اطبع هذه الصفحة


ماذا يعني قبول عضوية إسرائيل بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية؟!!

محمد حسن يوسف
مدير عام - بنك الاستثمار القومي
ماجستير الإدارة والسياسات العامة – الجامعة الأمريكية بالقاهرة


تم في العاشر من مايو 2010 قبول إسرائيل في عضوية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، وهو ما يؤكد تحولها من دولة كانت تعاني من ارتفاع معدلات التضخم إلى اقتصاد متقدم يضطرد فيه النمو وينعم بالاستقرار.

ومن المعلوم أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد أنشئت في عام 1959 بعضوية عشرين دولة، تتضمن الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا. وقد حلت هذه المنظمة محل منظمة التعاون الاقتصادي الأوربي OEEC، التي كانت قد تشكلت في عام 1947 لإدارة المساعدات الأمريكية والكندية في إطار خطة مارشال لإعادة إعمار أوربا بعد الحرب العالمية الثانية. ويبلغ عدد الدول الأعضاء في المنظمة 31 دولة، زاد إلى 34 دولة بعد قبول عضوية كل من إسرائيل واستونيا وسلوفينيا.

وقد أشاد قادة إسرائيل بالقرار الذي يرون أنه جاء تأكيدا للإنجازات الاقتصادية الأخيرة. ووفقا لما أعلنه دان مريدور ، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، للصحفيين، فإن إسرائيل ما زالت تتذكر الوضع الذي كانت عليه خلال الثمانينات من القرن الماضي، حيث كانت في وضع أسوأ من الوضع الذي تمر به اليونان اليوم، حيث كان يسود معدلات مرتفعة للتضخم وكان ميزان المدفوعات يعاني من أزمة عميقة.

أما الآن، فإن إسرائيل تفاخر بإنجازاتها الاقتصادية، حيث يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي سنويا ما يقرب من ثلاثين ألف دولار، وهو معدل يفوق المعدلات السائدة في عدة دول من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، كما أنه يماثل المعدل السائد في نيوزيلندا. ويضيف نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن هذا يعد معلما رئيسيا في قصة النجاح الإسرائيلي. لكن ما لم يذكره السيد مريدور هو أن إسرائيل تعتبر الدولة الوحيدة في العالم التي تعيش على الإعانات الخارجية السخية سواء من الدول المانحة وعلى رأسها الولايات المتحدة، أو من أثرياء اليهود في أنحاء العالم. وأنه ليس بمقدور أية دولة أن تتكيف مع الحروب المتواصلة التي تشنها من وقت لآخر لتوطيد أركانها وتوسيع حدودها، ثم تستطيع في نفس الوقت تحقيق مثل تلك المعدلات المرتفعة في متوسط الدخل الفردي.

وأشاد البيان الذي صدر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في معرض قبول عضوية إسرائيل بها بسياسات إسرائيل العلمية والتكنولوجية التي أنتجت نتائج بارزة على المستوى العالمي. ولكن لم يشر هذا البيان إلى حملات الاعتداء الوحشي الذي تشنه الدولة العبرية من وقت لآخر على جيرانها، واجتياحها المستمر لقطاع غزة وانتهاك حقوق الإنسان فيها وفي الضفة الغربية،كما لم يتعرض هذا البيان للانجازات النووية التي قامت بها إسرائيل في غفلة من الرقابة الدولية، والتي تستطيع بمقتضاها ترويع النظام العالمي متى ما أرادت ذلك.

وعلى الرغم من أن الانضمام إلى المنظمة يوفر لإسرائيل فوائد مباشرة قليلة، إلا أن مسئولين إسرائيليين أكدوا على أن هذه العضوية سوف توفر دفعة كبيرة لاقتصادهم الوطني. كما أن هذه العضوية بالطبع سوف تكون بمثابة جائزة سياسية كبرى لإسرائيل، حيث ستضفي شرعية كبيرة على ممارسات الدولة العبرية تجاه جيرانها، وترسخ مبدأ الاحتلال. كما أن هذه العضوية بمثابة صفعة قوية للاقتصادات العربية المحيطة بإسرائيل، إذ إنها تحتوي على رسالة مفادها أن إسرائيل بمقدورها الآن الولوج إلى النوادي الدولية الثرية، وأن اقتصادها متقدم للدرجة التي تجعله ضمن مصاف كبرى الدول المتقدمة في العالم.
ومن ناحية أخرى تعول إسرائيل كثيرا على زيادة الاستثمارات الأجنبية التي ستتدفق عليها بعد انضمامها للمجموعة. كما أن هذه العضوية ستفتح أسواقا شاسعة أمام المنتجات الإسرائيلية، بما يعني عدم جدوى المقاطعة الاقتصادية العربية، والتي كانت تراخت بالفعل في السنوات الأخيرة الماضية.


mohd_youssef@aucegypt.edu
29 من جمادى الأولى عام 1431 من الهجرة ( الموافق 13 من مايو عام 2010 ).

 

محمد حسن يوسف
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • مقالات اقتصادية
  • كيف تترجم
  • دورة في الترجمة
  • قرأت لك
  • لطائف الكتاب العزيز
  • الصفحة الرئيسية