كان في جلال آباد .. في منطقة (أده)
كان هناك راجمة صواريخ (BM 12) ..
يرمي عليه أسد من أسود الله .. ودك تحب راسه ..
أغاظ الأعداء فعلاً .. جاب لهم الصمرقع ..
يرمي بالليل و النهار و الفجر و السحر و في كل وقت ..
كانت دبابات العدو و مدافعه الميدانية و راجماته لا تهدأ في محاولة اسكات هذه
الراجمة ..
و كان هو لا يهدأ أبداً و لا يمل من الرمي على العدو .. و لا يغير مكانه ..
رغم أن موقعه مكشوف .. و العدو يعرفه ..
بل إنه لا يكيف و لا يطرب .. و لا يشتد بالرمي .. إلا إذا بدا العدو بالرد
عليه .. فترى العجب ..
ترى قذيفته تخرج في نفس الوقت الذي تسقط عليه قذائف الأعداء ..
يرسل و يستقبل في نفس الوقت
حتى أننا كنا نرى الطائرات تأتي له خصيصاً .. تبحث عنه
و ترمي جام غضبها .. و نيرانها عليه .. و تفرغ على موقعه حمولتها من الموت
الحمر ..
من القنابل الثقيلة و الخفيفة بأنواعها .. و ترجع لقواعدها ..
فنقول .. قد استشهد الرجل .. أو أصيب ..
فإذا بقذائف الراجمة تخرج من بين الغبار و الدخان الذي لم يتفرق بعد ....
فنكبر .. و يكبر الجميع .. و نحمد الله على سلامته .. و نتمنى لو يمسك حتى
تذهب الطائرات
و لكن هيهات .. فهذه هوايته .. مشهد عجيب ..
لقد كان يسخر من الطائرات .. و المدافع و الدبابات التي تركز في قصفها عليها
لتسكته ..
بل كان يرمي أحياناً .. و الطائرات ما تزال فوقه ..
في تحدي جرئ .. نادر ..
لله دره من رجل .. كنا نعجب منه جداً .. و نعجب من جرأته ..
كان في رمضان .. يصلي الأعداء بحمم راجمته .. مع أذان المغرب ..
حتى كنا نفطر عندما نسمع صوت الراجمة التي عشقناها .. و أصبحنا نطرب لصوتها
..
و كنا نسأل عنه .. إذا تأخر الرمي عن وقت الأذان .. عسى ما أصابه مكروه ..
و أحياناً .. كان نذهل عن الفطور .. و نقف على أقدامنا فوق التل
لنرى الفاصل الإعلاني الظريف الذي يقدمه وقت الأذان ..
فهو يلعب مع الطائرات .. لعبة القط و الفأر ..
تنزل الطائرات عليه كالنسور .. و ترمي قذائفها الموجهة نحوه ..
و يعلو الغبار .. .. و ما أن تدبر الطائرات ..
حتى تسمع صوت صفير راجمته .. و ترى ستة أو ثمانية قذائف منطلقة من هذا الغبار
..
متجهة جهة العدو .. قروووووووووم .. قرووووووووووووووم
قروووووم .. قروووووووووم .. قروووووووووووم .. قرووووووووووووم ..
وييييييييييييي .. وييييييييييييييييي .. ويييييييييييييييييي ..
وييييييييييييييييييييييييي ..
غرررررررررزز .. غرررررررررزز .. غررررررررزز .. غرررررززززززز
هذا هو الطرب و الله ..
فلا عجب إذا أنشد المنشد :
أهوى حنين الدشكا .. و البي إم دوازده
و قال أبوطارق اليمني رحمه الله :
يا سلا خاطري لا حنّ الستنجر .. و المدافع رمت دانة قفا دانه
همام