اطبع هذه الصفحة


التسامح الليبرالي...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


من أقوى معازف الليبراليين الجذابة، وترنماتهم الصداحة، والتي تذاع في سرور، ونشوة لا حد لها،،،،، (دعوى التسامح)، في مقابل الاستمساك االديني،أو التشدد السلفي بزعمهم، وأن العقلية الليبرالية أو الشخصية الليبرالية متسامحة بدرجة كبيرة،... وتحتوي ولا تطرد، وتقرّب ولا تنفر، وتعانق ولا تفارق أو تقصي،،،،!
ويملّحونها بأن الإسلام دين التسامح والحب والإخاء .....
وبالتالي هي عنصر (بنائي) تفاعلي تأليفي، من شأنه السيطرة والاستحواذ على كل مشهد يتعايش معه،،،!
فهي فكر تعايشي جذاب، وحديقة اجتماعية (مُعشبة)، تنتهي للأنس والراحة والاستمتاع..!

كذا يصورها أتباعها ومحبوها....! فاجعلونا نطالع بدقة، حقيقة تسامحهم المراد والميمون، لنتعرف بجلاء على هذا التسامح،،، وَيَا ليته كان تسامحا أخلاقيا شرعيا، مصبوغا بالابتسامة، والطيبة، ومزخرفا بمكارم الأخلاق، وبالإصغاء للمخالف، وبتفهم حجج الآخرين ،،، لقلنا حيهلا،،، ولكنه شيء آخر،،،،! ومن صور ذلك التسامح المشبوه :

١/ التعايش الإنساني لا العقائدي : والرضى بأفكار الآخرين ولو تجاوزت وطغت، فيُهادن المجرمون، ويُحي الملاحدة، ويُحتفى بالمنافقين والزنادقة،،،، والمقدمة المبدئية، الإنسانية والتسامح الاجتماعي والثقافي،،، ولا اعتبار لأركان وأصول جاءت بها الأديان، وعظمتها الشرائع .،،! كقوله تعالى(( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون مَن حاد الله ورسوله...)) سورة المجادلة .

٢/ التجاوزات النقدية، والاعتراضية: لسفهاء تطاولوا على الدين، أو أحكامه، أو تشريعاته،،، بدعوى الرأي وحرية التعبير، أو طلب النقاش، أو الفهم، وأن ذاك شكل من حرية التعبير والتي يسمح بها الغرب المتحضر،،،، والعرب لم يفقهوها بعد...!! قال تعالى (( ثم لا يجدوا حرجا مما قضيت ويسلّموا تسليما )) سورة النساء .

٣/ التماهي مع الاحتلال، والقبول بالمستعمر الغازي: فلا مشاكل مع الصهاينة في فلسطين العربية، وإبداء الرضى عن فعائل الأمريكان في العراق وأفغانستان، وسوريا حاليا، بحجة صلف نظام العراق سابقا، والواجب إزالته،،، فهم ما جاءوا إلا لنشر الديمقراطية،،،!
وإنقاذ الوطن العربي من الاستبداد..،!
(( ومن يتولهم منكم فإنه منهم )) سورة المائدة .

٤/ مقاومة المحتل بالوسائل السلمية : الحضارية، وإلغاء فكرة الجهاد والمقاومة ضد الغزاة، مثلما صنع السيستاني إبان احتلال العراق ٢٠٠٣م، وفي سنن أبي دَاوُدَ في حديث تداعي الأمم (( ويُقذف الوهْن في قلوبكم، وتُنزع المهابةُ من قلوب عدوكم ...)).
والحالة السستانية كانت حالة ليبرالية انتهازية ، فرح بها عشاق أمريكا والراضون بفعالها،،،،!

٥/ تفسير الحرية بنمط غربي : يتعارض والقيم الإسلامية والعربية، ويفتح أبوابا من الشرور لا حدود لها،،،! فيغالون في الحرية الشخصية إلى درجة تقديس الفرد وتأليهه، وأن يتسامح معه في تصرفاته الخاصة، ما دام أنه يحترم النظام العام، ولا سلطة عليه، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر،،،!

٦/ عزل الخطاب الشرعي في المساجد: ورفض تطبيقه في مناحي الحياة، بدعوى عدم تعكير حياة الناس ومتعهم...! وأن ذلك هو التسامح الأمثل، والخلق الأرقى، وإذا أفضت الممارسات الترفية إلى محرم محظور، من كأس وغوان، قالوا حرية خاصة، وحسابه على الباري وحده، والله غفور رحيم،،،،! وهي عَلمنة واقعية صريحة،،،! قال تعالى(( قل إن صلاتي ونُسُكِي ومَحْيَاي ومَمَاتِي لله رب العالمين،،،)) سورة المائدة .

٧/ اغتفار تجاوزات الغرب وتصرفاته: أو تجاهلها، والتثريب الدائم على العرب والمسلمين، بل التصريح المعلن أن التطرّف نابع من كتبنا، والغُلو من مناهجنا ومساجدنا، وخطابنا الشرعي والدعوي...!
وبرغم فعائل المستعمر الغربي، وكثرة اللدغات (( لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين )) فلا تزال عين الرضا عليهم كليلة رقيقة ، ولا ترى سوى ذلك،.،!
وقد قال المهاتما غاندي في هذا السياق ( الضعيف لا يمكن أن يسامح، لأن التسامح من صفات الأقوياء ) . فتخيل مستضعف منتهك، ويمارس التسامح،،!

٨/ الاستمتاع الدنيوي المطلق: وتغييب حقائق الموت واليوم الآخر، وأننا خلقنا لعمارة الحياة وبنائها، ومن بنائها الاستمتاع بها، ولو جر ذلك لمناكر، أو اقتحم حدودا وسدودا فظيعة،،! ويصبح الخطاب الديني الأخروي مرعبا لهم، ومعكرا لأمزجتهم، لا سيما أحاديث الموت والمواعظ المرققة،،،!(( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم )) سورة الجمعة .
وليعلم أن الإسلام لا يحرم الترفيه المعتدل، وشرع إجمام النفوس والتخفيف عليها، ولكن إجمامها لا يكون بمنكر ومحرم،،! فهذا من الخلط الليبرالي، وسببه المقدمات العلمانية في فهم الحياة وطريقة التعاطي معها،،،!

٩/ الاستسلام المدني الواقعي: من الرضى بفكر المحتل، والترويج لأصوله المنافية لديننا وهويتنا، واسترخاص المحرمات، والتهاون في الواجبات، وتكييف الإسلام وفق معطيات المدنية الغربية، فتنتهي الحالة للهزيمة، واستطعام الذل والتبعية، وفي القرآن(( فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )) سورة آل عمران .

ومضة/
يتسامح الليبراليون-على علاته- مع كل الطوائف إلا أهل الإسلام..!
١٤٣٧/٦/٢٣

 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية