أشار لي بيده .. فتبعته ..
أخذني إلى ركن قصي في بيت الأنصار ..
عندك فلوس ؟؟ ..
نبشت جيبي .. فوجدت فيها خمسمائة روبية ..
ليس معي غير هذه .. فقال لا بأس أعطني إياها بسرعة قبل لا يروح الرجال ..
أخذها .. وضعها في ظرف .. و أغلقه .. و كتب عليه .. تصل إلى فلان ..
و أعطاها أحد الأخوة ليوصلها إليه .. و اشترط عليه أن يقول أنه أخذها من شخص
لا يعرفه ..
كانت هذه عادته .. في تتبع حاجات الإخوة .. و كتمانها ..
و حسب الميانة .. إذا لم يكن عنده شيئاً .. جاءني .. و أخذ كل ما معي ..
.. كلما حل في جبهة أو معسكر تتبع أحوال الشباب و استقصاها .. و هو ساكت ..
فإذا إذا رجع إلى بيشاور .. اشتغلت المظاريف المغلقة ذات العبارة المشهورة ..
تصل إلى يد فلان ..
كانت حياة التكافل هناك و الإيثار و الزهد شيء لا يوصف ..
مئات من الشباب لا يملك أحدهم إلا ملابسه التي عليه .. و التي توزع في مكتب
الخدمات أو المعسكرات ..
كنا نذهب إلى النهر .. فنغتسل .. ثم نتزر بالرداء الأفغاني (البتو) .. حتى
نغسل ملا بسنا و نشرها في الشمس حتى تجف
ثم نلبسها مرة أخرى ..
ما بين فترة و أخرى كان يصل لأحدهم شيء من المال صحبة رسالة من أهله ..
فما هي إلا أيام حتى يصرفها كلها على الشباب .. فيشتري لهذا حذاء و لهذا بدلة
.. و يرسل لآخر نقداً ..
كان ملك أحدهم حق مشاع للجميع ..
و لا يجد أحدهم حرج من أن يسأل اخوانه شيء من المال يشتري به حاجة ضرورية له
..
كان حضور أخ جديد من البلاد .. تعني وجبة دسمة من الكباب أو البيتزا ..
ثم ما يلبث أن يصبح واحد منا بعد أن ننظف جيوبه .. ..
لم نكن نحسن أن نقول لراعي الدكان .. واحد بيبسي ..
لم يكن لأحد حاجة في أن يجمع المال .. أو يحفظه أو يكنزه ..
لا يفكر في الغد .. ينفق ما معه .. و هو يعلم أن رزق غده مكتوب له ..
لقد أصبحنا الآن نخطط لعشرات السنوات القادمة .. و نكنز المال احتساباً
للظروف ..
يمر أحد الجيران أو أحد الاخوان بضائقة مالية و تلم به مصيبة .. فلا نملك له
إلا الدعاء ..
فهل تغيرنا نحن ؟؟
أم تغيرت الظروف ؟؟ ..
أم ضعف اليقين ..؟؟
هل كنا سفهاء .. ؟؟ .. و لم يأنس منا الرشد إلا الآن ؟؟ ..
هل هو الحزم و الحكمة ؟؟ ..
أم هم الأولاد .. المجبنة المبخلة .. ؟؟
هل اهتزت عقيدتنا في أن الله كتب رزقنا قبل أي يخلقنا ؟؟
أم المعرفة شيء آخر .. غير اليقين ؟؟
( لقد ألقى روح القدس في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها و أجلها ) ..
.. فمم الخوف ..؟؟
يقول الشيخ عبدالله عزام .. أن أغلب ما يمنع الناس من الجهاد هو الخوف على
الرزق و الأجل ..
و هم يعرفون أن الله تكفل بهما ..
.. و لكن أين اليقين ؟؟ ..
همام