|
|
إدارة وإدارة |
|
محمد حسن يوسف
مدير عام بنك الاستثمار القومي |
تكشف مقارنة أداء مؤسسة الرئاسة في مصر وفي الولايات المتحدة خلال تطورات
الأيام الأخيرة التي بدأت منذ يوم 25 يناير الماضي وامتدت لثمانية عشر يوما
انتهت بتنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن اختلاف جذري في منهج كل من
المؤسستين في التعامل مع الأحداث:
فعند أي تطور للأحداث في مصر، وعقب كل خطاب للرئيس السابق مبارك من خطاباته
الثلاثة التي ألقاها أثناء الأزمة، كنت تجد الرئيس الأمريكي في اجتماعات
متواصلة مع هيئة مستشاري البيت الأبيض، يتداول فيها الآراء معهم، ويستمع
إليهم، ويفند حججهم، ثم يخرج ليلقي بيانا عن موقف الولايات المتحدة من
تطورات الأحداث. ولا عجب إذن في أن يلقي الرئيس الأمريكي خمسة خطابات عن
الأزمة في مصر، أي أكثر من عدد الخطابات التي ألقاها الرئيس السابق حسني
مبارك عنها.
وبالمقابل، فقد كان تعاطي مؤسسة الرئاسة المصرية مع الأحداث هو انتظار طلة
الرئيس الملهم لمعرفة رأيه السديد في الأحداث الجارية. لم نر اجتماعا واحدا
للرئيس مع أي مستشار للتباحث في الأمر. وتواترت الأخبار بما كان يتم من
مكالمات فيما بين الرئيس المصري السابق والقيادات لتبادل الرأي بشأن تطورات
الأمور وكيفية التعامل معها. وكان البطء الشديد هو السمة الظاهرة في تناول
الإدارة المصرية لموضوع الثورة الشبابية، حتى ليمكن القول إن هذا البطء في
التعامل مع الأزمة هو السبب الرئيسي في تلك النهاية الدرامية التي آلت
إليها الأوضاع فيما بعد من تنحٍ للرئيس السابق.
تكشف لنا تلك المقارنة السريعة لكيفية تناول الإدارتين المصرية والأمريكية
لموضوع الثورة المصرية عن السبب وراء تبوء الولايات المتحدة لصدارة العالم
ووراء قبوعنا في هذه الدرجة المتدنية من سلم التطور السياسي العالمي.
فالإدارة الأمريكية إدارة شابة واعية تؤمن بالعلم وتحيط نفسها بالمستشارين
الذين يثرون المناقشات لاتخاذ القرار المناسب في صالح البلاد. أما الإدارة
المصرية فهي إدارة هرمة تعاني من الشيخوخة ولا تقرأ مجريات الأمور وترفض
الانصياع لآراء الخبراء – إن وجدوا – وتعتمد على نفسها في اتخاذ القرارات
التي تكون في صالحها شخصيا.
مثل هذا النمط من الإدارة المصرية للأسف هو النمط الغالب في معظم مؤسسات
الدولة وإداراتها، فالدولة تدار بواسطة مجموعة من القادة الملهمين الذين
يهمّشون أصحاب المشورة الصادقة، ويعملون على تقريب أصحاب الثقة الذين تصب
مصالحهم جميعا لمنافعهم الشخصية ضد مصلحة البلد. نسأل الله أن تشهد مصر
نمطا جديدا من الإدارة خلال الفترة القادمة، وأن تسري روح الثورة الشبابية
في جميع النفوس وعلى جميع المستويات لما فيه صالح البلاد والعباد.
mohd_youssef@aucegypt.edu
13 من ربيع الأول عام 1432 من الهجرة ( الموافق 16 من فبراير عام 2011 ).
|
|
|
|
|