اطبع هذه الصفحة


وصية الأسبوع
الوصية الرابعة : وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا

د. بدر عبد الحميد هميسه

 
عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:مَنْ يَأْخُذُ مِنْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ ، فَيَعْمَلُ بِهِنَّ ، أَوْ يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّهُنَّ فِيهَا ، ثُمَّ قَالَ : اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا ، وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ.
أخرجه أحمد (2/310 ، رقم 8081) ، والترمذي (4/551 ، رقم 2305) ، وقال : غريب ، والبيهقى في شعب الإيمان (7/78 ، رقم 9543) .قال الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 2 / 637 :أخرجه الترمذي ( 2 / 50 ) و أحمد ( 2 / 310 ) و الخرائطي في \" مكارم الأخلاق \" قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 100 في صحيح الجامع.
من علامات الإيمان كما بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الوصية الجامعة المانعة أن يحب المسلم للناس ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه .
فمن حق أخيك عليك أن تكره مضرته وتبادر إلى دفعها ، فان مسه ما يتأذى به شاركته الألم أما أن تكون ميت العاطفة ، قليل الاهتمام لان المصيبة وقعت بعيدا عنك فالأمر لا يعنيك فهذا شيء مؤسف . ومن حق الأخوة أن يشعر المسلم بان إخوانه ظهير له في السراء والضراء ، ويجب علينا التناصر فيما بيننا على الحق والبعد عن الظلم بكل إشكاله وقد هان المسلمون إفرادا ، وهانوا أمما يوم وهت أواصر الأخوة الإيمانية بينهم ، إن هذا التخاذل جر على المسلمين الذلة والعار.
فمِن أصول الدّين أخوّةَ الإسلام، فأخوّةُ الإسلام رابِطةٌ متينَة ودرع حصينَة ونُصرة مبينة، أخوَّةُ الإسلام بها يتواصَل المسلمون، وبها يتناصرون ويقوَون، وبها يتراحمون ويتعاطَفون، وبها يتوارَثون، وبها يتعاوَنون، وبها يتناصَحون، ذكرها الله تعالى بعد الأمرِ بتقواه فقال عزّ وجلّ: فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين [الأنفال:1]، وقال تعالى: إنما المؤمنون إخوة [الحجرات:10]، وقال تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله [التوبة:71].
وعن النّعمانِ بن بشير رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «مثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم مثَلُ الجسد إذا اشتَكى منه عضوٌ تداعى له الجَسَد بالحمَّى والسّهَر» رواه البخاري ومسلم، وعن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيانِ يشدُّ بعضه بعضًا» [رواه البخاري ومسلم]، وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تحاسَدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابَروا، ولا يبع بعضكم على بيعِ بَعض، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلِم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ها هنا ـ ويشير إلى صدرِه ثلاث مرّات ـ، بحسب امرِئٍ من الشّرِّ أن يحقرَ أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرَام: دمه وماله وعِرضُه» رواه مسلم.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ . قَالَ : دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ ، فَأَتَيْتُهُمْ ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ . فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً ، فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ . إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : الصَّلاَةَ جَامِعَةً ، فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي ، إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهمْ ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ ، وَإِنَّ أُمًّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا ، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ ، وَأَمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : هَذِهِ مُهْلِكَتِي . ثُمّ َ تَنْكَشِفُ ، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : هَذِهِ ، هَذِهِ ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا ، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ. فَدَنَوْتُ مِنْهُ . فَقُلْتُ لَهُ : أَنْشُدُكَ اللهَ ، آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ . وَقَالَ : سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ ، وَوَعَاهُ قَلْبِي . فَقُلْتُ لَهُ : هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ ، وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا ، وَاللهُ يَقُولُ : \" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوا أَن ْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) ، قَالَ : فَسَكَتَ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ : أَطْعِهُ فِي طَاعَةِ اللهِ ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ. أخرجه أحمد 2/161(650 و6503) و\"مسلم\" 6/18(4804) و\"أبو داود\" 4248 و\"ابن ماجة\" 3956 و\"النَّسائي\" 7/ 15.
وقد مدح الله أنصار نبيه صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم:{وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}سورةالحشر:9.
فمع أنهم هم الذين آووا المهاجرين ووواسوهم بل وقاسموهم الأموال وأعانوهم نصروا الرسول وبذلوا أموالهم وأرواحهم لنصرة هذا الدين لم يجدوا في صدورهم شيئا حين فضل الله المهاجرين ، وفوق ذلك لما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن المهاجرين تركوا ديارهم وأموالهم، قالوا:هذه أموالنا، اقسمها بيننا وبين إخواننا المهاجرين اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، فرفض النبي عليه والصلاة والسلام إلا بأن يعمل المهاجرون ويشتركوا مع الأنصار في الثمر.
كما أنهم لما عرض عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخصص لهم أموال البحرين قالوا:لا حتى تشرك إخواننا المهاجرين.فأي نفوس هذه التي جادت وسمت حتى أبت أن تأخذ مما أحل الله لها حتى يشترك بقية المسلمين فيها؟!.
فإذا وجدت الإنسان حريصاً على حب الخير للناس، حريصاً على نفعهم، سخي النفس، سمح النفس، يبذل ويعطي ويعين، تجده غداً أحرى بإمامة الناس، ودلالتهم على الخير، ونشر الخير بينهم؛ لأنه عود نفسه على ما فيه خير دينه ودنياه وآخرته، فيحرص طالب العلم على أنه يبذل الخير لإخوانه، وأنه يعينهم، وتكون هناك المعاني الإسلامية الكريمة من الإيثار والحب والتصافي والتواد.
يقول ابنُ عباسٍ متحدِّثاً بنعمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ : فيَّ ثلاثُ خصالٍ : ما نزل غيثٌ بأرضٍ ، إلاَّ حمدتُ الله وسُررتُ بذلك ، وليس لي فيها شاةٌ ولا بعيرٌ . ولا سمعتُ بقاضٍ عادلٍ ، إلاَّ دعوتُ الله له ، وليس عنده لي قضيَّةٌ . ولا عَرَفتُ آيةً منْ كتابِ اللهِ ، إلاَّ ودِدتُ أنَّ الناس يعرفون منها ما أعرفُ .
يقولُ الشاعرُ :

ولَو أنِّي حُبيتُ الخ ُلدَ فردًا *** لما أحببتُ بالخلدِ انفِرَادا
فلا هطَلَت ع ليَّ ولا بأرضِي *** سحا ئبُ يسَ تنتظمَ البِلادا

ولقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في حب الخير للناس , فها هي قصته مع جابر بن عبد الله t الصحابي الجليل .. قتل أبوه في معركة أحد .. وخلف عنده سبع أخوات ليس لهن عائل غيره .. وخلف ديناً كثيراً .. على ظهر هذا الشاب الذي لا يزال في أول شبابه ..فكان جابر دائماً ساهم الفكر .. منشغل البال بأمر دَينه وأخواته .. والغرماء يطالبونه صباحاً ومساءً ..خرج جابر مع النبي  صلى الله عليه وسلم  في غزوة ذات الرقاع .. وكان لشدة فقره على جمل كليل ضعيف ما يكاد يسير .. ولم يجد جابر ما يشتري به جملاً .. فسبقه الناس وصار هو في آخر القافلة ..وكان النبي  صلى الله عليه وسلم  يسير في آخر الجيش .. فأدرك جابراً وجمله يدبُّ به دبيباً .. والناس قد سبقوه .. فقال النبي  صلى الله عليه وسلم  : مالك يا جابر ؟قال : يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا ..فقال النبي  صلى الله عليه وسلم  : أنخه .. فأناخه جابر وأناخ النبي  صلى الله عليه وسلم  ناقته .. ثم قال : أعطني العصا من يدك أو اقطع لي عصا من شجرة ..فناوله جابر العصا ..برَكَ الجمل على الأرض كليلاً ضعيفاً ..فأقبل  صلى الله عليه وسلم  إلى الجمل وضربه بالعصا شيئاً يسيراً .. فنهض الجمل يجري قد امتلأ نشاطاً .. فتعلق به جابر وركب على ظهره ..مشى جابر بجانب النبي  صلى الله عليه وسلم  .. فرحاً مست بشراً .. وقد صار جمله نشيطاً سابقاً .. التفت  صلى الله عليه وسلم  إلى جابر .. وأراد أن يتحدث معه ..فما هي الأحاديث التي اختارها النبي  صلى الله عليه وسلم  ليثيرها مع جابر ..جابر كان شاباً في أول شبابه .. هموم الشباب في الغالب تدور حول الزواج .. وطلب الرزق ..قال  صلى الله عليه وسلم  : يا جابر .. هل تزوجت ..؟قال جابر : نعم .. قال : بكراً .. أم ثيباً ..قال : بل ثيباً .. فعجب النبي  صلى الله عليه وسلم  كيف أن شاباً بكراً في أول زواج له .. يتزوج ثيباً ..فقال ملاطفاً لجابر : هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك ..فقال جابر : يا رسول الله .. إن أبي قتل في أحد .. وترك تسع أخوات ليس لهن راعٍ غيري .. فكرهت أن أتزوج فتاة مثلهن فتكثر بينهن الخلافات .. فتزوجت امرأة أكبر منهن لتكون مثل أمهن .. هذا معنى كلام جابر ..رأى النبي  صلى الله عليه وسلم  أن أمامه شاب ضحى بمتعته الخاصة لأجل أخواته ..فأراد  صلى الله عليه وسلم  أن يمازحه بكلمات تصلح للشباب .. فقال له :لعلنا إذا أقبلنا إلى المدينة أن ننزل في صرار. فتسمع بنا زوجتك فتفرش لك النمارق ..يعني وإن كنت تزوجت ثيباً إلا أنها لا تزال عروساً تفرح بك إذا قدمت وتبسط فراشها .. وتصف عليه الوسائد .. فتذكر جابر فقره وفقر أخواته .. فقال : نمارق !! والله يا رسول الله ما عندنا ن مارق ..فقال  صلى الله عليه وسلم  : إنه ستكون لكم نمارق إن شاء الله ..ثم مشيا .. فأراد  صلى الله عليه وسلم  أن يهب لجابر مالاً .. فالفت إليه وقال : يا جابر ..قال : لبيك يا رسول الله ..فقال : أتبيعني جملك ؟تفكر جابر فإذا جمله هو رأس ماله .. هكذا كان وهو كليل ضعيف .. فكيف وقد صار قوياً جلداً !!لكنه رأى أنه لا مجال لرد طلب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ..قال جابر : سُمْه يا رسول الله .. بكم ؟فقال  صلى الله عليه وسلم  : بدرهم !!قال جابر : درهم !! تغبنني يا رسول الله ..فقال  صلى الله عليه وسلم  : بدرهمين ..قال : لا .. تغبنني يا رسول الله ..فما زالا يتزايدان حتى بلغا به أربعين درهماً .. أوقية من ذهب ..فقال جابر : نعم .. ولكن أشترط عليك أن أبقى عليه إلى المدينة ..قال  صلى الله عليه وسلم  : نعم ..فلما وصلوا إلى المدينة .. مضى جابر إلى منزله وأنزل متاعه من على الجمل ومضى ليصلي مع النبي  صلى الله عليه وسلم  وربط الجمل عند المسجد ..
فما خرج النبي  صلى الله عليه وسلم  قال جابر : يا رسول الله هذا جملك ..فقال  صلى الله عليه وسلم  : يا بلال .. أعط جابراً أربعين درهماً وزده ..فناول بلال جابراً أربعين درهماً وزاده .. فحمل جابر المال ومضى به يقلبه بين يديه .. متفكراً في حاله !! ماذا يفعل بهذا المال ؟! أيشتري به جملاً .. أم يبتاع به متاعاً لبيته .. أم ..وفجأة التفت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إلى بلال وقال : يا بلال .. خذ المال وأعطه جابراً ..جبذ بلال الجمل ومضى به إلى جابر .. فلما وصل به إليه .. تعجب جابر .. هل ألغيت الصفقة ؟!قال بلال : خذ الجمل يا جابر ..قال جابر : ما الخبر !!.. قال بلال : قد أمرني رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أن أعطيك الجمل .. والمال ..فرجع جابر إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وسأله عن الخبر .. أما تريد الجمل !!فقال  صلى الله عليه وسلم  : أتراني ماكستك لآخذ جملك .. يعني أنا لم أكن أطالبك بخفض السعر لأجل أن آخذ الجمل وإنما لأجل أن أقدر كم أعطيك من المال معونة لك على أمورك . محمد عبد الرحمن العريفي : قم فأنذر ص 56.

إن حب الخير للناس مما يقوم عليه ويتقوى به إيمان المؤمن، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم: \"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه\"، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: \"إن رجلاً لم يعمل خيراً قط، وكان يداين الناس، فكان إذا أرسل غلامه للتقاضي يقول له: خذ ما تيسر، واترك ما عسر، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا، فلما هلك سأله الله تعالى: هل عملت خيراً قط؟! قال: لا إلا أنني كنت أداين الناس فكنت أقول لغلامي: خذ ما تيسر واترك ما عسر، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا، فقال الله له: قد تجاوزت عنك\".
أخرجه أحمد 2/361(8715) و\"النَّسائي\" 8/317 ، وفي \"الكبرى\" 6247 و\"ابن حِبَّان\" 5043 .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما ، قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ( كُلّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ ). قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ ، نَعْرِفُهُ. فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ ؟ قَالَ: ( هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ. لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْيَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ ) رواه ابن ماجه (4307) وأبو نعم في الحلية 1/183 .
مر يهودي معه كلب على إبراهيم بن ادهم رحمه الله فقال له:أيهما اطهر لحيتك أم ذيل كلبي ؟ فرد عليه :أخي من يقرأ، قبل أن أكمل القصة ، توقع الرد فرد عليه بهدوء: أن كانت لحيتي في الجنة ......فهي اطهر من ذيل كلبك وان كانت في النار.لذيل كلبك اطهر منها.فما ملك اليهودي نفسه ألا أن قال :اشهد أن لا اله ألا الله و أن محمداً رسول الله ....ما هذا ألا خلق الأنبياء.
روي أن أبا حنيفة رضي الله عنه كان له على بعض المجوس مال فذهب إلى داره ليطالبه به,فلما وصل إلى باب داره وقع على نعله نجاسة,فنفض نعله فارتفعت النجاسة عن نعله.ووقعت على حائط المجوسي ,فتحير أبو حنيفة , وقال :ءان تركتها كان ذلك سببا لقبح جدار هذا المجوسي ,وان حككتها انحدر التراب من الحائط , فدق الباب فخرجت الجارية فقال لها:قولي لمولاك إن أبا حنيفة بالباب, فخرج إليه وظن انه يطالبه بالمال فاخذ يعتذر.فقال أبو حنيفة:هاهنا ما هو أولى , و ذكر قصة الجدار ,و كيف السبيل إلى تطهيره.فقال المجوسي فأنا ابدأ بتطهير نفسي فأسلم في الحال.
كان معروف الكرخي قاعدا يوم على دجلة ببغداد فمر به صبيان في زورق يضربون بالملاهي ويشربون فقال له أصحابه:أما ترى هؤلاء يعصون الله تعالى على هذا الماء؟ادع عليهم فرفع يديه إلى السماء وقال:الهي وسيدي كما فرحتهم في الدنيا أسألك أن تفرحهم في الآخرة. فقال له صاحبه:أنما سألناك أن تدعو عليهم ولم نقل ادع لهم, فقال:أذا فرحهم في الآخرة تاب عليهم في الدنيا ولم يضركم هذا.
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله تعالى عنه، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قتيلا، فقال صلى الله عليه وسلم: \" ما شأنه \" ؟ قالوا: إنه وثب على غنم بني زهرة، فأخذ منها شاة، فوثب عليه كلب الماشية فقتله. فقال صلى الله عليه وسلم: \" قتل نفسه، وأضاع ديته، وعصى ربه، وخان أخاه وكان الكلب خيراً منه \" .
وحكي إن رجلاً عزم جماعة، فتخلف شخص منهم في منزله، ودخل على زوجة صاحب المنزل فضاجعها، فوثب الكلب عليهما، فقتلهما، فرجع صاحب المنزل، فوجدهما قتيلين، فأنشد يقول:

وما زال يرعى ذمتي ويحوطني * * * ويحفظ عهدي والخليل يخون
فواعجباً للخل يهتك حرمتي * * * وواعجباً للكلب كيف يصون

قال سرّي السقطي، وكان أوحد زمانه في الورع وعلوم التوحيد: ‏ ‏ منذ ثلاثين سنة وأنا في الاستغفار من قولي مرة: الحمد للّه. ‏ ‏ قيل له: وكيف ذلك ؟ ‏ ‏ قال: وقع ببغداد حريق، فاستقبلني واحد وقال: نجا حانوتُك! ‏ ‏ فقلت: ‏ ‏ الحمد للّه!‏ ‏ فأنا نادم من ذلك الوقت حيث أردتُ لنفسي خيراً من دون الناس. ‏ من كتاب \"الوافي بالوفيات\" للصفدي.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال له عمر : ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي ؟ قال : « رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة ، فقال أحدهما : يا رب خذ لي مظلمتي من أخي ، فقال الله تبارك وتعالى للطالب : فكيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء ؟ قال : يا رب فليحمل من أوزاري » قال : وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ، ثم قال : « إن ذاك اليوم عظيم يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم ، فقال الله تعالى للطالب : » ارفع بصرك فانظر في الجنان فرفع رأسه ، فقال : يا رب أرى مدائن من ذهب وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا أو لأي صديق هذا أو لأي شهيد هذا ؟ قال : هذا لمن أعطى الثمن ، قال : يا رب ومن يملك ذلك ؟ قال : أنت تملكه ، قال : بماذا ؟ قال : بعفوك عن أخيك ، قال : يا رب فإني قد عفوت عنه ، قال الله عز وجل : فخذ بيد أخيك فأدخله الجنة « فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : » اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين المسلمين « ». هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه « المستدرك.
جرى بين \" الحسن بن علي بن أبي طالب \" وأخيه من أبيه \" محمد بن الحنيفة\" رضي الله عنهما كلامٌ وجدال وخلافٌ !! ، فانصرفا متغاضبين ، فلما وصل \" محمد إلى منزلة ، أخذ رقعةً وكتب فيها : بسم الله الرحمن الرحيم: من \" محمد بن علي بن أبي طالب\" إلى أخيه \" الحسين بن علي بن أبي طالب \" ، أما بعد: فإن لك شرفاً لا أبلغهُ !! ، وفضلا لا أدركه ، فإذا قرأت رقعتي هذه ،فالبس رداءك ونعليك، وسر إليَّ فترضاني ( أي أطلب مني الصلح) !! ، وإياك أن أكون سابقكَ إلى الفضل الذي أنت أولى به مني !!، والسلام. فلما وصلت الرسالة إلى\" الحسين\" وقرأها ، لبس رداءه ونعليه ، ثم جاء إلى أخيه \"محمد\" فترضاهُ وتعانقا !! . ( كتاب: ثمرات الأوراق لابن حجة الحموي)
قال سفيان بن حسين: ذكرت رجلاً بسوء عند إياس بن معاوية فنظر في وجهي, وقال: أغزوت الروم؟؟قلت: لا قال: أغزوت الهند أو السند أو الترك؟؟قلت: لا قال: أفسلم منك الروم, والهند , والسند , والترك؟!ولم يسلم منك أخوك المسلم! .
وكان محمد بن واسع يبيع حمارا له فقال له رجل أترضاه لي قال لو رضيته لم أبعه.
عن يونس بن عبيد عن رجل عن جرير بن عبد الله البجلي : أنه ساوم رجلا بفرس فسامه , فسامه الرجل خمسمائة درهم إن رأيت ذلك ؟ فقال له جرير : فرسك خير من ذلك , ولك ستمائة حتى بلغ ثمانمائة , وهو يقول : إن رأيت ذلك ؟ فقال جرير : فرسك خير من ذلك , ولك ستمائة حتى بلغ ستمائة حتى بلغ ثمانمائة , وهو يقول : إن رأيت ذلك ؟ فقال جرير : فرسك خير من ذلك , ولا أزيدك ؟ فقال له الرجل : خذها ؟ فقيل له : ما منعك أن تأخذها بخمسمائة ؟ فقال جرير : لأنا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا نغش أحدا ; أو قال : مسلما - وعن ابن عمر ليس لي غش .
فضع نفسك مكان الآخرين وأحب لهم ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك .

يا إخوتي ليس لي منكم سوى طلب * * * هل يخذل الأخ من في الله آخاه
إذا قرأتم وصليتم صلاتكم * * * وقام قائمكم لله ناجاه
وهزت الأرض بالتسبيح سجدته * * * وبللت وجهه بالدمع عيناه
وراح يدعوا بما يحلو له طلبا * * * بالحسنين بدنياه وأخراه
فلا تخلوا أخاكم من دعائكم * * * بظهر غيب وستر الليل ناجاه


 

د. بدر هميسه
  • مقالات ورسائل
  • الكتب
  • وصية الأسبوع
  • سلسلة أحاديث وفوائد
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية