اطبع هذه الصفحة


أَغلقوا تويتر ...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


- تظن أنك قد تسمعها في منام مسترخ طويل...!
أو في طيات لحظات إغماء من عناء الحياة العميق....
أو لو انبعثت ( الحياة الحجرية ) القديمة...! أو يلفظ بها معتوه من حين لآخر، فلا يكترث له الناس ...!
أو يتحدث بها بعض آكلي لحوم البشر،،،!
لكن أن يتداعى لها أقوام صحفيون ، وفي ظل التقنية الطافحة، والإنجازات النفاثة، والسبق المعلوماتي والحضاري الوهاج، وتنافس الأمم ...هذا الذي لا يصدق ...!!
يقال مثقف..... ولكن من العصور الوسطى. ...!
وصحفي .. ولكن من تراكمات القمع السلطوي الغابر...
وأديب ولكن بلا رسالة وأدب ، سوى التضييق والتطبيل. ...!
ومحرّر... ولكن للإنشاء التزويري والتخلفي السمج. ..!
وليبرالي .. ولكن بنكهة عنصرية استئصالية عاتية...!
وعَلماني... يشمخ بالعلم والدنيوية، ولكن تلوح منه رائحة الحصر والتضييق ...!

وودوا لو يضيق بِنَا المسيرُ// فلا فرج يلوح ولا أثيرُ...!

وتنويري.. ولكن بلا نظارة إنارة جلية...!

وهبني قلت هذا الصبح ليلٌ// أيعمَى العالمون عن الضياءِ؟!

ومثل تلكم العقليات لا تستطيع التكيف مع تويتر ومواقع التواصل، وتُصاب (بالزلزلة الفكرية) والبنيوية والأخلاقية من جرائها. .!!
إنهم لا يستشعرون أنهم في عصر الشمس والهواء الطلق والفضاء المفتوح، والحدائق ذات بهجة، قال مصطفى المنفلوطي ( الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس ).... وبالتالي يتبنون دعاوى تخلفية أوسطية باهتة، تضج منها الدواب والأنعام ، فضلا عن العامي البسيط....! وتمارس الاٍرهاب الفكري، و(العقابي) وقد قال العبقري عمر رضي الله عنه: ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا )؟! . وهي أول عبارة أستفيد منها في ميثاق حقوق الإنسان المزعوم، والصادر سنة ٤٩ م .
ولو فكروا ودققوا، وساءلوا أنفسهم هل يمكن لهم حجب الشمس، أو محاصرة الهواء، أو غلق الصوت ؟ لتبين لهم كما استحال ذلك، فهذا مثيله وشبيهه ! !
والفضاء الإلكتروني المفتوح، يُهذب بالقوانين والآداب والإجراءات المتطورة والمتكيفة مع الجيل والزمان.
بخلاف أساليب القمع والغلو والتضييق والمحاور والعودة إلى الوراء......
فهي لا تحفظ أمنا ولا تؤمن فكرا، فضلا عن أن تؤسس لقاعدة ثقافية ومجتمعية صلبة وراقية. ...!!
فالناس ترفضُ ذَا الوراء وَذَا الجفاءْ.. وتود لو طار الفؤاد مع الهواء

فلِمَ الجمود وأيكةٌ رقراقةٌ// والطير يصدح بالغناء وبالهناء...؟!

الدعوة (لإغلاق تويتر) والنت عموما، كالدعوة إلى حجب الشمس، وخنق الهواء والنسمات.....ههههه....
لأن (تويتر) ليس إلا ذراعا ممتدة، ونهراً زخارا من بحار انترنتّية غزيرة، فأنى لنا إيقافها، وقد استفادت الدول من خدماتها في تطوير بنيتها الحضارية والنفعية والتسهيلية للمواطنين..؟!
لعمرك ما يُجدي النحيب على الهوى// وقد فُتن الإنسان والجمع يطربُ !!
تويتر والفيس ونظائرها باتت كالمعزفة للشباب العربي، والمتنزه الترفيهي، والبرلمانات النقاشية والتي يسمرون عليها، ويتلذذون بمناظرها، ويتلاقون بين جنباتها، ويقضون فيها أحلا ليالي العمر، وساعات الوداد، وأبلغ النتائج والتصورات...!
وتعكير تلك الملذة، تعكير لطموح شبابي، يعاني من البطالة والفقر والتهميش، وحرية التعبير...!
وكونه يزخر بأصوات نابية، ومعرّفات معادية، فليس الحل في الإغلاق، مع وجودكم فيه وتغازر العلماء والمفكرين المبدعين عليه، فليس لقلة أن ترهب أكثرية ملتحمة، لولا تراجع خطابها الإعلامي، وتغريده خارج السرب، أو عدم امتلاكه الأدوات الحقيقية والحجج المقنعة..!
فلكيلا يصيروا مصادر إزعاج لبلدانهم، لتجعل تلكم الوسائل مصادر تثقيفية منعشة لهم، وتحرس بالقوانين النظامية المعتدلة...! وما قوانين الجرائم المعلوماتية ببعيدة عنا في المنطقة العربية..!
وهذا هو (التعامل الإيجابي) في عصر الاإجابية وحسن التعاطي والمعالجة...!
وأما الغلق المطلق، فتخلف مطلق، وضلال مطلق..!
والواجب الدعوة لغلق المواقع (الإباحية والصور الماجنة، ومواقع الضلالة) والتخبط، وتجيّش لها الجيوش الإعلامية، فهي التي منها الضرر الخاص والعام، وتعمل على تشويش الأمن الفكري والاجتماعي والأخلاقي..!
ولا يعني حريات تويتر، أن نُجر للشتيمة الحوارية، أو التوتر اللفظي، والنقمات الكلامية، والتستر خلف معرفات مجهولة أو هابطة، أو معادية، فالإسلام يحرم ذلك كله، قال تعالى: (( وقولوا للناس حسنا )) سورة البقرة . وقال صلى الله عليه وسلم (( سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر )). وقال (( فليقل خيرا أو ليصمت )) .
وأما مجرد صوت نكرهه دنيا، لا دينا، أو خلاف شخصي أو أيدولوجي أو ثقافي، من نحو الحملة على الهيئات والأخيار والضيق بإنجازات الإسلاميين والمبدعين ، فهذه دعوة تخلفية مأزومة، توحي بالهزيمة والارتباك، والإفلاس الإعلامي والثقافي ..! والدعوة لإغلاق أحدها لا يحل المشكلة، بل يفاقمها (تصعيدا)، ويعرقل المسيرة والتنمية، لتولد الحياة بالمزيد من المواقع الالكترونية المتعددة،،! فماذا تغلق وماذا تترك ..؟!
والسلام.....!

ومضة/
( تنتهي حريتك، حيث تبدأ حرية الآخرين ) .

 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية