يلحظ المتابع لمشهد التعديلات الدستورية الراهن تقسيم المؤيدين والمعارضين لفئتين كبيرتين: الأولى المؤيدة، وتضم الإخوان المسلمين وفلول الحزب الوطني، والثانية المعارضة، وتضم كبار السياسيين وكثير من الأحزاب العاملة في مصر. على أن هذا التقسيم يحمل في طياته قراءة خاطئة للغاية وتعميما مخلا للمشهد الراهن. ذلك أن هناك فئات كثيرة من أفراد الشعب التي لم تنضوي تحت أي انتماء سياسي، ومع ذلك فهي مؤيدة أو معارضة لتلك التعديلات. فالتعميمات السابقة من شأنها انضواء هؤلاء الأفراد تحت أي من الفئتين السابقتين، وهو الأمر الذي لا يعبر عن الواقع، بل يقود لاستنتاجات خاطئة وغاية في الخطورة.
فإذا جاءت نتيجة الاستفتاء لصالح فريق المؤيدين، فلا يعني ذلك على الإطلاق أن الإخوان المسلمين وفلول الحزب الوطني لهم رأي مؤثر أو تواجد ملحوظ في الشارع المصري، كما أن فوز التيار المعارض بنتيجة الاستفتاء لا يعني أن تيار كبار السياسيين والكثير من الأحزاب الأخرى هم الذين فازوا بالكعكة. ذلك أن المشهد السياسي في مصر ما زال في مرحلة مخاضه التي لم تفضي إلى الولادة بعد. ومن الخطأ البين – والحال هكذا - أن نأخذ نتائج هذا الاستفتاء على أنه شكل معين للقوى السياسية في مصر.
ومن الأهمية بمكان ونحن في هذا المقام التشديد على وجوب الالتزام بنتيجة الاستفتاء أيا ما كانت. فلا ينبغي للمؤيدين أن يرفضوا النتيجة إذا لم تكن في صالحهم، كما أنه لا يحق للمعارضين عدم الاعتداد بالنتيجة إذا جاءت على عكس مرادهم. فإذا كانت هذه هي أول تجربة ديمقراطية فعلية يمر بها الشعب المصري في حياته، فلابد أن يثبت الشعب المصري تحضره والتزامه بالنتيجة أيا ما كانت، ويجب على الطائفة الأخرى الامتثال لرأي الأغلبية أيا ما كان. وغالب الظن أن تكون النتيجة أغلبية بسيطة لا تتعدى الفئة الفائزة نسبة 5% على أقصى تقدير. هنيئا لمصر ذلك الجو الذي تعيشه الآن، وحري بالشعب أن يستمتع باللحظة الديمقراطية التي ناضل من أجل الفوز بها.

mohd_youssef@aucegypt.edu
mohd.youssef@nib.gov.eg
12 من ربيع الثاني عام 1432 من الهجرة ( الموافق 17 من مارس عام 2011)