِن سبِّ الله تعالى ، لأنه في الحقيقة سبٌّ لصانعها ، فلو سببت بيتاً لضعف بنيانه ، أو مركبة لرداءة صنعها ، فهذا سبٌّ لصانعها ، فيجب البعد عنه والحذر منه .
[27] الدهر ؛ ليس من أسماء الله تعالى ، والمعنى : أنَّ الله هو مقلِّب الدهر كيف يشاء .

 

عبداللطيف الغامدي
  • كنوز دعوية
  • مقالات ورسائل
  • كتب ورسائل
  • الصفحة الرئيسية