اطبع هذه الصفحة


موقف المسلم من المعاريض

د. بدر عبد الحميد هميسه


بسم الله الرحمن الرحيم


أولاً : معنى المعاريض : المعاريض والمعارض بإثبات الياء أو بحذفها جمع معراض من التعريض بالقول ، قال الجوهري: هو خلاف التصريح ، وهو التورية بالشيء عن الشيء . وقال الراغب: التعريض كلام له وجهان في صدق وكذب ، أو باطن وظاهر . قلت : والأولى أن يقال : كلام له وجهان يطلق أحدهما والمراد لازمه .
وقال العيني: التعريض نوع من الكناية ضد التصريح.
وقال الراغب: هو كلام له ظاهر وباطن فقصد قائله الباطن ويظهر إرادة الظاهر.
وقال صاحب المصباح المنير ( ص 403 ) ( عَرَّضْتُ ) له و ( عَرَّضْتُ ) به ( تَعْرِيضًا ) إذا قلت قولا وأنت تعنيه ( فَالتَّعْرِيضُ ) خلاف التصريح من القول كما إذا سألت رجلا هل رأيت فلانا وقد رآه ويكره أن يكذب فيقول إن فلانا ليرى فيجعل كلامه ( مِعْرَاضًا ) فرارا من الكذب وهذا معنى ( المَعَارِيضُ ) في الكلام.
قال الشاعر :

إذا عرضت لي في زمانيَ حاجةٌ *** وقد أشكلت فيها عليَّ المقاصدُ
وقفت بباب الله وقفةَ ضارعٍ *** وقلت: إلهي إنني لك قاصدُ
ولست تراني واقفاً عند باب مَنْ *** يقول فتاهُ: سيديْ اليومَ راقدُ

والتعريض: هو أن تستخدم المعاريض في الكلام مثل التورية في البلاغة , والْمَقْصُوْدُ بِالْمَعَارِيْضِ:أن ينجو المرء من الكذب , كما جاء في الحديث , فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : إِنَّ فِى الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ. أخرجه: ابن أبى شيبة (5/282 ، رقم 26096) ، وهناد فى الزهد (2/636 ، رقم 1378) ، والبخاري في الأدب المفرد (1/297 ، رقم 857) .الألباني ( ضعيف ) انظر حديث رقم : 1904 في ضعيف الجامع .قال الشيخ على رضا . وهذا سند جيد رجاله ثقات رجاله ثقات معروفون غير الفضل بن سهل الأعرج ؛ قال ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 63 ) :( سئل أبي عنه فقال : صدوق .
ومعنى مندوحة : أي سَعَةً وفُسْحة. يقال: نَدَحْتُ الشيء، إذا وسَّعْتَه. وإنك لفي نُدْحةٍ ومَنْدوحةٍ من كذا: أي سَعَةٍ ، يعني أنَّ في التعريض بالقول من الاتَّساع ما يُغني الرجلَ عن تَعمُّد الكذب.

ثانيا : حكم المعاريض :
وحكم هذه المعاريض فقد قال ابن مفلح في : ( الآداب الشرعية ص 14 وما بعدها) :فصل في إباحة المعاريض ومحلها : وتباح المعاريض وقال ابن الجوزي : عند الحاجة وقد تقدم في الرعاية وغيرها وتكره من غير حاجة والمراد بعدم تحريم المعاريض لغير الظالم . وقيل : يحرم وقيل : له التعريض في الكلام دون اليمين بلا حاجة .
وقال أبو طالب إنه سأل أبا عبد الله عن الرجل يعارض في كلام الرجل يسألني عن الشيء أكره أن أخبره به ؟ قال إذا لم يكن يمين فلا بأس ، في المعاريض مندوحة عن الكذب . وهو إذا احتاج إلى الخطاب ، فأما الابتداء بذلك فهو أشد .
وذكره القاضي عياض إجماعا واحتج في المغني بأن مهنا كان عند أحمد وهو والمروذي وجماعة فجاء رجل يطلب المروذي ولم يرد المروذي أن يكلمه فوضع مهنا أصبعه في كفه وقال ليس المروذي ههنا يريد ليس المروذي في كفه فلم ينكره أبو عبد الله .
قال المروذي : جاء مهنا إلى أبي عبد الله ومعه أحاديث فقال : يا أبا عبد الله معي هذه وأريد أن أخرج قال متى تريد تخرج ؟ قال الساعة أخرج ، فحدثه بها وخرج ، فلما كان من الغد أو بعد ذلك جاء إلى أبي عبد الله فقال له أبو عبد الله : أليس قلت الساعة أخرج ؟ قال : قلت أخرج من بغداد ؟ إنما قلت لك أخرج من زقاقك قال في المغني : وقد ذكره بنحو هذا المعنى فلم ينكره أبو عبد الله انتهى كلامه . وهذان النصان لا يمين فيهما .
واحتج في المغني بالأخبار المشهورة في ذلك وبآثار وليس في شيء منها يمين كقوله : لا يدخل الجنة عجوز . ولمن استحمله : إنا حاملوك على ولد الناقة وقوله عليه السلام لرجل حر : من يشتري العبد ، وغير ذلك قال :
وفي تفسير ابن الجوزي في قوله تعالى : قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ .. , المعاريض لا تذم خصوصا إذا احتيج إليها ثم ذكر خبر عمران بن حصين ولم يعزه قال : وقال عمر بن الخطاب : ما يسرني أن لي بما أعلم من معاريض القول مثل أهلي ومالي .
ومن هنا فإن المعاريض تجوز على شرطين : ألا تحلف عليه ، وألا يكون ذريعة لاقتطاع حق أحد .

ثالثاً : الأدلة على جوازها كثيرة منها :

- رد إبراهيم عليه السلام على قومه حينما سألوه عمن حطم أصنامهم وكسر أوثانهم , قال تعالى : قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) سورة الأنبياء .

- ما حدث في قصة إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ :لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، قَطُّ إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ ، ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللهِ قَوْلُهُ : إِنِّي سَقِيمٌ ، وَقَوْلُهُ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا، وَوَاحِدَةً فِي شَأْنِ سَارَةَ، فَإِنَّهُ قَدِمَ أرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ، وَكَانَتْ أحْسَنَ النَّاسِ ، فَقَالَ لَهَا : إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ، إِنْ يَعْلَمْ أنَّكِ امْرَأتِي ، يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ ، فَإِنْ سَألَكِ فَأخْبِرِيهِ أنَّكِ أخْتِي ، فَإِنَّكِ أخْتِي فِي الإسْلاَمِ ، فَإِنِّي لاَ أعْلَمُ فِي الأرْضِ مُسْلِمًا غَيْرِي وَغَيْرَكِ ، فَلَقَا دَخَلَ أرْضَهُ رَآهَا بَعْضُ أهْلِ الْجبَّارِ، أتَاهُ فَقَالَ لهُ : لَقَدْ قَدِمَ أرْضَكَ امْرَأةٌ لاَ يَنْبَغِي لَهَا أنْ تَكُونَ إِلاَّ لَكَ ، فَأرْسَلَ إِلَيها فَأتِيَ بِهَا، فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى الصَّلاَةِ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَالَكْ أنْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَقُبضَتْ يَدُهُ قَبْضَةً شَدِيدَةً، فَقَالَ لَهَا: ادْعِي اللهَّ أنْ يُطْلِقَ يَدِي وَلاَ أضُرُّكِ ، فَفَعَلَتْ ، فَعَادَ، فَقُبِضَتْ أشَدَّ مِنَ الْقَبْضَةِ الأولَى، فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ ، فَفَعَلَتْ ، فَعَادَ، فَقُبِضَطْ أشَدَّ مِنَ الْقَبْضَتَيْنِ الأولَيَيْنِ ، فَقَالَ : ادْعِي اللّهَ أنْ يُطْلِقَ يَدِي ، فَلَكِ اللهَّ أنْ لاَ أضُرَّكِ ، فَفَعَلَتْ ، وَأطْلِقَتْ يَدُهُ ، وَدَعَا الَّذِي جَاءَ بِهَا فَقَالَ لَهُ : إِنَّكَ إِنَّمَا أتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ ، وَلَمْ تَأْتِنِي بإِنْسَانٍ ، فَأخْرِجْهَا مِنْ أرْضِي ، وَأَعْطِهَا هَاجَرَ، قَالَ : فَأقْبَلَتْ تَمْشِي ، فَلمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ انْصَرَفَ ، فَقَالَ لَهَا: مَهْيَمْ ؛ قَالَتْ : خَيْرًا، كَفَّ الله يَدَ الْفَاجِرِ، وَأخْدَمَ خَادِمًا.قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ : فَتِلْكَ أمُّكُمْ ياَبَنِي مَاءِ السَّمَاءِ.أخرجه البخاري 4/171(3357) و\"مسلم\" 7/98 .

- وجواز الكذب في أمور محددة منها المعاريض في الحرب والإصلاح بين المتخاصمين وبين الرجل وزوجته ليرضيها أو ترضيه , فعَنْ أسْمَاءَ بنْتِ يَزِيدَ ؛ قالت: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلاَّ في ثَلاَثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا ، وَالْكَذِبُ في الْحَرْبِ ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ.أخرجه أحمد 6/454 و\"التِّرمِذي\" 1939 حديث رقم : 7723 في صحيح الجامع .

- وقصة طلحة الأنصاري مع زوجه أم سليم , فعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:اشْتَكَى ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ ، قَالَ : فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ ، فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ ، هَيَّأَتْ شَيْئًا وَنَحَّتْهُ فِى جَانِبِ الْبَيْتِ ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ : كَيْفَ الْغُلاَمُ ؟ قَالَتْ : قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ ، وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ ، قَالَ: فَبَاتَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ ، أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِمَا كَانَ مِنْهُمَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا.قَالَ سُفْيَانُ : فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ : فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلاَدٍ ، كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ.أخرجه البُخَارِي (1301).

- وما حدث في طريق الهجرة حينما كان الصديق أبو بكر رضي الله عنه في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وكان شيخًا يعرف، ونبى الله صلى الله عليه وسلم شاب لا يعرف، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول : من هذا الرجل الذي بين يديك ؟ فيقول : هذا الرجل يهدينى الطريق، فيحسب الحاسب أنه يعنى به الطريق، وإنما يعنى سبيل الخير .انظر : ابن عبدالبر : عيون الأثر 1/246 , و المباركفوري : الرحيق المختوم 132.

- وكذا في غزوة بدر قام صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر يستكشف أحوال جيش المشركين، وبينما هما يتجولان في تلك المنطقة لقيا شيخا من العرب، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جيش قريش، وعن محمد وأصحابه، وما بلغه صلى الله عليه وسلم من أخبارهم: قال الشيخ لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أخبرتنا أخبرناك» فقال: أو ذاك بذاك؟ قال: «نعم»، فقال الشيخ: فإنه بلغني أن محمدًا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا، للمكان الذي به جيش المسلمين، وبلغني أن قريشًا خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا، للمكان الذي فيه جيش المشركين فعلاً، ثم قال الشيخ: لقد أخبرتكما عما أردتما، فأخبراني ممن أنتما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن من ماء»، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عن الشيخ، وبقي هذا الشيخ يقول: ما من ماء؟ أمن ماء العراق؟ . انظر: زاد المعاد (3/172) (5) انظر: سيرة ابن هشام (2/228).

- وما روي عن أبى رزين قال قيل للعباس أيكما أكبر أنت أو النبي صلى الله عليه وسلم قال هو أكبر منى وأنا ولدت قبله.الصالحي : سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد 11/93.

- وما جاء من أقوال ومواقف من حياة السلف رضوان الله عليهم , قال الأعمش : كان إبراهيم النخعي إذا أتاه أحد يكره الخروج إليه جلس في مسجد بيته وقال لجاريته: قولي له هو والله في المسجد.
ومنه قول ابن جبير للحجاج حين أراد قتله وقال له ما تقول ؟ .قال : قاسط عادل .فقال الحاضرون ما أحسن ما قال - ظنوا أنه وصفه بالقسط والعدل -قال الحجاج يا جهلة سماني مشركاً ظالماً ثم تلى ( وأما القاسطون ) الآية ( ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) .
وكان بعض السلف يقول لخادمه إذا جاء من يطلبه ولا غرض له يلقيه قل له ما هو هون يريد به الهاون الذي يدق فيه .
وكان الشعبي يقول لخادمه دور بأصبعك دارة في الحائط وقل له ما هو في الدار .
وكان الجارحي يقول إذا أنكر ما قاله : اللّه يعلم ما قلته - بتوهم النفي بحرف ما ويريد أنه موصول .
وكان إبراهيم النخعي قد خط في بيته مسجدا فإذا جاء من لا يريد دخوله عليه قال للجارية قولي هو في المسجد
وقال عقبة بن المغيرة : كنا نأتي ابراهيم وهو خائف من الحجاج . فكنا إذا خرجنا من عنده يقول : إن سُئلتم عني وحُلّفتم ، فاحلفوا بالله ما تدرون أين أنا ولا لنا به علم ، ولا في أي موضع هو .. وأعنوا أنكم لا تدرون أي موضع أنا فيه قائم أو قاعد ، وقد صدقتم .
وكان حماد إذا جاءه من لا يريد الاجتماع به ، وضع يده على ضرسه ، ثم قال : ضرسي ، ضرسي .
ووجه الرشيد إلى رجل شريك رجلاً ليحضره ، فسأله شريك أن ينصرف ويدافع بحضوره ، ففعل ، فحبسه الرشيد ، ثم أرسل إليه رسولاً آخر ، فأحضره ، وسأله عن تخلفه لما جاءه رسوله ؟ فحلف له بالأيمان المغلظة أنه ما رأى الرسول في اليوم الذي أرسله فيه ، وعني بذلك الرسول الثاني ، فصدقه وأمر بإطلاق الرجل .
وأحضر الثوري إلى مجلس المهدي ، فأراد أن يقوم ، فمنع ، فحلف بالله أن يعود ، فترك نعله وخرج ، ثم رجع فلبسها ، ولم يعد ..فقال المهدي : ألم يحلف أنه يعود ؟ فقالوا : إنه عاد فأخذ نعله .
كما يحكي أن بعض العلماء وقت فتنة خلق القرآن وينسبونها إلي الشافعي وأنا أستبعدها جدًا أن تنسب إلي الشافعي عندما دخل علي المأمون ، أنتم تعلمون فتنة خلق القرآن بدأت في أواخر عهد المأمون واستفحلت في عهد المعتصم والواثق ، وكشف الله المحنة في عهد المتوكل ، أرسلوا إلي هذا العالم لكي يمتحنوه في إن القرآن مخلوق أم لا ؟ فجاء العالم فدخل فسكت ، فقال له المأمون: ما تقول فيه أمخلوق ؟ طبعًا ما تقول فيه الدنيا كلها تعلم عن ماذا يتكلم المأمون ، ما تقول فيه أمخلوق ؟ قال: إياي تعني ؟ قال: نعم ، قال مخلوق ، وخرج منها لأنه أحني أذنه وانحني في الأرض ، إياي تعني أي تكلمني أنا الرجل فهمها هكذا أنت تكلمني أنا قال أنا مخلوق .ومثل الشيعة وأهل السنة يتشاجروا مع بعض من أفضل علي أم أبوبكر ؟ فذهبوا إلي بن الجوزي وقالوا له: من أفضل أبوبكر أم علي ؟ قال: من كانت بنته تحته وسكت فالشيعة قالوا: من كانت ابنته تحته أي بنت النبي تحته يكون علي ، والسنة قالوا: من كانت ابنته تحته أي عائشة تحت النبي أبوبكر ، قال: من كانت ابنته تحته خرج الشيعة يقول هو يقصدنا ، وخرج السنة يقولوا هو يقصدنا ، فالتعريض والكلام هذا يحتاج إلي سرعة بديهة .

فإباحة المعاريض في بعض المواقف دليل على مرونة التشريع الإسلامي , وعلى يسر هذا الدين وسماحته .

 

د. بدر هميسه
  • مقالات ورسائل
  • الكتب
  • وصية الأسبوع
  • سلسلة أحاديث وفوائد
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية