اطبع هذه الصفحة


المواطن عائض...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


هكذا تنطلق عباراتهم ، كاشفة مكنون الأورام،..... والتي استجمعت بها أرواح البغض المسرورة بالحادث،،، وكما قال المتنبي سمير شيخنا الجليل:

لهوى النفوس سريرةٌ لا تُعلمُ// عرضاً نظرتُ وخِلت أني أسلمُ

وبلا عبارات التبجيل والتفخيم، وأوسمة الدعوة الاستحقاقية، وألقاب العلم والحظوة المجتمعية، والتي يستحقها الشيخ الدكتور أبو عبدالله عايض القرني حفظه الله وأمتع به،... أديب الشيوخ، وشيخ الأدباء ، والذي قضى نحواً من ثلاثة عقود، داعية مربيا، وعالما مؤثرا، ذَا شعبية جارفة، وحضور عجيب، ونبر أنيس...ويدخل مدن المملكة جوابا بكل ترحاب....
تمر حادثة محاولة اغتياله في (الفلبين) مرورا عابرا، ودون أية إدانة، أو نعتها بالإرهاب من أزلام الصحافة المحلية ... والمجعجعة بقوانين الإرهاب وتصنيفه وتقسيمه بين العالمين......
فلا هم في العير ولا في النفير،،،!
فما صانوا مكانة العلماء، أو تخندقوا ضد التغول الصفوي الإيراني...! بل همهم التدين والصحوة، والخطاب الديني...!!
وبرغم التحرك المحمود للحكومة وفقها الله، اتصالا ومتابعة وإشرافا، وهو أقل ما يقدم لعالم جليل، وواعظ رقراق، وخطيب صداح، لم يشفع ذلك للشيخ ودعم السياق العام، وتحقيق التعاضد الأخوي....!
وكم أقضّت كلماته من جموع، وفلّت من فلول، وأوجعت من خصوم....
فهو نشيد الصحوة الذهبية، ولو ورِمت أنوف، وهو منعش الخطاب الدعوي، ولو ضاقت نفوس، وهو ذو السحر الحلال، ولو سخطت رؤوس...
وحديثهُ السحرُ الحلال لو أنه
لم يَجن قتل المسلم المتحرزِ
إن طال لم يُملل، وإن أوجزته
ود المحدَّث أنه لم يوجزِ

يتجاهله المشهد الصحافي وقد عرفه البلد بجده وجهاده، وسعيه وأسفاره،،،.
ومع العلم المحرر، والوعظ المتدفق،،.
شاعر بليغ، وأديب أريب، أثرى المشهد الثقافي والأدبي والدعوي ، بخطاب دعوي جمالي، وبيان إسلامي معسول، ما بين قصة وطرفة، أو شعر وحكمة، أو فريدة وومضة...
ولا تخلو محاضراته من لمع الأدباء، وطرائف الشعراء، ومستملح البلغاء...!
بل لعب دورا في تحبيب الجماهير للخطاب الشعري، عبر محاضراته وخطبه ودروسه، وهو ما عجزت عنه الأندية الأدبية والملاحق الصحفية....! يرويها بامتلاء، ويدققها باقتدار...
كلمته ساحرة، ولسانه عذب، وبسمته حاضرة، ونزاعاته محدودة، وقد كسب جميع الأطراف....! فهو ليس د/العودة المرعب بفكره السيال، أو د/ الحوالي المزعج بعمقه واستشرافه، أو د/ العواجي الملهب بصراحته، بل مزمار هاديء، وصوت لطيف، يظهر الحب للجميع، ويدعو لهم بالتوفيق وحسن العاقبة، وفي كل خير...!
ومع ذلك لم يعجبهم العجب، أو صوم الشيخ في رجب....! أو نفخه في وجوههم الذهب..! بل همزوا وسخروا، ووظفوا الحادثة لنقد الخطاب الديني، والذي بلادنا بحمد الله تحفل به، وتتبناه وترعاه، وما مسارعتها لغوث الشيخ عائض إلا شكلا رائعا من روائع خلابة في هذا الوطن المعطاء..!
ولكن الأقلام المريضة، تبقى مريضة،.... ولا تكاد تصحو من سكرتها، وتعتقد وهي تعادي التيار الديني أنها على بوابة من الفلاح والرشد، وما علموا أن مسالكهم شاذة، وتمنيهم الداخلي من تحول الناس لليبراليتهم المنحلة ، إلا كحلم إبليس في الجنة...!
فالبلد خياره الإسلام، ومجده في الاستمساك به، ومقالاتهم الموشومة، ما جاوزت مكانها، بل أيقظت الوعي الشعبي، والعقل الجمعي بعداوتهم، وأن ثمة فئة داخلية تتقطع كمدا على مصابها الداخلي، وليسوا من الصدقية والوطنية في شيء،،، بل بعضهم كما قال تعالى:(( هم العدو فاحذرهم قاتلهمُ الله أنى يؤفكون )) سورة المنافقون .

فكان مما رقَمه بعضهم، وقد غص بالشعبية الكاسحة لعلماء الصحوة المزلزلة لكياناتهم الزائفة، ومنها الصحفية ، وصفه الشيخ عايض حفظه الله بالتالي، ومجردا من الثناءات العلمية، كما في مقالته التائهة المحتقنة، وسأتبعها بتعليقات خفيفة :

١/ هيئته من أرباب الفكر الديني الخارجي : وهي دعوة مقترحة ، لكي نلبس لبسا جديدا يحفظنا من تهمة الخارجية والإرهاب ،ولكن لم يسم لنا الفكر الديني الداخلي،،،ههههه !!
٢/ الزِّي الديني اللافت: لحية وثوب قصير،،، ولا بد لتجاوزها، من تمدن غربي أو شرقي لا يسبب حرجا...!
٣/ نجوم الصحوة والإرهاب : يستصحب حالة الصحوة القديمة، وحقبتها الذهبية الرائقة، وقد زلزلت عروشهم، فاختبأوا، فلا أثر أو تأثير...

جميعُهم لم يبقَ من وزنهم// إلا بقايا السوس في المنخلِ !

٤/ الخطاب المسلح ضد الآخر: تهمة عارية من الدليل ضد الخطاب الصحوي، وليته قدم براهين لئلا يخادع القارئ..!
والخطاب المسلح من طبعه التنفير، فكيف وجماهير مليونية، وتوهج مذهل، لم ينل هؤلاء ولا عشر معشار الحضور التويتري والفضائي للمشايخ...؟!
٥/ الهيئة السلفية : محاولة لتشويه المنهج السلفي وزيه وفكره وشارته...! باعتباره خط الدفاع الأخير، والبارز نصا وعقيدة وجهادا ...!
٦/ تفخيخ ظاهرة التكفير : وتلك شكاةٌ بيّن منك عارها،،! كما قال القائل ، وفي القرآن العزيز (( قل هاتوا برهانكم إن كُنتُم صادقين ))سورة النمل .
٧/ الضغط على العقل : زعما منه محاربة التفكير والإشارة، ولو قال الفكر الليبرالي أو الإلحادي، لما التبس عليه ذلك،،،!
٨/ الفكر العدمي : دعوى يستحي منها الشيطان الأكبر، فكيف من مدعي التنوير والعقلانية ،،،؟!
٩/ الماضي والكتب الصفراء: لا يزال الموروث الإسلامي مؤلمًا لهم، لا سيما تجار الحداثة، أرباب القطيعة المعرفية مع التراث وتشكيلة العقلية المسلمة ..!
١٠/ الشعبية الطاغية : اعتراف مخجل، وبعد سباب وشتائم طالت هوية البلد وليس عالما لوحده..!
١١/ عوام الغير: ليسوا عدائيين مثلكم بل محبون لبلاد الحرمين وعلمائها، وما وقع استهداف ، عضال مجرّ م، ومن طائفة محدودة ومأجورة ، ستكشفه الأيام، ولن يذهب الحق سدى ..!

والشيخ المحدث الدكتور ليس معصوما من الخطأ هو وأضرابه من الدعاة، ولا ندعي لهم العصمة وقد رددنا عليه في مسائل معروفة، ولكننا هنا ننصفه، ونقف مع وحدة البلد ومعاركه مع العدو، فكرا وحربا وإعلاما،،،!
ونقدم درسا تربويا في توقير العلماء، ولو ثمة خلاف بيننا، وأدعو مثقفي الليبرالية أن يغالبوا أنفسهم بالسفر لنشر قيمهم السمحة في الآفاق بزعمهم، بدلا من الصيد في الماء العكر، أو اختزال معركتهم مع الدعاة فقط...!
ولكن هل ينشطون لذلك..؟!
وأعتقد من عجز عن التسامح الداخلي، لا تسمح له ضغائنه الداخلية من تجاوز موضع قلمه وصحيفته..!
والمقال هنا من باب الذب والدفاع الشرعي عن أعراض العلماء، وفي الحديث الصحيح (( من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ))، فليس تقديسا أو ادعاء عصمة، بل رد وحماية وصيانة، حفظ الله بلادنا وعلماءنا، وكفانا شر كل ناقم وزائغ .. والله الموفق....

١٤٣٧/٦/١

 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية