اطبع هذه الصفحة


أهداف السياسات الاقتصادية (2)
النمو الاقتصادي

محمد حسن يوسف
مدير عام - بنك الاستثمار القومي
ماجستير الإدارة والسياسات العامة – الجامعة الأمريكية بالقاهرة


يعني النمو الاقتصادي حدوث زيادة في إنتاج السلع والخدمات، وهو ما يعبر عنه بزيادة الناتج المحلي الإجمالي. وعادة ما يعني هذا النمو زيادة دخول الناس – في المتوسط – من سنة لأخرى. وتتدفق منافع عديدة من جراء تحقق النمو الاقتصادي:

أولا: يحتمل أن يؤدي الاقتصاد القوي لزيادة حصيلة الضرائب المتراكمة لدى الحكومة.
ثانيا: قد يؤدي النمو الاقتصادي لتبرير برامج إعادة التوزيع، ذلك أن الأكثر احتمالا أن يقبل الناس السياسات التي تعيد توزيع بعض أموالهم إلى آخرين إذا ما حققوا زيادة كبيرة في مستوى ثرواتهم الشخصية.

ثالثا: يسمح النمو الاقتصادي كذلك لعدد أكبر من الأفراد بالحصول على منافع إضافية أو زيادة المنافع القائمة من البرامج الحكومية. ومن أجل التبسيط، نفترض أن الحكومة تتعامل مع أربع مجالات فقط للإنفاق في سنة معينة. فإذا ما حقق الاقتصاد نموا في السنة التالية، فسوف تصبح كعكة الميزانية أكبر. ومن منظور الميزانية، فإن هذا يعني أن المبالغ الموجهة لأوجه الإنفاق الأربعة ستصبح أكبر عن ذي قبل.

أما إذا لم يحقق الاقتصاد إلا مستوى ضئيل من النمو، فلن يحقق أي برنامج مكسبا من وراء ذلك، أو إذا ما أريد لأحد البرامج مستوى أعلى من الإنفاق، فلابد أن يكون ذلك على حساب أحد البرامج الثلاثة الأخرى أو كلها، وهو الأمر الذي سيؤدي غالبا إلى نزاع سياسي ستكون الغلبة فيه للأقوى نفوذا لا كفاءة.
وينتج عن النمو الاقتصادي القوي إيرادات ضريبية كبيرة. وبالرغم من كون ذلك أمرا جيدا للاقتصاد القومي، إلا أنه يؤدي إلى بعض المحاذير. فإذا كان نمو الاقتصاد سريعا للغاية، فقد يؤدي ذلك لمستويات مرتفعة من التضخم، وهو الأمر الذي تريد أية حكومة أن تتجنب حدوثه. ومن الناحية النظرية، فإن مستويات النمو المرتفعة تدفع الأجور للارتفاع، ومن ثم يتوافر في أيدي الناس نقود أكثر، فيمكنهم إنفاق المزيد منها على شراء المنازل والسيارات وغير ذلك من السلع. فعادة ما تنتج الأسعار الأعلى عن طلب استهلاكي قوي، وخصوصا على السلع والخدمات في حالة ندرة المعروض منها.

وأحد الأسئلة الأخرى التي تطرحها السياسة الاقتصادية هو الذي على الحكومة أن تفعله إزاء تدفق المزيد من الإيرادات على الخزانة العامة – وذلك في حالة تحقق فائض. فهل يجب إنفاق جزء من تلك الأموال أو كلها على برامج حكومية معينة، مثل حماية البيئة أو الرعاية الصحية أو التعليم؟ أم يجب توجيه جزء من هذه الأموال لسداد الديون الداخلية التي أخذت في الارتفاع بمعدلات فلكية؟ أو يجب على صنّاع السياسات تخفيض الضرائب ورد جزء من تلك الأموال إلى دافعي الضرائب؟ وتظل هذه الأسئلة مثارة، ولا يمكن اتخاذ قرار فيها إلا بناء على واقع كل دولة على حدة!!

mohd_youssef@aucegypt.edu
7 من ربيع الثاني عام 1431 من الهجرة ( الموافق 23 من مارس عام 2010 ).

 

محمد حسن يوسف
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • مقالات اقتصادية
  • كيف تترجم
  • دورة في الترجمة
  • قرأت لك
  • لطائف الكتاب العزيز
  • الصفحة الرئيسية