اطبع هذه الصفحة


تبريد رمضاء رمضان..!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


قالوا: رمضان سمي من اشتداد الرمضاء في زمانه، أو من رمض جوف الصائم من شدة الجوع والعطش، أو من رمض الذنوب، فتأتي العبادة لحرقها وتذويبها .

والحمد لله أن جعل في رمضان مادة الإبراد والإطفاء لهذه الرمضاء والشدة .

فقبلاً من تبريد الفم والجوف بالماء البارد ومستلطفات الأطعمة، ثَمة تبريد بالطاعات المنبعثة من صيام زكي، وتلاوة خاشعة، وتبتل مخبت، أو صدقة سر حانية ، ودعوات خفيات، تزيل ثقل ذنب كبير، وعناء خطيئة دفينة..!

والمسارعة في الخيرات، والتغلب على الشيطان بقلة الطعام، وعلاء الهمة، والركض وراء الحسنات مما ينعش رمضان، ويطفئ حر جوعه ومتاعبه .( فاستبقوا الخيرات ) سورة البقرة والأعراف .

والصدقات تطفئ غضب الرب، وهي تتضاعف في رمضان، وتحدث سرورا داخليا زاهيا، فتلمس فقراء أضنتهم الحياة، ومساكين قهرتهم المتاعب، ولاجئين أوجتعهم الغربة، فداو جراحهم، وجدد أفراحهم .

وفِي القيام وتراويحه، ترويح للنفس، وتدريب على الصبر، وتجديد للخشوع، وإحراز لثواب كبير( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ).

وفي تلاوة القرآن ترطيب للفم والقلب، وتزكية للروح( شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن ) سورة البقرة . وفِي الحديث الصحيح :( لايزال لسانك رطباً من ذكر الله ) وعملية الترطيب تتضاعف في رمضان بشكل غير مسبوق، فتسهم في نيل حلاوة الإيمان وتحقيق لذاذة الصيام.

وخير من تجفيف اللسان بالكلام المتهافت، والألفاظ اللاغية، أن يحرك اللسان بالذكر والتلاوة، والوصايا الطيبة النافعة .

وفي العمل السلوكي الخدمي للناس، مما يذهب رمضاء الشهر، فيقذف في القلب محبة الناس، والإحسان إليهم، ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) فتفطير للعباد، وتعاطف مع الفقراء، وعون للأرامل، وسؤال عن المتعففين .

وفِي الجود الرمضاني المتنوع، يتسارع فيه كثيرون ، فيبذلون ويعطون ويرحمون، ويتفانون عملا وبذلا وخدمة ، وكل ذلك من مؤنسات رمضان، ومذهبات متاعب الجوع والعطش .

فالحمد لله على نعم متضاعفة، وخيرات متوالية ، تجعل من الشدائد ميدانا للتنافس واللذائذ.

وفِي لحظات الإفطار، دعوات طيبات، وكلمات مخففات، قد صُبغت بالرجاء والمحبة والتبسم والشرح ( للصائم فرحتان..)

فتزيل هذه الفرحة كلَّ ألم وتعب ومسغبة مرّ به الصائم، فيعيش أنساما إيمانية، وأنداءً رمضانية، تلطف الأجواء، وتنسيه كل بلاء، وضيقة مر بها في حياته .

ومن هنا نعاين لذة الفقراء، وسرور المحتاجين ، في رمضان، برغم همومهم وديونهم ومشكلاتهم ، فقد طغت عليهم البسمة، وداخلهم الانشراح، وتطيب رمضانهم بقربات عطرة، وخيرات مباركة، جعلتهم من أسعد الناس .

وفِي عمرة رمضان لطافة ومتعة وأنس، تجعلك تؤم الحرم، وتعاين جموعا غفيرة، حنت إلى ربها، وأجابت نداءه، فالحمد لله على أفضاله .

 ١٤٤٠/٩/١٨هـ


 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية