اطبع هذه الصفحة


المساجد المرفّهة ...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


بنايات فاخرة وغالية الثمن، في منطقة الخليج للمساجد، وهي تبني عشرات بل مئات المساجد في أفريقيا وشرق آسيا، حيث لا مسجد، ولا موضع صلاة إلا العراء أو العشاش المنخولة، والتي تودي بها الأمطار والعواصف . (( إنما المؤمنون إخوة )) سورة الحجرات . وقال تعالى(( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا )) سورة البقرة .

فرُش رطيبة من السجاد الغالي، تطؤه الأقدام فتحس بالراحة والانشراح، علّها تضاعف العبادة والخشوع، ولكنها باتت للمفاخرة، وليس لاستدامة التدين. ((ما عندكم ينفد وما عند الله باق)) سورة النحل .

نقوش أحيانا ملهية، وثريات باذخة، صارفة عن المقصد الشرعي في البناء،،! قال الإمام النووي رحمه في المجموع : ( يكره زخرفة المسجد ونقشه وتزيينه للأحاديث المشهورة ولئلا تشغل قلب المصلي ).

تكييف بارد تفر العجزة وكبار السن منه، وإسراف في الاستعمال، وساعات تُنسى، وتشغّل والجو بارد، والنسيم منعش،، وسرف لا تفسير له إلا التساهل وعدم احترام النعم(( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم )) سورة التكاثر .

مساند وآرائك حتى تكتمل الراحة ويشدو الانبساط، صفّان وثلاثة وربما وسط المسجد،،، وزيد موخرا أريكة خاصة بإمام المسجد تعب من طول التحديث وفَرط الأمالي على الحي والطلاب...!(( نهينا عن كثير من الإرفاه )) حديث صحيح .

برادة زخارة بالماء البارد، والكراتين مرصوصة من أفاضل متعهدين،،،!

وزيد عليها طاولة تمر للمارة وعابري السبيل،،،!

كنبات خلفية لجماعة المسجد لاستطلاع الأخبار والسلام والتزاور،،،! وكان بالإمكان جعله مستقلا كضيافة لاستقبال الدعاة والعلماء، لئلا يحول المسجد مجلس أنس دنيوي..!

مكتبات للاطلاع وصناعة البحوث، وأضعف الإيمان خزانة كتب صغيرة لا تخلو من الزاد والرياض وتفسير ابن كثير رحم الله الجميع...!

والنهاية كما قال إقبال رحمه الله :
منائرُكم علت في كل ساحِ// ومسجدكم من العباد خالي
وجلجلة الأذان بكل حي// ولكن أين صوت من بلالِ؟! قال تعالى(( ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كُنتُم تدرسون )) سورة آل عمران .

إذا خلت الرفاهية من حياتك فإنك تلقاها في مسجد الحي الباذخ، ومغرياته العجيبة...!

وزادت زيناته من عملية الهجر والانقطاع، فلا يُعرف إلا أوقات الصلوات،،،!

في ظل مجاعات إسلامية هذه الأيام،شاعت مقولةمؤخرا( لقمة في بطن جائع خير من عمارة ألف جامع )...! ولا تصح حديثاً ولكنها من كلمات بعض علماء الشافعية..!

وهي متجهة أيام المجاعات، فإطعام الجوعى خير من بناء مسجد وقتئذ ..!(( والذين في أموالهم حق معلوم، للسائل والمحروم )) سورة المعارج .

صح قوله صلى الله عليه وسلم(( ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم )) أخرجه البزار والحاكم وغيرهما.

يكفي في المسجد بناؤه بتوسط وتنظيفه وتطييبه، وأما المبالغة فإثم نؤاخذ عليه، وهو من أشراط الساعة .! وصح في الحديث (( لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد )).

قال بعض السلف: (( يُزخرفونها ثم لا يَعمرونها إلا قليلا )) .

الرفاهية الزائدة حتما ستنعكس علينا كسلا وضعفا بينما الاعتدال والقصد يتوقع منه الإنتاج والإنجاح، كما هو مشاهد في البيئات الفقيرة .

ومضة/
ابنوا المساجد بلا إسراف او زخرفة أو تقارب، وإلا فالجوعى أولى..!

١٤٣٨/١/٢٨
 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية