اطبع هذه الصفحة


حسرات ثقافية...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


حينما تُمارس الأنساق الثقافية بلا قيم، ونصبح ركام معلومات، بلا أخلاق محددة، ننتهي لحالة ظلم ثقافي ومجتمعي، همه الغلبة على كل حال...! وتتطاول أقليات مثقفة على قيم مجتمع راسخة، محاولة منها للتبديل والتخريب...!

وتغيب معاني العدل والصيانة والإنصاف والخلق، والنطق بالتي هي أحسن..!

وعليه تنتاب أرباب الاتجاهات العلمانية والليبرالية المعادية للإسلام وأهله وقضايا القيم والهوية، حسراتٌ دامية، واكتئآبات قاتلة، تعكر عليهم الاستلذاذ الثقافي، والاسترخاء الفكري الاجتماعي ،وبرغم إمكاناتهم الضخمة، وتسلطاتهم الإدارية، لازالت أجندتهم تقودهم للفشل والتعاسة، فتشتعل الحسرة وتزيد المحنة، ومنها :

ضخّهم الإعلامي الخلاعي لم يفلح في تذويب الهُوية وبيع القيم والأخلاق .(( ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما )) سورة النساء . فيحسون بنفرة الناس عنهم، وخلو الثقة منهم..! وتحسر الأوغادُ حتى إنهم// من خيبةٍ كقوائم الجدرانِ

خسارتهم المالية تفاقمت وعادوا شذر مذر، يلطمون غيظا وكمدا،(( فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يُغلبون )) سورة الأنفال .

المتدينون حاضرون بقوة في المجالات الفكرية والثقافية وبعضهم تطمح له الجوائز، لولا جورهم وإقصاؤهم .(( ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس )) سورة يوسف.

الحضور الجماهيري للأدباء الإسلاميين أضخم بكثير من ندواتهم المصنوعة .

يصفّقون لشعرهم المعجم الملغز، والمرقع، ويطير الجمهور لآخرين بمعان إسلامية أدبية راقية.

تعظم حسرتُهم حينما لا يقرأ الناس موروثهم ويعدّونه باغيا على القيم والهوية .(( فأما الزبد فيذهب جُفاءً )) سورة الرعد.

من أكثر الناس تصديا لهم فيالقُ الشباب المستهدفون بتغريبهم، وفئة النساء الرافضات بغيهم وتجاوزاتهم .

تضخيم الأكاذيب الثقافية ومحاولة الاحتشاد لها، والتي سرعان ما يَبين عوارها، وتنكشف سوأتها .

سيطروا على المنابر الثقافية، وأقصوا المتدينين، فغزاهم (تويتر والفيس) فجعلهم بلا قضية سوى المناكفة والمدافعة بالجهالة والباطل. حتى اقترح بعض سدنتهم (غلق تويتر) بلا هوادة ولا تفكير، في تفكير ظلامي قمعي عديم النظير ...!(( أتواصوا به بل هم قوم طَاغُون )) سورة الذاريات .

في الانتخابات الثقافية والإدارية يخسرون بلا تردد،، فيعمدون للكيد والتلاعب وممارسة الإرهاب الفكري ..! (( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا..)) سورة النمل .

المشايخ والدعاة متابَعون بالملايين وهم بضعة آلاف، ومتوجعون بحرارة ويبررون بضيم محموم...!ويعتبرون ذلك حالة غبائية مجتمعية تستعصي على الحل..! قال تعالى (( فأما الزبد فيذهب جُفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )) سورة الرعد .

ويعتبرون ذلك في طغيان فكري متاجرةً بالدين، ويشيعونها تهما بلا أدنى دليل سوى الحسد والحرْد (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )) سورة النمل .

تراجعت مبيعاتهم الورقية فزاد إفلاسهم، فركنوا للأسلوب التطبيلي الغبائي الفج..!(( إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب )) رواه مسلم رحمه الله .

يَهرفون بلا علم ، ويصرخون بلا منتجات، ويزعمون بلا مؤلفات ...!

نقاد بلا قاعدة، ومزيّفون بلا حقيقة، وأدعياء بلا دعوى...! ومع التلذذ الظاهري ولكنه في الحقيقة حسرة قاتلة مزعجة...! (( قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون )) سورة يونس .

آلمهم تخندقُ الأمة حول إسلامهم ورسالتهم، ورفض المجتمعات للخنوع الغربي والتحولات الأخلاقية المردية..!

يتأكلون على الفرقة والنزاع دون فتيل، وإذا وجد الفتيل حطّوا وزرعوا، واقتاتوا بلا حسبان...!(( كلما أوقدرا ناراً للحرب أطفأها الله )) سورة المائدة .

يفرحون بمتدين منتكس، وتلَفي منغلق، وداعية للسفور والخلاعة، ويعدونه مكسبا غاليا، ومغنماً باردا، وإذا ما طلع إعلاميا، بدا للناس جهلُه المعمّق، وفداحته المرسخة، وأنه لا يعدو سوى طبل أجوف وبوق متكسب...!(( يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيُغفر لنا )) سورة الأعراف .

الترابط الفضائي المضاد للهوية والقيم لم يؤت أكله كما ينبغي فأكلت قلوبهم الحسرة، زادهم الله حسرات وغبناً..!(( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم )) سورة التوبة .

تهويل الباطل وتضخيم الانحراف وتحبيبه للنفوس، وحشد المأجورين والمرتزقة لإبطال حق أو تحريف جادة بغير حق..!

رواياتهم وإن سُبك بعضها فنيا، فهي ساقطة أخلاقيا ومَهينة فكريا .

احتكروا الصحف والقنوات والإذاعة، فلا أفلحوا ولا أنجحوا، ومُحيت القيم الليبرالية المزعومة وأكاذيب حرية التعبير..!

وبزغ مع السوشيال ميديا أقلام فذة، وكتاب مهَرة، وعقول ثاقبة، عوضت عن عملية الاحتكار الثقافي، والإرهاب الفكري الممارس من الصحف والإمبراطورية المتغلبة..!

من طيلة حسراتهم يَفجُرون في الخصومة ويبالغون في المنازعة، ويدَّعون بلا دعاوى، سوى الحَنق والضيق بالآخرين .(( وإذا خاصم فجر )).

يستثمرون المحن لأهدافهم، ويُضرمون في نيار الفتنة، حبا لمصدر نعمتهم، وتفكيكا للوحدة، وخدمة للأعادي الفجرة..!

تحوله لأجير ثقافي، يجعله مكشوفا أمام الناس ، وأن المال غالب الثقافة، وهازم المبادئ .

ولكن ذا المبادئ يأبى ذلك كله (( أتمدوننِ بمال فما آتَانِي الله خير مما آتاكم )) سورة النمل .

وتغطيته ذلك بالبسمات أو الدريهمات، وبعض فعائل الخير، لا يداوي جراحه الأخلاقية ..!
 
الثقافة لا تنتهي لحسرة إلا بسبب فقدان المعيار القيمي وتحولها إلى مهنة للاسترزاق والاستطلاع المادي .

وبالتالي تنتج الفهاهة والصفاقة والتسطيح والتهريج، ويدخلها من ليس من أهلها، والله المستعان..!
١٤٣٨/١١/١

 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية