اطبع هذه الصفحة


المدرسة السُميطية، التجربة والاستنساخ...؟!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000



شخصية دعوية أسطورية نادرة، وجوهرة إصلاحية معاصرة فريدة، شعّت النور في أرجاء الأرض الأفريقية.

واللهِ ما أدري فكلُّ سويعةٍ في شخصه كمنائر الأبصارِ

من أعلام الدعوة المعاصرة، جهداً وجدا، وصبراً وبلاء وعملاً وتضحية.

مسيرته الدعوية مدرسة تُتعلم منها الفوائد، وتُقتنص منها التجارب .

جاء من أقصى الكويت ساعياً وداعية كريما، وهادياً باذلا، تاركا وراءه زينةً وأموالا .

اسمه الدكتور الفاضل الشيخ عبد الرحمن السميط رحمه الله، لا تُذكر (أفريقيا) إلا ويذكر جهاده الدعوي.

أبو صهيب يُكنى، وبالدعوة يُسمى، قذف الله في قلبه محبتها والصبر على لأوائها ، وأصلح له زوجته وَذُرِّيَّته، فشاركوه المعنى والفحوى.(( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله..)) سورة فصلت.

جهاده مدرسة دعوية تبصيرية، تقبس الدروس والعظات (( فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ))سورة الاعراف .

رائد العمل الخيري في أفريقيا، واللبِنة الأولى التي شقت للناس قنوات العمل والتأثير .

ركز على أفريقيا لعلمه بالحملات التنصيرية عليها، ولما يسود فيها من خرافات وأساطير دينية.

بنى أول مسجد في جمهورية (ملاوي)، وأسس لجنة مسلمي إفريقيا، وشيد 4600 مسجد، ودفع رواتب 4000 داعية، ورعى 15 ألف يتيم،..،!

تعرض السميط رحمه الله، لعدة محاولات اغتيال في أفريقيا من قبل المليشيات المسلحة بسبب حضوره في أوساط الفقراء والمحتاجين.

إضافة إلى معاناته جراء العيش في المناطق الفقيرة وتحمله لسعات البعوض والأمراض والأوبئة في بقاع متنوعة من أفريقيا.

جلّ الدعاة يستصغرون نفوسهم أمام جده ونشاطه وعمله الباهر، وهذا شبه متفق عليه..!

ثم توسع نشاطه فأسلم على يديه خمسة مليون ونصف، وبنى ما يقارب ٥٠٠٠ آلاف مسجد..!

بنى كليات وبعثات وسيّر قوافل الحجيج، وإذاعات بلغات أفريقية متنوعة .

وتعاظم الداخلون حتى أسلم عنده١١ مليونا وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

كان طبيبا وليس عالما شرعيا متخصصاً، ولكنه سخر مهنته للدعوة، وكون علما، وحمل هم الإصلاح ورسالة البلاغ والإنقاذ للمحتاجين.

- تحول من فرد غيور إلى مؤسسة منظمة، وإدارة ذات بعد تنسيقي وإشرافي مقنن، احتوت الخبراء والوجهاء والمانحين والدعاة والمرشدين .

فرديته لم تحل دون اتكائه على عمل مؤسسي منظم، يبقى مع المرض وبعد الممات، وهنا رسالة دعوية واعية..!

تعلقه الدعوي والمفعم بالتصخية والصبر من أعطم دروس سيرته .

ترحاله عن الوطن وإحساسه بالفقراء روحيا وماديا، تعكس همه الدعوي والنفسي، وأن سعادتي حيث صفائي وراحتي.((اللهم أحيني مسكينا..))

امانته وإخلاصه أكسبته مكانة لدى رجالات الأعمال فدعموا وسخوا.

نال جائرة الملك فيصل العالمية فتبرع بها للوقف الأفريقي التعليمي، وهنا درس في الإيثار عديم النظير.(( ويؤثرون على أنفسهم ))سورة الحشر.

وأنه ليس من طلاب الدنيا والشرف(( فما آتاني الله خير مما آتاكم )) سورة النمل.

لا يكون الحزن إلا على أمثال هؤلاء، فمن يسد ثغرهم..؟!

وفِي الأمة بإذن الله من يغرسهم الله غرسا حسنا فيصنعون صنعه وزيادة فلا تخلو الأرض من دعاة وفضلاء قائمين لله بحجة.

ثمة قرى تحتاج لدعاة وخطباء ومرشدين، ومساجد الخطوط الطويلة ولازال فينا من يعتذر ويتقاعس..!

كان السميط يعمل بلا كهرباء واتصالات وفِي أجواء خانقة، والجوع يخيم عليهم، وأبناؤه يحاصرونه ولكنه صبر، وصبرهم الله له، فصنع الأعاجيب .

علم التضحيات الدعوية علم يكاد يكون مهجورا في حياة الشرعيين إلا من رحم الله، وبعضنا يسأل عن الثمن والحضور والفنادق والمسافة.،!(( قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا ))سورة نوح .

اختلاط الدعوة بالتجارة ومؤسسات إعلامية أضعفت من تأثيرها وتلاعبت بمعاني الإخلاص والله المستعان.

لنعد قراءة تاريخ أعلامنا القدامى والمعاصرين، والحمد لله أن جعل في حياتنا نجما مضيئا كالسميط، فهل وعينا الدرس...؟!

وبرغم الانشغال الدعوي ألف عددا من الكتب منها:

لبيك أفريقيا، وكتاب دمعة أفريقيا (مع آخرين)، وكتاب رحلة خير في أفريقيا رسالة إلى ولدي.

صوتيات يوتيوبية في سيرته وقصة حياته، واستماعها يحيي الهمم الهابطة والعزائم الفاترة .

ومن الضروري عدم الغفلة عنها لأنها درس واقعي نابض بالهمة والحفز.

وإذا كسلتُ فهمة ترنو لها// كل العزائم والقنا البتارُ

رحم الله تلك العظام، وألهمنا عظات سيرته .
١٤٣٨/١٠/٦

 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية