اطبع هذه الصفحة


الربانيون

د. بدر عبد الحميد هميسه


قال تعالى في محكم تنزيله: \"مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) سورة آل عمران .
قال الرازي في تعريف الربانيين : \" أن يكون الداعي له إلى جميع الأفعال طلب مرضاة الله ، والصارف له عن كل الأفعال الهرب عن عقاب الله\" تفسير الرازي 4/274.
وقال ابن عاشور : \" كونوا منسوبين للرب، وهو الله تعالى، لأن النسب إلى الشيء إنما يكون لمزيد اختصاص المنسوب بالمنسوب إليه.ومعنى أن يكونوا مخلصين لله دو ن غيره.تفسير التحرير والتنوير 3/140.
وأورد الطبري عدة أقوال في تعريف الربانيين فقال : \" عن أبي رزين:\"ولكن كونوا ربانيين\"، حكماء علماء.وعن الحسن في قوله:\"كونوا ربانيين\"، قال: كونوا فقهاء علماء.عن السدي في قوله:\"كونوا ربانيين\"، أما\"الربانيون\"، فالحكماء الفقهاء , وعن ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله:\"كونوا ربانيين\"، قال: الربانيون: الذين يربُّون الناس , ثم قال الطبري ف\"الربانيون\" إذًا، هم عمادُ الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا. ولذلك قال مجاهد:\"وهم فوق الأحبار\"، لأن\"الأحبارَ\" هم العلماء، و\"الرباني\" الجامعُ إلى العلم والفقه، البصرَ بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية، وما يصلحهم في دُنياهم ودينهم. تفسير الطبري 6/541 وما بعدها .
وقال القرطبي: \" قال الضحاك في قوله تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} قال: حق على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيها.وذكر ابن أبي الحواري قال: أتينا فضيل بن عياض سنة خمس وثمانين ومائة ونحن جماعة فوقفنا على الباب فلم يأذن لنا بالدخول فقال بعض القوم إن كان خارجا لشيء فسيخرج لتلاوة القرآن فأمرنا قارئا فقرأ فاطلع علينا من كوة؛ فقلنا: السلام عليك ورحمة الله؛ فقال وعليكم السلام؛ فقلنا كيف أنت يا أبا علي وكيف حالك؟ فقال: أنا من الله في عافية ومنكم في أذى وإن ما أنتم فيه حدث في الإسلام فإنا لله وإنا إليه راجعون ما هكذا كنا نطلب العلم ولكنا كنا نأتي المشيخة فلا نرى أنفسنا أهلا للجلوس معهم فنجلس فإذا مر الحديث سألناهم إعادته وقيدناه وأنتم تطلبون العلم بالجهل وقد ضيعتم كتاب الله ولو طلبتم كتاب الله لوجدتم فيه شفاء لما تريدون قال قلنا قد تعلمنا القرآن قال إن في تعلمكم القرآن شغلا لأعماركم وأعمار أولادكم قلنا كيف يا أبا علي قال لن تعلموا القرآن حتى تعرفوا إعرابه ومحكمه من متشابهه وناسخه من منسوخه إذا عرفتم ذلك استغنيتم عن كلام فضيل وابن عيينة ثم قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} .تفسير القرطبي 1/22.
وقال التستري في تفسيره : \" قال محمد بن سوار : الربّاني الذي لا يختار على ربه أحداً سواه ، وهو اسم مشتق من الربوبية . وقال سهل : الربانيون هم العالمون في الدرجة من العلم بالعلم . كما قال محمد بن الحنفية ، لما مات عبدالله بن عباس رضي الله عنهما : لقد مات هذا اليوم رباني هذه الأمة . وإنما نسب إلى الرب لأنه عالم من علمه . كما قال : { مَنْ أَنبَأَكَ هذا قَالَ نَبَّأَنِيَ العليم الخبير } [ التحريم : 3 ] ، فنسبه إلى النبوة بما علمه الله عزَّ وجلَّ .تفسير التستري 1/81.
والربانيون هم : \"الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) سورة المؤمنون .
والربانيون هم: \" لَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) سورة الأنفال.
وهم الذين قال الله فيهم : \" وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرّ ُوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)سورة الفرقان .

فالربانيون هم أولئك الذين أخلصوا لله تعالى في عبادتهم , فعبدوه وحده بحق وصدق , امتثالا لقوله سبحانه : إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)سورة الزمر .
ولقوله سبحانه : \" قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)سورة الأنعام .
وامتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : \" إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِىَ بِهِ وَجْهُهُ.أخرجه النسائي 6/25 عن أبي أمامة الباهلي وفي \"الكبرى\" 4333.
قال الشاعر :

لله قوم أخلصوا في حبه * * * فرضي بهم واختصهم خدّاما
قوم إذا جن الظلام عليهم * * *باتوا هنالك سجداً وقياما
خمص البطون من التعفف ضمرا * * *لا يعرفون سوى الحلال طعاماً

وهذه قصة صحابي رباني أخلص لدينه وعقيدته , فكان الجزاء من جنس العمل , انه الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه ,فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ:رُمِيَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ يَوْمَ الأَحْزَابِ، فَقَطَعُوا أَكْحَلَهُ، فَحَسَمَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّارِ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَنَزَفَهُ، فَحَسَمَهُ أُخْرَى.ولَمَّا انْفَجَرَ جُرْحُ سَعْدٍ، عَجَّل إِلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْنَدَهُ إِلَى صَدْرِهِ، وَالدِّمَاءُ تَسِيْلُ عَلَيْهِ.فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: وَانْكِسَارَ ظَهْرَاهُ عَلَى سَعْدٍ.فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَهْلاً أَبَا بَكْرٍ).فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنَّا لِلِّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ.
و عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:حَضَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَعْدَ بنَ مُعَاذٍ، وَهُوَ يَمُوْتُ فِي القُبَّةِ الَّتِي ضَرَبَهَا عَلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَسْجِدِ.قَالَتْ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاء أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ، وَإِنِّي لَفِي حُجْرَتِي، فَكَانَا كَمَا قَالَ اللهُ: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُم}.قَالَ عَلْقَمَةُ: فَقُلْتُ: أَيْ أُمَّه! كَيْفَ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْنَعُ؟قَالَتْ: كَانَ لاَ تَدْمَعُ عَيْنُهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ، فَإِنَّمَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ.و عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ:لَمَّا قَضَى سَعْدٌ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ رَجَعَ، انْفَجَرَ جُرْحُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِي حَجْرِهِ، وَسُجِّيَ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ، وَكَانَ رَجُلاً أَبْيَضَ جَسِيْماً.فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و َسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ إِنَّ سَعْداً قَدْ جَاهَدَ فِي سَبِيْلِكَ، وَصَدَّقَ رَسُوْلَكَ، وَقَضَى الَّذِي عَلَيْهِ، فَتَقَبَّلْ رُوْحَهُ بِخَيْرِ مَا تَقَبَّلْتَ بِهِ رُوْحاً).فَلَمَّا سَمِعَ سَعْدٌ كَلاَمَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَحَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُوْلُ اللهِ.وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَهْلِ البَيْتِ: (اسْتَأْذَنَ اللهُ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ عَدَدُكُم فِي البَيْتِ لِيَشْهَدُوا وَفَاةَ سَعْدٍ).وكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُوْلُ: (كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ وَكَيْفَ أَصْبَحْتَ؟).فَيُخْبِرُهُ، حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي نَقَلَهُ قَوْمُهُ فِيْهَا، وَثَقُلَ، فَاحْتَمَلُوْهُ إِلَى بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، إِلَى مَنَازِلِهِم.وَجَاءَ رَسُوْلُ اللهِ، فَقِيْلَ: انْطَلِقُوا بِهِ.فَخَرَجَ، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، وَأَسْرَعَ حَتَّى تَقَطَّعَتْ شُسُوْعُ نِعَالِنَا، وَسَقَطَتْ أَرْدِيَتُنَا.فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ أَصْحَابُه ُ، فَقَالَ: (إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْبِقَنَا إِلَيْهِ المَلاَئِكَةُ، فَتُغَسِّلُهُ كَمَا غَسَّلَتْ حَنْظَلَةَ).فَانْتَهَى إِلَى البَيْتِ، وَهُوَ يُغَسَّلُ ثُمَّ خَرَجَ بِهِ.قَالَ: يَقُوْلُ لَهُ القَوْمُ: مَا حَمَلْنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ مَيتاً أَخَفَّ عَلَيْنَا مِنْهُ.قَالَ: (مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَخِفَّ وَقَدْ هَبَطَ مِنَ المَلاَئِكَةِ كَذَا وَكَذَا، لَمْ يَهْبِطُوا قَطُّ قَبْلَ يَوْمِهِم، قَدْ حَمَلُوْهُ مَعَكُم).
وعن شُعْبَةُ: عَنْ سِمَاكٍ، سَمِعَ عَبْدَ الله بنَ شَدَّادٍ يَقُوْلُ:دَخَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى سَعْدٍ وَهُوَ يَكِيْدُ نَفْسَهُ، فَقَالَ: (جَزَاكَ اللهُ خَيْراً مِنْ سَيِّدِ قَوْمٍ، فَقَدْ أَنْجَزْتَ مَا وَعَدْتَهُ، وَلَيُنْجِزَنَّكَ اللهُ مَا وَعَدَكَ) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:لَمَّا انْتَهَوْا إِلَى قَبْرِ سَعْدٍ، نَزَلَ فِيْهِ أَرْبَعَةٌ: الحَارِثُ بنُ أَوْسٍ، وَأُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ، وَأَبُو نَائِلَةَ سِلْكَانُ، وَسَلمَةُ بنُ سَلاَمَةَ بن وَقْشٍ، وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاقِفٌ.فَلَمَّا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، تَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَبَّحَ ثَلاَثاً، فَسَبَّحَ المُسْلِمُوْنَ حَتَّى ارْتَجَّ البَقِيْعُ، ثُمَّ كَبَّرَ ثَلاَثاً، وَكَبَّرَ المُسْلِمُوْنَ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ؟فَقَالَ: (تَضَايَقَ عَلَى صَاحِبِكُمُ القَبْرُ، وَضُمَّ ضَمَّةً لَوْ نَجَا مِنْهَا أَحَدٌ لَنَجَا هُوَ، ثُمَّ فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ). سير أعلام النبلاء (1/288).
وكان الصحابيان الجليلان: عمار بن ياسر وعباد بن بشر رضي الله عنهما يتناوبان على حراسة ثغر من ثغور المسلمين وبينما كان عمار نائماً وعباد يحرس المسلمين أراد عباد أن يناجي ربه فدخل في الصلاة حيث الخشوع والإخلاص بعيداً عن أعين الناس وبينما هو كذلك في ليلة مقمرة إذ خرج عليهم رجل مشرك فرآه يصلي فسدد سهماً فأصابه في ذراعه وعباد مستمر في صلاته لا يقطعها فسدد ذاك المشرك سهماً ثانياً في ذراعه الأخرى ثم في ظهره فسال دمه وهو يصلي يقول عباد: والله لولا خوفي أن يؤتى المسلمون من قبلي لما قطعت الصلاة فأيقظ عماراً لذلك لأنه كان في لذة عجيبة لذة العبادة وحلاوة العبادة التي لو علمها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف .
لما نزل الموت بالعابد الزاهد عبد الله بن إدريس اشتد عليه الكرب فلما اخذ يشهق بكت ابنته فقال : يا بنيتي لا تبكي فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة .. كلها لأجل هذا المصرع .
كان عامر بن عبد الله بن الزبير على فراش الموت يجود بأنفاسه وأهله حوله يبكون، فبينما هو يصارع الموت سمع المؤذن ينادي لصلاة المغرب ونفسه تحشرج في حلقه وقد اشتدّ نزعه وعَظُم كربه، فلما سمع النداء قال لمن حوله: خذوا بيدي، قالوا: إلى أين؟! قال: إلى المسجد، قالوا: وأنت على هذه الحال؟! قال: سبحان الله! أسمع منادي الصلاة ولا أجيبه؟! خذوا بيدي، فحملوه بين رجُلين، فصلى ركعة مع الإمام ثمّ مات في سجوده، نعم مات وهو ساجد.
ولذا كان ابن عمر إذا قرأ قول الله: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ [سبأ:54] بكى وأبكى ودعا للأموات وقال: اللهم لا تَحُل بيني وبين ما أشتهي، قالوا: وما تشتهي؟! قال: أن أقول: لا إله إلا الله.
فالربانيون هم أهل عبادة الله وأهل تقوى الله , عن بشر بن بشار المجاشعي، وكان من العابدين، قال: لقيت عباداً ثلاثة ببيت المقدس، فقلت لأحدهم: أوصني قال: ألق نفسك مع القدر حيث ألقاك، فهو أحرى أن يفرغ قلبك ويقل همك، وإياك أن تسخط ذلك فيحل بك السخط وأنت منه في غفلة لا تشعر به. وقلت للآخر: أوصني، قال: ما أنا بمستوص فأوصيك - قلت: على ذاك عسى الله عز وجل أن ينفع بوصيتك. قال: أما إذ أبيت إلا الوصية فاحفظ عني: التمس رضوانه في ترك مناهيه فهو أوصَلُ لك إلى الزلفى لديه. قال: فقلت للآخِر: أوصني فبكى واستحر سفحاً للدموع ثم قال: أي أخي لا تبتغ من أمرك تدبيراً غير تدبيره فتهلك فيمن هلك، وتضل فيمن يضل .
روى صاحب طبقات الحنابلة: أن عبد الغني المقدسي المحدث الشهير, كان مسجوناً في بيت المقدس في فلسطين, فقام من الليل صادقاً مع الله مخلصاً, فأخذ يصلي, ومعه في السجن قوم من اليهود والنصارى, فأخذ يبكي حتى الصباح, فلما أصبح الصباح ورأى أولئك النفر هذا الصادق العابد المخلص, ذهبوا إلى السجان, وقالوا: أطلقنا فإنا قد أسلمنا, ودخلنا في دين هذا الرجل, قال: ولِمَ؟ أدعاكم للإسلام؟ قالوا: ما دعانا للإسلام, ولكن بتنا معه في ليلة ذكرنا بيوم القيامة..!

فشعارهم كما قال القائل :

لا تقل من أين أبدأ * * * طاعة الله البـــــداية
لا تقل أين طريقي * * *شرعة الله الهـــداية
لا تقل أين نعيمي * * * جنة الله كـفـــــــاية
لا تقل في الغد أبدأ * * *ربما تأتي النـــهـاية

والربانيون هم العلماء العاملون الذين يخشون الله حق خشيته , قال سبحانه : \" إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) سورة فاطر .
فهم لا يطلبون العلم إلا لله ولا يعلمونه إلا لله , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ ، لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا ، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. يَعْنِى رِيحَهَا.أخرجه \"أحمد\" 2/338(8438) و\"أبو داود\" و\"ابن ماجة\" 252 و\"ابن حِبَّان\" 78 .
ومع إخلاصهم فهم يتحلون بالحكمة فيدعون إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة , ويرفقون بمن يعلمونهم , قال ابن حجر في تعريف العالم الرباني : \" الرباني الذي يربى الناس بصغار العلم قبل كباره أي بالتدريج\" فتح الباري 1/121.
والعلماء الربانيون هم الذين يعلمون الحلال من الحرام , قال البغوي : \" الربانيون : العلماء بالحلال والحرام. شرح السنة 1/284.
فالعلماء الربانيون نور يهتدى بهم في الطريق إلى الله تعالى .. ونبراس يستضاء به في السير إلى الدار الآخرة .. وهم ورثة الأنبياء ، وفضلهم معلوم لكل مخلوق حتى الحيتان في البحر والنملة في جحرها .
فهم يطلبون الله تعالى بعلمهم , فيطابق قولهم فعلهم , قال أبو عمر الزاهد سالت ثعلبا عن هذا الحرف وهو الرباني فقال سألت ابن الأعرابي فقال إذا كان الرجل عالما عاملا معلما قيل له هذا رباني فإن خرم عن خصلة منها لم نقل له رباني .ابن القيم : مفتاح دار السعادة 184.
قال النووي : \" لعلماء الربانيون الذين ورثوا النبي صلى الله عليه وسلم علماً وعبادة وأخلاقاً ودعوة، وهؤلاء هم أولو الأمر حقيقة، لأن هؤلاء يباشرون العامة، ويباشرون الأمراء، ويبينون دين الله ويدعون إليه\" . شرح النووية 116.
وهذا نموذج من العلماء البانيين نسوقه للعظة والعبرة , وهو الإمام أحمد بن نصر الخزاعي الذي صدع بكلمة الحق حتى قتل على يد الواثق والتي ذكرها ابن كثير في تاريخه فقال : \"ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وفيها كان مقتل أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله وأكرم مثواه قال ابن خلكان:وكان خزاعياً من موالي طلحة الطلحات الخزاعي، وقد كان أبو تمام يمدحه، فدخل إليه مرة فأضافه الملح بهمدان فصنف له كتاب الحماسة عند بعض نسائه.ولما ولاه المأمون نيابة الشام ومصر صار إليها وقد رسم له بما في ديار مصر من الحواصل، فحمل إليه وهو في أثناء الطريق ثلاثة آلاف دينار، ففرقها كلها في مجلس واحد، وأنه لما واجه مصر نظر إليها فاحتقرها وقال: قبح الله فرعون، ما كان أخسه وأضعف همته حين تبجح وتعاظم بملك هذه القرية، وقال:أنا ربكم الأعلى.وقال:أليس لي ملك مصر.فكيف لو رأى بغداد وغيرها. وكان سبب ذلك أن هذا الرجل وهو أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي وكان جده مالك ابن الهيثم من أكبر الدعاة إلى دولة بني العباس الذين قتلوا ولده هذا، وكان أحمد بن نصر هذا له وجاهة ورياسة.وكان أبوه نصر بن مالك يغشاه أهل الحديث، وقد بايعه العامة في سنة إحدى ومائتين على القيام بالأمر والنهي حين كثرت الشطار والدعار في غيبة المأمون عن بغداد، وكان أحمد بن نصر هذا من أهل العلم والديانة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير، وكان من أئمة السنة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وكان ممن يدعو إلى القول بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وكان الواثق من أشد الناس في القول بخلق القرآن، يدعو إليه ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، اعتماداً على ما كان عليه أبوه قبله وعمه المأمون، من غير دليل ولا برهان، ولا حجة ولا بيان، ولا سنة ولا قرآن، فقام أحمد بن نصر هذا يدعو إلى الله وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقول بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، في أشياء كثيرة دعا الناس إليها.فاجتمع عليه جماعة من أهل بغداد، والتف عليه من الألوف أعداداً، وانتصب للدعوة إلى أحمد بن نصر هذا رجلان وهما أبو هارون السراج يدعو أهل الجانب الشرقي، وآخر يقال له طالب يدعو أهل الجانب الغربي، فاجتمع عليه من الخلائق ألوف كثيرة، وجماعات غزيرة، فلما كان شهر شعبان من هذه السنة انتظمت البيعة لأحمد بن نصر الخزاعي في السر على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتواعد وا على أنهم في الليلة الثالثة من شعبان - وهي ليلة الجمعة - يضرب طبل في الليل فيجتمع الذين بايعوا في مكان اتفقوا عليه، وأنفق طالب وأبو هارون في أصحابه ديناراً ديناراً، وكان من جملة من أعطوه رجلان من بني أشرس، وكانا يتعاطيان الشراب، فلما كانت ليلة الخميس شربا في قوم من أصحابهم، واعتقدا أن تلك الليلة هي ليلة الوعد، وكان ذلك قبله بليلة، فقاما يضربان على طبل في الليل فاجتمع إليهما الناس، فلم يجئ أحد وانخرم النظام وسمع الحرس في الليل، فأعلموا نائب السلطنة، وهو محمد بن إبراهيم بن مصعب، وكان نائبا لأخيه إسحاق بن إبراهيم، لغيبته عن بغداد، فأصبح الناس متخبطين، واجتهد نائب السلطنة على إحضار ذينك الرجلين فاحضرا فعاقبهما فأقرا على أحمد بن نصر، فطلبه وأخذ خادماً له فاستقره فأقر بما أقر به الرجلان، فجمع جماعة من رؤوس أصحاب أحمد بن نصر معه وأرسل بهم إلى الخليفة بسُرَّ من رأى، وذلك في آخر شعبان، فأحضر له جماعة من الأعيان، وحضر القاضي أحمد بن أبي دؤاد المعتزلي، وأحضر أحمد بن نصر ولم يظهر منه على أحمد بن نصر عتب، فلما أوقف أحمد بن نصر بين يدي الواثق لم يعاتبه على شيء مما كان منه في مبايعته الع وام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيره، بل أعرض عن ذلك كله وقال له: ما تقول في القرآن؟ فقال: هو كلام الله. قال: أمخلوق هو؟ قال هو كلام الله.
وكان أحمد بن نصر قد استقتل وباع نفسه وحضر وقد تحنط وشد على عورته ما يسترها فقال له. فما تقول في ربك، أترّاه يوم القيامة؟فقال: يا أمير المؤمنين قد جاء القرآن والأخبار بذلك، قال الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته)). فنحن على الخبر. قال الواثق: ويحك! أيرى كما يرى المحدود المتجسم! ويحويه مكان ويحصره الناظر؟ أنا أكفر برب هذه صفته.ثم قال أحمد بن نصر للواثق: وحدثني سفيان بحديث يرفعه ((إن قلب ابن آدم بإصبعين من أصابع الله يقلبه كيف شاء)) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)). فقال له إسحاق بن إبراهيم:ويحك، انظر ما تقول. فقال: أنت أمرتني بذلك. فأشفق إسحاق من ذلك وقال: أنا أمرتك؟ قال: نعم، أنت أمرتني أن أنصح له.فقال الواثق لمن حوله: ما تقولون في هذا الرجل؟فأكثروا القول فيه.فقال عبد الرحمن بن إسحاق -: وكان قاضياً على الجانب الغربي فعُزل، وكان مواداً لأحمد بن نصر قبل ذلك -: يا أمير المؤمنين هو حلال الدم.وقال أبو عبد الله الأرمني صاحب أحمد بن أبي دؤاد: اسقن ي دمه يا أمير المؤمنين.قال الواثق: لابد أن يأتي ما تريد.وقال ابن أبي دواد: هو كافر يستتاب لعل به عاهة أو نقص عقل.فقال الواثق: إذا رأيتموني قمت إليه فلا يقومن أحد معي، فإني أحتسب خطاي.ثم نهض إليه بالصمصامة- وقد كانت سيفا لعمرو بن معد يكرب الزبيدي أهديت لموسى الهادي في أيام خلافته وكانت صفيحة مسحورة في أسفلها مسمورة بمسامير - فلما انتهى إليه ضربه بها على عاتقه وهو مربوط بحبل قد أوقف على نطع، ثم ضربه أخرى على رأسه ثم طعنه بالصمصامة في بطنه فسقط صريعاً رحمه الله على النطع ميتاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون.رحمه الله وعفا عنه.فضرب عنقه وحز رأسه، وحمل معترضا حتى أتى به الحظيرة فصلب فيها، وفي رجليه زوج قيود وعليه سراويل وقميص، وحمل رأسه إلى بغداد فنصب في الجانب الشرقي أياما، وفي الغربي أياماً، وعنده الحرس في الليل والنهار، وفي أذنه رقعة مكتوب فيها:هذا رأس الكافر المشرك الضال أحمد بن نصر الخزاعي، من قتل على يدي عبد الله هارون الإمام الواثق بالله أمير المؤمنين بعد أن أقام عليه الحجة في خلق القرآن، ونفى التشبيه وعرض عليه التوبة، ومكنه من الرجوع إلى الحق فأبى إلا المعاندة والتصريح، فالحم د لله الذي عجله إلى ناره وأليم عقابه بالكفر، فاستحل بذلك أمير المؤمنين دمه ولعنه.ثم أمر الواثق بتتبع رؤوس أصحابه فأخذ منهم نحواً من تسع وعشرين رجلاً فأودعوا في السجون وسموا الظلمة، ومنعوا أن يزورهم أحد وقيدوا بالحديد، ولم يجر عليهم شيء من الأرزاق التي كانت تجري على المحبوسين، وهذا ظلم عظيم.
وقد كان أحمد بن نصر هذا من أكابر العلماء العاملين القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسمع الحديث من حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وسمع من الإمام مالك بن أنس أحاديث جيدة، ولم يحدث بكثير من حديثه، وذكره الإمام أحمد بن حنبل يوماً فقال: رحمه الله ما كان أسخاه بنفسه لله، لقد جاد بنفسه له. وقال جعفر بن محمد الصائغ: بصرت عيناي وإلا فقئتا، وسمعت أذناي وإلا فصمتا أحمد ابن نصر الخزاعي حين ضربت عنقه يقول رأسه: لا إله إلا الله.وقد سمعه بعض الناس وهو مصلوب على الجذع ورأسه يقرأ: آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون قال:فاقشعر جلدي. ولم يزل رأسه منصوباً من يوم الخميس الثامن والعشرين من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين - إلى بعد عيد الفطر بيوم أو يومين من سنة سبع وثلاثين ومائتين، فجمع بين رأسه وجثته ودفن بالجانب الشرقي من بغداد بالمقبرة المعروفة بالمالكية رحمه الله. وذلك بأمر المتوكل على الله الذي ولي الخلافة بعد أخيه الواثق.وقد دخل عبد العزيز بن يحيى الكناني على المتوكل وكان من خيار الخلفاء لأنه أحسن الصنيع لأهل السنة، بخلاف أخيه الواثق وأبيه المعتصم وعمه المأمون، فإن هم أساءوا إلى أهل السنة وقربوا أهل البدع والضلال من المعتزلة وغيرهم، فأمره أن ينزل جثة محمد بن نصر ويدفنه ففعل، وقد كان المتوكل يكرم الإمام أحمد بن حنبل إكراماً زائداً جداً كما سيأتي بيانه في موضعه.والمقصود أن عبد العزيز قال للمتوكل: يا أمير المؤمنين ما رأيت أو مارئي أعجب من أمر الواثق، قتل أحمد بن نصر، وكان لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن.فوجل المتوكل من كلامه وساءه ما سمع في أخيه الواثق، فلما دخل عليه الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل: في قلبي شيء من قتل أحمد بن نصر. فقال: يا أمير المؤمنين أحرقني الله بالنار إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافراً.ودخل عليه هرثمة فقال له في ذلك فقال: قطعني الله إرباً إرباً إن قتله إلا كافراً.ودخل عليه القاضي أحمد بن أبي دؤاد فقال له مثل ذلك فقال: ضربني الله بالفالج إن قتله الواثق إلا كافراً، قال المتوكل: فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار. وأما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة فعرفه رجل من الحي فقال: يا معشر خزاعة هذا الذي قتل ابن عمكم أحمد بن نصر فقطعوه. فقطعوه إربا إربا. وأما ابن أبي دؤاد فقد سجنه الله في جلده - يعني بالفا لج - ضربه الله قبل موته بأربع سنين، وصودر من صلب ماله بمال جزيل جداً. راجع القصة في البداية والنهاية 10/337.
قال عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ :

الْعِلْمُ زَيْنٌ وَتَشْرِيفٌ لِصَاحِبِهِ * * * فَاطْلُبْ هُدِيتَ فُنُونَ الْعِلْمِ وِالأَدَبَا
لا خَيْرَ فِيمَنْ لَهُ أَصٌْل بِلا أَدَبٍ * * * حَتَّى يَكُونَ عَلَى مَا فَاتَهُ حَدَبَا
كَمْ مِنْ شَرِيفٍ أَخِى عِىٍّ وَطَمْطَمَةٍ * * * فَدْمٍ لَدَى الْقَوْمِ مَعْرُوفٍ إِذَا اِنْتَسَبَا
فِي بَيْتِ مَكْرُمَةٍ آبَاؤُهُ نُجُبٌ * * * كَانُوا رُؤوسَاًً فَأَمْسَى بَعْدَهُمْ ذَنَبَا

والربانيون هم أولئك الذين يعيشون مع كتاب الله تعالى تلاوة وحفظا وتدبرا وعملا , قال تعالى : \" إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) سورة فاطر.

الذلُّ والإيمانُ مُختصمانِ * * * لا يَرتضي بالذلُّ غيرُ جَبانِ
للهِ كلُّ العزِّ جَلَّ جلالُهُ فهو * * * العزيزُ وصاحبُ السلطانِ
وهو المعزُّ لمنْ يَشاءُ بفضلِه * * * وهو المذلُّ لكلِّ ذي كُفْرانِ
بالعروةِ الوثْقى تمسَّكُ تَغتنمْ* * * والعروةُ الوثقى هُدَى القرآنِ

عَنْ عَبْداللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ:قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : اقْرَأْ عَلَيَّ ، قُلْتُ : يَارَسُولَ اللهِ ، أَقْرَأُ عَلَيْكَ ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ ، حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ : \" فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا ) ، قَالَ : حَسْبُكَ الآنَ ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. أخرجه أحمد 1/380(3606) والبُخاري(6/57(4582) و\"مسلم\" 2/195(1817) و\"أبو داود\" 3668 و\"التِّرمِذي\" 302.

منع القرآن بوعده ووعيده * * * مُقَل العيون بليلها لا تهجَعُ
فهموا عن الملك العظيم كلامه* * *فهماً تَذِلُّ له الرقابُ وتخضَعُ

قال الحسن البصري : تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة وفي الذكر وفي قراءة القرآن فإن وجدتم وإلاّ فاعلموا أن الباب مغلق.
وقال رجل لإبراهيم بن أدهم: إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء؟ قال:\" لا تعصه بالنهار، وهو يقيمك بين يديه بالليل، فإنَّ وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف\"..

والربانيون هم من يبرون آباءهم , ويرحمون صغارهم , ويصلون أرحامهم , ويحسنون إلى جيرانهم , وإلى مواليهم , ويرفقون بضعفائهم , ولا توجد كلمة العقوق والقسوة في قاموس حياتهم , ويضعون نصب أعينهم قول الله تعالى : \" اعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37) سورة النساء .
وشعارهم : \" وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) سورة الإسراء , وقول النبي صلى الله عليه وسلم : \" ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ نَشَرَ اللهُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ، وَأَدْخَلَهُ جَنَّتَهُ : رِفْقٌ بِالضَّعِيفِ ، وَشَفَقَةٌ عَلَى الْوَالِدَيْنِ ، وَإِحْسَانٌ إِلَى الْمَمْلُوكِ. أخرجه التِّرْمِذِي (2494).
ذُكِر أن شابًا اسمه مُنازِل كان مُكبًّا على اللهو واللعب لا يفيق عنه، وكان له والدٌ صاحب دين، كثيراً ما يعظ هذا الابن ويقول له: يا بني، احذر هفوات الشباب وعثراته، فإن لله سطوات ونقمات ما هي من الظالمين ببعيد، وكان إذا ألَحّ عليه زاد في العقوق، ولما كان يوم من الأيام ألَحّ على ابنه بالنصح على عادته، فمدّ الولد يده على أبيه، فحلف الأب بالله مجتهدًا ليأتينّ بيت الله الحرام فيتعلق بأستار الكعبة ويدعو على ولده، فخرج حتى انتهى إلى البيت الحرام فتعلق بأستار الكعبة وأنشأ يقول:

يا مَن إليه أتى الحجّاج قد قطعوا * * * عَرضَ المَهامِهِ من قُربٍ ومن بُعدِ
إنِّي أتيتك يا مَن لا يُخيِّبُ مَن * * * يدعوه مبتهلاً بالواحد الصمَد
هذا مُنازِلُ لا يرتدُّ من عَقَقِي * * * فخذ بحقّيَ يا رحمن من ولدي
وشُلَّ منه بحولٍ منك جانبه* * * يا من تقدَّس لم يولَد ولم يلِد

فقيل: إنه ما استتمّ كلامه حتى يبس شِقُّ ولده الأيمن، نعوذ بالله من العقوق.

والربانيون هم الذين يتقنون أعمالهم ويجودونها , عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: \" إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ \" رواه ابن حبان 12/212 , قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 1880 في صحيح الجامع.

والربانيون هم الذين يصدعون بالحق ولا يخافون في الله لومة لائم , قال تعالى : \" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) سورة آل عمران .
عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ:بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِى الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَعَلَى أَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا لاَ نَخَافُ في اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ. أخرجه مالك في \"الموطأ\" 1287 \"أحمد\" 3/441(15738) و\"البُخَارِي\" 9/96(7199) و\"مسلم\" 6/16(4796).
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ:أَمَرَنِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ : أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي ، وَلاَ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ ، وَأَمَرَنِي أَنْ لاَ أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا ، وَأَمَرَنِي أَنْ لاَ أَخَافَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ. أخرجه أحمد 5/159(21745) و\"النَّسائي\" في \"الكبرى\" 10114 و\"ابن حِبان\" 449 .
والربانيون هم أولئك الذين يتورعون عن الشبهات فلا يأكلون إلا طيبا , قال تعالى : \" يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169) سورة البقرة .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ، فَقَالَ : (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ، ثُمَّ ذَكَرَ : الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، ثُمَّ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ. أخرجه \"أحمد\" 2/328(8330) و\"الدارِمِي\" 2717 و\"البُخاري\" في \"رفع اليدين\" 91 و\"مسلم\" 2309و\"التِّرمِذي\" 2989 .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَبِيعُ الْخَمْرَ فِي سَفِينَةٍ وَكَانَ يَشُوبُهُ بِالْمَاءِ وَكَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ قِرْدٌ قَالَ فَأَخَذَ الْكِيسَ وَفِيهِ الدَّنَانِيرُ قَالَ فَصَعِدَ الذَّرْوَ يَعْنِي الدَّقَلَ فَفَتَحَ الْكِيسَ فَجَعَلَ يُلْقِي فِي الْبَحْرِ دِينَارًا وَفِي السَّفِينَةِ دِينَارًا حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهِ شَيْءٌ. رواه أحمد ( 2 / 306 و 335 و 407 ) و الحارث في \" مسنده \" ( 50 / 2 - زوائده )و البيهقي في \" شعب الإيمان \" ( 4 / 332 / 5307 ) السلسلة الصحيحة \" 6 / 826 .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ أَتَدْرِي مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ. وجاء في بعض الروايات أنه قال: والله لو لم تخرج إلا مع روحي لأخرجتها إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به . أخرجه البخاري (3/1395 ، رقم 3629) ، والبيهقى (6/97 ، رقم 11307) .

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:أَيُّهَا النَّاسُ ، اتَّقُوا اللهَ ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا ، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا ، فَاتَّقُوا اللهَ ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، خُذُوا مَا حَلَّ ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ.
- وعند الحاكم , عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من عمل يقرب من الجنة إلا قد أمرتكم به ولا عمل يقرب من النار إلا وقد نهيتكم عنه فلا يستبطئن أحد منكم رزقه فإن جبريل ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه فاتقوا الله أيها الناس وأجملوا في الطلب فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله فإن الله لا ينال فضله بمعصيته .
أخرجه ابن ماجة (2144), والحاكم (2/5 ، رقم 2135) .صحيح ، التعليق الترغيب ( 3 / 7 ) ، أحاديث البيوع ، الصحيحة ( 2607 ) ، المشكاة ( 5300 ).

والربانيون هم أولئك الذين يصيرون عند البلاء ويشكرون عن الرخاء , كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : \"للَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي ، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي ، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لاَ يَنْفَدُ ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْقَطِعُ ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ ، وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ. أخرجه النَّسَائِي 3/54 ، وفي \"الكبرى\"1229.
وعَنْ صُهَيْبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم :عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ. أخرجه أحمد 4/332(19142) و\"الدارمي\" 2777 و\"مسلم\" 8/227 (7610).

قَوْمٌ هُمُومُهم بِاللهِ قَدْ عَلِقَتْ * * * فَمَا لَهُم هِمَمٌ تَسْمُو إِلى أَحَدِ
فَمَطْلبُ القَوم مَوْلاهُم وَسَيِّدهُم * * * يَا حُسْنَ مَطْلَبِهم لِلواحِد الصَّمَدِ
مَا إِنْ تُنَازِعُهُم دُنْيَا وَلا شَرفٌ * * * مِن المَطَامِعِ والذَّاتِ والوَلَدِ
ولا لِلْبسِ ثِيابٍ فَائِقٍ أَنِقٍ * * * وَلا لِرَوْحِ سُرُوْرٍ حَلَّ فِي بَلَدِ
إِلا مُسَارَعَةً فِي إِثْرِ مَنْزِلَةٍ * * * قَدْ قَارَبَ الخَطْو فيها بَاعِد الأبَدِ

قال مُطرِّف بن عبدالله الشخير: أتيت عمران بن حصين يوماً، فقلت له: إني لأدع إتيانك لما أراك فيه، ولما أراك تلقى. قال: فلا تفعل، فو الله إن أحبه إليّ أحبه إلى الله .وكان عمران بن الحصين قد استسقى بطنه، فبقي ملقى على ظهره ثلاثين سنة، لا يقوم ولا يقعد، قد نقب له في سرير من جريد كان عليه موضع لقضاء حاجته.فدخل عليه مطرف وأخوه العلاء، فجعل يبكي لما يراه من حاله فقال: لم تبكي؟ قال: لأني أراك على هذه الحالة العظيمة. قال: لا تبك فإن أحبه إلى الله تعالى، أحبه إلي. ثم قال: أحدثك حديثاً لعل الله أن ينفع به، واكتم علي حتى أموت، إن الملائكة تزورني فآنس بها، وتسلم علي فأسمع تسليمها، فأعلم بذلك أن هذا البلاء ليس بعقوبة، إذ هو سبب هذه النعمة الجسيمة، فمن يشاهد هذا في بلائه، كيف لا يكون راضياً به؟!( إحياء علوم الدين 4/349).
فشعارهم ودثارهم :
دع المقادير تجري في أعنتها * * * ولا تبيتن إلا خالي البالي
ما بين غمضة عين وانتباهتها * * * يغيّر الله من حال إلى حالِ
والربانيون هم أولئك الذين يحبون الخير لجميع الناس فلا يحقدون ولا يغشون ولا يحسدون , قال تعالى : \" يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) سورة الشعراء .
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو . قال:قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ ، صَدُوقِ اللِّسَانِ . قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ ؟ قَالَ : هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ ، لاَ إِثْمَ فِيهِ ، وَلاَ بَغْيَ ، وَلاَ غِلَّ ، وَلاَ حَسَدَ. أخرجه ابن ماجة (4216) الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 2 / 669 .
عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ:بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، تَنْطُِفُ لِحْيَتُهُ مَاءً مِنْ وَضُوئِهِ ، مُعَلِّقٌ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ مَرْتَبَتِهِ الأُولَى ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ مَرْتَبَتِهِ الأُولَى ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، تَبِعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، فَقَالَ : إِنِّي لاَحَيْتُ أَبِي ، فَأَقْسَمْتُ أَنْ لاَ أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَحِلَّ يَمِينِي فَعَلْتَ ، فَقَالَ : نَعَمْ، قَالَ أَ نَسٌ : فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ : أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ لَيْلَةً ، أَوْ ثَلاَثَ لَيَالٍ ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ بِشَيْءٍ ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا انْقَلَبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللهَ وَكَبَّرَ ، حَتَّى يَقُومَ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ ، فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ ، قَالَ عَبْدُ اللهِ : غَيْرَ أَنِّي لاَ أَسْمَعُهُ يَقُولُ إِلاَّ خَيْرًا ، فَلَمَّا مَضَتِ الثَلاَثُ لَيَالٍ كِدْتُ أَحْتَقِرُ عَمَلَهُ ، قُلْتُ : يَا عَبْدَ اللهِ ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَالِدِي غَضَبٌ وَلاَ هَجْرَةٌ ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول لك ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فِي ثَلاَثِ مَجَالِسَ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ تِلْكَ الثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَأَرَدْتُ آوِي إِلَيْكَ ، فَأَنْظُرَ عَمَلَكَ ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَبِيرَ عَمَلٍ ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ : مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَ عَانِي ، فَقَالَ : مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ ، غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي غِلاًّ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَلاَ أَحْسُدُهُ عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو : هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ ، وَهِيَ الَّتِي لاَ نُطِيقُ.
أخرجه أحمد 3/166(12727) وقال محققه شعيب الأرناؤط : إسناده صحيح على شرط الشيخين , ورواه الترمذي ( 3694 ) و\"النَّسائي\" ، في \"عمل اليوم والليلة\" 863 , والطبراني والحاكم في المستدرك ( 3/73 ) وصححه ووافقه الذهبي .
قال الشافعي :

لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أَحْقِدْ عَلَى أَحَدٍ * * * أَرَحْتُ نَفْسِي مِنْ هَمِّ الْعَدَاوَاتِ
إنِّي أُحَيِّي عَدُوِّي عِنْدَ رُؤْيَتِهِ * * * لِأَدْفَعَ الشَّرَّ عَنِّي بِالتَّحِيَّاتِ
وَأُظْهِرُ الْبِشْرَ لِلْإِنْسَانِ أَبْغَضُهُ * * * كَأَنَّمَا قَدْ حَشَى قَلْبِي مَحَبَّاتِ
النَّاسُ دَاءٌ دَوَاءُ النَّاسِ قُرْبُهُمْ * * * وَفِي اعْتِزَالِهِمْ قَطْعُ الْمَوَدَّاتِ

كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : \" اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، أَنْتَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ، وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي ، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا ، أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ.أخرجه أحمد 1/14(81).
والربانيون هم أولئك الذين : \" الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) سورة الرعد .
فالوفاء شيمتهم , والأمانة والصدق شعارهم , وحفظ العهد أخلاقهم , والكرم والمروءة طبعهم , والإحسان خلقهم , والتقوى زادهم , والورع ديدنهم , ومرضاة الله تعالى غايتهم , والفوز بالجنة مقصدهم .


 

د. بدر هميسه
  • مقالات ورسائل
  • الكتب
  • وصية الأسبوع
  • سلسلة أحاديث وفوائد
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية