اطبع هذه الصفحة


معرض الكتاب، أعجبني وما لم يعجبني..!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


تشعر وكأنك في جنان زاهرة، تظللك بظلالها، وتطربك بعصافيرها، تخطف مشاعرك، وتأخذ بلب عقلك، فكل غلاف فيها كغصن فاكهة غناء، قد استوى نضجها، وطاب لونها، قد ذُلّلت تذليلا، ولُونت تلوينا ساحرا مشوقا...! نعم هو معرض الكتاب المتألق شكلا ومضمونًا وفكرا وثقافة..!
وتعتبر التظاهرات الثقافية والتجمعات المعرفية من القديم، مما يشد العيون، ويأخذ
بالأنظار، وحدَث الرياض السنوي(١٤٣٧) محل سرور المثقفين، وهو واجهة حضارية وثقافية للمملكة ويجب علينا تطويره وتحسينه كل سنة، ومحاولة الارتقاء الدائم به، والسبب دورانه حول الكتاب، وعرضه، وقراءته، ومحبته، والإشادة به،،،،
رياضُ حسنٍ لنا صارت مهندسةً// ذاك الوفاقَ وجهدا نيّرا نضِرا
وبالكتاب لها حضنٌ وزاملةٌ// تجسّد الوصلَ لا ميناً ولا خطرا
بالعلم والكُتْب يزهو المرءُ مكتسباً// تاجَ الهناء ويعلو فوق من بهَرا..!

وَمِمَّا أعجب وطاب فيه الآتي :

١/ صحوة القراءة، وكثرة الجموع المحبة للكتاب والمعرفة، وشكلها ولونها وطعمها، ونرجو أن لا تخيب آمالنا في الاهتمام القرائي، والجهاد المعرفي، فأول آية قرآنية (( إقرأ ))، وإنما ترتقي الأمم وتقوم حضاراتها، بالوعي المعرفي واستثمار ذلك في كل مناحي الحياة، وقال سفيان رحمه الله( ما عُبد الله بأفضل من العلم ).

٢/ رهط الشباب المتدين، والمعروف سابقا بشباب الصحوة والإقبال على التأسيس الشرعي، لا يزالون بنجومهم الساطعة جمّاعين للكتب، محبين للمعرفة، ولم تصرفهم التقنية عن الشراء، ولا (الآي بادات )عن طعومة الكتاب ورائحته وحلاوته،،،،! وراجع إن شئت مقالة ( رائحة الكتب ورائحة الكمبيوتر ) في موقع الإسلام اليوم وغيره ، وأن التقنية لم تحل دون امتلاك عشرات المجلدات، وبثمن باهض.

٣/ حضور الكتاب الإسلامي وكالعادة في تصدره للمشهد الثقافي، نعم هنالك حضور لعالم الروايات وتنمية الذات، ويؤسفنا أن نقول الهابطة منها، ولكن من يبذل ٦٠ ريالا لرواية، ليس كالذي بذل ٢٠٠ ريالا لمجلدات، وحتى طلاب الروايات، في تواصل غالب مع المصادر الشرعية، ولو من بوابة الفكر، واعتقاد الجميع أن الكتب بوابة المجد والسعادة، قال الزمخشري ( مجد التاجر في كيسه، ومجد العالم في كراريسه).

٤/ سعة المعرض هذه السنة، ومعالجة سوء التنظيم المنتقد في اليومين الأولين، وانتشار العناصر الشبابية الدالة على كيفية الاستفادة، من نحو الشاشات الاستعلامية، والتي تتقهقر من حين لآخر، وتحتاج لدفعة تقنية عالية .

٥/ حضور المرأة المثقفة شراء وتطلعا واهتماما، وبرغم كل محاولات التغريب برز الحجاب في شكل غالب، إلا بعض الصور اليسيرة، والتي لا تفسد الذوق العام . ولا ريب أنه مزعج لدعاته ومروّجيه، ولكن هي كذا بلاد الحرمين، لن تسمح لأقلية ليبرالية صحفية، عديمة الوعي والضمير من فرض أجندة غربية زائفة .

٦/ جرأة المثقف السعودي على ولوج حدائق التأليف، وكسره لحاجز الخوف والتردد، فبتنا نرى مئات الأسماء المشاركة في النشر، كبارا وصغارا، وليس كلها بالهزال المعروف، بل فيها وفيها، وأعتقد لو رخصت أسعار الطباعة كمصر مثلا، لرأينا تدفقا في النشر لا حدود له، وهي أمنية المثقفين .

٧/ كثرة شباب الاستعلامات
والمساعدة بشكل راق ومشرف، توزع مع الخدمة حسن البسمة، وهو يجسد حرص الوزارة في التطوير وتحسين الخدمات الثقافية ، وخدمة البريد السريع، فقد وصلت طرودنا قبل عودتنا لمدننا، وهذا إنجاز محمود .

٨/ الهيئة حاضرها بمقرها، والصلاة تغطي أواسط المعرض، وتكتظ الجموع حضورا وانضماما .

٩/
روعة شعار المعرض( الكتاب ذاكرة لا تشيخ ) وتجددها ولموعها،،، وفعلا تشيخ الأشياء، إلا الكتب تبقى معطاءة طويلة الأمد، ولو اتسخت وتكدرت..!
ومما كدر ولم يعجبنا في المعرض هذه السنة...
- غلاء الأسعار كالعادة الثابتة، والتي لم يظفر لها بحلّ لهذه الساعة .
- الكتب الممنوعة فكريا وأخلاقيا وسياسيا، وهي جدل كل سنة، هي تسيء لديننا وبلدنا، وقد يقال هي على النت، فلا تشدد واحتساب عليها، لكن نقول لا نمنحها المظلة الشرعية، ونعاملها بالمنع والانتشار الميداني..!
- امتلاء المكان، وتوسيعه ليتجاوز الحد المقدر حاليا، بسبب التزايد البشري المذهل، وتراص الناس، وامتلاء الطاقة الاستيعابية، كما في الأيام الأولى، ويشتد ذلك في الفترة المسائية .
- توسيع مجال الكتاب المستعمل، وجميل وجود دار في ذلك، ولكن لا تزال قليلة.
- قلة المكتبات الرقمية، ذات التخزين الالكتروني الحاسوبي، والحاجة ملحة إلى تكثيرها لتغطي رغبات المرتادين .
- الجهات الحكومية والأندية الأدبية، قليلة الرواد والسبب ضعف تعاطيها العصري الثقافي، وعدم تجديدها لأدواتها المعرفية ، والمطلوب التطوير والتجويد الملائم لقصر الثقافة اليانع .
- تعدد صالات الثقافة، بحيث تكون هناك صالة للنخبة، وأخرى للشعبيين ومبتدئي المواهب، وثالثة للطفل ترفيها وتدريبا، ورابعة للنساء ، فلن تكتمل أنوثتها بالاختلاط، بل بالحشمة والخصوصية .
وشكر الله جهود القائمين، ووفقهم للأحسن الأكمل ...والسلام....!

ومضة/
الجموع الغفيرة أشخاصا وكتبا، عديمة الانتفاع بلا تغيير ونهوض..!
١٤٣٧/٦/٧
 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية