اطبع هذه الصفحة


عرض كتاب
عمر يظهر في القدس
بقلم: تقى محمد يوسف

محمد حسن يوسف
مدير عام بنك الاستثمار القومي


"عمر يظهر في القدس"هي رواية إسلامية كتبت على يد الأديب الإسلامي والطبيب المصري نجيب الكيلاني، الذي لم يلق من الاهتمام والشهرة الكثير رغم جمال أسلوبه، وخروجه عن المألوف. عرف عن الكاتب انشغاله الدائم بأحوال المسلمين في شتى بقاع الأرض، وجاءت رواياته؛ لتعرض كل واحدة منها حال المسلمين في بلد معين. وفي هذه الرواية –كما هو واضح من الاسم- شغلت قلب الكيلاني القضية الفلسطينية. راوي القصة هو شاب من الفدائيين، لم يبلغ من التدين الكثير، ورغم ذلك لعب دورا مهما في تخليص أرضه من الأعداء المحتلين.

ظهر أمام الراوي فجأة "عمر بن الخطاب" في فلسطين، في زمان غير الزمان الذي ولد فيه، ومكان غير المكان الذي توفي فيه؛ لتحيط به المئات من الأسئلة التي لا يستطيع الإجابة عنها. كان من الصعب على أي أحد تصديق أن عمر قد بُعث مرة أخرى، لكن الراوي صدقه منذ اللحظة الأولى؛ بسبب الإيمان والصدق الذي كان ينبض من كلماته، والعزيمة والثقة التي تملأ كل أفعاله. وعرف الراوي أنه منذ تلك اللحظة لن يفارق الخليفة، وسيحاول حمايته من الأعداء. أما الخليفة فقد ذُهل؛ فكل معايير الحياة التي يعرفها قد تغيرت تماما: فالقدس قد احتلت من قبل اليهود! (يقول عمر: أيهزمكم اليهود؟ لو قال قائل في زماننا أن اليهود قد فتحوا مدينة من مدن الإسلام، لاستلقى الناس على أقفيتهم من الضحك). والمسلمون قد بلغوا من الضعف والهوان ما جعل القدس تُحتل، وما جعل أيضا المسلمون في باقي بقاع الأرض يسكتون ويعجزون عن فعل شيء في هذا الشأن!!

ماذا حصل للمسلمين خلال تلك السنين؟ كان هذا هو السؤال الذي يدور في ذهن الخليفة طوال الوقت، وإن كان استطاع حل هذا اللغز الذي يؤرقه بعد قليل من الوقت. لم تكن المشكلة التي يعاني منها المسلمون قلة السلاح، وإنما قلة الإيمان. فلقد استطاع اليهود أن يحتلوهم فكريا قبل احتلالهم عسكريا، واستطاعوا أن يقنعوهم أن الإسلام هو السبب وراء تخلفهم الدنيوي، هكذا فطن الخليفة، فحمل على عاتقه توعية المسلمين، وزرع بذرة الإيمان بالله في قلوبهم من جديد. حتى أنه قد أسلم على يديه امرأة يهودية حينما رأت أن كلامه يخاطب العقل، وأن هذا الدين الذي يدعو إليه لا يتنافى مع مفاهيم الحرية والعلم مثلما أخبرها أبواها. أما المخابرات فقد أدركت أن عمر أصبح يمثل مصدر خطر لهم، ويجب التخلص منه، لكن يجب الإنهاء على دعوته وتشويه صورته في أعين الناس أولا. لم يخف عمر منهم؛ لأنه لم يهب الموت، فهو صاحب قضية وفكرة، فالجسد يموت ويتحلل، أما الفكرة فتبقى مادام هناك من يؤمن بها ويرددها.

لقد استطاع الكاتب التعبير عن قضيته بأسلوب مختلف خارج عن المألوف، وإني لأظنه نجح في توصيل فكرته. ولا بد من القول إن الكلام الذي قاله الكاتب على لسان عمر كلام عميق يجعلك تشعر أنك تعيش في ذاك الزمن الجميل، الزمن الذي زينته الأخلاق الفاضلة وملأه الحب والعدل والصدق. ويدل أيضا على إيمان الكاتب الراسخ برسالته أو أنه استطاع بنجاح تقمص الشخصية. وفي كلتا الحالتين فإن كلامه يعطيك جرعة كبيرة من الأمل، فعندما تقرأ ما يقوله وتشعر بالإيمان والثبات الذي يملأ كلماته وقلبه، تشعر أن حلم النصر لا يبدو مستحيلا على الإطلاق، إنما يحتاج إلى الإيمان بهذه الفكرة!

 

محمد حسن يوسف
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • مقالات اقتصادية
  • كيف تترجم
  • دورة في الترجمة
  • قرأت لك
  • لطائف الكتاب العزيز
  • الصفحة الرئيسية