اطبع هذه الصفحة


تفكيك أغلال الشباب...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@aboyo2025


‏يحكى أن شابا، وعى زمنَه، وتفكر في زهرة شبابه، فعز عليه تضييعها، فقرر التغيير، والانطلاقة الى ميادين الجد والمعالي، ففتح الله عليه وأثمر ثمارا حسناء...!
ومن هؤلاء: مصعب بن عُمير رضي الله عنه، والذي اصبح سفير رسول الله الى المدينة، آثر حلاوة الايمان وما عند الله، على لذته وثروته وأمه....!
الشباب مرحلة مفعمة بالحركة والطموح ومحبة الإنجاز،،، ولذا خُصت في الحديث بالذكر(( وشبَابك قبل هرمك ))

فشرخُ الشابِ وهاجٌ رطيبٌ// وكم شرخٍ له ضربُ النصال!
يعيشُ لديِنه دأباً وجدا// كعيشِ الصارم اللبِقِ الصِقالِ !


ولخطورتها تتناوشها علل وأغلال، تحاول أن تغلها عن درب الطموح والتفوق والإبداع،،،! ومن ذلك :

١/ غبن الكسل: وما فيه من أغلال إيثار الراحة، والاتكالية، والنهج الإمّعي، والرضى بالوضع الحالي،،،! ومن المؤسف ان طوله ينتهي بصاحبه الى الهوان، وضعف الإنتاجية، وإلا لما استعاذ منه عليه الصلاة والسلام، كما صحت بذلك الأحاديث . ومن ثماره الآتي...

٢/ ديمة النوم:
فيشتد التراخي، ويعظم التحسر،وتهمل الشرائع، ويقل الانتاج، وتضيع الدراسة، ولا يُخدم الوالدان،،،!!
ولذلك يُدفع هذان بالمجاهدة، وعدم الرضا بالهوان، واستشعار نعمة الصحة والشباب، وضرورة المسارعة، والاتصال بالعلم وتحقيق المعالي.
فالوقت يمضي، والعمر عرضة للحوادث، وقد قال الامام احمد رحمه الله( ما شبهت الشباب إلا بشئ كان في كمي فسقط ) !

٣/ هوان الهدف: تهون شخصيته، فتهون أهدافه، وتنتهي تطلعاته الى رياضة او فن غير نبيل، او استلذاذ طعام، او نزهة خاوية،،،! فيقاتل لأجلها، وينافح دونها،،،!على حساب دينه وعقله ودراسته،،،!
وهو مقصد (العبثية) التي حذرنا القرآن منها (( أفحسبتم انما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون )) سورة المؤمنون .

٤/ الزميل السيئ: فيه خصال مستطابة، وشمائل مؤنسة، ولكنه يفنيها احيانا، لزميل مشين، وصديق سيئ، يورثه الاستلاب والضياع والانكسار،،،! ولربما بدلت محاسنه مساوئ فتاكة، وانتهى الى وضعية قاتلة والله المستعان . وفي الحديث(( المرء على دين خليله، فلينظر احدكم من يخالل)) رواه الترمذي وهو صحيح .

٥/ الخضوع للعاطفة: من اهم الأغلال التي تغله، فتجذبه بمغرياتها وألوانها ومناعمها، ويعتقد أنها سعادته ومنتهى حلاوته المنشودة،،،،!
ولكونها غريزة أمر الاسلام (بالتعفف) والتباعد عن الشهوات لا سيما النساء ومفاتنهن ، وغض البصر(( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم )) وانظر الى العلاقة في الربط بين غض البصر، وحفظ الفرج،،! فكأن الفتح مؤذن بانفلات الفرج، وهلاك صاحبه في مأزق البليات،،،!!
وقد باتت هذه المشاهد في جوالاتنا الذكية، بعد ان كانت تهرب قديما، ولذا فإن الشاب والشابة، والأسرة المسلمة امام تحد خطير، إن لم ننتبه له، فنحن على حافة الهاوية أخلاقيا وفكريا واجتماعيا، فالواجب الاتعاظ والحذر..!

٦/ الحماس المنجرف : حتى وإن كان انطلاقا وحرية، إلا ان له أجنحة نفاثة، اذا بولغ فيها، تهلك صاحبها،،،! فخلوها من الحكمة والضبط، يفقدها فضلها، وحاجتنا إليها في مواقف مخصوصة،،،!
وإنما يُضبط ذلك بالعلم الشرعي والدنو من مجالس العلماء، والاندراج في المحاضن التربوية، وإدراك أن العاطفة بلا عقل عاتية مردية..!
والحذر من مسالك المتطرفين الغلاة ، الذين يتحركون بلا روية وعلم، وفي الحديث (( اياكم والغلو في الدين )).

٧/ الترفيه الطاغي: والمؤذن بضياع الوقت أو تبديده وحرقه، فتُستهلك الأوقات في مباحات مطلقة، أو محرمات مهلكة، فيَسقَم القلب، وتتردى الأعضاء،،،! ومن المؤسف ان التقنية فرغت لمثل ذلك، كملاهي (الجوالات) والإفراط في ذلك،،،!
ولذلك قالوا( من علامة المقت، تضييع الوقت )!!

٨/ الارتقاء الهش: والذي ينصب على توظيف للتقنية غير مثمر، ومن خلال مطالعات سمجة، او دردشات خاوية، او معلومات غير سمينة، بحيث تجعل التقنية مطية للنزول والارتخاء وليس الصعود والارتقاء..!
فساعات طوال امام معلومات منفوخات بلا جدوى، ينبو عنها العلم العميق، والفائدة المتينة، والإبحار التقني المفيد...!
والأسوأ ان تبيت التقنية، ( غيّ وغنوة )، ولا تلامس المعاني الماتعة فيها..!
الشباب همة وطاقة و(توقد)، فاستثمرها في طاعة الله، وفي نفع نفسك وبلدك وأمتك،،،
وفقك الله يا عزيزي،،،، والسلام ..!

ومضة : في الشباب كنوز تفوق الذهب والفضة، ولكن من يستخرجها..؟! .

 

د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية