اطبع هذه الصفحة


الإسلام والروح الرياضية

د. بدر عبد الحميد هميسه

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي جعل العزة لله ولرسوله وللمؤمنين , فأعزهم وأكرمهم بالمنهج الرباني الذي فيه السعادة والكمال , والفلاح والصلاح لكل أمور حياتهم في المعاش والمعاد , وأصلي وأسلم على خير مبعوث , أرسله ربه لتحقيق منهج الهداية والعزة للبلاد والعباد .
وبعد . . ؛
فإن الإسلام هو دين الجلال والكمال , الذي ارتضاه الكبير المتعال لجميع الناس من عرب ومن عجم , وجعله صالحا لكل زمان ومكان بما حوى من تشريعات ومباديء ومثل , فكل شيء في الإسلام يتحول إلى عبادة للملك العلام , إذا أخلص فيه المرء النية , وصحح الطوية , وعبد الله بما شرع , فالضحك إذا كان غرضه الترويح عن النفس لتجديد النشاط واستكمال الهمة, فهو عبادة , والرياضة إذا كان غرضها تقوية الجسم واستعادة نشاطه , وجعله قادراً على العمل وتعمير الأرض فهي عبادة , وهكذا كل شيء إذا خلصت فيه النية لله , وتحققت فيه المنفعة يُعد عبادة .
( 1 ) حث الإسلام على ممارسة الرياضة
حث الإسلام على ممارسة الرياضة المفيدة النافعة , وجعلها أداة لتقوية الجسم ؛لأنه يريد أن يكون أبناؤه أقوياء في أجسامهم وفى عقولهم وأخلاقهم وأرواحهم, ولقد مدح الله تعالى القوة في كتابه الكريم , فقد وصف الله تعالى نفسه فقال : \" ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ \" سورة الذاريات : 58.
ومدح أمين الوحي جبريل عليه السلام بالقوة فقال : \" إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) سورة : التكوير .
وامتن على الخلق بنعمة القوة فقال : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)الروم.
وقال على لسان نبيه نوح عليه السلام : \" وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ \"(52)هود.
وافتخرت ملك سبأ بذلك فقالت : \" قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)النمل .
وأمر الله تعالى عباده المؤمنين بأن يعدوا لأعداء الله كل ما يستطيعون من قوة فقال \" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ . . (60) سورة الأنفال.
فالمؤمن القوي , سليم الجسم لا شك أنه خير وأحب الله من المؤمن الضعيف , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجَزْ فَإِنْ أَصَابَكَ شَىْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا . وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ. أخرجه أحمد 2/366(8777) و\"مسلم\" 8/56 و\"النَّسائي\" في \"الكبرى\" 10383 . انظر حديث رقم : 6650 في صحيح الجامع .
لأن الجسم القوي أقدرُ على أداء التكاليف الدينيّة والدنيويّة، وأن الإسلام لا يُشَرِّع ما فيه إضعاف الجسم إضعافًا يُعجزه عن أداء هذه التكاليف، بل إن الإسلام خفّف عنه بعض التشريعات إبقاءً على صحّة الجسم، فأجاز أداء الصلاة من قعود لمَن عجز عن القيام، وأباح الفِطر لغير القادر على الصّيام، ووضع الحجّ والجهاد وغيرهما عن غير المُستطيع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص وقد أرهق نفسَه بالعِبادة صيامًا وقيامًا: \"صُمْ وأفْطِرْ وقُمْ ونَمْ، فإنّ لبدنِك عليك حَقًّا وإنّ لعينِك عليك حقًّا\" (رواه البخاري ومسلم.)
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه دائماً على ممارسة الرياضة , وينتهز الفرص السانحة في تطبيق ذلك عملياً , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ:كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَتَرَّسُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتُرْسٍ وَاحِدٍ ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَنَ الرَّمْيِ ، فَكَانَ إِذَا رَمَى يُشْرِفُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ نَبْلِهِ.أخرجه أحمد 3/265(13836) و\"البُخَارِي\" 4/46(2902) .
وعنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ شَِمَاسَةَ ، أَنَّ فُقَيْمًا اللَّخْمِيَّ قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ : تَخْتَلِفُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَرَضَيْنِ ، وَأَنْتَ كَبِيرٌ ، يَشُقُّ عَلَيْكَ ؟ قَالَ عُقْبَةُ : لَوْلاَ كَلاَمٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ أُعَانِهِ ، قَالَ الْحَارِثُ : فَقُلْتُ لاِبْنِ شَِمَاسَةَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : إِنَّهُ قَالَ:مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ ، ثُمَّ تَرَكَهُ ، فَلَيْسَ مِنَّا ، أَوْ قَدْ عَصَى. أخرجه مُسْلم 6/52(4987).
عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، وَجَابِرَ بْنَ عُمَيْرٍ الأَنْصَارِيَّيْنِ يَرْمِيَانِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ اللهِ ، فَهُوَ لَهْوٌ وَلَعِبٌ ، إِلاَّ أَرْبَعٌ : مُلاَعَبَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ ، وَتَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ ، وَمَشْيُهُ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ ، وَتَعْلِيمُ الرَّجُلِ السِّبَاحَةَ. أخرجه النَّسَائِي ، في \"الكبرى\" 8889 أخرجه النسائي في \" كتاب عشرة النساء \" ( ق 74 / 2 ) و الطبراني في \" المعجم الكبير \" ( 1 / 89 / 2 ) الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 1 / 562 .

وهناك رياضات كثيرة حث عليها الإسلام منها :

1-الرماية ، عنْ أَبِي عَلِيٍّ ، ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيٍّ ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، يَقُولُ : \" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ) أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ ، أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ ، أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ. أخرجه أحمد 4/156(17568) و\"مسلم\" 6/52(4984) و\"أبو داود\"2514 .
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّ اللهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، يُدْخِلُ الثَّلاَثَةَ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ الْجَنَّةَ : صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ ، وَالْمُمِدَّ بِهِ ، وَالرَّامِيَ بِهِ. وَقَالَ : ارْمُوا وَارْكَبُوا ، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا ، وَكُلُّ شَىْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ بَاطِلٌ ، إِلاَّ رَمْيَةَ الرَّجُلِ بِقَوْسِهِ ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ ، وَمُلاَعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ ، وَمَنْ نَسِيَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عُلِّمَهُ فَقَدْ كَفَرَ الَّذِي عُلِّمَهُ.
- وفي رواية : عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الأَزْرَقِ ، قَالَ : كَانَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ يَخْرُجُ فَيَرْمِي كُلَّ يَوْمٍ ، وَكَانَ يَسْتَتْبِعُهُ ، فَكَأَنَّهُ كَادَ أَنْ يَمَلَّ ، فَقَالَ : أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِنَّ اللهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلاَثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ : صَاحِبَهُ الَّذِي يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ ، وَالَّذِي يُجَهِّزُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَالَّذِي يَرْمِي بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ. وَقَالَ : ارْمُوا وَارْكَبُوا ، وَإِنْ تَرْمُوا خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا. وَقَالَ : كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ ابْنُ آدَمَ فَهُوَ بَاطِلٌ ، إِلاَّ ثَلاَثًا : رَمْيَهُ عَنْ قَوْسِهِ ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ ، وَمُلاَعَبَتَهُ أَهْلَهُ ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ. قَالَ : فَتُوُفِّىَ عُقْبَةُ وَلَهُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ ، أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ قَوْسًا ، مَعَ كُلِّ قَوْسٍ قَرْنٌ وَنَبْلٌ ، وَأَوْصَى بِهِنَّ فِي سَبِيلِ اللهِ.
أخرجه أحمد 4/144(17433) و\"الدارِمِي\"2405 و\"ابن ماجة\"2811 و\"التِّرمِذي\"1637 .
2 - المصارعة ومثلها الملاكمة: وقد صارع النبي جماعة ، منهم ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب ، وكان بمكة ويحسن الصراع ويأتيه الناس من البلاد فيصرعهم قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : : وَحَدّثَنِي أَبِي إسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ ، قَالَ كَانَ رُكَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَشَدّ قُرَيْشٍ ، فَخَلَا يَوْمًا بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَعْضِ شِعَابِ مَكّةَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَا رُكَانَةُ أَلَا تَتّقِي اللّهَ وَتَقْبَلُ مَا أَدْعُوك إلَيْهِ ؟ قَالَ إنّي لَوْ أَعْلَمُ أَنّ الّذِي تَقُولُ حَقّ لَاتّبَعْتُك ، فَقَالَ ( لَهُ ) رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَفَرَأَيْت إنْ صَرَعْتُك ، أَتَعْلَمُ أَنّ مَا أَقُولُ حَقّ ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقُمْ حتى أُصَارِعَك . قَالَ فَقَامَ إلَيْهِ رُكَانَةُ يُصَارِعُهُ فَلَمّا بَطَشَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَضْجَعَهُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا ، ثُمّ قَالَ عُدْ يَا مُحَمّدُ فَعَ ادَ فَصَرَعَهُ فَقَالَ - يَا مُحَمّدُ . وَاَللّهِ إنّ هَذَا لَلْعَجْبُ أَتَصْرَعُنِي فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ إنْ شِئْت أَنْ أُرِيَكَهُ إنْ اتّقَيْتَ اللّهَ وَاتّبَعْت أَمْرِي ، قَالَ مَا هُوَ ؟ قَالَ أَدْعُو لَك هَذِهِ الشّجَرَةَ الّتِي تَرَى فَتَأْتِينِي ، قَالَ اُدْعُهَا ، فَدَعَاهَا ، فَأَقْبَلَتْ حَتّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . قَالَ فَقَالَ لَهَا : ارْجِعِي إلَى مَكَانِك . قَالَ فَرَجَعَتْ إلَى مَكَانِهَا قَالَ فَذَهَبَ رُكَانَةُ إلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ سَاحِرُوا بِصَاحِبِكُمْ أَهْلَ الْأَرْضِ فَوَاَللّهِ مَا رَأَيْت أَسْحَرَ مِنْهُ قَطّ ، ثُمّ أَخْبَرَهُمْ بِاَلّذِي رَأَى وَاَلّذِي صَنَعَ \" ابن هشام : السيرة النبوية 1/390, السيوطي : الخصائص الكبرى 209 .
وقال البلاذرى : إن السائل للمصارعة هو ركانة ، فقال له : تهيأ للمصارعة ، فقال : تهيأت ، فدنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه ثم صرعه ، فتعجب من ذلك ركانة ، ثم سأله الإقالة مما توافقا عليه ، وهو الإيمان والعودة إلى المصارعة، ففعل به ذلك ثانيا وثالثا : فوقف ركانة متعجبا وقال : إن شأنك لعجيب ، وأسلم عقبها ، وقيل أسلم في فتح مكة . رواه الحاكم وأبو داود والترمذي .
كما صارع النبي ابن ركانة واسمه يزيد، فقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ثلثمائة من الغنم ، فقال : يا محمد هل لك أن تصارعني؟ قال : وما تجعل لي إن صرعتك ؟ قال : مائة من الغنم ، فصارعه فصرعه ، ثم قال : هل لك في العود؟ قال : وما تجعل ؟ قال : مائة أخرى . فصارعه فصرعه ، وذكر الثالثة، فقال : يا محمد، ما وضع جنبي في الأرض أحد قبلك ، ثم أسلم ورد عليه غنمه ، روى عنه أنه قال : ماذا أقول لأهلي؟ شاة افترسها الذئب ، وشاة شذت منى ، فماذا أقول في الثالثة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما كنا لنجمع عليك فنصرعك فنغرمك ، خذ غنمك وانصرف (ذكره الزرقانى في شرح المواهب ج 4 ص 293) .
وكذلك صارع النبي أبا الأسود الجمحى ، وكان رجلا شديدا بلغ من قوته أنه كان يقف على جلد البقرة ويتجاذب أطرافه عشرة لينزعوه من تحت قدميه فيتفرى الجلد ولم يتزحزح عنه ، وكان من المشهورين بالمصارعة في الإسلام محمد بن الحنفية ، جلس كالجبل يحركه رسول الروم لمعاوية يتحدى به أقوياءه ، فأقر رسول الروم بقوة محمد، ثم رفعه محمد مرات وجلد به الأرض .
3 - ركوب الخيل والحيوانات الأخرى والمسابقة عليها ، والعرب من قديم الزمان مشهورون بالفروسية ، وكان الناشئ منهم لا يصل إلى الثامنة حتى يتحتم عليه أن يتعلم ركوب الخيل ، والله سبحانه وتعالى قد نوَّه وأقسم بها في قوله تعالى وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) سورة العاديات ، فهي من أهم أدوات الحرب ، كما نوه بها في السلم فقال سبحانه \" وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) النحل : 8 ، وأوصى رسوله بالعناية بها فقال { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } الأنفال : 60 ، ورباط الخيل تعهدها بما يحفظ عليها قوتها، ويجعلها دائما على استعداد للغزو وغيره ، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت ، فأرسلها من الحفياء ، وكان أمدها ثنية الوداع والمسافة نحو ستة أميال أو سبعة ، وسابق بين الخيل التي لم تضمر، فأرسلها من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق ، والمسافة نحو ميل ( تضمير الخيل هو إعطاؤها علفا قليلا بعد سمنها من كثرة العلف ، وكانت عادة العرب أن تعلف الفرس حتى يسمن ، ثم ترده إلى القوت أي الأكل العادي .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين : \" يا خيل الله اركبي \" وقال \"اركبوا الخيل فإنها ميراث أبيكم إسماعيل \" وقد سابق النبي أيضا على الجمال فسابق على ناقته العضباء .
وذكر الجاحظ في البيان والتبيين أن عمر أرسل كتابه إلى الأمصار يقول فيه :علموا أولادكم السباحة ، والفروسية . وفى رواية ومروهم يثبوا على الخيل وثبا، ورووهم ما سار من المثل وحسن من الشعر .
4 -العَدْوُ: وهو تدريب على سرعة المشى، يلزم للأسفار من أجل الجهاد ونشر الدعوة والسعي لتحصيل الرزق وغير . عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم \" من مشى بين الغرضين -علامتين لتحديد المسافة-كان له بكل خطوة حسنة\" . أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (5/269) قال الهيثمى : فيه عثمان بن مطر وهو ضعيف .
وقد اشتهر من العرب في سرعة العدو حذيفة بن بدر، وكان قد أغار على هجائن النعمان بن المنذر بن ماء السماء، وسار في ليلة مسير ثمان ، فقال قيس بن الحطيم :

هممنا بالإقامة ثم سرنا * * * كسير حذيفة الخير بن بدر

وكذلك من العدائين المشهورين ذكوان مولى آل عمر بن الخطاب فقد سار من مكة إلى المدينة في يوم وليلة \"المسافة حوالى 500 كيلو متر\" ولما قدم على أبى هريرة خليفة مروان على المدينة وصلى العتمة قال أبو هريرة : حاج غير مقبول منه . فقال : ولم ؟ قال : لأنك نقرت قبل الزوال ، -ظن أنه خرج من مكة قبل أن يرمى الجمرة التى يدخل وقتها بالزوال - فأخرج له كتاب مروان بعد الزوال وقال :

ألم ترنى كلفتهم سير ليلة * * * من آل منى نصا إلى آل يثرب
فأقسمت لا تنفك ما عشت سيرتى * * * حديثا لمن وافى بجمع المحصب

5 -اللعب بالسلاح - الشيش : وكان معروفا عند العرب باسم \"النقاف \" وهو أصل المبارزة بالسلاح المعروفة في شكلها الحالي ، وكان من صوره رقص الحبشة الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم منهم في المسجد، فكان عبارة عن حركات رياضية تصاحبها السهام ، ففي رواية عن أبى سلمة أن الحبشة كانوا يزفنون ويلعبون بحرابهم يتلقونها . وكانت المبارزة تتقدم الحروب والغزوات أيام الرسول عليه الصلاة والسلام ، ومن أشهر المبارزين على بن أبى طالب ومواقفه في بدر والخندق وغيرهما معروفة .
والتحطيب المعروف عندهم باسم \"اللبج \" أو \"اللبخ \" يشبه اللعب بالسيوف لأنه محاولة للأخذ قوامها هجوم ودفاع بالعصي .
6- رفع الأثقال ومثله ألعاب القوى: وكان يعرف عند العرب باسم \"الربع \" وهو أن يُشال الحجر باليد ، يفعل ذلك لتعرف شدة الرجل ، والربيعة والمربوع هو الحجر الذي يرفع ، وفى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يربعون حجرا أو يتربعون فقال : عمال الله أقوى من هؤلاء (ذكره في لسان العرب ) وأول من فكر في تلك اللعبة جابر بن عبد الله الأنصاري ، وكان مشهورا بقوته البدنية ، وقد اشتهر بالقوة البدنية على بن أبى طالب فإنه في غزوة خيبر لما ضاع ترسه أمسك بباب كان عند الحصن فتترس به عن نفسه ، وكان سبعة نفر ينوءون بحمله (ذكره في الروض الأنف ج 2 ص 239) .
7 - القفز أو الوثب العالي : وكان يعرف أيضا عند العرب باسم \" القفيزى\" حيث كانت توضع عارضة خشبية يتقافزون عليها ولها نظام خاص لإجادتها (عيون الأخبار لابن قتيبة ج ا ص 133 ).
8-الكرة: وهى تشبه لعبة البولو في هذه الأيام ، وقد وضعوا لها آدابا مذكورة في كتب الأدب ، قال الحارثة بن رافع . كنت ألاعب الحسن والحسين بالمداحى ، والدحو رمى اللاعب بالحجر والجوز وغيره ، والمداحى حجارة كشكل القرصة ، وتحفر حفرة فترسل تلك القرص نحوها، فمن وقعت قرصته فيها فهو الغالب ، وذكر أن ابن المسيب سئل عن الدحو بالحجارة فقال لا بأس به . قال شيخُ الإِسلام ابن تيميّة رحمه الله تعالى: (... ولعبُ الكرةِ إِذا كانَ قصدُ صاحبِة المنفعةَ للخيلِ والرجالِ؛ بحيثُ يستعانُ بها على الكرِّ والفرِّ، والدخولِ والخروجِ ونحوهِ في الجهادِ، وغرضُه الاستعانةُ على الجهادِ الّذي أَمر الله به ورسولُه صلى الله عليه وسلم ـ فهو حسن، وإنْْْْْْْْ كانَ في ذلك مضرةٌ بالخيلِ و الرّجالِ، فإنّه ينهى عنه).
علي نايف الشحود : موسوعة البحوث والمقالات العلمية 2.
9 -السباحة: عن عطاء بن أبى رباح قال : رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاري يرميان فملَّ أحدهما فجلس فقال له الآخر :كسلت ؟سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول \"كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل فهو لهو أو سهو إلا أربع خصال . مشى الرجل بين الغرضين ، وتأديبه لفرسه وملاعبته أهله ، وتعليم السباحة\" رواه الطبراني بإسناد جيد.
وروى البيهقى بسند ضعيف من حديث أبى رافع : حق الولد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي.
وعن ابن عباس قال : ربما قال لي عمر بن الخطاب : تعال أباقيك في الماء ، أينا أطول نفسا ونحن محرمون .
وفى تاريخ الخلفاء للسيوطي (ص 264) عندما تغلب معز الدولة أحمد بن بويه على بغداد شجع السباحة والمصارعة ، حتى كان السبَّاح يحمل الموقد عليه القدر باللحم إلى أن ينضج . وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سبح وهو صغير عندما زارت به أمه أخواله في المدينة ، فإنه عليه الصلاة والسلام لما هاجر ونظر إلى دار التابعة حيث دفن أبوه قال : هاهنا نزلت بى أمي وأحسنت العوم في بئر بنى عدى بن النجار، واستدل به السيوطي على أن النبي عَامَ وذكر أنه روى أبو القاسم البغوى وغيره عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سبح هو وأصحابه في غدير، فقال ليسبح كل رجل إلى صاحبه ، فسبح صلى الله عليه وسلم إلى أبى بكر حتى عانقه ، وقال : أنا وصاحبى (الزرقانى على المواهب اللدنية ج ا ص 164) .
هذه نماذج للتربية الرياضية أقرها الإسلام ، وشجع عليها . تعرف بها مدى مرونة الإسلام وشمول هدايته لكل مظاهر الحضارة الصحيحة .
فالإسلام لا يمنع من ممارسة الرياضة طالما أنها قد ارتبطت بآداب الإسلام ومبادئه القويمة .
وطالما كان مقصدها تقوية الجسم وجعله قادراً على آداء التكاليف الشرعية , والمهام الوظيفية , من العزة والاستخلاف على هذه الأرض.

( 2 ) آداب ممارسة الرياضة في الإسلام
أقر الإسلام الرياضة وشجع عليها ولكن في الإطار العادل الذي وضَعه للمصلحة، ويُلاحَظ أن التربية الرياضية لا تُثمِر ثمرتها المرجوّة إلا إذا صحبتها الرياضة الرُّوحيّة الأخلاقيّة، والأدب الإسلامي عند الخصومة والمنافسة يحتِّم عدم نسيان الشرف والذوق وعدم الفجور في المخاصمة، فتلك من خِصال المنافقين، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ ، كَانَ مُنَافِقًا ، أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ ، حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أخْلَفَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ.
وفي رواية - أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ ، كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ ، حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ. (أخرجه ابن أبي شيبة 8/405(25601) و\"أحمد\" 2/189 و\"البُخَارِي\" 1/15 (34) و\"مسلم\" 1/56(122).

ومن الآداب والأسس التي وضعها الإسلام لممارسة الرياضة :

1- عدم اللهو بالرياضة إلى حدِّ نسيان الواجبات الدينيّة والوطنيّة والواجبات الأخرى، ولا يرضَى أن نصرِف لها اهتمامًا كبيرًا يغطِّي على ما هو أعظم منها بكثير.
فقد أصبحت الرياضة والأخبار الرياضة تسيطر على عقول كثير من شبابنا , حتى وصلت إلى درجة الهوس , وصار الشاب مغرما بالثقافة الرياضة , ويجهل فرائض دينه , بل إذا سألت بعضهم عن أسماء أولاد النبي صلى الله عليه وسلم أو زوجاته أو أصحابه تجده جاهلا بكل ذلك , وفي المقابل لو سألته عن أسماء اللاعبين والفرق ونتائج المباريات تجده عالم زمانه وفقيه عصره وأوانه .
يحكي الشيح العريفي هذه الحكاية فيقول : \" كان موقفاً محرجاً ذلك اليوم لما دخلت على طلابي في الكلية.
كانت محاضرتي حول السيرة النبوية ..وقفت أمام الطلاب هم في السنة الثانية الجامعية أردت أن أقيس معلوماتهم لأعرف المستوى الذي أخاطبهم نم خلاله ..سألتهم : يا شباب أعطوني أسماء أربع زوجات .. من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ..كان سؤالاً سهلاً طرحته بين أيديهم على استحياء كانوا أربعين طالباً ..رفع أحدهم يده صارخاً : يا دكتور قلت : نعم قال : خديجة فعددت بأصابعي قائلاً : خديجة أحسنت رفع الثاني يده : يا دكتور عائشة ..قلت : ممتاز عائشة ثم سكتوا!!سكتوا؟! الأربعون ؟!! نعم سكتوا الأربعون !!أخذت أطوف بنظري بينهم وأردد عبارات الأسف ألا تعرفون رسولكم ألا تعرفون أمهات المؤمنين ( أفاااااا ) ..فقال أحدهم : هاه يا دكتور .. دكتور .. تذكرت إحدى زوجاته ..قلت : من قال : آمنة !!آمنة .. هي أم رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وقد ظن المسكين أنها زوجته ..قلت : آمنة !! هي أمه الله يخليك لأمك ..!!فسكت خجلاً ..وخيّم الصمت عليهم .. والحزن عليَّ ..فأراد أحدهم أن يزيل الكآبة عن الشيخ .. بجواب يبهج خاطره .. فقال :يا دكتور تذكرت اسم زوجة ..قلت : هاه من؟قال : فاطمة !!ضحك بعض الطلاب .. وظهر التعجب على آخرين وفريق ثالث .. لم يبدُ منه م أي تفاعل .. لأنهم يظنون الجواب صحيحاً .. يظنون فاطمة اسم زوجة من زوجاته صلى الله عليه وسلم ..قلت له : فاطمة رضي الله عنها هي ابنته سكت الطالب .. بل سكت الجميع ..فقلت لهم :أخبروني يا شباب بأسماء خمسة من لاعبي فريق .. فريق وجعلت أتذكر فريقاً كروياً أسألهم عنه وخشيت أن يجيبوا الجواب الصحيح فأصاب بخيبة أمل فلم أذكر فريقاً قريباً .. وإنما تباعدت .. علهم يعجزون عن الجواب فقلت : من لاعبي فريق البرازيل ..فتصايحوا : أنا .. أنا ..وجعلت الأسماء تهب عليّ هبوباً .. برنالدو .. تيتو الخ ..وأنا أعد بأصابعي فإذا أصابع يدي الأولى تمتلئ .. ثم تمتلئ أصابع يدي الثانية .. ثم أعود إلى الأولى فإذا هم قد عدوا خمسة عشر اسماً !!فسألتهم :الذي أعرف أن عدد لاعبي الفريق لا يتعدى أحد عشر لاعباً ..فلماذا ذكرتم خمسة عشر ..؟فقالوا : نحن ذكرنا لك أسماء اللاعبين الأساسيين والاحتياط والنكتة أنني لما كانوا يعدون أسماء اللاعبين كنت أعد بأصابعي وأعيد سم اللاعب فإذا أخطأت في لفظ الاسم ضحكوا من ( جهلي ) وعدلوا لي الاسم ..وصدق الله ( أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ) شعر طلابي بمقدار الحزن البادي على وجهي ..فبدؤوا يقولون مع تذرين : يا شيخ لا تلمنا فالإعلام يبرز هؤلاء فنحفظهم فقلت لهم : لا تعتذروا .. فالإعلام يملك أن يبرزهم لكنه لا يملك أن يلزمك بمتابعتهم .. وتتبع أخبارهم وحفظ أسمائهم .. وتذاكر قصصهم .. وجعلهم مادة لأحاديث مجالسنا ومواضيع منتدياتنا وألوان ألبستنا الخ ..فكما يوجد قنوات للرياضة .. فهناك قنوات للثقافة والأخبار والشريعة والتعليم ..وقل مثل ذلك فيما تنشره الجرائد والمجلات ومواقع الانترنت إلى غير ذلك فلا تعتذروا ومن الطريف أن أذكر ..أنني ألقيت محاضرة قبل أيام في إحدى القرى أؤكد : إحدى القرى كانت المحاضرة حول حياة النبي صلى الله عليه وسلم ..ذكرت في آخر المحاضرة أهمية تعلم السيرة النبوية .. ثم ذكرت هذا الموقف الذي وقع بيني وبين طلابي ..كان أمامي بعض صغار السن الذي لا تتجاوز أعمارهم العشر سنين ..فقلت في أثناء سردي للموقف : ثم سألأت طلابي : أعطوني أسماء أربع من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأكملت القصة والأمر عادي فلما قلت : ثم قلت لطلابي : هاه يا شباب .ز أعطوني أسماء خمسة من لاعبي البرازيل تصايح الصغار الذين أمامي : أنا .ز أنا .. أنا يظنوني أسأل الحاضرين !!فرأيتها فرصة لتسجيل موقف فالتفت إلى أحدهم .. وقلت : هاه يا شاطر أجب ..فقال : برنالدو و ..قلت : يكفي تدرس في أي صف يا شاطر ؟فقال بكل براءة : رابع باء ..!!فلتفت إلى الثاني وقلت : هاه ؟قال : تيتو قلت : وأنت أي صف تدرس ؟فقال : خامس جيم ..كادت الدموع تنزل من عيني ..ورأيت بعض الناس دمعت عيناه قهراً وحُقَّ له ذلك أدركت عندها أننا بحاجة إلى إبراز هذا الرسول .. الذي هو أحب إلينا من أرواحنا .
( محمد عبد الرحمن العريفي : قم فأنذر صـ 4 وما بعدها) .
ولقد حدثت مع كاتب هذه السطور حكاية شبيه بذلك , حيث دُعيت إلى إلقاء محاضرة في إحدى المدارس وكان الموضوع عن \" الرسول صلى الله عليه وسلم والشباب \" , وفي نهاية المحاضرة قلت لهم : يا شباب أسألكم سؤالاً مهما فالرجا الانتباه معي , قالوا : سل , قلت : من منكم يشجع فريق كذا ؟ فرفع نصف الطلاب أيديهم , قلت : ومن منكم يشجع فريق كذا ( الفريق المنافس للفريق الأول ) ؟ فرفع النصف الباقي أيديهم . قلت : أريد طالباً من مشجعي الفريق الأول يعد لي أسماء لاعبي فريقه , فوجدتهم جميعا يتبارون في ذلك , قلت : لكن عندي شرط , يعد لي أسماء اللاعبين حسب مراكزهم , يعني يعتبر نفسه مدرب الفريق ويضع لي تشكيلة الفريق بالاحتياط , فتنافسوا جميعا على ذلك , فاخترت واحدا منهم , وبالفعل ذكر لي أسماء اللاعبين وكأنه مدرب الفريق , وفعلت نفس الشيء مع مشجعي الفريق الآخر , ثم قلت : والمنتخب الوطني , ففعلوا نفس الشيء .
قلت : أنا معجب بكم وبشطارتكم , لكن سوف أعجب بكم أكثر إذا أجبتم لي على هذا السؤال , فقالوا : سل , قلت من منكم يعد لي أسماء فريق , وسكت لحظة , ثم أردفت , فريق \" بيت النبوة \" فنظر بعضهم إلى بعض وكأنهم استغربوا السؤال , فتابعت : أنا آسف , السؤال صعب , ابسطه وأسهله لكم , من منكم يعد لي أسماء أولاد النبي صلى الله عليه وسلم وأسماء زوجاته أمهاتنا أمهات المؤمنين , ألا يعرف أحدكم اسم أمه , ولا أريد أن أشق عليكم وأطلب منكم ذكر أسماء أعمامه أو عماته أو أخواله أو خالاته , وبعد معاناة ومحاولات بائسة , ذكروا لي اثنين أو ثلاثة من أولاد النبي صلى الله عليه وسلم , ومثلهم من أسماء أمهات المؤمنين , رضي الله عنهم أجمعين.
وحتى لا أكسر خاطرهم , قلت لهم , ظلمكم الإعلام يا شباب إذ وضع هؤلاء اللاعبين وهؤلاء الفنانين والممثلين موضع القدوة لكم , وصار الإعلام ليل نهار مشغولا بأخبار هؤلاء , حتى طغت أخبارهم على أخبار وأحوال المسلمين , وحتى صاروا أمامكم مضرب المثل وموضع الإعجاب فلا تشغلوا جلّ أوقاتكم في تتبع أخبار هؤلاء وفي تقليدهم في كلامهم وملابسهم .

2- إضاعة الأوقات في في تتبع المباريات والأخبار الرياضية .

قال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، وكيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته.
وكتب الأوزاعيُّ إلى أخٍ له: أما بعد، فقد أُحيط بك من كل جانب، واعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة، فاحذرِ الله، والمقام بين يديه، وأن يكون آخر عهدك به، والسلام. قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (يا ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذهب يومك ذهب بعضُك).
قال الخليل بن أحمد: الوقت ثلاثة أقسام:(وقت مضى عنك فلن يعود، ووقت أنت فيه فانظر كيف يخرج عنك، ووقت أنت منتظره وقد لا تبلغ إليه).
قال الشاعر:

تمر بنا الأيام تترى وإنما * * * نساق إلى الآجال والعين تنظر
فلا عائدٌ ذاك الشباب الذي مضى * * * ولا زائل هذا المشيبُ المكدَّر

وفي الحديث: عن أبي برزة الأسلمي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله:(لا تزول قدماً عبد يوم القيامة حتَّى يسأل عن: عمره فيم أفناه، وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) الترمذي 2417؛ وصححه.
أستأذن رجل على أبى جعفر المنصور ليريه مهارته في ألعابه ، فأخذ عدداً كبيراً من الصحاف يتقاذفها في الهواء دون أن يقع على الأرض منها شئ ، فقال له الخليفة ثم ماذا ؟ فأخرج إبرة فرماها على الأرض وأخذ أخرى ورماها فرشقت في ثقب الأولى ، وهكذا مائة إبرة ، و الناس في دهشة من مهارته تلك ، فلما انتهى من ألعابه قال الخليفة : أعطوه على مهارته ألف درهم ثم اجلدوه مائة جلدة ، لأنه أضاع وقت المسلمين فيما لا يفيدهم ، ولا ينفعهم .
قال الشاعر العربي :

لا تأمن الموت في طرف ولا نفس * * * وإن تمنعت بالحجاب والحــرس
فما تزال سهام الموت نافـــذة * * * في جنب مدرع منها ومتـــرس
أراك لست وقافاً ولا حــــذراً * * * كالحاطب الخابط الأعواد في الغلس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكـها * * * إن السفينة لا تجري على اليــبس

وقال آخر:

وللجد أوقات وللهزل مثلها * * * لكن أوقاتي إلى الجد أقربُ

2-لا يرضى أن نمارِس الرياضة بشكل يؤذِي الغير، كما يمارس البعض لعب الكرة في الأماكن الخاصّة بالمرور أو حاجات الناس، وفي أوقات ينبغي أن تُوفَّر فيها الراحةُ للمحتاجين إليهاـ والإسلام نَهى عن الضَّرر والضِّرار.
-3البعد عن التحزُّب والتعصب الممقوت الذي يفرّق بين الأحبّة ويباعد بين الإِخوة ويجعل في الأمّة أحزابًا وشيَعًا، والإسلام يدعو إلى الاتّحاد ويَمقُتُ النِّزاع والخلاف.
بالإضافةِ إِلى أنّها شغلت الأُمةَ الإِسلاميّةَ عن التفكيرِ في جهادِ أَعدائها، وقضاياها المصيريّة الكبرى. وممّا يؤكّدُ ذلك ما جاءَ في البروتوكول الثالثَ عَشَر من (بروتوكولاتِ حكماءِ صهيون): (ولكي تبقى الجماهيرُ في ضلالٍ، لا تدري ما وراءها، وما أَمامها، ولا ما يُرادُ بها، فإِنّنا سنعملُ على زيادةِ صرفِ أَذهانِها، بإِنشاءِ وسائلِ المباهجِ والمسلياتِ والأَلعابِ، وضروبِ أَشكالِ الرياضة، واللهو، وما به الغذاءُ لملذّاتِها وشهواتِها، والإِكثارِ من القصورِ المزوّقِة، والمباني المزركشةِ، ثمَّّ نجعلُ الصحفَ تدعو إِلى مبارياتٍ فنيّة ورياضيّة. (بروتوكولات حكماء صهيون) (1/ 258).
والناظرُ فيما تنشرُ المجلاّتُ والجرائدُ يجدُ أَرقامًا مذهلةً، من أُجورٍ تدفعُ لقاء انتقالِ لاعبٍ من فريقٍ إلى آخرَ، قد تصلُ إِلى عشراتِ الملايين، فضلاً عن الأًموالِ الّتي تنفقُ على المدربين، وعلى الملاعبِ والدعاية، وكذا ما ينفقه كثير من المتفرّجين.
ولقد أصبحت كرةَ القدمِ الآن وسيلةً لتفريِق الأُمّةِ، وإِشاعةِ العداوةِ والبغضاءِ بين أَفرادِها؛ حيثُ أَوجدت التعصبَ المقيتَ للفرقِ الرياضيّةِ المختلفةِ، فهذا يشجعُ فريقاً، وذاكَ يشجَّع فريقًا آخرَ، بل إنَّ أَهلَ البيتِ الواحد ينقسمونَ على أنفسِهم، هذا يتبعُ فريقًا، وذاكَ يتبعُ فريقًا آخرَ، ولم يقف الأَمرُ عند حدِّ التشجيعِ، بل تعداهُ إِلى سخريةِ أَتباعِ الفريقِ المنتصرِ من أَتباعِ المنهزمين، وفي نهايةِ المطافِ يكونُ هناكَ الشجارُ والعراكُ الّذي يدور بين مشجعي الفريقين، وسقوطُ الجرحى والقتلى بالمئاتِ، من ضحايا كرة القدم !!.
وكم سمعنا عن أُناسٍ مّمن يتابعونَ مبارياتِ كأسِ العالمِ، أَنَّهم يستيقظونَ في النصفِ الأَخيرِ من الليلِ؛ ليشاهدوا المباريات على شاشة (التلفاز)، وتفوتهم صلاةُ الفجرِ؟! وكم من المصلين فاتتهم الصلاةُ في الجماعاتِ، بسببِ جلوسِهم أَمامَ (الشاشات)؟!.
بل وصل الأمر إلى انتشار البغضاء بين الدول الإسلامية بسبب أن هذا البلد لا يحب فريق البلد الآخر, وهذا من الجهل وعدم الفهم , قال اللهُ تعالى فيهم: {وذرِ الّذين اتخذوا دينَهم لعبًا ولهوًا وغرّتهم الحياةُ الدنيا} الأَنعام: 70. وأَخرج الشيخان عن أَنس مرفوعًا: (إنَّ من أَشراطِ الساعةِ أن يرفعَ العلمُ، ويظهرَ الجهلُ) أَخرجه البخاريّ في (الصحيح) رقم (80،81،5231،7808،5577)، ومسلم في (الصحيح) رقم (2671).
4-التراشق بالألفاظ والكلمات النابية من فريق لآخر، قال تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) سورة ق , وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «ليس المؤمن بطعَّان ولا لعَّان ، ولا فاحش ولا بذيء». أخرجه الترمذي.
5- البعد عن الألعاب الجماعيّة التي يشترك فيها الجنسان، ويحدث فيها كشف للعورات أو أمور يَنهَى عنها الدين. قال النبيِّ صلى الله عليه وسلم:(احفظ عورتَك، إِلاّ من زوجتِك، أو ما ملكت يمينُك . حسن، انظر (الإرواء) رقم (1810). وروى مالك وأَحمدُ وأَبو داود والترمذي وابن حبان والحاكمُ عن جرهد الأَسلميّ ـ رضي الله عنه ـ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ به وهو كاشفٌ عن فخذِه، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (غطِّ فَخذَك؛ فإنَّها من العورةِ) أَخرجه البخاري في (صحيحه) (1/478) تعليقًا، ووصله أَحمد في (المسند)•
وما أَخرجه أَبو داود وغيره عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكشف فخذَك، ولا تنظر إلى فخذِ حَيًّ ولا ميتٍ) أَخرجه أَبو داود في (السنن) رقم (3140) و(4015)، وأَحمد في (المسند) (1/ 146) والحديث صحيح.
فالنظرُ إِلى عورةِ الآخرين حرامٌ، وهذا هو السائدُ في المبارياتِ؛ إِذ لا توجدُ مباراةٌ إِلاّ وتظهرُ فيها الفخذُ، ولا تحدّث عن العوراتِ في (الرياضات النسائيّة)!! ومنها (كرة القدم)، وقد تظهرُ (الحسناواتُ) على (شاشات التلفاز) كدعايةٍ للجهةِ الّتي تغطي نفقاتِ (البثّ).
6- إقامة المظاهرات وأعمال العنف , وهذا يحدث أحياناً عندما ينهزم فريق يقومُ أنصارهُ بالخروج إلى الشوراع، وحرق المتاجر والسيارات، وتخريب المؤسسات العامة، والممتلكات الخاصة، وتعم الفوضى، وينعدم الأمن.

( 3) الإسلام يحث على الروح الرياضية

الروح الرياضية تعني أن يكون المرء على درجه كبيرة من التحمل والصبر , وتقبل الهزيمة كما يتقبل الفوز , وأن يماري ولا يجادل ولا يتكبر في قبول الحق ,فليس ذلك من الروح الرياضية في شيء , ولقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم الكبر بأن رد الحق وعدم إنصاف الناس , عَن عَبْداللهِ بن مسعود رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ ، يَعْنِى ، مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي حَسَنًا ، وَنَعْلِي حَسَنَةً ؟ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ بَطَرَ الْحَقَّ ، وَغَمَصَ النَّاسَ.(أخرجه أحمد 1/412(3913) و\"مسلم\" 1/65(179) و\"أبو داود\" 4091 ).
ولقد علمنا القرآن معنى الروح الرياضية , فقد نزلت هذه الآية بعد هزيمة المسلمين في بدر , قال تعالى : أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) آل عمران.
قال أهل التفسير , معناه قد أصبتم يوم بدر ، وذلك لأن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد سبعين ، وقتل المسلمون منهم يوم بدر سبعين وأسروا سبعين . والثاني : أن المسلمين هزموا الكفار يوم بدر ، وهزموهم أيضاً في الأول يوم أحد ، ثم لما عصوا هزمهم المشركون ، فانهزام المشركين حصل مرتين ، وانهزام المسلمين حصل مرة واحدة { قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا } هو التنبيه على أن أمور الدنيا لا تبقى على نهج واحد ، فلما هزمتموهم مرتين فأي استبعاد في أن يهزموكم مرة واحدة ، أما قوله : { قُلْتُمْ أنى هذا } ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : سبب تعجبهم أنهم قالوا نحن ننصر الإسلام الذي هو دين الحق ، ومعنا الرسول ، وهم ينصرون دين الشرك بالله والكفر ، فكيف صاروا منصورين علينا!
واعلم أنه تعالى أجاب عن هذه الشبهة من وجهين: الأول: ما أدرجه عند حكاية السؤال وهو قوله { قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا } يعني أن أحوال الدنيا لا تبقى على نهج واحد ، فإذا أصبتم منهم مثل هذه الواقعة . . فكيف تستبعدون هذه الواقعة؟ والثاني : قوله قل : { هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : تقرير هذا الجواب من وجهين : الأول : أنكم إنما وقعتم في هذه المصيبة بشؤم معصيتكم وذلك لأنهم عصوا الرسول في أمور : أولها : أن الرسول عليه السلام قال : المصلحة في أن لا نخرج من المدينة بل نبقى ههنا ، وهم أبوا إلا الخروج ، فلما خالفوه توجه إلى أحد . وثانيها : ما حكى الله عنهم من فشلهم . وثالثها : ما وقع بينهم من المنازعة . ورابعها : أنهم فارقوا المكان وفرقوا الجمع . وخامسها : اشتغالهم بطلب الغنيمة وإعراضهم عن طاعة الرسول عليه السلام في محاربة العدو ، فهذه الوجوه كلها ذنوب ومعاصي ، والله تعالى إنما وعدهم النصر بشرط ترك المعصية ، كما قال :
{ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مّن فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ } [ آل عمران : 125 ] فلما فات الشرط لا جرم فات المشروط .تفسير الرازي 4/460.
ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التحلي بالروح الرياضية والخلق الرياضي القويم , وتقبل الهزيمة كتقبل الفوز , والاعتراف للخصم بالتفوق , وعدم غمطه حقه لأن لا يعد ذلك نوعا من الكبر , فعن عروة عن عائشة قالت : خرجت مع النبي صلى الله عليه و سلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال لي تعالى حتى أسابقك فسابقته فسبقته فسكت عنى حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت خرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال تعالى حتى أسابقك فسابقته فسبقني فجعل يضحك وهو يقول هذه بتلك .
أخرجه أحمد في المسند 6/264. تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده جيد رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمر بن أبي حفص المعيطي و\"ابن ماجة\" 1979 الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 1 / 204 .
وعَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ:كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَاقَةٌ تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ ، لاَ تُسْبَقُ - قَالَ حُمَيْدٌ : أَوْ لاَ تَكَادُ تُسْبَقُ - فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ فَسَبَقَهَا ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، حَتَّى عَرَفَهُ ، فَقَالَ : حَقٌّ عَلَى اللهِ أَنْ لاَ يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ.
- وفي رواية : كَانَتْ نَاقَةٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ ، وَكَانَتْ لاَ تُسْبَقُ ، فَجَاءَ أَعْرَابِىٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَهَا ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَقَالُوا : سُبِقَتِ الْعَضْبَاءُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ لاَ يَرْفَعَ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ.
أخرجه أحمد 3/103(12033) و\"البُخَارِي\" 4/38(2871) و\"أبو داود\" 4803 و\"النَّسائي\" 6/227 ، وفي \"الكبرى\" 4413 .
وعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ ، حدثنا سَلَمَةُ رضي الله عنه ، قَالَ :خَرَجَ رَسُولُ الله ، صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ ، وَهُمْ يَتَنَاضَلُونَ بالسُّوقِ ، فَقَالَ : ارْمُوا بَنِى إِسْمَاعِيلَ ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ، وَأَنَا مَعَ بَنِى فُلاَنٍ ، لأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ ، فَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ ، فَقَالَ : مَا لَهُمْ ؟ قَالُوا ؟ وَكَيْفَ نَرْمِى وَأَنْتَ مَعَ بَنِى فُلاَنٍ ؟! قَالَ : ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ. أخرجه أحمد 4/50(16643) و\"البُخَارِي\" 4/45(2899).
وهكذا وضع الإسلام المبادئ السامية والقيم الفاضلة في ممارسة الرياضة؛ ليجعل منها وسيلة من وسائل التعبد, وهدفا يساعد الإنسان على تحقيق منهج الاستخلاف على هذه الأرض.
وأخيراً فلنعلم أن ملء الفراغ بالنافع من العمل أو الرياضة أو الهوايات المختلفة يسد باب الشر ويغلقه،وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: [نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ] أخرجه أحمد 1/258(2340) و\"البُخَارِي\" 8/109(6412) و(اابن ماجة) 4170 والتِّرْمِذِيّ\" 2304.

قال أبو العتاهية:

إن الشباب والفراغ والجدة * * * مفسدة للمرء أي مفسدة

وقال الشاعر إبراهيم ناجي :

تعالوا لنمحو الجهل والعلل التي* * * أحاطت بنا كالسيل تغمرنا غمراً
نحطم أغلالاً ونمحو حوائلاً* * * ونخلق فيها الفكر والعمل الحرا
شباب إذا نامت عيون فإننا* * * بكرنا بكور الطير نستقبل الفجرا
شباب نزلنا حومة المجد كلنا* * * ومن يغتدى للنصر ينتزع النصرا


فلتكن عيوننا على شبابنا, ولنأخذ بأيدهم إلى طريق الجادة, ولنبصرهم بحقائق الأمور , ونعرض لهم الإسلام في أبهى حلله , وفي القشيب من ثوبه.
وقانا الله جمعيا مصارع السوء وجنبنا الزلل في القول والعمل.

 

د. بدر هميسه
  • مقالات ورسائل
  • الكتب
  • وصية الأسبوع
  • سلسلة أحاديث وفوائد
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية