اطبع هذه الصفحة


الرسول صلي الله عليه وسلم مربياً ومعلماً

د. بدر عبد الحميد هميسه


كان النداء الأول الذي انطلق في مكة منذ فجر الرسالة هو: \" قْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) سورة العلق.

وهذا النداء أكد الإسلام من خلاله على حقيقة الوجود الذي لا يتم بنيانه, ولا يكتمل صرحه إلا على أساس من العلم والمعرفة, وهو الهدف الأسمى من بعثة النبي – محمد صلي الله عليه وسلم – فقد جاء لهداية الخلق إلي الحق. وإخراجهم من ظلمات الجهل إلي العلم والمعرفة .قال تعالي \" وهو الذي بعثه في الآمين رسولاً منهم \" ولا عجب إذاً حينما نري النبي الكريم صلي الله عليه وسلم يفضل طلب العلم ويحث دائماً عليه , بل ويجعله أفضل من صلاة النافلة , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو؛أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِمَجْلِسَيْنِ فِي مَسْجِدِهِ . فَقَالَ : كِلاَهُمَا عَلَى خَيْرٍ ، وَأَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ ، أَمَّا هَؤُلاَءِ ، فَيَدْعُونَ اللهَ ، وَيَرْغَبُونَ إِلَيْهِ ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ ، وَأَمَّا هَؤُلاَءِ ، فَيَتَعَلَّمُونَ الْفِقْهَ وَالْعِلْمَ ، وَيُعَلِّمُونَ الْجَاهِلَ ، فَهُمْ أَفْضَلُ ، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا . قَالَ : ثُمَّ جَلَسَ فِيهِمْ. أخرجه الدارمي (349) وابن ماجة (229).

ومن دعوته –صلي الله عليه وسلم – وخصه علي العلم والتعليم أنه أمر الجار المتعلم أن يمحو أميه جاره, ويعلمه كما تعلم هو ,وجعل ذلك من حقوق الجيران فقال :\"ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ,ولا يفطنوهم , ولا يأمرونهم ولا ينهونهم وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتفطنون ؟ والله ليعلمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويفطنونهم ويأمرونهم وينهونهم,وليتعلمن قوم من جيرانهم ويتفقهون ويتفطنون ,أو عاجلنهم العقوبة في الدنيا . أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (1/164) كنز العمال 8457 .

وكما حثنا الرسول الكريم صلى الله علية وسلم على العلم والتعلم فقد وضع لنا الأسس والمبادئ التي ينبغي إن يسير عليها كل معلم ومرب ومنها : الحرص على الرفق واللين مع طرق التعنت والتشدد وقد قال الرسول صلى الله علية وسلم \" يسرو ولا تعسروا \" وكان صلى الله عليه وسلم المثل والقدوة في ذالك حتى وصفه ربه وصفه فقال لقد جاءكم رسول أنفسكم والمتتبع لسيرته الرسول صلى الله عليه وسلم يرى أنة كان في تعليمة يتبع الأساليب المتنوعة كراهية السأم على المتعلمين فتارة يسأل وتارة يجيب على من سأل , وتارة يضرب الأمثال وأخرى يلمح وطوراً يصرح .

ومن هذه الأساليب الضرر التربوية التي كان يتبعها الرسول صلى الله علية وسلم:


1- التعليم بالقدوة :

فالرسول صلى الله عليه وسلم كان قدوة للبشرية كلها كما قال تعالى لقد جاءكم رسول من أنفسكم , وحينما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت (كان خلقة القران ) فقد كان صلى الله عليه وسلم يمثل التطبيق العملي لأي الذكر الحكيم وهذا ما علمه للصحابة رضوان الله علية , عن ابن مسعود قال: \"كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن\" رواه الطبري في تفسيره ، 1/80.

2- البعد عن التعنت والإملال :

لقد كان صلى الله عليه وسلم يقتصد في تعليمه وييسر على الناس \" ما خير رسول الله بين أمرين \" كما كان يدفع الملل عن الصحابة ويروح عنهم تارة بالطرفة , وتارة بألأحاجى التي تثيرا الذهن . وهو بذلك يراعي الحالة النفسية للمتعلم , ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ:كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ ، كَرَاهِيَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. أخرجه أحمد( 1/377(3581) والبُخاري( 1/27(68) .

3- مراعاة الفروق الفردية:

ليس الناس سواسية في الفهم والتعلم,فكل يأخذ من العلم قدر عقله وحسب ما يحتاجه , وهذا ما كان – صلي الله عليه وسلم . يراعيه في تعليم الناس , فتارة يسأ له رجل عن وصية ينتفع بها فيقول له : تقوى الله , ويسأله آخر السؤال نفسه فيقول : لا تغضب ,وثالث يقول له : أمسك عليك لسانك , ورابع يقول له :\"تطعم الطعام وتقرأ السلام علي من عرفت ومن لم تعرف \" فهو يراعي بذلك حالة كل سائل , وما في إمكاناته .

4- الحوار والمناقشة:

وهو أسلوب تربوي ناجح , ويثير المتعلم , ويشوقه لفهم المعلومة , فمرة يسأل أصحابه عن حق الجار ,وآخري عن المفلس , أومن المسلم ؟ وكل ذلك لا ثارة المتعلمين في قبول المعلومة وفهمها .

5- الموازنة العقلية ,وضرب الأمثلة :

الموازنة العقلية , وضرب الأمثلة من الأساليب التي تقرب المعلومة للمتعلم , وتجعله يقبلها عن قناعة واقتناع ,فحينما جاء رجل إلي البني صلي الله عليه وسلم – يطلب منه أن يأذن له في الزنا !! لم يعنقه , بل قال له : أترضاه لأمك , لأختك , لزوجك .... حتى جعله يرفض من تلقاء نفسه الخطأ والخطيئة , وأحيانا كان يضرب الأمثلة ويخط الخطوط وكلها أساليب يحتاجها المربون والمعلمون الآن , حتى ينشئوا جيلا صالحاً تسعد به الأمة , وتزهو به علي باقي الأمم .

 

د. بدر هميسه
  • مقالات ورسائل
  • الكتب
  • وصية الأسبوع
  • سلسلة أحاديث وفوائد
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية