اطبع هذه الصفحة


أهداف التشكيك في المعلم...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


بُرغم ما قيل ذاك الفارسُ العلمُ// أنا المعلمُ لا زورٌ ولا تهمُ
أنا المعلم أوراقي أوقّعها/ برَشفة الشَّهد والتاريخ مُحتدمُ


لم ينفكّ السلك التعليمي منذ سنوات من تلقي حملات النقد الهدام ومحاولات التشويه، والتي تبدأ بعثرة معلم، تُضخم، ،، إلى أن تصبح رأيا عاما، أو حبة فتجعل قبة، أو زلل، فيوصف كأنه انهيار جبلي ساحق،،،!
وما درى المغفلون أو المتغافلون أنهم يعاقبون المجتمع كاملا ( إهانة لمعلم إهانة لأمة بكاملها )، ويجنون على سياساته ونظمه وقيمه، ..! -لأنه باتفاق - (إسقاط المعلم) بمثل تلك الطروحات، يودي حتما للإسقاط القيمي والحضاري للتعليم بحذافيره، وبالتالي المجتمع بكل عناصره ومقوماته ،،،! وما انحدرت مجتمعاتنا العربية نهضويا إلا بسبب إضعاف التعليم وخصوصا حجر زاوية التعليم والتربية فيه، وهو ذاك العنصر الصبور الباذل( المعلم )، من شابه الأنبياء والدعاة والمصلحين ...!( ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتَاب وبما كنتم تدرسون ) سورة ال عمران.

يا شمعةً في زوايا الصفِ تأتلقُ/ تُنير دربَ المعالي وهي تحترقُ
لا أطفأ اللهُ نوراً أنت مصدرُه/ يا صادقَ الفجرِ أنت الصبحُ والفلقُ

ولكنّ الحملة ضارية منذ سنوات في وطننا الحبيب، وسبقتها (الدراما العربية) في السخرية والتقليل منه، ولا نبرئ المعلم من الأخطاء، وحاجته للنقد الموضوعي الهادئ والهادف، وليس الشتائمي التخويني، الفوقي التجريفي،،،،! وما كتبه الأخ قينان وحزبه، ومن لف لفه،،، سببه الآتي :

١/ التفوق القيمي والأخلاقي:
لدى جمهرة معلمينا...! والتي تتصل بقوة بنظام بلادنا الشرعي، وهيمنة الإسلام على كل قضايانا( وإنك لعلى خلق عظيم ) سورة الملك. نعم ثمة أخطاء ولكنها ليست ظاهرة، كما يزعمون، بل في الجملة نرى التزاما وانضباطا أخلاقيا ومهنيا برغم التكاليف وشدتها، والأعباء وثقلها....! وما غلَبَ الدين على حياة قوم، ولا استطعموا حلاوة القرآن إلا بورك لهم في حياتهم، وانقشعت عنهم الفتن والأرزاء ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) سورة الشورى.

٢/ حفاظ المعلمين على الهوية الذهبية للبلد:
وهو ما يؤلم الجالية الليبرالية، ولا يمكن لها الاستعراض الفكري والأخلاقي في ظل حفظ الهوية والمقاتلة عليها، والتي يُعدّ المعلم أُسّها وأساسها، ، وحدّها وحديدها، وتاجها ونبراسها، وقد عجزوا عن اختراقه أو توجيهه لمقاصدهم وهويتهم المستوردة...!

٣/ إنتاجيتهم الفكرية:
قال تعالى( فأما الزبد فيذهب جُفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) سورة الرعد. فمنافعهم الرائعة والمحافظة على المسار الشبابي، عبر حصصهم ومناشطهم التربوية ، وما نشاهده من تفوق أبنائنا عالميا، يرجع بلا ريب إلى حسن البذرة التربوية، والقاعدة التأصيلية في الصغر، ولقد بذلها معلمون فضلاء، وأساتذة نبهاء . ومع حوادث العنف الواقعة، استطاع المعلمون بفضل الله، تجريدها عن الإسلام والتدين، وحفظ منظومة الطلاب الفكرية، وأن ديننا دين الرحمة والرفق، لا دين العنف والتشدد والمغالاة ( ولن يُشاد الدينَ أحدٌ الا غلبه ) كما في الحديث الصحيح .

٤/ رفض أكثرهم للطرح الإعلامي المناوئ :
تجاه التعليم والتربية
والقائم على التبديل والتحريف والإخلال.. علمنةً أو لبرلةً ،( أفحكمَ الجاهلية يَبغون) سورة المائدة . ومحاولات التشويه والتهوين ...! والملاحظ اختراق الإعلام والسيطرة عليه بالكامل وممارسة الإقصاء ضد الآخرين ، وبالخصوص المتدينين، بينما التعليم،،، الأيقاظ فيه كثيرون ويرفضون أية وصاية وتحجير..، علاوةً على تغلغله، وسعة إداراته ومدارسه في كل مكان،،،!
وهذا يمثل صُداعا لهم لا يهدأ إلا بمسكِّنات الحملات الإعلامية الشوهاء، فيغطّون قليلا ثم يعودون..!

٥/ استعصاؤهم على الاختراق الفكري والثقافي :
بفضل تمسكهم بمبادئ دينهم ( وربطنا على قلوبهم ) سورة الكهف. لأن التغيير الفكري أولى مقدمات التغير والتبديل والانحلال عبر التعليم ، وعقول معلمينا بحمد الله لا زالت ممانعة في هذا الاتجاه ، وتأبى كل دخيل وعميل وكليل، محافظةً على دينها وهويتها ورؤيتها النظامية، والمتمشية مع منهج الوحيين كما تنص سياسة التعليم في بلادنا الغالية، وأصول التفكير الإسلامي لا تزال بادية العيان أمامهم، ولا يتصورون المسارات الثقافية والتربوية دونها...!

٦/ الاتصال الروحي بين المعلم وطلابه:
فلا زال معلمونا يستشعرون عاطفة الأبوة والصلة بينهم وبين قاصديهم، وهذا الاتصال جُسّد من خلال صفات الرحمة والحنو والبذل والحرص، المشاهد في النطاق التعليمي، والذي سببه ومرده لتعاليم الإسلام ( ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضوا من حولك) سورة آل عمران..! وفِي الحديث ( من لا يرحم لا يُرحم )..! وهو مزعج بلا شك للتيارات المضادة وأمنياتهم في تحقيق الانفصال، لأنه بالتالي سينتهي بنا للجموح المادي ونصبح نتعامل مع التلاميذ كالسلع والبضائع والله المستعان.

٧/ الشعور الدعوي التهذيبي:
والذي يحمله أكثر معلمينا،( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله)سورة فصلت. وأنهم من ورثة الأنبياء وأتباع الرسل الذين يقومون بواجب الدعوة والتهذيب، والتعليم والتزكية، ( يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتَاب والحكمة ) سورة آل عمران . ولا يرونها منفصلة عن أدائهم الوظيفي، وهو ما يضج به أعداؤهم، ويرونه خطأً واعتداء سلوكيا وعلميا ، ويحاولون نعته بالحركي والتخلفي، والتدخل الخطر،،،،!
ويقصدون من ذاك، فصلهم عن دينهم وصلاتهم وأخلاقهم،،! ويرومون من المعلمين الاهتمام بالمقررات بلا أخلاق، والمناهج بلا صلوات، وتؤلم كثيرين منظرُهم في (صلاة الظهر) المنضبطة في كل مدارس المملكة، ولما صُليت (الاستسقاء) في المدارس ضاق أرباب النفاق، وودّوا لو ابتلعتهم الأرض وما كانوا هنالك،،،!
وجلُّ هذه المعاني يعتقدها أساتذتنا، ويضحون من أجلها، ولم يأتِ جيل يتنكر لها ، ويفرح بخيبات المنحلين المستغربين ...!!
وغالب هذه الأسباب تحمل مشوّشي الفكر الإعلامي في استعداء المعلم وتصغيره، وأنه لم يقم بدوره التربوي، وقد خابوا وخسروا في جُل مساعيهم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

ومضة/
لو لم أكن ملكا لكنت معلما.. - الملك فيصل رحمه الله..!

١٤٣٨/١٢/٢٦

 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية