اطبع هذه الصفحة


مخصصات السيد الرئيس

محمد حسن يوسف
مدير عام - بنك الاستثمار القومي
ماجستير الإدارة والسياسات العامة – الجامعة الأمريكية بالقاهرة


طالعتنا الصحف الأجنبية بتقارير عن ثروة الرئيس السابق حسني مبارك، فقدّرت صحيفة الجارديان هذه الثروة بأنها تتراوح ما بين 40 – 70 مليار دولار، في حين تحفظت مجلة فوربس المعنية بنشر ثروات أثرياء العالم على هذا الرقم، وقالت إنها سوف تدرس هذا الموضوع لتعلن عن الرقم الحقيقي لثروته. ثم جاءت تقديرات صحيفة النيويورك تايمز لتعلن أن هذه الثروة تتراوح فقط بين 2 – 3 مليار دولار. أما صحيفة صنداي تليجراف فقالت إن ثروة مبارك تقدّر بمبلغ 5 مليار دولار خلال فترة حكمه للبلاد، والتي يشير البعض إلى تجاوزها حد الأربعين مليار دولار.

وأيا ما كان الأمر، فإن المثير في النفس هو إعلان هذه الصحف في الوقت الراهن فقط على هذه الثروات. فإذا كانت هذه الصحف والحكومات التي تعمل في دولها تعرف أن هناك ثروات مبالغ فيها للسيد رئيس الجمهورية، فلماذا لم تعلن عنها إلا الآن؟! وهل تلك الحكومات تريد الاحتفاظ بهذه الأوراق السوداء للزعماء، حتى إذا قررت في لحظة معينة التخلي عنهم، يكون بمقدورها استخدام تلك الأوراق للإطاحة بهم؟! وأين هي معايير الشفافية والعدالة التي ترفعها هذه الحكومات طوال الوقت وتطالب الجميع للعمل بها؟!!

أما عن ثروة الرئيس نفسه، فلنا أن نسأل وأن نعرف من أين جاءت هذه الأموال؟ لقد قيل الكثير عن مخصصات معينة "شرعية" يتمتع بها رئيس الجمهورية من عائدات كل من قناة السويس والبترول وصفقات السلاح، فهل هذه الثروة التي تكونت للرئيس السابق نتيجة هذه المخصصات؟ وهل يحق "دستوريا" لشخص رئيس الجمهورية التمتع بتلك المخصصات، حتى نصل مرة أخرى إلى "الرئيس الفرعون"؟! لقد قيل ذات مرة: "إن المسئول حين تؤول إليه السلطة يفقد نصف عقله ( من المخصصات والمميزات التي يتمتع بها )، ومن يخرج من السلطة يفقد نصف عقله الآخر ( لفقدان تلك المخصصات والمميزات )!

إن ما نسمع عنه من حصول رؤساء الصحف على نسب معينة من مبيعات إصدارات مؤسساتهم، وحصول رؤساء الجهات الحكومية على مبالغ طائلة من اللجان التي يترأسونها، إن صح، ليمثل صورة من الفساد بأجلى صوره، التي يجب علينا القضاء عليه. إن هذه المبالغ الطائلة لو عادت إلى موازنة الدولة، لأصلحت جميع الاختلالات التي تعاني منها، ولوضعتنا على المسار الصحيح.

إذا أردنا لثورة 25 يناير النجاح، فلابد لنا من إيقاف تلك المخصصات الباهظة، التي تحول المسئولين من خدمة البلاد إلى خدمة الكراسي التي يجلسون عليها، ومن خدمة الشعب إلى خدمة النظام، وهي الأمور التي طالما عانينا منها وحاولنا التخلص منها. يجب على عقارب الساعة ألا تعود إلى الوراء، والحفاظ على مكتسبات ثورة بيضاء غيّرت وجه مصر إلى الأبد بإذن الله.

mohd_youssef@aucegypt.edu
10 من ربيع الأول عام 1432 من الهجرة ( الموافق 13 من مارس عام 2011 ).

 

محمد حسن يوسف
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • مقالات اقتصادية
  • كيف تترجم
  • دورة في الترجمة
  • قرأت لك
  • لطائف الكتاب العزيز
  • الصفحة الرئيسية