اطبع هذه الصفحة


ترجمة إمام مسجد...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


لو قُدر أن تُكتب سيرة أئمة معاصرين أثروا وأفادوا، لانتشرت عندنا كتب التراجم كالسابقين، وجاءت تعويضا عن حالة الضعف العام، وشكل الهوان الطاغي في برامجنا هذه الأيام...!
والسبب كثرة المساجد، وكبَر الجوامع، ووجود ملحقيات دعوية خلفها، وداعمون حرصاء على النشر والبلاغ وحفظ ناشئة المسلمين...!
(( ومن أحسن قولا ممن دعا..)) سورة فصلت.
ولكن يختار بعض الأئمة حالة (الانزواء العام)، وركوب قطار السلبية والسكون، ودوره ينتهي عند الصلاة، أو خطبة صماء لم تشرق أغصانها...!
وهنا مكمن الخلل، وتراجع الإنتاجية في جوهرها، وسبب غياب المساجد اجتماعيا وتأثيريا،،،! والواجب التناصح والتذاكر والتواصي ، قال تعالى :(( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) سورة العصر .
وانعدام ذلك التواصي يكرس السلبية، ويحمل على الانزواء والتراجع الدعوي والثقافي والإصلاحي، وبالتالي لا ترجمة عطرة، ولا سيرة نافعة ذات امتداد إيماني وترقيقي جذاب....!
وبالتالي يتراجع الدور الحضاري للدعوة الإسلامية..!
لأن المسجد فُرّغ من دوره، واعتُصر توهجه، وانكسفت منائره..!

وبتنا نرى صورا سلبية، و(مظاهر انغلاقية) مسيئة لكيان الكوكب الدعوي المضئ، ومن ذلك :

١/ القيمة العبادية: باختزال الجانب الدعوي في صلاة وخطبة تؤدى على جهة سد الفراغ، وملء الفجوات...!
وبروز صورة تنسكية لشيخ المسجد بشكل رائع وباهر..!

٢/ الجفاء الاجتماعي: فلا سلام مبذول، أو تواصل معقود، أو زيارات متعددة، حتى المناسبات والنوائب لا يكاد يستعمل هاتفه لها، فضلا عن زيارة مرتبة أو مشاركة معتبرة ..!
وصلته بهم صلاة فقط ومن خلال باب الإمام الخاص،،،! ومثل هذا خليق أن لا يستجاب له، ولا يُسمع لكلامه...!
ونعتقد أن اللمسة الاجتماعية مما يتوسط ويوطد للداعية كلمته ودعوته الآسرة لوجدان الجماهير .(( كلا لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم، وتَحمل الكل، وتَقري الضيف، وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق )) في توصيف خديجة رضي الله عنها للمصطفى الكريم عليه الصلاة والسلام .

٣/ التقصير الدعوي: فلا حلق مبثوثة، أو دروس منشورة، أو استضافات مشهورة، والاكتفاء بجهد يسير أو نشاط بعض الجوامع الكبرى...!
ولا يكاد يطل ضيف مشهور للحي ليجدد الإيمان، ويرفع من معيار الوعي والأخلاق .

٤/ الاقتيات الشخصي: فيحسب أنه مجرد وظيفة، وخيرها في عائدتها المنتظمة، وفائدتها المساعدة على تخفيف لأواء الحياة، ويكتفي بالعامل الرسمي، متجاهلا العرف الاجتماعي والأخلاقي تجاه حيه وأهل منطقته..!

٥/ نبذ التشاور :
مع أهل الحي وفضلائهم، (( وشاورهم في الأمر )) سورة آل عمران. واعتقاد أنه المسؤول لوحده، فيتخذ وينفذ دون مشاورة أو مسايسة، مما يصنع الفجوة مع الجماعة، ويقلل جوانب التعاون والتآخي ، خلاف المنهج القراني (( فأصبحتم بنعمته إخوانا )) سورة آل عمران .وربما قبض المفاتيح وضيق على الناس دخولا وانصرافا .

٦/ التهوين الإصلاحي: من خلال إعراضه عن مشكلات الحي فلا إصلاح ولا نصيحة، أو اهتمام بالفقراء والمساكين ، ويفترض وجود لجان للإصلاح والدعوة والتغطية الإعلامية، حتى يصير المسجد منارة متوهجة،(( المؤمن للمؤمن كالبنيان ))، ولن يستقيم ذلك في ظل غياب قيادي وإشرافي للإمام الفاضل..!

٧/ النقص التربوي: بإهمال حِلق القرآن والدعوة النسائية والشبابية ، وترك القراءة اليومية توجيها وتفقيها، واعتبار أنه غير مسؤول عن ذاك، أو أن الحي غير متعاونين معه،،!
ولكن يجب المناصحة والمجاهدة، (( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى )) سورة يس. وتصور أن السلبية هنا ستعود بمفاقمة الخطر، وتضاعف بلاياه، فلا يصح تضييع ذاك كله،! لأنه في النهاية المسجد حاضن لذلك، وأولياء الأمور سيدركون مغبة التسويف والإهمال، ولن يُعدموا حكيما يدرك عواقب الأمور.
وأعتقد أن الوزارات المعنية ومؤسسات الدعوة لديها الآلية لتفعيل الجوامع وحفزها للإنتاج والابداع الدعوي والتربوي، ولكن مشكلتنا عدم المبادرة، أو انتظار عنصر غريب ناءٍ يخرق جدار الكسل وستار الخجل، لينقلنا نقلة ريادية مثمرة، والله المستعان .

٨/ المنع التفاعلي : والقائم على التضييق والمحاصرة، فلا باشر رسالته الدعوية في المسجد، أو سمح للآخرين بمباشرة ذلك،،، ! وبعض هؤلاء يعتقد ملكية المسجد برمته، فيضيق عليهم تضييقا شديدا، ولا يتجاوب مع برامج إدارة المساجد والاستضافات الدعوية...!

وللخروج من هذه السلبية:

• صناعة المسجد الإيجابي والدور الإيجابي الغيور والمعتني بالحي ودعوته.
• التواصل الحيوي مع الجهات الدعوية المعنية وطلبها العون والدعم وحسن التنظيم.
• استضافة المشايخ وطلبة العلم على هيئة كلمات مختصرة ومحددة مفيدة.
• تنظيم المسجد لجانًا وتقسيمه مهاما متنوعة، دعوة وإعلاما وإصلاحاً وتفقيها.
• التواصل مع الأهالي حضورا وديوانية للنقاش والتواصي والتعاون على البر والتقوى(( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)) سورة العصر.
• عدم تقالّ المبادرات الصغيرة، وبصدقنا يعظهما الله ويبارك فيها.

ومضة/
لا تخلو البلاد من مساجد متفاعلة براقة، فاسلك آثارها..!
١٤٣٨/٤/١٧


 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية